برج قرية الفاو... رسم جداري يطل الناس من شرفاته

صياغته التشكيلية الخاصة تجعل منه عملاً فريداً

جدارية من قرية الفاو محفوظة في متحف الآثار في جامعة الملك سعود بالرياض
جدارية من قرية الفاو محفوظة في متحف الآثار في جامعة الملك سعود بالرياض
TT

برج قرية الفاو... رسم جداري يطل الناس من شرفاته

جدارية من قرية الفاو محفوظة في متحف الآثار في جامعة الملك سعود بالرياض
جدارية من قرية الفاو محفوظة في متحف الآثار في جامعة الملك سعود بالرياض

يحتفظ متحف الآثار في جامعة الملك سعود بلوح يحوي بقايا رسم جداري عُثر عليه في قرية الفاو، يمثّل برجاً عالياً تطلّ من شرفاته مجموعة من الأشخاص. تتميز هذه الجدارية بطابعها المحلّي الصرف، ويتجلّى هذا الطابع في موضوع اللوحة كما في صياغتها التشكيلية الخاصة التي تجعل منها عملاً فريداً يختلف عن الأعمال الجدارية الأخرى التي خرجت من هذه القرية الأثرية.

يحتلّ هذا البرج العالي فضاء المساحة التشكيلية بشكل كامل، وهو مرسوم بخطوط حمر، على قاعدة من الجص الأبيض مجرّدة من أي عناصر تصويرية. في القسم الأسفل من التأليف نقع على جدار مؤلّف من شبكة من المساحات المستطيلة الأفقية المتراصة، يجاوره كما يبدو باب مؤلّف من مساحة مستطيلة عمودية. فوق هذا السدّ، يرتفع بناء معماري يتألّف من شبكة من العناصر الزخرفية، تماثل في تأليفها المشربية التي تشكل أحد عناصر العمارة التقليدية الصحراوية في الجزيرة العربية كما هو معروف.

أساس هذا البناء شريطان من المثلثات المتراكبة، يعلوهما شريطان من المكعبات. فوق هذا الأساس طابق أوّل يتألف من مساحتين أفقيتين، تتكوّن كل منهما من أربع مساحات أفقية عموديّة مزينة بشبكة من المثلّثات المتراكبة. عند طرف هذا الطابق، ترتفع مساحة عمودية فارغة تشكّل مدخلاً له. إلى يسار هذا المدخل، يحضر شخص ينتصب واقفاً تحت قوس يرتفع فوق عمودين مزيّنين بسلسلة من الخطوط المتوازنة. تحدّ هذا الطابق الأول شرفة تتبع في زخرفتها تأليفاً مماثلاً يجمع بين المثلثات والمكعبات.

من هذه الشرفة، تطلّ عشر قامات متجاورة يفصل بينها خط عمودي، وهذه القامات من النوع النصفي، وتمثّل الجزء الأعلى من الإنسان، أي رأسه وصدره. يعلو هذا الطابق طابق ثانٍ مماثل، يتبع النمط الزخرفي نفسه، ويتكوّن من مساحتين. تتألف المساحة السفلى من خمسة أطر أفقية عمودية مزينة بشبكة من المثلثات المتراكبة. وتتألف المساحة العليا من ثلاثة أطر مماثلة، تحدّهما شرفتان صغيرتان تطلّ منهما أربع قامات من النوع النصفي. تعلو هذا الطابق شرفة كبيرة تطلّ منها ثماني قامات متجاورة يفصل مرة أخرى بينها خط عمودي، وفقاً للنسق المتبع.

يتألف سقف هذا البرج من سلسلة مساحات أفقية تأخذ شكل سلّم يتكوّن من ثلاث درجات. الدرجة الأولى مزيّنة بشبكة من المثلثات المتراكبة، وتعلوها درجتان مزيّنتان بكتابة باللغة العربية الجنوبية القديمة. يحدّ الدرجة الأولى وعلان يستقرّ كل منهما عند طرف من طرفيها. ويحد الدرجة الثانية وعلان مماثلان. الشكل المعتمد في تصوير هذه الوعول واحد لا يتغيّر، ويتميّز بقرنين قويَّين منحنيين كسيفين أحدبين، تعلو كل منهما شبكة من النقاط الدائرية.

في قواعد المنظور الكلاسيكي، يمتد الأفق إلى العمق، حيث يختفي الكل في البعد الثالث. في العالم القديم، وفي الشرق المتعدّد الأقاليم خصوصاً، يتحوّل الرسم المنظوري فضاءً معاكساً، فينتفي المبدأ الأول القائم على الانطلاق من مركز محدّد للنور، يُلقي بانعكاسات ظلاله على سائر عناصر المشهد. تغيب نواميس المنظور وقواعد المحاكاة والتماثل، وتتوحّد الأبعاد في بناء جامع يغيب عنه البعد الثالث. في جدارية الفاو، يأخذ هذا البناء الجامع طابعاً هندسياً صرفاً يتبنّى البعد الواحد فحسب. يتحوّل البرج مسافة مسطّحة تخلو تماماً من معالم التجسيم والتظليل. خط الرسم هو السيّد، والتلوين مختزل، ويقتصر على اللون الأحمر، مع بعض من اللون الأصفر، إضافة إلى الأسوَد الذي لا يُعدّ لوناً من الألوان.

رسم توثيقي لجدارية برج الفاو

صياغة التأليف تجري عمودياً. يُسقط المصوّر الرؤية بحسب العمق، ولا يُخضع عناصر الصورة للتقليص أو التكبير وفقاً للمكان الذي تحتلّه في الأبعاد الثلاثة. تتبع القامات الآدمية نسقاً تعادلياً ثابتاً، وتؤلف جماعة رؤوس ذات أحجام متساوية تستقرّ في وحدة هندسيّة متماسكة. يصطفّ سكان البرج في وقفة ثابتة، ويؤلفون جماعة واحدة. أحجام الرؤوس الآدمية متساوية، وتوزيعها الأفقي يجري عمودياً. يحضر شخص منتصب تحت قوس عند مدخل هذا البرج. وتحضر مجموعة من الأشخاص في أعلى الطابق الأول، ومجموعة أخرى في أعلى الطابق الثاني، وتشكل كل مجموعة شريطاً يتكوّن من مجموعة من الرؤوس المتوازية. ملامح هؤلاء الأشخاص واحدة لا تتغيّر، وهي مجرّدة إلى أقصى درجة، بحيث يصعب تحديد هويّتها الجنسية. الوجه دائرة تعلوها كتلة الشعر الأسود، وملامحه نقطتان تشيران إلى العينين. والصدر مجرّد كذلك من أي مفاصل، ويخلو من أي معالم.

تخرج هذه الجدارية عن النسق الذي يبرز في الجداريات الأخرى التي عُثر عليها في الفاو، غير أننا نجد ما يماثل عناصرها الآدمية في صور منقوشة ناتئة خرجت من هذه الجهة من الجزيرة. كذلك، نجد في هذه الجهة العديد من النقوش التي تصوّر وعولاً تماثل في صياغتها التحويرية تلك التي نراها في أعلى الجدارية. لهذه الأسباب؛ يصعب تأريخ هذا العمل الفني الفريد، وكل ما يمكن القول إنه أُنجز بين القرن الثالث قبل الميلاد والقرن الثالث بعد الميلاد.

وعول على نقش تزييني من قرية الفاو محفوظ في متحف الآثار في جامعة الملك سعود بالرياض

تعلو قمة هذا البرج كتابة من جزأين: «تيم» و«منت». والأرجح أن هذه الكتابة تسمّى «تيّم مناة». ومناة معبودة معروفة حُفر اسمها مراراً على شواهد أثرية عديدة عُثر عليها في قرية الفاو، وهي ربة القدر الخيرة والمعطاءة التي عظم شأنها لدى القبائل والدول في شمال الجزيرة العربية، وعلى رأسهم اللحيانيون في دادان. وقد ذكرها ابن الكلبي في «كتاب الأصنام»، وقال إن صنمها كان أقدم الأصنام التي دانت العرب لها، «ولم يكن أحد أشد إعظاماً له من الأوس والخزرج».

يؤكّد ابن الكلبي أنّ العرب كانت «تسمّي عبد مناة وزيد مناة». ويذكر ابن حزم في «جمهرة أنساب العرب» أسماء مشابهة، منها «بنو عبد مناة بن كنانة»، و«بنو حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم»، و«سعد مناة بن غامد». ويبدو أن البرج الحاضر في جدارية الفاو كان يعود للمدعو «تيّم مناة»، كما توحي الكتابة المدوّنة في أعلى هذه اللوحة.


مقالات ذات صلة

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

يوميات الشرق تم بيع القطعة النادرة بـ2.09 مليون دولار ضمن مزاد في جنيف (أ.ف.ب)

بمليوني دولار... بيع قطعة نقود رومانية نادرة تحمل صورة بروتوس

بيعت قطعة نقود ذهبية رومانية نادرة جداً تحمل صورة بروتوس، أحد المشاركين في قتل يوليوس قيصر، لقاء 2.09 مليون دولار ضمن مزاد أقيم الاثنين في جنيف

«الشرق الأوسط» (جنيف)
يوميات الشرق بقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود لعصر الإيوسيني المبكر في طبقات لصخور جيرية (الشرق الأوسط)

اكتشاف تاريخي لبقايا كائنات بحرية في السعودية عمرها 56 مليون سنة

أعلنت هيئة المساحة الجيولوجية في السعودية اليوم (الأحد)، عن اكتشاف لبقايا كائنات بحرية يتجاوز عمرها 56 مليون عام وتعود للعصر الإيوسيني المبكر.

«الشرق الأوسط» (جدة)
يوميات الشرق معرض يحكي قصة العطور في مصر القديمة (وزارة السياحة والآثار المصرية)

معرض أثري يتتبع «مسيرة العطور» في مصر القديمة

يستعيد المتحف المصري بالتحرير (وسط القاهرة) سيرة العطر في الحضارة المصرية القديمة عبر معرض مؤقت يلقي الضوء على صناعة العطور في مصر القديمة.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق الفيلا تدلّ على «أسلوب حياة فاخر» (تيفونت أركيولوجي)

اكتشاف آثار فيلا رومانية فاخرة على الأرض البريطانية

اكتشف علماء آثار و60 متطوّعاً فيلا رومانية تدلّ على «أسلوب حياة فاخر»، وذلك في مقاطعة يلتشاير البريطانية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الحنة ترمز إلى دورة حياة الفرد منذ ولادته وحتى وفاته (الفنان العماني سالم سلطان عامر الحجري)

الحناء تراث عربي مشترك بقوائم «اليونيسكو» 

في إنجاز عربي جديد يطمح إلى صون التراث وحفظ الهوية، أعلنت منظمة «اليونيسكو»، الأربعاء، عن تسجيل عنصر «الحناء» تراثاً ثقافياً لا مادياً.


«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
TT

«جائزة الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي» تتوّج الفائزين بدورتها العاشرة

الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)
الشيخ ثاني بن حمد الممثل الشخصي لأمير قطر خلال تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كرّمت «جائزةُ الشيخ حمد للترجمة والتفاهم الدولي»، بدولة قطر، مساء الثلاثاء، الفائزين في فئات الدورة العاشرة، وذلك خلال حفل كبير حضره الشيخ ثاني بن حمد آل ثاني الممثل الشخصي لأمير البلاد، وشخصيات بارزة، وأعضاء البعثات الدبلوماسية، ونخبة من الباحثين والعاملين بمجال الترجمة.

وتهدف الجائزة إلى تكريم المترجمين وتقدير دورهم في تمتين أواصر الصداقة والتعاون بين شعوب العالم، وتقدير دورهم عربياً وعالمياً في مد جسور التواصل بين الأمم، ومكافأة التميز في هذا المجال، وتشجيع الإبداع، وترسيخ القيم السامية، وإشاعة التنوع، والتعددية والانفتاح.

الشيخ ثاني بن حمد لدى حضوره حفل تكريم الفائزين بالجائزة (الشرق الأوسط)

كما تطمح إلى تأصيل ثقافة المعرفة والحوار، ونشر الثقافة العربية والإسلامية، وتنمية التفاهم الدولي، وتشجيع عمليات المثاقفة الناضجة بين اللغة العربية وبقية لغات العالم عبر فعاليات الترجمة والتعريب، ويبلغ مجمل قيمة الجائزة في مختلف فئاتها مليوني دولار أميركي.

وقال الدكتور حسن النعمة، أمين عام الجائزة، إنها «تساهم في تعزيز قيم إنسانية حضارةً وأدباً وعلماً وفناً، اقتداءً بأسلافنا الذي أسهموا في بناء هذه الحضارة وسطروا لنا في أسفار تاريخها أمجاداً ما زلنا نحن اليوم الأبناء نحتفل بل ونتيه مفتخرين بذلك الإسهام الحضاري العربي في التراث الإنساني العالمي».

وأشاد النعمة بالكتاب والعلماء الذين ترجموا وأسهموا في إنجاز هذه الجائزة، وبجهود القائمين عليها «الذين دأبوا على إنجاحها وإخراجها لنا في كل عام لتكون بهجة ومسرة لنا وهدية من هدايا الفكر التي نحن بها حريُّون بأن نرى عالمنا أجمل وأسعد وأبهج وأرقى».

الدكتور حسن النعمة أمين عام الجائزة (الشرق الأوسط)

من جانب آخر، أعربت المترجمة والأكاديمية، ستيفاني دوغول، في كلمة نيابة عن الضيوف وممثلة للمترجمين، عن شكرها لجهود دولة قطر وجائزة الشيخ حمد للترجمة في تكريم المترجمين والمثقفين من كل أنحاء العالم، موجهة التحية لجميع الفائزين، وللغة العربية.

يشار إلى أنه في عام 2024، توصلت الجائزة بمشاركات من 35 دولة حول العالم، تمثل أفراداً ومؤسسات معنية بالترجمة، من بينها 17 دولة عربية. وقد اختيرت اللغة الفرنسية لغة رئيسية ثانية إلى جانب اللغة الإنجليزية، بينما اختيرت الهنغارية والبلوشية والتترية واليوربا في فئة اللغات القليلة الانتشار.

الفائزون بالدورة العاشرة

وفاز بالجائزة هذا العام «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الفرنسية»، في المركز الثاني رانية سماره عن ترجمة كتاب «نجمة البحر» لإلياس خوري، والثالث إلياس أمْحَرار عن ترجمة كتاب «نكت المحصول في علم الأصول» لأبي بكر ابن العربي، والثالث (مكرر): ستيفاني دوغول عن ترجمة كتاب «سمّ في الهواء» لجبور دويهي.

وعن «فئة الترجمة من اللغة الفرنسية إلى اللغة العربية»، فاز بالمركز الثاني الحُسين بَنُو هاشم عن ترجمة كتاب «الإمبراطورية الخَطابية» لشاييم بيرلمان، والثاني (مكرر) محمد آيت حنا عن ترجمة كتاب «كونت مونت كريستو» لألكسندر دوما، والثالث زياد السيد محمد فروح عن ترجمة كتاب «في نظم القرآن، قراءة في نظم السور الثلاث والثلاثين الأخيرة من القرآن في ضوء منهج التحليل البلاغي» لميشيل كويبرس، والثالث (مكرر): لينا بدر عن ترجمة كتاب «صحراء» لجان ماري غوستاف لوكليزيو.

من ندوة «الترجمة من اللغة العربية وإليها... واقع وآفاق» (الشرق الأوسط)

أما (الجائزة التشجيعية)، فحصل عليها: عبد الواحد العلمي عن ترجمة كتاب «نبي الإسلام» لمحمد حميد الله. بينما فاز في «فئة الترجمة من اللغة العربية إلى اللغة الإنجليزية»، حصلت على المركز الثالث: طاهرة قطب الدين عن ترجمة كتاب «نهج البلاغة» للشريف الرضي. وذهبت الجائزة التشجيعية إلى إميلي درومستا (EMILY DRUMSTA) عن ترجمة المجموعة الشعرية «ثورة على الشمس» لنازك الملائكة.

وفي (فئة الترجمة من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية) حصل على المركز الثاني مصطفى الفقي وحسام صبري عن ترجمة كتاب «دليل أكسفورد للدراسات القرآنية» من تحرير محمد عبد الحليم ومصطفى شاه، والثاني (مكرر): علاء مصري النهر عن ترجمة كتاب «صلاح الدين وسقوط مملكة بيت المقدس» لستانلي لين بول.

وفي «فئة الإنجاز»، في قسم اللغة الفرنسية: (مؤسسة البراق)، و(دار الكتاب الجديد المتحدة)، و«في قسم اللغة الإنجليزية»: (مركز نهوض للدراسات والبحوث)، و(تشارلز بترورث (Charles E. Butterworth)، وفي لغة اليورُبا: شرف الدين باديبو راجي، ومشهود محمود جمبا. وفي «اللغة التترية»: جامعة قازان الإسلامية، و«في قسم اللغة البلوشية»: دار الضامران للنشر، و«في اللغة الهنغارية»: جامعة أوتفوش لوراند، وهيئة مسلمي المجر، وعبد الله عبد العاطي عبد السلام محمد النجار، ونافع معلا.

من ندوة «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة» (الشرق الأوسط)

عقدٌ من الإنجاز

وعقدت الجائزة في الذكرى العاشرة لتأسيسها ندوة ثقافية وفكرية، جمعت نخبة من أهم العاملين في مجال الترجمة والمثاقفة من اللغة العربية وإليها، تتناول الندوة في (الجلسة الأولى): «الترجمة من اللغة العربية وإليها: واقع وآفاق»، بينما تتناول (الجلسة الثانية): «دور الجائزة في الارتقاء بمعايير جودة الترجمة، وكيفية تطوير هذا الدور».

وخلال مشوارها في عشر سنوات، كرّمت الجائزة مئات العاملين في الترجمة من الأفراد والمؤسسات، في نحو 50 بلداً، لتفتح بذلك آفاقاً واسعة لالتقاء الثقافات، عبر التشجيع على الاهتمام بالترجمة والتعريب، ولتصبح الأكبر عالمياً في الترجمة من اللغة العربية وإليها، حيث اهتمت بها أكثر من 40 لغة، كما بلغت القيمة الإجمالية السنوية لمجموع جوائزها مليوني دولار.

ومنذ تأسيسها، كرمت الجائزة 27 مؤسسة ودار نشر من المؤسسات التي لها دور مهم في الترجمة، و157 مترجماً و30 مترجمة، حيث فاز كثيرون من مختلف اللغات الحية عبر العالم. حتى اللغات التي يتحدث بها بضعة ملايين بلغتها الجائزة وكرمت رواد الترجمة فيها من العربية وإليها. أما اللغات الكبرى في العالم فكان لها نصيب وافر من التكريم، مثل الإنجليزية والفرنسية والإسبانية والألانية والصينية والكورية واليابانية والتركية والفارسية والروسية.

وشملت الجائزة كذلك ميادين القواميس والمعاجم والجوائز التشجيعية للمترجمين الشباب وللمؤسسات الناشئة ذات الجهد الترجمي، وغطت مجالات الترجمة شتى التخصصات الإنسانية كاللغوية والتاريخية والدينية والأدبية والاجتماعية والجغرافية.

وتتوزع فئاتها على فئتين: «الكتب المفردة»، و«الإنجاز»، تختص الأولى بالترجمات الفردية، سواء من اللغة العربية أو إليها، وذلك ضمن اللغات الرئيسية المنصوص عليها في هذه الفئة. وتقبل الترشيحات من قبل المترشح نفسه، ويمكن أيضاً ترشيح الترجمات من قبل الأفراد أو المؤسسات.

أما الثانية فتختص بتكريم الجهود الطويلة الأمد المبذولة من قبل الأفراد والمؤسسات في مجال الترجمة من اللغة العربية أو إليها، في عدة لغات مختارة كل عام، وتُمنح الجائزة بناء على عدد من الأعمال المنجزة والمساهمة في إثراء التواصل الثقافي والمعرفي.