«أطروحات في قلب رؤية 2030»

أصبحت واقعا ملموساً

«أطروحات في قلب رؤية 2030»
TT

«أطروحات في قلب رؤية 2030»

«أطروحات في قلب رؤية 2030»

يأتي صدور كتاب «أطروحات في قلب رؤية 2030. أوراق استشرافية أصبحت واقعاً ملموساً» في توقيت مهم، وذلك عقب مرور ثمانية أعوام على إطلاق رؤية السعودية 2030. فالكتاب من تأليف الدكتور عبد الوهاب بن عبد الله الخميس، وكتب تمهيد الكتاب وزير الصحة المهندس فهد الجلاجل، وتوطئته وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة.

يُوثِّق الكتاب أثر رؤية السعودية 2030 في تجاوز أكثر من 15 تحدياً تنموياً مرتبطة بقطاعات الصحة والتأمين، والتخصيص، والتمويل، والمالية، كانت السعودية تواجهها قبل إطلاق رؤية 2030؛ وكيف تم تجاوزها بعد إطلاقها. هذه التحديات سبق للكاتب أن تحدّث عنها، وقدَّم حلولاً لتجاوزها قبل إطلاق رؤية السعودية 2030؛ وتحوَّلت تلك الأحلام والحلول التي قدَّمها الكاتب إلى واقع ملموس بعد الرؤية. فنهاية كل فصل من فصول الكتاب تحتوي عنواناً فرعياً بعنوان «ماذا تمَّ بعد رؤية السعودية 2030؟»، الذي تتم الإشارة من خلاله إلى أثر الرؤية في تجاوز التحدي المرتبط بذلك الفصل. كما تم وضع جدول في نهاية الكتاب يُوثِّق متى تمَّ التطرق لتلك التحديات قبل الرؤية وتاريخ تحققها بعدها بناء على أمر سَامٍ أو قرار مجلس الوزراء.

ويمكن تقسيم الأطروحات الاستشرافية التي تناولها الكتاب إلى قسمين: القسم الأول: تحديات مرتبطة بالقطاع الصحي والمالي والتأميني، وكيف أسهمت الرؤية في ردم الفجوة التنموية وتحقيق إصلاح تنموي عبر حوكمة تحكم العمل الحكومي. أما القسم الثاني فيتناول إنشاء كيانات (هيئات، ومراكز، ومعاهد) سبق أن دعا الكاتب إلى تأسيسها قبل الرؤية وأصبحت واقعاً بعدها.

ومن أجل وضع السياق الصحيح للكتاب، يتناول أول فصوله الحديث عن حوكمة رؤية السعودية 2030. وكيف أسهمت مع وجود مؤشرات أداء محددة تدعم حكومة التنفيذ مع الإشارة إلى بعض التحديات مع إطلاق الرؤية. ويؤكد الكتاب أن الرؤية أسهمت في إعادة ترتيب الأولويات الوطنية وردم الفجوة بين مختلف الجهات الحكومية والخاصة والحدّ من الازدواجية بين مختلف القطاعات، وهي من التحديات التنموية التي ما زال يُعاني منها الكثير من الدول العربية وغير العربية. بينما يتناول الفصل الثاني بعض التحديات التي تواجهها وزارة الصحة قبل رؤية السعودية 2030 والقطاع الصحي بشكل عام وكيف تم تجاوزها بعد الرؤية. فمن العبارة الجميلة التي ذكرها المؤلف «فشعور أكثر من رائع اليوم أن يشعر المواطن أو المقيم بأن أحد أهم أجندة معالي وزير الصحة المهندس فهد الجلاجل - مشكوراً - المساهمة في رفع متوسط أعمارهم وبقائهم أصحاء من 77.6 عام (عام 2022) إلى 80 عاماً (عام 2030) بدلاً من أن يقتصر دور معاليه - كما كان الحال قبل رؤية 2030 - على علاجهم».

أما الفصل الثالث، فيتناول أنماط الميزانيات وكميزانية البنود المعمول بها والميزانية المبنية على الأداء والفروقات بين ميزانية البنود المبنية على المدخلات والميزانية المبنية على المخرجات والأداء كميزانية البرامج، مع ذكر بعض الأمثلة وهو ما تحقق بعد رؤية المملكة في برنامج التحول المالي، الذي يسعى لتحويل تكلفة الإنفاق إلى استثمار في الإنسان والاقتصاد. كما يتناول الفصل الرابع التأمين الصحي في إطاره الشمولي، ومفاهيم التأمين الصحي في السعودية، والأسباب التي دعت المؤلف للتنبؤ بعدم استمرارية تأمين المعلمين قبل انتهاء العمل به، بينما نجح توحيد التأمين بين الهيئات الحكومية. ويتناول الفصل الخامس أنماط التأمين الصحي في بعض الدول. وما المحفزات التي دفعت لأن يصبح تأمينها الصحي في صورته الحالية؟

أما الفصل السادس فيتناول التحديات التي تواجه سوق التأمين قبل رؤية 2030، وما تحقق بتوحيد جهوده تحت هيئة واحدة تتولى دعم صناعية التأمين بكل صوره. أما الفصل السابع فيتناول حديثاً موسعاً عن تعريفات الخصخصة، وأنواعها، وما هي أفضل الطرق لتحقيق الخصخصة في القطاع الصحي (الخصخصة الذكية)؟ أما الفصل الثامن والفصل التاسع والفصل العاشر فيتحدث كل فصل عن أهمية إيجاد مركز للإحالات (الفصل الثامن)، ومعهد للأبحاث الطبية (الفصل التاسع)، وهيئة للجودة الصحية (الفصل العاشر)، وكلها تحققت بعد رؤية السعودية 2030.

أما الفصل الحادي عشر، فيتناول تمويل الخدمات الصحية على مستوى دول الخليج العربي مع تحديد أهم الخصائص لدول الخليج، التي أثرت في تمويل خدماتها الصحية، ويعدُّ هذا الفصل من أوائل الأطروحات التي تحدثت عن التمويل الصحي على مستوى دول الخليج العربي.

وقد ختم الكتاب بأطروحة استشرافية جديدة تبناها المؤلف متعلقة بأثر الذكاء الاصطناعي على التخطيط المالي ومراقبة الأداء المالي ورفع كفاءة الإنفاق والأداء للجهات الحكومية، الذي تمنى المؤلف أن نراه واقعاً نعيشه قريباً. واستطرد بالقول إن أحلامنا تتحقق بأسرع مما نتوقعه، كما أن روح رؤية السعودية 2030 تتوافق معه.

فما يميز الكتاب أنه رُوعي في تصميمه مساعدة القرّاء غير المتخصصين على فهم بعض مفاهيم التأمين الصحي، والتمويل، والتخصيص، وأنظمة وسياسات الرعاية الصحية. فمثلاً يتطرّق الكتاب إلى محفزات التأمين الصحي ومنطلقاته لبعض دول العالم، وكيف أصبح تأمينها الصحي بصورته الحالية. كما يتطرّق إلى مواضيع التخصيص (الخصخصة) والشراكة مع القطاع الخاص (PPP) وأنواعها والموقف الصحيح منها. ويحتوي الكتاب على فصل فريد من نوعه يتحدث عن أثر خصائص ومميزات دول الخليج العربي على آلية تمويلها لخدماتها الصحية بصورة يسهل على القارئ غير المتخصص فهمها.

ويأتي عمق الطرح في الكتاب مع سهولة عرض المعلومة من كون المؤلف عمل في برامج الرؤية منذ انطلاقتها وجمع بين الخبرة العملية الطويلة في مناصب تنفيذية مع الخبرة الأكاديمية والبحثية مما أعطى الكتاب صبغة العرض العلمية الرصين سهل الفهم مع الحلول العملية في التنفيذ.


مقالات ذات صلة

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

كتب دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

يضم الكتاب مجموعة من البحوث والدراسات الأكاديمية وموضوعات وقراءات تتعلق بالجانب الاجتماعي - الاقتصادي

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق الروائيّ اللبناني جبّور الدويهي (فيسبوك)

كيف أمضى جبّور الدويهي يومه الأخير؟

عشيّة الذكرى الثالثة لرحيله، تتحدّث عائلة الروائيّ اللبنانيّ جبّور الدويهي عن سنواته الأخيرة، وعن تفاصيل يوميّاته، وعن إحياء أدبِه من خلال أنشطة متنوّعة.

كريستين حبيب (بيروت)
ثقافة وفنون ليلى العثمان تقتحم باسمها الصريح عالم روايتها

ليلى العثمان تقتحم باسمها الصريح عالم روايتها

رواية «حكاية صفية» للروائية الكويتية ليلى العثمان الصادرة عام 2023، رواية جريئة بشكل استثنائي

فاضل ثامر
كتب بعض واجهات المكتبات

موجة ازدهار في الروايات الرومانسية بأميركا

الصيف الماضي، عندما روادت ماي تنغستروم فكرة فتح مكتبة لبيع الروايات الرومانسية بمنطقة فنتورا بكاليفورنيا

ألكسندرا ألتر
كتب الرواية الخليجية... بدأت خجولة في الثلاثينات ونضجت مع الألفية

الرواية الخليجية... بدأت خجولة في الثلاثينات ونضجت مع الألفية

يتناول الناقد والباحث اليمني د. فارس البيل نشأة وجذور السرد الإبداعي في منطقة الخليج وعلاقة النص بالتطورات الاجتماعية والاقتصادية المتلاحقة

رشا أحمد (القاهرة)

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق
TT

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

دراسات اجتماعية - اقتصادية مع التركيز على العراق

صدر حديثاَ للباحث د. هاشم نعمة فياض، كتاب بعنوان «موضوعات اجتماعية - اقتصادية معاصرة مع التركيز على حالة العراق»، عن دار أهوار للنشر والتوزيع في بغداد، وهو يقع في 224 صفحة.

ويضم الكتاب مجموعة من البحوث والدراسات الأكاديمية وموضوعات وقراءات تتعلق بالجانب الاجتماعي - الاقتصادي مع التركيز على حالة العراق. ويعالج الكتاب قضايا مثل نمو سكان المناطق الحضرية في العراق وآثاره الاجتماعية والاقتصادية، وكذلك يتناول الكتابات الماركسية الجديدة والنمو الحضري في البلدان النامية، اللاجئون العراقيون في أوروبا: تحليل مقارن، اتجاهات الهجرة الطلابية من البلدان العربية وتحولاتها، تزايد حاجة أوروبا للعمالة المهاجرة، العلاقة بين الخصوبة السكانية ومكانة المرأة في المجتمع، العراق مثالاً، وجفاف الدلتا في العراق وآثاره.

ومن المواضيع الأخرى صعود الليبرالية الجديدة وسقوطها، والعلاقة بين الديمقراطية والتنمية، والتعافي الاقتصادي بعد الجائحة، وعصر التنوير والجغرافيا، والجغرافيا والثقافة، وغيرها.

ويقول المؤلف إن هذه الموضوعات كُتبت أو تُرجمت في أوقات مختلفة، وارتأى جمعها في كتاب واحد لتكون في متناول الباحثين والقراء عموماً.

يركز الباحث على تحليل تطور نمو سكان الحضر في العراق زمانياً ومكانياً، ويمهد لذلك بخلفية نظرية تخص التحضر الهامشي وعلاقته بتوسع النظام الرأسمالي، ويتناول توزيع سكان الحضر على مستوى المحافظات، ويحلل مكونات النمو الحضري خصوصاً الهجرة الريفية - الحضرية إلى المدن الكبيرة مثل بغداد، ومدى مساهمتها في تضخم عدد سكانها، ويدرس الهجرة القسرية، ويتوقف عند التأثيرات الاجتماعية والاقتصادية التي نتجت عن نمو سكان الحضر وما أفرزته من مشكلات كبيرة على مستوى أزمة السكن، خصوصاً السكن العشوائي والفقر والبطالة، ومساهمة ذلك بعد عام 2003 في تغذية الموقف السلبي من قبل الشباب تجاه الأحزاب الدينية والسياسية الحاكمة، وعلاقة ذلك باندلاع «انتفاضة تشرين 2019»، كما يعالج إشكالية هيمنة المدن الكبيرة على الشبكة الحضرية ونتائجها.

وبالنسبة إلى هجرة العراقيين يذكر الباحث أن هناك كثيراً من الأسباب المتشابكة التي تقف وراء موجات هجرة العراقيين القسرية في مراحل مختلفة من تاريخ العراق. ولعل أبرز الأسباب يكمن في فشل الدولة العراقية الحديثة والخلل في بناء الدولة - الأمة، وعدم الاستقرار السياسي نتيجة تعاقب الأنظمة المستبدة الفاقدة للشرعية التي وصلت إلى السلطة عن طريق الانقلابات العسكرية، وإقامة نظام الحزب الواحد المتمثل في حزب البعث وانتهاجه سياسات القمع السياسي والفكري والتبعيث القسري والتمييز القومي والديني والمذهبي والمناطقي، والحروب الداخلية والخارجية التي ساهم هذا النظام في اندلاعها، وكذلك احتلال العراق في عام 2003 وما تبعه من تفكك مؤسسات الدولة وإقامة نظام يتبنى المحاصصة الطائفية والإثنية، وشيوع ظاهرة الإرهاب والفساد وارتفاع معدلات البطالة وتدني الخدمات الأساسية، مما دفع آلاف العراقيين وخصوصاً الشباب، إلى طلب اللجوء لأوروبا خاصة.