فيصل بن سلمان: المصادر الأولية ينابيع متجددة من شأنها تجديد المعارف

طبعة ثانية في الأسواق من كتاب «إيران والسعودية والخليج سياسة القوة»

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب
TT

فيصل بن سلمان: المصادر الأولية ينابيع متجددة من شأنها تجديد المعارف

غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

صدرت عن «دار جداول» الطبعة الثانية من كتاب «إيران والسعودية والخليج سياسة القوة في مرحلة انتقالية 1968 - 1971» للمؤلف الأمير فيصل بن سلمان بن عبد العزيز.

قدّم الأمير فيصل بن سلمان الطبعة الثانية بمقدمة جديدة، أجاب فيها على سؤال؛ لماذا هذه الطبعة؟ ذكر فيها أن «هذا الكتاب يُمثِّل جزءاً رئيساً من أطروحته لنيل درجة الدكتوراه من جامعة أكسفورد البريطانية، وأن الأمر لا يرتبط بالضرورة بنفاد الطبعة الأولى المحدودة جداً من الأسواق (2000 نسخة)، ولا بمتغيرات إقليمية تتعلق بالعلاقات السعودية - الإيرانية أو غيرها، وإنما لسببين عريضين، تميَّز بهما هذا المخطوط من وجهة نظره الشخصية، رغم جوانب نقصه الكثيرة ومحدودية إطاره الزمني».

وبيّن الأمير فيصل بن سلمان أن «السبب الأول يرتبط بمنهج البحث، حيث حاول الباحث فهم الأوضاع الإقليمية من منظور القوى الإقليمية ذاتها، وليس القوى العالمية. بل إنه، في ظروف تاريخية محددة، تكون القوى الإقليمية هي التي تقود سياسات القوى العالمية، وليس العكس حسب المفهوم السائد. حدث ذلك في الفترة التي غطّاها البحث من تنامي القوة العسكرية الإيرانية والقوة السياسية السعودية من جهة، وانشغال الولايات المتحدة الأميركية بحرب فيتنام، وانكماش النفوذ البريطاني لأسباب اقتصادية داخلية مزمنة، فكانت القدرة على إعادة ترتيب شؤون الإقليم لإيران والمملكة العربية السعودية سانحة بدرجة أكبر من أي وقت مضى».

وأضاف قائلاً: «مَن ينظر لعالم اليوم يُدرك أننا نمرُّ بمرحلة انتقالية يتشكَّل فيها عالم جديد بقوى متعددة، وإن كان بدرجات متفاوتة في القوّة، وتغيُّر في مفهوم القوة، من مفهوم ثنائي ينظر إلى القوة العسكرية والاقتصادية إلى مفهوم ثلاثي الأبعاد يضم إلى جانب ذلك القوة المعرفية والثقافية، أو ما يسمى بـ(القوة الناعمة). هذا التشكّل لا يخصّ منطقة الخليج العربية، أو الشرق الأوسط، وإنما يشمل أقاليم العالم المتعددة من أوروبا، وآسيا الوسطى، وجنوب شرق آسيا، وأميركا اللاتينية وغيرها. كما لاحظنا أن تلك التحوّلات في نظام القوى العالمية أصبحت محل حوارات ونقاشات تُعيدنا إلى أطروحات عقود خلت من حوار عالم اقتصادي مجزّأ إلى شمال وجنوب، وحالة سياسية تبحث عن بديل لنظام القطبية الثنائية أثناء الحرب الباردة، وطرح مفهوم عدم الانحياز اليوم لا يختلف في منطلقاته عن سياسات جواهر لال نهرو في الهند أو سوهارتو في إندونيسيا. لذلك نحن بحاجة اليوم إلى فهم أعمق لدوافع ومحركات سياسات القوى الإقليمية وحاجاتها السياسية والاقتصادية بشكل متجدّد ومنفتح في مختلف مناطق العالم».

وبيّن الأمير فيصل بن سلمان أن السبب الثاني لإعادة الطباعة يعود إلى تقييم مصادر البحث، حيث لاحظ مؤخراً قلة اهتمام كثير من الباحثين العرب في موضوعات ما يُسمى بـ«التاريخ المعاصر» أو الدراسات السياسية الإقليمية بالمصادر الأولية وتجديدها، واللجوء إلى تحليلات واستنتاجات دراسات دولية، سواء لأسماء كتَّاب لامعين، أو دراسات لمراكز بحوث شهيرة. وأدى هذا في كثير من الحالات إلى خلط بين المعلومة والاستنتاج، والوقائع والآراء. وبالتالي، إلى ضعف في التحليلات النهائية لتلك الدراسات. وذكر أن المصادر الأولية بأنواعها، كالوثائق الحكومية، أو المقابلات الشخصية، أو السير الذاتية، هي ينابيع متجددة من شأنها تجديد المعارف المتصلة بالموضوعات محل الدراسات، كما تُجدِّد ينابيع المياه جريان الأنهار والجداول. و«أكاد أجزم أنَّ مصادر البحث الأوّلية متاحة للباحثين في الموضوعات المعاصرة اليوم في منطقتنا العربية أكثر من أي وقت مضى، فكثير من الحكومات تنشرُ كثيراً من وثائقها بشكل أكثر أريحية واستجابة لحاجات البحث الأكاديمي، كما أن تطوُّر التقنية ومحرّكات البحث، وقيام كثير من صنَّاع القرار بتوثيق تجاربهم يُحتِّم على الباحثين تقليل الاعتماد شبه الكليّ على مخرجات الأرشيفات الحكومية البريطانية والأميركية والروسية والعثمانية وغيرها بشكل عام، لفهم ما كان يدور في منطقتنا».


مقالات ذات صلة

معرض الرياض الدولي للكتاب يختتم 10 أيام من الاحتفاء بالكتاب والثقافة

يوميات الشرق جذبت فعاليات المعرض وأنشطته الثرية والمتنوعة أكثر من مليون زائر (هيئة الأدب)

معرض الرياض الدولي للكتاب يختتم 10 أيام من الاحتفاء بالكتاب والثقافة

بحلول مساء يوم (السبت) انقضت الأيام العشرة من فعاليات معرض الرياض الدولي للكتاب 2024، وتم إسدال الستار على المعرض الذي انطلق تحت شعار «الرياض تقرأ».

عمر البدوي (الرياض)
ثقافة وفنون جانب من توقيع اتفاقية ونشر عدد من الكتب الصينية للعربية بين «دار كلمات» وجامعة الدراسات الأجنبية ببكين (الشرق الأوسط)

اتفاقية لترجمة الثقافة الصينية ونشرها في الخليج

يشمل الاتفاق ترجمة الكتب الفلسفية والتاريخية التي تعنى بالجانبين الصيني والعربي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
كتب ميشيل فوكو

من «إيخمان في القدس» إلى «من أجل السماء»

حين تكون الضحية نتاجاً لثنائية متضامنة: غياب العقل وعبثية الشر.

شرف الدين ماجدولين
كتب محمد مبوغار صار

القائمة الأولى لـ«الغونكور»... حضور مميّز للكتاب الأفارقة

بعد أيام من انطلاق الموسم الأدبي، كشفت أكاديمية «الغونكور» عن القائمة الأولى للكتاب المرشحين للفوز بالجائزة الأدبية هذه السنة.

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب غلاف الرواية

الكاتبة السعودية عائشة مختار في «الريح لا تستثني أحداً»

تقدم الكاتبة السعودية عائشة مختار عملها «الريح لا تستثني أحداً» بوصفه «مُتتالية قصصية»، ينهض معمارها على فن القصة القصيرة المُكثفة

منى أبو النصر (القاهرة)

تاريخ سوريا السياسي خلال مائة عام

تاريخ سوريا السياسي خلال مائة عام
TT

تاريخ سوريا السياسي خلال مائة عام

تاريخ سوريا السياسي خلال مائة عام

عن «مركز جسور للدراسات»، وهو مركز سوري أسسه ويديره محمد سرميني، ومقره الرئيسي في تركيا، صدر كتاب بعنوان «الأحزاب السياسية في سوريا 1924 - 2024»، وهو من إعداد وتحرير وائل علوان ورياض الحسن، وكلاهما باحثان في المركز، إضافة لمشاركة فريق من الباحثين والمختصين ضمن عمليات الإعداد والمراجعة والتحرير.

يقع الكتاب في 3 أبواب رئيسية، الباب الأول منها يحلل الحياة السياسية وظواهرها في سوريا من واقع النظر إلى الأحزاب السياسية القائمة حالياً، ثم يذكر أهم التحالفات السياسية التي تشكلت الأحزاب السورية ضمنها، ثم الباب الثاني والثالث يقدم فيه الكتاب بمنهج وصفي المعلومات الرئيسية لكل حزب من ضمن أحزاب الكتاب التي بلغ عددها 134 حزباً، يوزعها الكتاب بين هذين البابين، فيرد في الأول منهما الأحزاب قبل عام 2011، وعددها 42 حزباً، ثم يأتي الباب الأخير الذي يضم الأحزاب التي نشأت بعد عام 2011 وعددها 92 حزباً.

يرتب الكتاب في بابيه الثاني والثالث الأحزاب السياسية ضمن فصول، حيث يجمع كل فصل الأحزاب السياسية ذات التوجه الواحد، ويرتب الفصول أو التوجهات حسب ظهورها وتأسيس الحزب السياسي الأول فيها، ثم يورد الأحزاب ذات التوجه ذاته مراعياً العامل الزمني في ترتيبها.

يجد القارئ المعلومات الرئيسية عن كل حزب، تبدأ بتاريخ تأسيسه ثم المؤسس وظروف التأسيس، والزعماء الذين توالوا على قيادة الحزب وأهم الشخصيات السياسية البارزة فيه، ثم الحالة التنظيمية والأحداث الرئيسية في مسيرة الحزب من الانقسامات أو الاندماجات أو الخلافات... ثم يستعرض الكتاب تعريف الحزب لنفسه بإيجاز مبيناً الهوية السياسية والفكرية المعلنة له، ويختم كل حزب بتموضعه في خريطة الاصطفافات السياسية الحالية، مشيراً إلى ارتباطه مع أطراف الصراع في سوريا (النظام أو المعارضة أو الإدارة الذاتية).

وجاء في المقدمة أن الكتاب «يفتح باب المقارنة للحياة السياسية بين مرحلتين رئيسيتين في سوريا، تشكل فترة حكم البعث جدار الفصل بينهما، الأولى فترة تنوع الحياة السياسية التي أنشأت الأحزاب التقليدية (الشيوعية والقومية باتجاهاتها المتعددة والإسلامية والليبرالية)، والثانية بعد عام 2011 حيث بدأت الحياة السياسية تعود للتنوع من جديد، بما تبقى من الأحزاب التقليدية، أو في الأحزاب الناشئة»، و«تكمن ضرورة المقارنة في رصد حجم الجمود أو التغيير الذي طرأ على التوجهات الفكرية للأحزاب، وعلى أدبياتها السياسية والآيديولوجية، وفي طريقة تعاملها مع الحالة الوطنية، أو مع التحولات الإقليمية والدولية».

وحسب المقدمة، فإن هناك صعوبات واجهها فريق الإعداد، أهمها «كثرة الأحزاب في الساحة السياسية السورية، وكثرة الانشقاقات التي كانت تتعرض لها الأحزاب السورية، خصوصاً الأحزاب الكردية، وقلة المصادر والمراجع التي تناولت الأحزاب الحديثة، وخصوصاً التي نشأت بعد عام 2011، وضعف النشاط الإعلامي لكثير من الأحزاب، فضلاً عن أن كثيراً من الأحزاب ليس لها مواقع إلكترونية، وبعضها ليس له نشاط على مواقع التواصل الاجتماعي، وصعوبة تصنيف جزء من الأحزاب من الناحية السياسية والفكرية، خصوصاً الناشئة بعد عام 2011، حيث نشرت في أهدافها ومبادئها أفكاراً عامة، دون أن تضع برنامجاً سياسياً محدداً يميزها عن باقي الأحزاب، ولصعوبة تصنيفها فقد ذهب الكتاب إلى أنها أحزاب ديمقراطية فقط دون أن يكون لها توجه محدد، وأدرجها ضمن الأحزاب الديمقراطية والليبرالية».

إضافة إلى ذلك، يطرح الكتاب قضايا سياسية ليفتح المجال لنقاشها، ويسميها «الظواهر»، وأهمها: صعود الأجنحة العسكرية للأحزاب السياسية، وصعود الأحزاب القومية، وصعود البعد الجغرافي في تغيير أسماء أحزاب كردية إلى كردستانية، وصعود الأحزاب المحافظة، وإشكالات في الإطار الدستوري والقانوني، وضعف تمثيل الأحزاب في المعارضة الرسمية.