«إيزيس تيماء» و«إيزيس قرية الفاو»

الأولى مصرية الطابع بامتياز

«إيزيس تيماء» و«إيزيس قرية الفاو»
«إيزيس تيماء» و«إيزيس قرية الفاو»
TT

«إيزيس تيماء» و«إيزيس قرية الفاو»

«إيزيس تيماء» و«إيزيس قرية الفاو»
«إيزيس تيماء» و«إيزيس قرية الفاو»

من موقع تيماء الأثري في الجزء الشمالي الغربي من جزيرة العرب؛ بين المدينة المنورة وتبوك، خرج مجسّم خزفي على شكل تميمة مصرية الطابع، يمثّل إيزيس؛ المعبودة الأم في وادي النيل. ومن موقع قرية الفاو، على الحافة الشمالية الغربية من الربع الخالي، في المنطقة التي يتداخل فيها وادي الدواسر مع جبال طويق، خرج تمثال خزفي يوناني الطابع يمثل هذه المعبودة التي دخلت عالم البحر الأبيض المتوسط الأوسع في القرن الرابع قبل الميلاد واحتلّت مكانة رئيسية في معبده حتى القرن الرابع للميلاد.

كشفت أعمال التنقيب التي جرت في تيماء خلال عام 2007 عن مجموعة من اللقى؛ منها هذه التميمة الخزفية التي تتبنّى نموذجاً انتشر انتشاراً واسعاً في سائر أنحاء وادي النيل، يمثّل سيّدة في وضعية المواجهة، تنتصب بثبات، معتمرة تاجاً ضخماً يبدو حجمه أكبر من حجم وجهها. امّحت سمات هذه التميمة؛ غير أن معالم قالبها بقيت جلية، رغم ضياع القسم الأسفل الخاص بالساقين. البنية مصرية بامتياز، وتتجلّى في ثبات الكتلة، وبنيتها التشريحية. تنتصب القامة في مهابة ووقار، وتتدلى الذراعان بشكل مستقيم، وتبدوان ملتصقتين بجانبي الصدر العاري.

ظهرت إيزيس في نهاية عصر المملكة المصرية القديمة، في القرن الرابع والعشرين قبل الميلاد، حيث ارتبط اسمها بالعالم الجنائزي. في الألفية الأولى قبل الميلاد، تجاوزت هذا العالم، وشاعت عبادتها بشكل واسع في سائر أنحاء وادي النيل، حيث شكّلت مع زوجها أوزوريس وابنها حورس ثالوثاً مقدّساً ساد في ظلّ المملكة الحديثة. حضرت هذه المعبودة أولاً في هيئة سيدة تعتمر تاجاً يشبه العرش، ثم ورثت السمات التي تمتّعت بها قديماً حتحور؛ «سيدة السماء والخصوبة والجمال»، وبات تاجها على شكل قرص شمسي يحضر بين «قرني بقرة»، وحظيت بقوى خارقة جعلت منها حامية المملكة، وحاكمة السماوات والأرض، وسيّدة القدر. حافظت إيزيس على هذه السيادة في ظل البطالمة الذين حكموا مصر وبنوا الإسكندرية وجعلوا من هذه المدينة عاصمة لدولتهم، وشكلت في تلك الحقبة ثالوثاً جديداً مع سيرابيس الذي جمع بين أوزوريس و«الثور المقدس» المعروف باسم «آبيس»، و«حربوقراط»، وإرث حورس الذي عُرف بـ«سيّد الصمت والأسرار».

على الرغم من ضياع ملامحها، فإن «إيزيس تيماء» تبدو مصرية بامتياز، وتُضاف إلى مجموعة من اللقى المصرية التي عُثر عليها في مواقع عدة من الأراضي العربية السعودية؛ ومنها على سبيل المثال مجموعة من التمائم الصغيرة أشار إليها جمال الدين صالح سراج علي في تقرير خاص «عن نتائج حفرية الخريبة الجنوبية بالحِجْر»، نُشر في العدد الـ13 من حولية «أطلال» سنة 1990. تضم هذه المجموعة مجسّماً لامرأة برأس لبؤة، يمثل المعبودة سخمت؛ «سيدة الحرب والمعارك»، ومجسّماً لطفل يرفع سبابته إلى فمه يمثل حربوقراط، ومجسماً على هيئة أفعى الكوبرا يمثل «واجيت»؛ معبودة دلتا مصر. مثل «إيزيس تيماء»، تتبع هذه التمائم النماذج المتعارف عليها، وتعكس الروابط الفنية التي جمعت بين الجزيرة العربية ومصر في العصر الهلنستي.

دخلت إيزيس عالم البحر الأبيض المتوسط بأقاليمه المتعددة في نهاية القرن الرابع قبل الميلاد، ونافست نظيراتها اليونانيات على مدى 8 قرون من الزمن، وتعدّدت أسماؤها خلال تلك الحقبة الطويلة، فعُرفت بلقب «إيزيس ميريونيما»؛ أي «المعبودة ذات العشرة آلاف اسم»، وهي المعبودة التي امتدحها لوقيوس أبوليوس في القرن الثاني للميلاد بإجلال قلّ نظيره في كتاب «التحولات»؛ فهي: «مليكة بني الإنسان الوحيدة»، وهي السيدة «التي يسيطر مدّها وجزرها على كل جسم مهما كان؛ في الجو والبر وأعماق البحر»، وهي «مليكة السماء المباركة» التي تُعرف بأسماء كل المعبودات، وهي التي تُكرَّم «بطقوس كثيرة مختلفة»، وهي التي تستجيب للدعاء، وتقول: «أنا الطبيعة. أنا الأم الكونية... سيدة العناصر كلها، ابنة الزمان الأولى، مليكة الأموات، ملكة الخالدين كذلك، ورغم أني أُعبَد بمظاهر كثيرة وأُعرَف بأسماء لا تحصى، ويُتقرّب إليّ بكل شكل من الشعائر المختلفة، فإن الكرة الأرضية عن آخرها تبجلني».

تعدّدت صور إيزيس في العالم المتوسّطي كما تعدّدت أسماؤها، فحضرت في قوالب مختلفة عُرف كلّ منها باسم خاص. في كتابه الصادر عام 1982 تحت عنوان «قرية الفاو... صورة للحضارة العربية قبل الإسلام»، نشر عبد الرحمن الطيب الأنصاري صورة لقطعة من الخزف المزجج بلون فيروزي عُثر عليها في منطقة سكنية، «تمثل وجه شخص طويل يرتدي غطاء على الرأس». في الواقع، يمثل هذا المجسّم رأساً أنثوياً يغلب عليه الطابع اليوناني الكلاسيكي، يعتمر تاجاً بيضاوياً ضخماً يفوق حجمه حجم وجه صاحبته. اتضح لاحقاً أن هذا الوجه يعود إلى تمثال عُثر عليه من غير رأس، وتمّ جمع الرأس بالبدن، فاكتمل التمثال المطليّ بالأزرق والأخضر، وبلغ طوله 25 سنتيمتراً، وقطره 8 سنتيمترات.

دخل هذا التمثال متحف قسم الآثار الخاص بجامعة الملك سعود بالرياض، وعُرض عالمياً في معرض انطلق من متحف «اللوفر» في باريس في صيف 2010. يجمع هذا المجسّم بين «إيزيس» و«تيكه»؛ «سيدة الحظ السعيد والنجاح والازدهار ووفرة الغلال» التي تحمل «قرن الوفرة» المليء بثمار الأرض. ظهر هذا «القرن» في القرن الخامس قبل الميلاد حيث ارتبط بـ«سيد العالم السفلي» الذي عُرف باسم «هاديس»؛ أي «مانح الثروة»، تعبيراً عما يحمله باطن الأرض من كنوز تشكّل جزءاً من مملكته. وارتبط في مرحلة لاحقة بسيدة الازدهار «تيكه» التي تعدّدت صورها ورموزها، حيث بات لكل مدينة مزهرة «تيكه» خاصة.

تتبنّى «إيزيس الفاو» نموذجاً شاع في العالم المتوسّطي، كما في العدد الهائل من الشواهد الأثرية التي تظهر فيها هذه المعبودة وهي تحمل «قرن الوفرة». تحضر «الأم الكونية» في ثوب طويل يلفّ جسدها وينسدل عند قدميها، مع عقد من حبات لؤلئية يلتف حول عنقها. يتميز هذا التمثال بطابع خاص يتجلّى في ضخامة حجم الرأس قياساً إلى حجم الجسم، ممّا يهب هذه القطعة اليونانية حلّة شرقية تماثل الحلل التي غالباً ما تبرز في النتاج الهلنستي الشرقي.


مقالات ذات صلة

مدافن حجرية في السعودية تعيد كتابة تاريخ جزيرة العرب

يوميات الشرق دليل على أن إنسان الجزيرة العربية جعل من الرمز دلالة واضحة للحياة والبعث من جديد (مجلة Herança)

مدافن حجرية في السعودية تعيد كتابة تاريخ جزيرة العرب

قدم الباحثان عيد اليحيى وقصي التُّركي تحليلاً أركيولوجياً، نشرته مجلة «Herança» إحدى أهم المجلات العلمية العالمية المحكّمة ضمن مستوعبات سكوباس.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
يوميات الشرق أشارت بقايا الآثار التي استودعتها الحقب الماضية إلى حجم وقيمة تراث السرين الغنيّ (واس)

«مدينة السرين الأثرية» عمق تاريخي لأكثر من ألفيْ عام

توجد مدينة «السِّرّين» بمحافظة الليث، الواقعة على بُعد 250 كيلومتراً جنوب مكة المكرمة، وتحديداً في السهل الفيضي لوادي «حَلية»

عمر البدوي (الرياض)
يوميات الشرق جانب من عملية هدم المدافن بقرافة الإمام الشافعي (الشرق الأوسط)

«الثقافة المصرية» تُوقف هدم أضرحة تراثية إثر انتقادات حادة

بعد موجة انتقادات حادة لعمليات هدم مقابر وُصفت بأنها «تراثية» في القاهرة، أعلنت وزارة الثقافة وقف عمليات الهدم في منطقة مقابر الإمام الشافعي مؤقتاً.

عبد الفتاح فرج (القاهرة )
يوميات الشرق نقوش مقبرة نفرتاري تنبض بالحياة (وزارة السياحة والآثار)

مصر لإعادة فتح مقبرة نفرتاري أمام الجمهور

تتجه مصر لإعادة افتتاح مقبرة نفرتاري بالأقصر (جنوب مصر) بمدينة الأقصر أمام الجمهور، بعد إغلاقها للترميم قبل عدة أشهر.

محمد الكفراوي (القاهرة )
شمال افريقيا تماثيل يصل ارتفاعها إلى عشرة أقدام لملوك نوبيين في عاصمة النوبة كرمة (غيتي)

بريطانيا تمول ناشطين سودانيين لمنع نهب المتاحف والآثار

قالت مصادر بريطانية، إن ناشطين سودانيين يتلقون تمويلاً بريطانياً، لإنقاذ الكنوز الثقافية من جهات تقدم على نهب المتاحف في مختلف أنحاء السودان.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«الليل الطويل»... أسرار الحس الشعبي عند خيري شلبي

«الليل الطويل»... أسرار الحس الشعبي عند خيري شلبي
TT

«الليل الطويل»... أسرار الحس الشعبي عند خيري شلبي

«الليل الطويل»... أسرار الحس الشعبي عند خيري شلبي

عن الهيئة العامة لقصور الثقافة بالقاهرة، ضمن سلسلة «كتابات نقدية»، صدر كتاب «الليل الطويل– فقراء الريف المصري في أدب خيري شلبي» كدراسة في سوسيولوجيا الأدب للباحث محمد صلاح غازي تتناول تجربة أحد أبرز أدباء مصر في النصف الثاني من القرن العشرين عبر عدد من الروايات الشهيرة مثل «الوتد»، «الأوباش»، «زهرة الخشخاش»، «وكالة عطية»، «صالح هيصة» والتي تميزت بعبقرية الحكي الذي يخلط الفصاحة بالحس الشعبي.

أولاً: يشير المؤلف إلى ميلاد خيري أحمد علي سعد شلبي عكاشة الشهير باسم «خيري شلبي» في 31 من يناير (كانون الثاني) 1938 بقرية «شباس عمير» بمركز «قلين» محافظة كفر الشيخ، كما رحل عن عالمنا في 9 من سبتمبر (أيلول) 2011.

جده لأبيه هو علي أفندي شلبي، أحد كبار موظفي «الخاصة الخديوية» في عهد الخديو عباس حلمي الثاني وامتلك أرضاً في شباس عمير وله بنات أنجبن له أبناء قرية كاملة هي الشقة. أبوه أحمد علي شلبي كان يعمل موظفاً بهيئة الفنارات بالإسكندرية.

يقول خيري شلبي في سياق الحديث عن جذوره العائلية: «لقد صُورت لعائلتي كما يلي: أب فوق السبعين من عمره، سياسي فاشل وشاعر محبط، عزيز قوم ذل، ينتمي إلى أسرة كبيرة انحسرت عنها الأضواء تماماً وفُتّت ثرواتها على عدد هائل من البشر فلم يكن نصيب الأب منها سوى قطعة أرض بور».

ويضيف: «جرب أبي الزواج مرات فلم يكن يعيش له ولد، فلما أحيل إلى التقاعد رجع إلى القرية بلا زوجة لينعم بشيخوخة هادئة إلا أن الحظ ألقى في طريقه بفتاة شركسية الأصل تبلغ من العمر اثني عشر عاماً. وحين طلبها للزواج على سبيل المزاح وافق أهلها عن طيب خاطر فإذا بهذه الفتاة الصغيرة تعطيه سبعة عشر ابنا وابنة كان ترتيبي الرابع بينهم. وقد تعين على الأب الكهل أن يستأنف الكفاح من جديد، فلم تكن أعوامه السابقة على طولها إلا لعباً خارج الحلبة وغير محسوب، وعليه أن يتشبث بالشباب المضمحل لكي تبقى هذه الأسرة الكبيرة على قيد الحياة».

ويرى الباحث أن سر تميز خيري شلبي في الأدب المصري هو مروره بتجارب حياتية فريدة ونادرة حيث عانى من الفقر، ففي العاشرة من عمره عام 1948 كان تلميذاً في السنة الرابعة بالمدارس الإلزامية وكان قد حفظ جانباً كبيراً من القرآن الكريم في «كُتاب القرية» التي كان يذهب إليه يومياً بعد انتهاء اليوم الدراسي بالمدرسة.

وباستثناء عدد قليل من تلاميذ المدارس، كان خيري ورفاقه جميعاً حفاة من ذوي الجلباب الواحد صيفاً وشتاء لا يفصل بينه وبين لحم البدن أي ملابس أخرى. وكان يزهو على زملائه بشيء واحد فقط وهو أن أباه أدخله المدرسة باختياره ورغبته أما هم فقد جيء لآبائهم بخفراء بالقوة قسراً ليخضعوهم بالقوة لقانون التعليم الإلزامي.

في قرية شلبي، كان يسود قول مأثور «صنعة في اليد أمان من الفقر»، من هنا فعلى أبناء غير الفلاحين وهم قلة أن يتعلموا صنعة يتكسبون منها لذا فقد التحق بحرف عديدة في الإجازات الصيفية فتعلم مبادئ بعضها وأتقن بعضها الآخر مثل النجارة والحدادة والخياطة، والأخيرة أمضى فيها وقتاً طويلاً وكان وهو كاتب معروف يلجأ إليها عند اشتداد الحاجة إلى ما يسد الرمق.

ويحكي خيري شلبي عن تأثره في طفولته بدراما الواقع التي عاشها والده وكيف انقلبت حياته فقراً بعد ثراء، فيشير إلى أن الوالد كان يشرد لساعات طويلة كتمثال فرعوني، مفتوح العينين، جامد الحركة فيثير خياله ويحاول استنتاج ما يمكن أن يفكر فيه طوال هذا الشرود الأسيف. وكان يحاول وهو الطفل الصغير أن يواسيه وأن يلفت نظره بحركات خفيفة الظل، بكلمات ضاحكة، لكي يفرد وجهه ويبتسم.

وعندما يقع بصره على والدته، تلك الفتاة الغريرة التي هرمت على غير أوان، على حد تعبيره، يجدها تجلس في ركن بعيد منكبة على نفسها ودموعها تهطل بغزارة. وكان يعرف بالسليقة أن المشهد المأساوي الذي يحدث في بيتهم بين الحين والآخر قد صار وشيك الحدوث وأن أباه سيثور ويفقد أعصابه وسيقسم بأغلظ الأيمان إنه لا يحتكم على مليم وإنه لو مات اللحظة، وهو أمل طالما تمناه، فلن يجدوا في حوزته ثمن الكفن.

هذه الحياة المؤلمة والممعنة في الخشونة دفعت به إلى العمل مع الفلاحين وعمال التراحيل في جمع القطن وحصد الأرز والقمح وتطهير الترع والمصارف وهو لا يزال طفلاً صغيراً حيث كان يشحنهم المقاول في جرارات تحملهم إلى بلدان بعيدة ليشتغلوا في أراضي الوسية والتفاتيش في تنقية دودة القطن وقد أثمرت هذه التجربة روايتين هما «السنيورة»، و«الأوباش»، وبعض القصص القصيرة.

وتعلم شلبي من هذه التجربة، فضلاً عن الاحتكاك بنماذج لا حصر لها من البشر بكل خبراتها وتجاربها وأحلامها وهمومها، هو أن والده ليس البطل الوحيد في الحياة وأن قصته يمكن تأجيلها أمام هذا الكم الهائل من الروايات الحية والمآسي الإنسانية الفادحة. لقد تضاءلت قصته الشخصية وذابت في قضية كبيرة جداً يشخصها هذا الجمع الهائل من التعساء المطحونين الذين يدفعون عرقهم ودماءهم ونور أبصارهم ثمن الرفاهية لفئات من الناس لا ينالون منهم حتى حسن المعاملة، كما كان يردد دائماً.

تعلم خيري شلبي من النماذج المصنوعة من لحم ودم والتي احتك بها في مرحلة مبكرة للغاية من حياته أسرار الفولكلور المصري كله، من المواويل الحمراء والخضراء والبكائيات إلى أغنيات العمل من حرث وبذر وري وحصاد وأغاني الأفراح والخِطْبة والطهور والمهد والصباحية والحواديت المسلّية الحكيمة، فضلاً عن الغناء الشجي المليء بالمشاعر والعزف على السلامية والناي والأرغول والربابة. وكذلك الألعاب الجماعية الحركية منها والذهنية، فكل محافظات مصر كانت حاضرة في المخيمات أو الأحواش التي تؤويهم سواد الليل والتي تتجسد فيها القيم الإنسانية العظيمة التي توقظها مشاعر الغربة حيث يتحول كل واحد إلى طبيب يداوي جرح الآخر ويواسيه ويعاونه.

وكانت «مندرة» أو مجلس الوالد، بمثابة منتدى ثقافي وسياسي تربى فيها خيري شلبي مبكراً، فبعد أن تمكن من تعلم القراءة والكتابة وهو في مرحلة الطفولة قرأ السير الشعبية عشرات المرات مثل الهلالية وعنترة وذات الهمة وحمزة البهلوان وفيروز شاه وسيف بن ذي يزن وعلي الزيبق والظاهر بيبرس، إضافة إلى الملاحم الشعبية الغنائية التي كان يغنيها المداحون المتجولون. وهو ما انعكس على أعماله الروائية.