«ملحمة أنيت»... سيرة مناضلة فرنسية شاركت في ثورة الجزائر

فازت بجائزة «أفضل رواية» في مؤتمر فرانكفورت للكتاب دورة 2020

«ملحمة أنيت»... سيرة مناضلة فرنسية شاركت في ثورة الجزائر
TT

«ملحمة أنيت»... سيرة مناضلة فرنسية شاركت في ثورة الجزائر

«ملحمة أنيت»... سيرة مناضلة فرنسية شاركت في ثورة الجزائر

عدة عوامل تجمعت معاً لتكسب رواية «ملحمة أنيت» للكاتبة الألمانية الفرنسية «أنّه فيبر» خصوصية شديدة، فهي من حيث المضمون، تستعيد وقائع حياة المناضلة الفرنسية آن بومانوار الشهيرة بـ«أنيت» التي كانت بطلة مقاومة النازيين في الحرب العالمية الثانية، كما ساهمت في الثورة الجزائرية. ومن ناحية الشكل، صيغت الرواية بأسلوب الملاحم القديمة، حيث كُتب النص بالكامل على هيئة قصيدة نثر بالأسطر الشعرية المعتادة.

صدر العمل عن دار «الكرمة» بالقاهرة، وترجمه عن الألمانية مباشرة المترجم سمير جريس، مستعرضاً في تقديمه له أبرز المحطات في السيرة الذاتية للناشطة الشيوعية والطبيبة بومانوار «1923 - 2022»، لافتاً إلى أنها كانت تجسيداً لقصة غير اعتيادية، فلم تكن تبلغ من العمر سوى 17 عاماً فقط حين اندلعت الحرب العالمية الثانية. انضمت إلى المقاومة الفرنسية ضد الاحتلال النازي، وأنقذت أطفالاً يهوداً في باريس. وبعد الحرب انضمت للحزب الشيوعي، ولكنها غادرته سنة 1955. استأنفت «بومانوار» دراساتها الطبية في مرسيليا وأصبحت طبيبة أعصاب ثم أستاذة كبيرة في التخصص نفسه، كما تزوجت طبيباً وصارت أماً، وعاشت حياة تكاد تكون طبيعية بمدينة مرسيليا.

ولأن النضال يجري في دمها، سرعان ما نشطت في دعم «جبهة التحرير الوطني»، وساندت ثورة التحرير الجزائرية، ما أدى إلى اعتقالها والحكم عليها عام 1959 بالسجن 10 سنوات.

في سجن «بوميت»، وُضعت في البداية في الحبس الانفرادي، ثم أصبحت مسؤولة عن تعليم السجناء القراءة والكتابة، وكذلك كتابة رسائلهم. ولأنها حامل، أطلق سراحها مؤقتاً للولادة. وبعد ولادة طفلها، هربت «أنيت» إلى تونس، وانضمت إلى جيش التحرير الوطني الجزائري. وبعد استقلال الجزائر، أصبحت آن بومانوار عضواً في ديوان وزير الصحة في حكومة الرئيس الراحل أحمد بن بلة.

اختارت المؤلفة أنه فيبر أن تروي حياة «آن بومانوار» بشكل يقارب الملاحم الإغريقية؛ إيماناً منها بأن حياتها لا تقل بطولة عن هؤلاء الأبطال الأسطوريين، فجاءت اللغة شديدة الحيوية ذات صور شعرية موحية، كما اتسمت الشخصيات بالحضور العميق، فضلاً عن الحبكة الشيقة والبلاغة. ويطرح النص العديد من الأسئلة من نوعية: ما الذي يدفع الشخص إلى المقاومة؟ ما التضحيات التي تتطلبها هذه الحياة؟ كيف تتعامل مع الشكوك والغضب؟ وما الذي يستحق القتال من أجله؟

فاز العمل بجائزة «أفضل رواية» صدرت بالألمانية في دورة 2020 من مؤتمر فرنكفورت الدولي للكتاب، حيث قالت لجنة التحكيم في حيثيات الفوز، يمكن قياس قوة حكاية أنه فيبر من خلال قوة بطلتها، مثنية على الحبكة والاسترسال في «الملحمة عن قصة حياة المقاومة الفرنسية آنه بومانوار، التي حولتها أنه فيبر بمهارة إلى رواية تجسد الشجاعة والمقاومة والنضال من أجل الحرية. إنها كتابة عن التاريخ الألماني - الفرنسي الذي يعد أساساً لأوروبا الحالية».

وُلدت المؤلفة «57عاماً» بمدينة «أوفنباخ» بألمانيا، وبعد حصولها على شهادة التعليم الثانوي انتقلت إلى فرنسا، حيث لا تزال تعيش حتى اليوم. اشتغلت أولاً مترجمةً، قبل أن تعمل في نشر نصوص خاصة بها منذ نهاية التسعينات، وهي تكتب مؤلفاتها بالألمانية تارة، وبالفرنسية تارة أخرى، ثم تقوم بنفسها بترجمتها إلى اللغة الأخرى. وقد تعرفت المؤلفة شخصياً على بطلة قصتها، وكانت بومانوار قد تأثرت بقرار فيبر الكتابة عنها.

من أجواء الرواية نقرأ:

«ولدت أنيت في (حارة سد)،

وليس هذا محض تعبير مجازي ينطبق علينا جميعاً.

بيت الجدة يسد ثغرة

في مجموعة من بيوت الصيادين

الصغيرة والبسيطة

التي تنتهي معه فجأة أمام النهر.

في كل بُيَيْت غرفة معيشة بالأسفل

وإلى اليمين واليسار غرفة تحت السقف.

(بيت جدتي) لا يعني أنها

تملكه. إنها تسكنه بالإيجار. مكان الإقامة

بائس، ولذا فالإيجار

منخفض، لكن القليل

كثير جدّاً بالنسبة إليها،

تربي أطفالها،

وقد ترملت مبكراً،

يوماً بعد يوم تسير إلى البحر عند الجَزْر

ومن دون كلل تبحث وسط الرمال المبتلة

عن الكائنات البحرية

بأشكالها المختلفة: المحار بأنواعه،

سرطان الشاطئ، حلزون البوق،

ثم تحملها في سلة على ظهرها إلى قرى كثيرة

في المنطقة، وهناك تبيعها.

أم أمها ولدت في القرن التاسع عشر

في البروتاني، أي أنها سبقتها

تقريباً بقرنين، طفلةً بين أطفال كثيرين

لفلاحين معدمين

ليس بمقدورهم سد رمق أطفالهم، ولذا

يرسلونهم واحداً بعد الآخر

ليعملوا خدماً لدى الأثرياء.

الخادمة الصغيرة التي تعتني بالبقر تعاني شظف العيش.

مدةً طويلة لا ترتدي

ـ يا لصدمة حفيدتها الصغيرة فيما بعد ـ

ملابس داخليّة. لم يكن لديها واحد.

كانت تنام على القش. أجرها السنوي

حذاء خشبي جديد،

وكل عامين تحصل

إما على عباءة ومعها زوج من الجوارب.



فهم العالم... المسعى الذي لا ينتهي

إيمانويل كانط
إيمانويل كانط
TT

فهم العالم... المسعى الذي لا ينتهي

إيمانويل كانط
إيمانويل كانط

ما حدودُ قدرتنا المتاحة والممكنة على فهم العالم؟ هل أنّ أحلامنا ببلوغ معرفة كاملة للواقع تُعد واقعية أم أن هناك حدوداً قصوى نهائية لما يمكننا بلوغه؟ يتخيّل مؤلّف كتاب منشور أواخر عام 2023 لقاءً جمع ثلاثة عقول عظيمة: الكاتب الأرجنتيني خورخي لويس بورخس، والفيزيائي الألماني فيرنر هايزنبرغ والفيلسوف الألماني إيمانويل كانط. مؤلّف الكتاب هو الدكتور ويليام إيغنتون أستاذ العلوم الإنسانية ومدير معهد ألكساندر غراس للإنسانيات في جامعة جونز هوبكنز. كتابه الأخير المشارُ إليه، صدر عن دار نشر «بانثيون» في 368 صفحة، بعنوان «صرامة الملائكة: بورخس، هايزنبرغ، كانْط، والطبيعة النهائية للواقع».

هذا الكتابُ نتاجُ عقود عدّة من القراءة والتدريس والتفكير في التداخلات المثيرة بين الأدب والفلسفة والفيزياء. يؤكّدُ المؤلّفُ أنّ نطاق تفكيره بهذه التداخلات شمل عدداً أكبر بكثير من الكّتّاب والمفكّرين غير هؤلاء الثلاثة؛ لذا يوضّحُ قائلاً: «عندما نضج الوقت لتحويل المشروع إلى كتاب ارتسمت أمامي، بقوّة طاغية لم يكن مفرٌّ من مواجهتها، أسئلة على شاكلة: كيف يتوجب علي تنظيم الكتاب؟ ومن هم أفضل الشخصيات التي يمكن عدّها تمثلاتٍ صالحة للكشف عن التداخلات بين الأدب والفلسفة والفيزياء؟ والأهمّ من هذا: كم عدد الشخصيات التي يمكن تناولها في الكتاب؟

خورخي لويس بورخس

كان طموحي المبكّر عند التفكير في تصميم هيكلة الكتاب أكثر اتساعاً مما انتهى إليه الشكل النهائي للكتاب. أغوتْني فكرة سرد حكايات عن شخوصٍ محدّدين بغية استخلاص رؤاهم من وراء تلك الحكايات؛ لكن في بداية الأمر واجهتني معضلة وجود عدد كبير من الحكايات التي يتوجب علي سردُها. خطّطتُ في بداية الأمر لتأليف كتاب يحوي إثني عشر فصلاً، مع شخصية مركزية مختلفة في كلّ فصل منها؛ أي بمعنى أنّ الكتاب سيحوي اثنتي عشرة شخصية. شعرتُ بعد تفكّر طويل أنّ الكتاب سيكون نتفاً مشتّتة تغيب معها الفكرة الأساسية التي أسعى إليها. حتى لو ظلّ يدور في مدار المشروع الفكري الذي يجولُ بعقلي. بعد ذلك استطعت السيطرة على ذلك التشتّت وكبح مفاعيله إلى حدّ ربّما يجوز لي القول معه إنّني ضيّقتُ على العدد كثيراً عندما جعلته ثلاثة وحسب. وضوحُ الفكرة أفضل من كثرة الشخصيات: هذا ما انتهيتُ إليه من قناعة».

الفكرة الأساسية التي ارتسمت أمام المؤلف طيلة حياته، وأظنّ أن كثيرين منا لهم شغف عظيم بها حتى لو لم يكونوا فلاسفة مكرّسين، هي: الكشف عن الكيفية التي يستطيع بها التفكير العميق في معضلة ما أن يقود إلى رؤى عميقة بصرف النظر عن النطاق المعرفي الخاص بالباحث. بعبارة أخرى أكثر تقنية: يمكن للمقاربات (الناعمة Soft) المعتمدة في الإنسانيات أن تقدّم استنارة عظمى للمقاربات العلمية (الصارمة Hard)، والعكس صحيح أيضاً.

في المقاربات الثلاث التي اعتمدها المؤلّف في كتابه أظنّه قدّم شاهدة تطبيقية على جوهر الفكرة الأساسية أعلاه: قراءة بورخس، وتوظيفُ بعض ما استخدمه (كانط) للتفكّر ومساءلة معضلات طرحها بورخس قادت المؤلّف على مدى سنوات عديدة إلى بلوغ فهم أعمق لما اكتشفه هايزنبرغ. يؤكّد المؤلّف في هذا الشأن: «أعتقد بقناعة مؤكّدة أنّ فهمي لإنجازات هايزنبرغ كان أفضل بعد اطلاعي على أعمال بورخس وكانْط، وما كانت لتبلغ هذا المبلغ من الفهم لو اكتفيتُ بقراءة ما كتبه هايزنبرغ ذاته بشأن منجزاته الثورية!!».

فيرنر هايزنبرغ

يبدو للقارئ المتفحّص والشغوف بالمساءلات الفلسفية أن الموضوعة الأساسية في الكتاب والتي تقود كلّ الفعالية السردية فيه هي الصراع الجوهري بين رغبتنا في المعرفة والتوق لبلوغ نوع من الإجابة «النهائية» عن أعمق أسئلتنا بشأن الوجود من جانب، واستحالة بلوغ مثل هذه الإجابات قطعياً من جانب آخر. يصرّحُ المؤلّفُ بإمكانية تلمّسِ بعض العزاء في محض محاولة بلوغ هذه الإجابات حتى مع معرفتنا المسبّقة بأننا كائنات مقدّرٌ لها مواجهة نهاية وجودية مغلقة والبقاء في متاهة الأسئلة الوجودية التي لا إجابات نهائية لها. يشيرُ المؤلّف بهذا الشأن وفيما قد يبدو مفارقة مثيرة، أنّ ما نفترض فيه أن يكون الأقل حساً شعرياً بين الثلاثة (أعني هايزنبرغ) هو الذي عبّر عن هذه المعضلة بكيفية أكثر كثافة وقوّة مفاهيمية من الاثنيْن الآخرين!!. كتب هايزنبرغ في مخطوطة له عام 1942 يقول: «قدرة البشر على الفهم لا حدود لها؛ أما (الأشياء النهائية Ultimate Things) فلا نستطيع الحديث عنها». يؤكّدُ المؤلّفُ أنّ هايزنبرغ كان يقصدُ بملحوظته هذه شيئاً ما حول ما اعتبره محدّداتٍ (داخلية) أو (جوهرية) للمعرفة البشرية. سعيُنا إلى المعرفة لا يمكن أن ينتهي لمجرّد معرفتنا بوجود هذه الحدود الجوهرية لما يمكننا معرفته. إنّ معرفة العالم على نحو كامل وتام تعني القدرة على بلوغ تلك (الأشياء النهائية) التي عناها هايزنبرغ، وهذا يستلزم الوقوف خارج إطار الزمان والمكان (أي خارج كلّ حدود الوجود البشري) بطريقة مماثلة لما تصوّره القدّيس أوغسطين والأفلاطونيون الجُدُد عن الرب باعتباره قادراً على استيعاب وحدة الوجود في كليته وخلوده. من الواضح أنّ مثل هذا التوصيف للمعرفة لا يتوافق أبداً مع أي شيء يمكننا توصيفه على أنّه معرفة بشرية. الخواص المطلقة والنهائية لا تتفق مع أي معرفة بشرية. نحن عاجزون عن بلوغ المعرفة المطلقة لا لنقص أو عيب فينا، بل لأنّ هذا العجز واحد من المظاهر الحتمية المرافقة للوجود البشري.

من المفارقات المدهشة والباعثة على التفكّر أننا نميل ككائنات بشرية، وبرغم اقتران وجودنا البشري بعدم القدرة على بلوغ الإجابات النهائية، إلى التأكّد واليقين في كلّ ما نفعله وما نتخذه من خيارات في الحياة. يؤكّدُ المؤلف أنّ هذه اليقينية أمر سيئ، وفضلاً عن سوئها فهي ليست توقّعاً واقعياً أو مرغوباً فيه. اللايقين هو الأمر الحسن؛ لأن سعينا لليقين يقود إلى الغطرسة، ومحدودية الأفق والرؤية، وإغلاق مسالك جديدة للتفكير. العلم نشاط يختص بالملاحظة والتجريب وبلوغ تفسيرات مؤقتة، وهذه التفسيرات تخضعُ لتدقيق الجماعات العلمية، وإذا دُعِمت بالأدلة فإنها تُقبلُ بوصفها أفضل تفسير لدينا حتى الآن. لكنّما العلمُ لا يرتقي في مسلكه الحثيث متى ما قلنا إنّ اللعبة انتهت وبلغ العلم حدوده النهائية: الحقيقة المطلقة.

الفكرة الأساسية التي ارتسمت أمام المؤلف هي: الكشف عن الكيفية التي يستطيع بها التفكير العميق في معضلة ما أن يقود إلى رؤى عميقة بصرف النظر عن النطاق المعرفي الخاص بالباحث

لو طُلِبَ إلى إبداءُ رأيي الشخصي في انتقاء المؤلّف لمقارباته واختياره للشخوص الممثلين لهذه المقاربات الثلاث فسأقول: مقاربة المؤلّف للواقع من بوابات الأدب والفيزياء والفلسفة هي مقاربة رائعة ومتفقة تماماً مع روح العصر الذي نعيش، ونحتاجُ تأكيداً لمثل هذه المقاربات التي تعمل على تمتين الجسور الرابطة بين الحقول المعرفية باعتبارها أنساقاً معرفية مشتبكة وليست جسوراً متناثرة. أما اختيار المؤلّف للشخوص الممثّلة لكلّ مقاربة فكان خيارُ بورخيس موفقاً للغاية. بورخيس هو الأكثر تمثيلاً للفكر الفلسفي وملاعبة الواقع بألعابه التي اتخذت تمظهرات ميتافيزيقية بدت عسيرة على القراءة والفهم أحياناً؛ لكنّه بقي البارع دوماً في طرق مفاهيم الزمان والخلود والأبدية وأشكال الواقع المخادعة، وأظنه كان فيلسوفاً بمثل ما كان مشتغلاً ماهراً بالأدب، ولو قرأنا أعماله الفلسفية الخالصة مثل (تفنيد جديد للزمن) لشهدنا مصداقية شغفه الفلسفي. يبدو بورخس أوّلَ من ابتدع في مقالته الفلسفية تلك بدائل للزمن الخطي Linear Time، كما قدم إضاءات كاشفة لمفهوم الزمن الدوري Cyclic Time الذي له تمثلات عدّة في الثقافات القديمة وفي العديد من الأدبيات التي لطالما أشار إليها بورخس فيما كتب. لاحظوا معي النبرة الفلسفية القوية التي يكتب بها بورخس في هذه الفقرة المستلّة من مقالته: «أنكر هيوم وجود فضاء مطلق يحدث فيه كل شيء (نعيشه). أنا أنكر كذلك وجود زمن واحد تتعاقب فيه الوقائع. إنكارُ التعايش ليس أقلّ مشقة من إنكار التعاقب».

الأمرُ ذاته يسري على كانط، الفيلسوف الأكثر تمثيلاً لعصر التنوير بنتاجاته التأسيسية العظيمة التي جعلت منه مثابة عليا في الفكر البشري. ربما الاختلاف هو بشأن هايزنبرغ. لن نختلف بالتأكيد حول الجهد الفلسفي الهائل الذي عرضه هايزنبرغ في كتاباته، وليس هذا بالأمر النادر أو المثير للدهشة؛ إذ كلُّ الفيزيائيين الكبار هم بالضرورة فلاسفة عظام باستثناءات قليلة (مثل هوكنغ). يكفي مثلاً أن نقرأ مؤلفات هايزنبرغ التي ترد فيها مفردة (الفلسفة) في عناوينها؛ لكنّي - وكذائقة شخصية - أظنّ أنّ «إرفن شرودنغر» هو الأكثر تمثيلاً بين فيزيائيي القرن العشرين للإسقاطات الفلسفية على الفكر العلمي والمسعى البشري الحثيث نحو فهم الواقع.

سيكون جهداً طيباً أن نتذوّق بعض جمال صرامة هؤلاء المفكّرين، وهي صرامة نابعة من عقول جميلة، وليست بصرامة لاعبي الشطرنج كما أورد بورخيس في واحدة من ملاحظاته المثيرة.