«الثقافة المصرية» تُوقف هدم أضرحة تراثية إثر انتقادات حادة

أعلنت دراسة موقف المقابر المطلوب إزالتها

جانب من عملية هدم المدافن بقرافة الإمام الشافعي (الشرق الأوسط)
جانب من عملية هدم المدافن بقرافة الإمام الشافعي (الشرق الأوسط)
TT

«الثقافة المصرية» تُوقف هدم أضرحة تراثية إثر انتقادات حادة

جانب من عملية هدم المدافن بقرافة الإمام الشافعي (الشرق الأوسط)
جانب من عملية هدم المدافن بقرافة الإمام الشافعي (الشرق الأوسط)

بعد موجة انتقادات حادة لعمليات هدم مقابر وُصفت بأنها «تراثية» بجبانة القاهرة التاريخية، أعلنت وزارة الثقافة وقفَ عمليات الهدم في منطقة مقابر الإمام الشافعي مؤقتاً لحين التنسيق مع الجهات المعنية ودراسة موقف الأضرحة والمقابر المطلوب إزالتها.

وأشار وزير الثقافة المصري أحمد هنو، في تصريحات صحافية، السبت، إلى «بحث وزارة الثقافة بالتعاون مع الجهات المعنية إمكانية الإبقاء على الأضرحة في مكانها، أو إمكانية نقلها في مكان آخر»، مؤكداً أن «وقف الهدم سيتم لحين دراسة موقف الأضرحة والمقابر الموجودة في اتجاه المحور المروري الجديد».

وأثار هدم قبة «مدفن مستولدة محمد علي باشا» الشهير في مدفن حليم باشا بجبَّانة الإمام الشافعي في القاهرة التاريخية موجةً واسعةً من الغضب بعد نشر ناشطين ومهتمين بالتراث والآثار صوراً توثّق عملية هدم القبة التي كانت تتميز بطراز معماري فريد ونقوش مميزة. وذلك بعد أيام من هدم مدفن إبراهيم النبراوي، مع مدافن أخرى.

شارع الإمام الشافعي (الشرق الأوسط)

وانتقد فنانون وإعلاميون، من بينهم خالد النبوي ولميس الحديدي، هدم المدافن بحدة، بالإضافة إلى آثاريين ومهندسين معماريين.

وقال هنو إن «وزارة الثقافة تحرّكت بشكل سريع لوقف عملية هدم المقابر الجارية بشكل مؤقت، وإتاحة الفرصة لبحث الأمر»، موضحاً أنه «جرى عقد اجتماعات مُطوّلة مع كل الجهات المعنية، وطُلب منهم التنسيق ووقف الهدم في الوقت الحالي».

وتسعى الحكومة المصرية لإنشاء محاور مرورية جديدة للربط بين شرق وجنوب القاهرة عبر هذه الجبانة التاريخية، المسجَّلة في قوائم تراث «اليونيسكو».

ووفق هنو، فإن «وزارة الثقافة أعدّت طرحاً جديداً يتضمن تفادي مسار الطريق الجاري إنشاؤه لعدد من الأضرحة التي تُزال، وبعضها الآخر سيُنقل ويُحافظ عليه بمعرفة وزارة السياحة والآثار لأنها هي الوزارة المعنية بذلك».

«قبة حليم باشا» قبل هدمها (حساب الباحث الأثري إبراهيم طايع على «فيسبوك»)

كان نقيب المهندسين قد أعرب عن بالغ أسفه بسبب تعرّض بعض جبانات ومعالم مصر التاريخية والتراثية للهدم، خصوصاً قبة مستولدة محمد علي باشا بقرافة الإمام الشافعي.

وأهابت النقابة، في بيان لها، قبل يومين، بالأجهزة المعنية بضرورة الوقف الفوري لأعمال الهدم، والإنصات إلى آراء أهل الخبرة والاختصاص، وإعادة النظر في تنفيذ أي مشروعات في تلك المنطقة التاريخية التراثية الحساسة المحمية بالقوانين المصرية والمواثيق الدولية، والبحث عن محاور وحلول بديلة تُراعى فيها القيمة المعمارية والتراثية والتاريخية والإنسانية لحماية جبانة القاهرة التاريخية.

كما أعلنت نقابة المهندسين جاهزيتها لتقديم يد العون لإيجاد الحلول التي تحقّق النهضة العمرانية دون المساس بما يمثل تاريخ مصر عبر تسخير إمكاناتها ومتخصصيها وعلمائها.

«قبة حليم باشا» بعد إزالتها (حساب الباحث الأثري إبراهيم طايع على «فيسبوك»)

وعدّت النقابة أن «هدم تلك المباني لا يُمثّل عبثاً بالمعالم التراثية فقط، لكنه عبث بالنسيج العمراني والتاريخي الفريد الذي يمثل قيمة كبيرة على مستوى العالم»، محذرةً من «استمرار هدم وطمس معالم القاهرة التاريخية، من بينها مقابر منطقة الإمام الشافعي، والقيام بعمليات إنشائية لا تتوافق مع طبيعة هذه المنطقة التراثية التي يمتد عمرها إلى نحو 1000 عام».

ودخل برلمانيون على خط انتقادات هدم مدافن في منطقة الإمام الشافعي، خلال الآونة الأخيرة، من بينهم النائب عبد المنعم إمام، رئيس حزب العدل، الذي تقدم بطلب إحاطة موجّه إلى وزيري السياحة والآثار، والتنمية المحلية، بشأن هدم قبة مستولدة محمد علي باشا، التي عدّها «جزءاً مهماً من التراث الثقافي والتاريخي لمصر، وتحمل قيمة معمارية وأثرية لا تقدَّر بثمن»، عاداً أن «هدم القبة يمثل تهديداً للمواقع الأثرية والتراثية التي تشكل جزءاً كبيراً من الهوية المصرية».

وتنصّلت وزارة السياحة والآثار المصرية في أكثر من مناسبة من «مسؤوليتها عن أعمال هدم مدافن في قرافة الإمام الشافعي والسيدة عائشة»، وقالت إنه لم يتم هدم أي مدفن مسجل بقوائم الآثار، وكان أحدث تلك التصريحات ما قاله كبير الآثاريين بالوزارة مجدي شاكر، وهو ما انتقده متابعون وأثريون تساءلوا عن «أسباب عدم تسجيل مدافن مميزة رغم أهميتها التاريخية والمعمارية».

انتقادات حادة لهدم مدافن الإمام الشافعي (الشرق الأوسط)

وطالب الدكتور محمد حمزة، عميد كلية الآثار الأسبق في جامعة القاهرة، بتعديل قانون الآثار رقم 117 لسنة 1983، الذي يُعدّه «قانوناً معيباً» لأنه يتضمن بعض الثغرات، مضيفاً في تصريحات تلفزيونية: «على الرغم أن هذا القانون يُعدُّ أي مبنى مرّ على إنشائه مائة عام أثراً، فإن لائحته التنفيذية تحدّد مدة المائة عام من تاريخ تطبيق القانون في عام 1983، وهذا يعني أن أي مبنى يُضمّ وفقاً لهذا القانون يجب أن يكون تاريخ إنشائه قبل نهاية القرن التاسع عشر».

وأشار إلى أن «مدافن وأملاك أسرة محمد علي باشا في المنطقة تُعد وقفاً تُشرف عليه وزارة الأوقاف»، منتقداً عدم تدخلها لوقف أعمال الهدم.


مقالات ذات صلة

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

يوميات الشرق جزء من التجهيز يظهر مجموعة الرؤوس (جناح نهاد السعيد)

«نشيد الحب» تجهيز شرقي ضخم يجمع 200 سنة من التاريخ

لا شيء يمنع الفنان الموهوب ألفريد طرزي، وهو يركّب «النشيد» المُهدى إلى عائلته، من أن يستخدم ما يراه مناسباً، من تركة الأهل، ليشيّد لذكراهم هذا العمل الفني.

سوسن الأبطح (بيروت)
يوميات الشرق مشهد من جامع بيبرس الخياط الأثري في القاهرة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

بعد 5 قرون على إنشائه... تسجيل جامع بيبرس الخياط القاهري بقوائم الآثار الإسلامية

بعد مرور نحو 5 قرون على إنشائه، تحوَّل جامع بيبرس الخياط في القاهرة أثراً إسلامياً بموجب قرار وزاري أصدره وزير السياحة والآثار المصري شريف فتحي.

فتحية الدخاخني (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

«اليونيسكو» تحذر إسرائيل من استهداف آثار لبنان

أثمرت الجهود اللبنانية والتعبئة الدولية في دفع منظمة اليونيسكو إلى تحذير إسرائيل من تهديد الآثار اللبنانية.

ميشال أبونجم (باريس)
يوميات الشرق هضبة الأهرامات في الجيزة (هيئة تنشيط السياحة المصرية)

غضب مصري متصاعد بسبب فيديو «التكسير» بهرم خوفو

نفي رسمي للمساس بأحجار الهرم الأثرية، عقب تداول مقطع فيديو ظهر خلاله أحد العمال يبدو كأنه يقوم بتكسير أجزاء من أحجار الهرم الأكبر «خوفو».

محمد عجم (القاهرة )
المشرق العربي الضربات الجوية الإسرائيلية لامست آثار قلعة بعلبك تسببت في تهديم أحد حيطانها الخارجية وفي الصورة المعبد الروماني
(إ.ب.أ)

اجتماع طارئ في «اليونيسكو» لحماية آثار لبنان من هجمات إسرائيل

اجتماع طارئ في «اليونيسكو» للنظر في توفير الحماية للآثار اللبنانية المهددة بسبب الهجمات الإسرائيلية.

ميشال أبونجم (باريس)

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
TT

«شرم الشيخ المسرحي» يُختتم بعيداً عن «صخب المشاهير»

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)
حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي شهد غياب مشاهير الفن (شرم الشيخ المسرحي)

اختتم مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي فعاليات دورته التاسعة، مساء الأربعاء، بعيداً عن صخب المشاهير الذين اختفوا عن حفل الختام الذي أقيم في قصر ثقافة مدينة شرم الشيخ بمحافظة جنوب سيناء.

ووفق نقاد، فإن التضارب الذي يحدث بين مواعيد انعقاد مهرجانات مصرية على غرار «شرم الشيخ المسرحي» و«القاهرة السينمائي» هو السبب وراء اختفاء نجوم الشاشات والمسرح عن حضور فعاليات المهرجان.

ورغم استمرار انعقاد مهرجان القاهرة السينمائي المعروف بكثافة فعالياته، جرى تكريم بعض نجوم الفن والسينما، عبر حفل «غولدن غلوب» ومجلة «Enigma»، بأحد الفنادق الكبرى على النيل، كان من بينهم الفنان حسين فهمي، رئيس مهرجان القاهرة السينمائي، والفنانة يسرا، اللذان تم منحهما جائزة «عمر الشريف».

وشهد حفل ختام «شرم الشيخ المسرحي» حضور عدد قليل من الفنانين والمسرحيين، من بينهم الفنان سيد خاطر، وكيل وزارة الثقافة المصرية الأسبق، وأحمد بو رحيمة، مدير إدارة المسرح بدائرة الثقافة بالشارقة، والفنان علاء مرسي، والفنان والبروفيسور الروسي ميخائيل جوريفوري، والمخرج الروماني قسطنطين كرياك، رئيس مهرجان سيبيو الدولي، والفنانة حلا عمران، والفنانة اللبنانية مروة قرعوني، والفنان أحمد وفيق، والمخرج السوري ممدوح الأطرش، والكاتبة فاطمة المعدول، والدكتور سعيد السيابي من سلطنة عمان، والمخرج عصام السيد، والفنانتان المصريتان عزة لبيب، ومنال سلامة.

حفل ختام مهرجان شرم الشيخ المسرحي (شرم الشيخ المسرحي)

وسيطرت مصر على جوائز حفل الختام؛ إذ حصل شباب مسرحها على جائزة أفضل عرض متكامل بمسرحية «هجرة الماء» وشهادتي تقدير لجودة العمل في مسابقة مسرح الطفل والنشء، كما حصل المصري أحمد بيلا على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع، عن عرض «خلف النافذة»، أما عن أبرز الجوائز العربية فحصل العرض الإماراتي «حكايات صامتة» على جائزة أفضل أداء جماعي في مسابقة مسرح الطفل والنشء، وحصل العرض العماني «فضيلة عبيد» على جائزة لجنة التحكيم في مسابقة الشارع.

وأعلن المخرج مازن الغرباوي، مؤسس ورئيس المهرجان، أن دولة كوريا الجنوبية ستكون ضيف شرف المهرجان في الدورة المقبلة التي ستحمل اسم الفنانة المصرية القديرة إلهام شاهين، لمسيرتها المهمة في المسرح المصري والعربي.

وأعرب المخرج السوري ممدوح الأطرش عن سعادته البالغة لتكريمه في مصر، موضحاً في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»: «أتابع المهرجان منذ انطلاقه قبل 9 سنوات، وأراه يتطور سنة تلو الأخرى».

ممدوح الأطرش خلال حفل الختام (شرم الشيخ المسرحي)

وعن أعماله الفنية التي يحضر لها خلال الفترة المقبلة، قال الأطرش: «أجهز لفيلم سينمائي عن حياة الفنانة الراحلة أسمهان، نجري حالياً تشاورات ونقاشات عدة حوله، حتى يخرج بالصورة الرائعة التي تُمثل قيمة أسمهان بصفتها فنانة عالمية، مع سرد سريع لقصة عائلة الأطرش».

يُذكر أن الدورة التاسعة من المهرجان كانت تحمل اسم المخرج الكبير الراحل جلال الشرقاوي، وشهدت مشاركة 36 دولة، ومنح الفنانة السورية حلا عمران درع «سميحة أيوب»، بجانب تكريم الفنان علاء مرسي، والفنان الروسي ميخائيل جوريفوي، والمخرج السوري ممدوح الأطرش.