جديد «الفيصل»: السعودية تحتفي بعام الإبل.. في الثقافات

جديد «الفيصل»: السعودية تحتفي بعام الإبل.. في الثقافات
TT
20

جديد «الفيصل»: السعودية تحتفي بعام الإبل.. في الثقافات

جديد «الفيصل»: السعودية تحتفي بعام الإبل.. في الثقافات

صدر العدد الجديد من مجلة «الفيصل»، وتضمن مواضيع متنوعة. وكرست المجلة ملف العدد لتقصي صورة الإبل في الثقافات، يأتي ذلك بمناسبة احتفاء السعودية بعام الإبل 2024. شارك في الملف كل من الناقدة السينمائية عهود حجازي: «آفاق السنام الواحد»، والباحث قصي التركي: «الإبل وعلاقتها بالبيئة البدوية في الكتابات المسمارية»، والباحث حمد صراي: «الإبل في شبه الجزيرة العربية وبلاد الشرق الأدنى القديم»، والباحثة سحر الصمادي: «نحو معجم ألفاظ الحيوانات في اللغات السامية الشمالية الغربية»، والباحث سمير أديب: «الجمل في الحضارة المصرية القديمة»، إضافة إلى شهادات من عدد من الكتاب والباحثين، مثل صبحي موسى ومحمد الشحري وهشام عبد العزيز وفتحي إمبابي.

وتضمن العدد أيضاً حواراً مع الباحث الإسباني خوسيه ميغيل بويرتا عضو الأكاديمية الملكية للفنون الجميلة بغرناطة، وذلك بمناسبة صدور كتاب «رياض الشعراء في قصر الحمراء» بالاشتراك مع الدكتور عبد العزيز المانع، وبالتعاون بين كل من «جائزة الملك فيصل» و«لجنة إدارة الحمراء»، أجرى الحوار الكاتب والأديب عبد الهادي سعدون. وفي باب ثقافات كتب عزام أحمد جمعة عن الاتجاهات والنزعات واللغة في الأدب الروسي الحديث، وترجمت شيماء مجدي مقال ماريا إنجويكس تيرسيرو: «النسوية والترجمة أبعد من مجرد لغة شاملة». كما ترجم عماد فؤاد مقالاً عن السيرة التي كتبها البلجيكي مارك سخافرز عن حياة الأديب البلجيكي هوغو كلاوس تحت عنوان «حين يحوم فوق الناس كالطير الجارح: أنزع منهم نتفاً لأصنع منها كتباً». وكتب الجزائري أمين الزاوي عن الشاعر العماني سيف الرحبي «هذا الرأسمالي العربي الكبير» بمناسبة مغادرته رئاسة تحرير مجلة «نزوى» العمانية التي أسسها منذ ثلاثين عاماً.

وفي باب السينما حاورت «الفيصل» المخرج السعودي على الكلثمي، صاحب فيلم «مندوب الليل»، وذهب فيه إلى أن السينمائيين السعوديين يعيشون عصراً ذهبياً، تتوفر به كل سبل الدعم كي يعمل المخرجون على قصص سعودية. وفي باب بروتريه يكتب الشاعر والمترجم فاضل السلطاني عن الشاعر الأميركي فرانك أوهارا: جماليات الأشياء الصغيرة. وحاورت هدى الدغفق الدكتور زياد الدريس حول مركز الأديب عبد الله ابن إدريس والجائزة التي تحمل اسمه أيضاً. وتكتب هناء المكتوم عن الفراغ العمراني بصفته حضناً للتفاعل الثقافي.

واشتمل العدد على مقالات ومواد أخرى، منها: موسى برهومة: ضوء لإنارة مدينتنا العربية، نبيل سليمان: بيوت في البودي وربما نيبالين، نادر الصمعاني: الهوامش الفلسفية في التراث الشرعي، سيف الرحبي: صمت جثة الغريبة بين الغرباء، غسان على عثمان: السودان نحو عقد اجتماعي جديد، فاطمة واياو: الوريث أو رحلة أيوب المضنية إلى اللايقين، تشن جينغ: «رهمانج» و«لا نا ما» حامل المعرفة البحرية وتبادل الثقافات على طريق الحرير البحري، سلطان المعاني: ثلاثية الهزائم والكرامة والانتصار، كاظم الخليفة: الأدب والفلسفة.. جدلية العلاقة وتنافس الحضور، راما وهبة: غابرييل مونتر.. تعرية روح الأشياء.

وشمل العدد مواد: حمادي تقوا - محمد الساهل: في مديح البريكولاج، يوسف ضمرة: هند أبو الشعر.. بالون البدايات، فيصل دراج: انكسار الأحلام والصداقات. زكي الميلاد: لولا أينشتين لما كان كارل بوبر، سعادة الله الحسيني: نظرية «الهندوتفا» وأسسها الفكرية، نبيل منصر: على المازمي ينحني على جراحه الوجودية، لنا عبد الرحمن: سر الزعفرانة لبدرية البشير، حسن حميد: هل انتهت الفلسفة في زمن الإسلام؟، محمد سليم شوشة: «بصورة مفاجئة» لمنتصر القفاش، ومجدي دعبيس: «الآن في العراء» لحسام الرشيد، وعلى عطا: «شجو الهديل» لجار النبي الحلو، وعبده منصور المحمودي: مقاربة نقدية في «روايات لا تطير»، وحكمت النوايسة: «فلسطينيا ذا» لعلي العامري، ووداد سلوم: «الفراشات البيضاء» لباسم سليمان.

وفي باب نصوص نطالع نصوصاً لكل من إيفان بولاند: مختارات شعرية ترجمة غسان الخنيزي. إيفلين أرثر: مدير الكرملين ترجمة عبد المقصود عبد الكريم، محي الدين جرمة: أكسجين البحر، لحسن باكور: أبي صانع السعادة. ويكتب سامر إسماعيل عن كتاب «احك منامك حتى أراك» حول تجربة المخرج السوري محمد ملص. وفي باب تشكيل: بادية حسن: سعد يكن.. وراء الفراشة بألوانها تختبئ الفاجعة السورية.


مقالات ذات صلة

«الدّماغ المؤدلج»: حين يكون التطرّف السياسي نتاج البيولوجيا

كتب ليور زميغرود

«الدّماغ المؤدلج»: حين يكون التطرّف السياسي نتاج البيولوجيا

طرحٌ جريء في علم الأعصاب الاجتماعي تقدّمه الباحثة الملحقة بجامعة كامبردج (بريطانيا) ليور زميغرود في كتابها الجديد «الدماغ المؤدلج»

ندى حطيط
كتب فدوى طوقان

صمود فلسطيني على الجبهة الثقافية

صدر كتاب باللغة الإنجليزية يحمل عنواناً عربياً: «صمود: مختارات من كتابات فلسطينية جديدة» (Sumud: A New Palestinian Reader)، أشرف على التحرير جوردان الجرابلي…

د. ماهر شفيق فريد
كتب مجلة «الأديب الثقافية»: الاعترافات السياسية للأدباء

مجلة «الأديب الثقافية»: الاعترافات السياسية للأدباء

صدر العدد الثاني عشر من مجلة الأديب الثقافية/ ربيع - 2025، وقد تصدّرت الغلافين الأول والثاني لوحة للفنان التشكيلي الكردي عبد الغفور حسين

«الشرق الأوسط» (بغداد)
ثقافة وفنون أي تأثير للحب العذري في شعر «التروبادور»؟

أي تأثير للحب العذري في شعر «التروبادور»؟

يتفق معظم الباحثين الغربيين والعرب على تأثر شعراء التروبادور في العصور الأوروبية الوسيطة بشعر الحب العربي

شوقي بزيع
ثقافة وفنون «مهمّةُ المترجم»... ترجمة عربية جديدة لنص فالتير بنيامين

«مهمّةُ المترجم»... ترجمة عربية جديدة لنص فالتير بنيامين

تضطلعُ مقالةُ «مهمّةُ المترجم»، التي كتبها الفيلسوف والناقد والمترجم الألماني فالتير بنيامين (1892 - 1940)، سنة 1921، بمكانة متميزة في الثقافة العالمية الحديثة

«الشرق الأوسط» (عمَّان)

«الدّماغ المؤدلج»: حين يكون التطرّف السياسي نتاج البيولوجيا

ليور زميغرود
ليور زميغرود
TT
20

«الدّماغ المؤدلج»: حين يكون التطرّف السياسي نتاج البيولوجيا

ليور زميغرود
ليور زميغرود

طرحٌ جريء في علم الأعصاب الاجتماعي تقدّمه الباحثة الملحقة بجامعة كامبردج (بريطانيا) ليور زميغرود في كتابها الجديد «الدماغ المؤدلج*»، حيث تسعى لتفسير ميل بعض البشر إلى الآيديولوجيات المتطرفة انطلاقاً من بنية الدماغ وبيولوجيته، وليس فقط من خلال السياقات الاجتماعية أو الثقافية. ويأتي هذا العمل الذي يندرج ضمن مشروع أوسع في الجامعات الغربيّة للربط بين العلوم السلوكيّة والسياسة في وقت تصاعدت فيه الاستقطابات الحادة، سواء داخل المجتمعات أو عبر الحدود، وبينما يعيد كثيرون طرح السؤال القديم مجدداً: لماذا يصبح بعض الناس أكثر تطرفاً من غيرهم؟

بدأت زميغرود دراستها من مشهد سياسي معاصر، تحديداً من لحظة الانقسام في بريطانيا حول مسألة عضوية الاتحاد الأوروبي ونتائج الاستفتاء الشعبي الذي جرى عام 2016 واعتمدت عليه حكومة حزب المحافظين لتشرع في إجراءات الطلاق من أوروبا (بريكست)، إذ لفتتها المواقف المتصلبة لطرفي الطيف السياسيّ، وتساءلت عمّا إذا كانت نتاج انتهازية سياسية أم عرضاً لجذر أعمق مرتبط بتكوين الأشخاص النفسي والدماغي، لتصل في النهاية إلى استنتاج وحيد – في قلب كثير من التساؤلات أيضاً –: ثمّة جانب بيولوجي ملموس لتموضعات الأفراد السياسيّة.

تعتمد زميغرود في مقاربتها على تعريف صارم للآيديولوجية باعتبارها نمط تفكير متصلب يعطل المرونة الإدراكية لصالح نسق مغلق من المعتقدات. وهي في ذلك تعود إلى إرث علم النفس السياسي، وتحديداً أعمال إلسي فرينكل برونسويك وثيودور أدورنو، اللذين سعيا بعد تجربة الحرب العالمية الثانية لفهم السّمات التي تمتلكها «الشخصية الفاشية». لكنها في هذا السياق تذكر مفارقة تاريخيّة بشأن أصل مصطلح «آيديولوجيا»، الذي تقول إن الكونت الفرنسي ديستوت دو تريسي صاغه في إطار بحثه عن كيفية تكوّن المعتقدات. غير أن المصطلح انقلب على رأسه مع الزمن، ليعني الآن عكس ما أراده مبتدعه: الالتزام غير النقدي بالاعتقاد - بدلاً من تحليله -.

وبحسب زميغرود، فقد وجدت برونسويك في خمسينيات القرن الماضي، أن الأطفال المتحيزين ليسوا متصلبين في مواقف معرفيّة فحسب، بل يمتد تصلبهم وجمود أفكارهم إلى كل استجاباتهم الإدراكية. وتوسع المؤلفة هذا المنظور باستخدام أدوات علم الأعصاب الإدراكي، كاختبار ويسكونسن لقياس قدرة الأشخاص على التكيف والإبداع، فتظهر بيانات اختباراتها أن الأفراد ذوي التفكير العالي الأدلجة - لا فرق إذا كانوا في اليمين أو اليسار- يميلون بشكل عام إلى الجمود المعرفي، ومحدودية المرونة الذّهنية.

على أنّ الطرح الأكثر إثارة في الكتاب يكمن في تتبع زميغرود للرّوابط بين البنية العصبية والميول السياسية. إذ عبر دراسات تصوير الدماغ وتحليل التكوين الجيني، وجدت أن الأشخاص ذوي الميول الآيديولوجية المتطرفة يمتلكون توزيعاً مغايراً لهرمون الدوبامين في أدمغتهم عن الأشخاص الأقل تزمتاً: انخفاض في منطقة قشرة الفص الأمامي (المعنية بالتفكير العقلاني والمرن)، وارتفاع في منطقة وسط الدّماغ المرتبطة بالغرائز والسلوكيات الانفعاليّة الطابع. كما وتبين لها أن الشخصيّات المحافظة غالباً ما تمتلك (لوزة) دماغية أكبر حجماً، وهي المنطقة المسؤولة عن معالجة مشاعر الخوف والاشمئزاز، مما قد يفسر انجذابهم لمواقف تركز على الحفاظ على الأوضاع القائمة والنّظام والتقليد. غير أن المؤلفة تتجنب الحسم، إذ لا يُعرف تماماً ما إذا كانت هذه السمات العصبية وتركيب الأدمغة تسبق الآيديولوجيا أم تنتج عنها. أي، هل تغير معتقداتنا من شكل أدمغتنا؟ أم أن تكوين الدماغ يقودنا إلى اعتناق معتقدات بعينها؟ العلم هنا - وفق زميغرود دائماً - لا يتخذ موقفاً، لكنه يطرح أسئلة فلسفية وعمليّة عميقة حول مفهوم «حرية الإرادة» في السياق السياسي.

الكتاب عمل متقدّم في تفكيك ظواهر التطرف والاستقطاب الحاد التي تطبع تعاطي السياسة في هذا المنعطف من التاريخ

من الملاحظات اللافتة التي تقدمها زميغرود أن الأشخاص عاليي الأدلجة لا يدركون أنهم أشخاص بطيئو التفكير، بل يعتبرون أنفسهم مندفعين ومحبين للمخاطرة، أي أنهم يجمعون بين صلابة معرفية على المستوى اللاواعي، وسلوكيات متهورة على المستوى الواعي. هذا التناقض يمكن أن يفسر انجذاب المتطرفين إلى الخطابات التي تدعو إلى «النظام» و«سيادة القانون»، بينما يمتعهم في الوقت ذاته تهديم المؤسسات القائمة والنظام الحالي.

تجمع زميغرود في تشخيصها للدماغ الآيديولوجي بين المتطرفين على اليمين أو اليسار، وتزعم أن الجمود الآيديولوجي يمكن أن يصيب الجانبين، وتشير إلى أن الأفراد المتحررين من القيود الحزبيّة ويميلون إلى الليبرالية اليسارية غالباً ما يظهرون أعلى درجات المرونة المعرفية، لكنّها تصرّ على أنها لا تدعم تموضعاً سياسياً محدداً يمثل هذا الموقع، بقدر ما توثق حاجة مجتمعاتنا المعاصرة إلى إعادة تأهيل الفضاء العام كحيز للتواضع أمام المعرفة، والانفتاح على الآخر، وتوظيف الجدل في البحث عن حلول فضلى لمشكلات العالم. لكن هذا الطرح يثير بدوره سؤالاً أخلاقياً محوريّاً: هل يمكن للعقل المرن غير المدجج بالآيديولوجيا أن يواجه الاستبداد والفاشية؟ أم أن هذه المرونة نفسها قد تكون مدخلاً للتّراخي والتكيف مع الشر؟

هذا التحدي الفلسفي الذي يطرحه الكتاب - ولا يحسمه - يعيدنا إلى الجدل (في الغرب) حول تجارب الفاشيات في النصف الأول من القرن العشرين وكيف تورط ملايين من الأشخاص العاديين في تنفيذ سياسات أنظمة متطرفة وخاضوا من أجلها حروباً تدميرية لم يسبق لها مثيل في أعداد الضحايا وحجم الخراب.

ينطوي الكتاب على نغمة شخصية مؤثرة، إذ تتحدث زميغرود عن أصولها المتعددة والمتوزعة بين اللغات والثقافات والقارات، وتجد أن هذا التعدد هو ما جعلها حساسة للآيديولوجيا كمشروع إقصائي، وعنصر تهديد للهويات المعقدة والهجينة، مما يكسب مشروعها الفكري هذا صيغة نضال إنساني يسعى إلى حماية الفرد من اختزال تكوينه المعقد والمتعدد من قبل التطرفات العقائدية.

إن «الدماغ المؤدلج» عمل متقدّم في تفكيك ظواهر التطرف والاستقطاب الحاد التي تطبع تعاطي السياسة في هذا المنعطف من التاريخ، ويمتاز بجمعه الشيّق بين علم الأعصاب والتاريخ والفلسفة السياسية. لكنه في الوقت نفسه، لا يقدّم للقارئ أية إجابات سهلة، بل يورطه في إشكاليات مشرّعة على التفكير حول معاني الحرية، والإرادة، والعيش الأفضل في مجتمعاتنا المعاصرة.

*The Ideological Brain: A Radical Science of Susceptible Minds by Leor Zmigrod, Viking, 2025