«وين صرنا؟»... التجربة الإخراجية الأولى للتونسية درة تلفت الأنظار

خلال عرضه في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي

الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)
الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)
TT

«وين صرنا؟»... التجربة الإخراجية الأولى للتونسية درة تلفت الأنظار

الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)
الممثلة التونسية درة وعلى يمينها حسين فهمي رئيس مهرجان القاهرة السينمائي مع أبطال فيلم «وين صرنا؟» خلال عرضه الأول في المهرجان أمس (إكس)

لم تكن الحياة في غزة سهلة أو حتى طبيعية قبل حرب السابع من أكتوبر (تشرين الأول)، لكن حتى هذه الأيام يحن لها الآن الناجون من القطاع ويتمنون استعادتها، ومنهم نادين وعائلتها أبطال الفيلم الوثائقي «وين صرنا؟» الذي يمثل التجربة الإخراجية والإنتاجية الأولى للممثلة التونسية درة زروق، والذي لفت الأنظار خلال العرض في مهرجان القاهرة السينمائي الدولي.

يستعرض الفيلم على مدى 79 دقيقة رحلة نزوح نادين وطفلتيها التوأمتين وإخوتها وأمها من حي تل الهوى بمدينة غزة يوم 13 أكتوبر 2023 وصولاً إلى مصر بعد ثلاثة أشهر من بدء الحرب.

ويعتمد في مجمله على سرد أفراد العائلة في القاهرة لذكريات حياتهم في غزة قبل الحرب ومغادرتهم منزلهم قسراً بناء على أمر إخلاء من القوات الإسرائيلية، حاملين معهم أبسط المتعلقات الشخصية على أمل العودة قريباً وانتقالهم إلى مخيم النصيرات، ثم رفح.

وفي مقابل ارتياح مؤقت بالنجاة من قصف مكثف حصد آلاف الأرواح من بينهم جيرانها وأصدقاؤها، يعتصر الخوف قلب نادين بسبب زوجها عبود الذي لم يستطع الخروج مع العائلة وظل عالقاً في غزة.

ويظهر عبود في لقطات من غزة معظمها ملتقط بكاميرا الهاتف الجوال وهو يحاول تدبير حياته بعيداً عن الأسرة، محاولاً إيجاد سبيل للحاق بهم في القاهرة حتى يكلل مسعاه بالنجاح.

وفي رحلة العودة يمر عبود بشواطئ غزة التي اكتظت بالخيام بعدما كانت متنفساً له ولأسرته، والأحياء والشوارع التي دُمرت تماماً بعدما كان يتسوق فيها ويعمل ويعيل عائلته رغم الحصار المفروض على القطاع منذ سنوات، ويتساءل قائلاً: «يا الله... وين كنا ووين صرنا؟!».

وقالت الممثلة درة زروق مخرجة الفيلم قبل عرضه العالمي الأول، أمس (الجمعة)، في دار الأوبرا المصرية ضمن الدورة الخامسة والأربعين للمهرجان: «أبطال الفيلم ناس حقيقية من فلسطين... كلنا عملنا الفيلم بحب وإيمان شديد بالقضية الإنسانية اللي بنتكلم عنها».

وأضافت حسبما نقلت وكالة «رويترز» للأنباء: «حبيت أقرب منهم من الجانب الإنساني، المشاعر؛ لأنهم عمرهم ما هيبقوا أرقام، هما ناس تستحق كل تقدير، وشعب عظيم».

وينافس الفيلم ضمن مسابقة «آفاق السينما العربية» في المهرجان الذي يختتم عروضه يوم 22 نوفمبر (تشرين الثاني).


مقالات ذات صلة

«القسام» تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية 

المشرق العربي مشاهد من حيفا لنظام القبة الحديدية الإسرائيلي خلال اعتراض صواريخ أُطلقت من لبنان (أرشيفية - رويترز)

«القسام» تعلن قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية 

أعلنت «كتائب القسام» الجناح العسكري لحركة «حماس»، قصف مدينة سديروت جنوب إسرائيل برشقة صاروخية مساء اليوم السبت، فيما أكد الجيش الإسرائيلي اعتراض صاروخين.

«الشرق الأوسط» (غزة)
شمال افريقيا بدر عبد العاطي خلال محادثات مع وزير خارجية صربيا في الإمارات  (الخارجية المصرية)

مصر تؤكد مجدداً أهمية وقف التصعيد في المنطقة

جددت مصر تأكيدها على أهمية وقف التصعيد والتوترات في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
شؤون إقليمية وزير الخارجية التركي هاكان فيدان (الخارجية التركية)

تركيا تحذّر إسرائيل من توسيع حربها

حذر وزير الخارجية التركي هاكان فيدان من توسيع إسرائيل حربها في المنطقة قائلاً إن هناك دولاً أخرى ستواجه اعتداءاتها.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
المشرق العربي نازحون يتجمعون لتلقي وجبة ساخنة في مخيم البريج للاجئين في وسط قطاع غزة السبت (أ.ف.ب)

تفاقم الأوضاع الإنسانية في غزة

رغم إعلان إسرائيل فتح ممرات ومعابر طارئة مع قطاع غزة، يبدو الواقع على الأرض مختلفاً ويشير إلى تفاقم الأوضاع.

«الشرق الأوسط» (غزة)
المشرق العربي أقارب فلسطينيين قتلوا جراء قصف إسرائيلي على مناطق متفرقة وسط قطاع غزة يحملون الجثامين بتأثر (د.ب.أ)

غزة: ارتفاع حصيلة الحرب إلى 43 ألفاً و799 قتيلاً

أعلنت وزارة الصحة التابعة لـ«حماس»، في غزة، اليوم (السبت)، أن 43 ألفاً و799 شخصاً على الأقل قُتِلوا في الحرب المستمرة منذ أكثر من عام بين إسرائيل والحركة.

«الشرق الأوسط» (غزة)

أفلام الرعب الحديثة تمنحنا شعوراً كاذباً بالأمان

«مخيف 3»: الوحش في ثياب سانتا كلوز (سينيڤيرس إنترتايمنت)
«مخيف 3»: الوحش في ثياب سانتا كلوز (سينيڤيرس إنترتايمنت)
TT

أفلام الرعب الحديثة تمنحنا شعوراً كاذباً بالأمان

«مخيف 3»: الوحش في ثياب سانتا كلوز (سينيڤيرس إنترتايمنت)
«مخيف 3»: الوحش في ثياب سانتا كلوز (سينيڤيرس إنترتايمنت)

الفيلم الذي اعتلى القمّة هذا الأسبوع عنوانه «Terrifier 3»، وهو فيلم رعب عن قاتل يرتدي ثياب «سانتا كلوز» ويصطاد ضحاياه في «عيد الميلاد». في الجوار من بانكوك وحتى القاهرة، ومن أوسلو إلى طوكيو حفنة كبيرة من أفلام الرعب من بينها، على سبيل المثال فقط «لا تتكلم شراً» (Speak No Evil)، «ابتسم 2» (Smile 2)، «لا تدعه يفلت» (Never Let Go)، «رأس أبي» (Daddy‪’‬s Head)، و«بوغمان» (Bogman) من بين أخرى كثيرة. كل واحد من هذه الأفلام هو إما عن وحوش غير منظورة أو عن بشر مُصابين بعاهات نفسية خطرة.

من الطبيعي التساؤل عن السبب. ليس السبب في وجود هذا الكمّ الكبير من الأفلام المنتمية إلى هذا النوع (قرابة 90 فيلماً أميركياً يذهب معظمها إلى المنصّات إما مباشرة، أو بعد عروض سينمائية قصيرة) فهي متوفرة لأن هناك جمهوراً كبيراً لها، بل لماذا هذا الإقبال عليها.

أفلام الأذى

قبل سنوات قليلة كتب هذا الناقد جواباً على هذا السؤال مفاده أن الناس تحب أن تخاف لأنها تدرك أن ما يقع على الشاشة لا يمكن أن يؤذيهم. سيخيفهم، إذا كان الفيلم جيداً، لكن العنف والقتل والطعن (الذي هو أكثر عنفاً من القتل بإطلاق النار، لذلك لا نجد في هذه الأفلام وحشاً أو شريراً يقتل بمسدس) سيبقى على الشاشة ولن ينتقل إلى الجمهور الذي يشاهد وهو يتسلى بالـ«بوب كورن».

هذا كان صحيحاً ولا يزال. لكنَّ هناك أسباباً أخرى نشطة، وتلك الطمأنينة الطاغية ليست سوى حالة ظاهرة. هناك المزيد مما يجعل انجذاب الجمهور الذي لا يتجاوز الثلاثين سنة من العمر غالباً مشدوداً إلى هذه النوعية من الأفلام.

لكن قبل الخوض في ذلك، ليس هناك من فعلٍ بلا رد فعل. لذا يحمي المشاهد نفسه إما بوجبة طعام مع مشروب ما، أو تلجأ الفتاة إلى كتف صديقها حتى تحتمي به، مما يجعله يشعر بتفوّق ذكوري، أو يُغمض عينيه حتى لا يرى.

‫هذا من البديهيات. الأعمق إيذاءً هو الخروج من الأفلام (على تكرار مشاهدتها) بدرجة أقل من الثقة بالنفس وبالمحيط المجتمعي. الخوف من السير ليلاً، حتى في أحياء آمنة. الخوف من الغرباء حتى ولو كانوا مسالمين. الخوف من الوحدة أو اللجوء إليها، وكل ذلك وسواه تحسباً لأن يتكرّر ما شوهد في أفلام الرعب. في أسوأ الأحوال سيصبح أكثر انطواءً، كما في تفسير نشرته مجلة «Psychology Today» قبل عامين.‬

في أكثر من فيلم حديث يتلاعب الموضوع الماثل مع قناعتك

المجرم الذي عاد

حبكات مختلفة ومشاهد معيّنة تتوارد فيما لو كانت الأشجار القريبة تُخفي قاتلاً راصداً كما في (In a Violent Nature) «في طبيعة عنيفة» لكريس ناش. أو فيما لو ارتاب أحدنا بعائلة انتقلت إلى المنزل المجاور أو أخرى استضافته (Longlegs) «سيقان طويلة». القاتل المتسلسل الذي لا يعرف الرأفة قد يكون زميلاً في العمل أو شبحاً في الظلام (Oddity) «حادث غريب»، أو دمية تُبث فيها الروح.

حسب مجلة «The Scientist» (في عدد صدر هذا الأسبوع) تتأثر الأعصاب في جزءٍ من الدماغ مسؤول عن التصرف عدائياً من حيث لا يدرك المُشاهد. من صفات هذا التأثير أن يشعر المُشاهد المُدمن على هذه الأفلام بالتوتر والخوف والغبطة معاً.

‫كل هذا يؤدي بنا إلى إعادة البحث عن الأسباب. هنا لن نجد أسباباً لها علاقة بالفن على الرغم من أن كثيراً منها جيد التنفيذ (وكلما كان جيد التنفيذ ازداد خطره)، كما الحال في «The Shining»، أو «In a Violent Nature»، أو «‬‪28 ‬»، و‫حتى سلسلتي «هالووين»، و«كابوس شارع إيلم»، (Nightmare at Elm Street).‬

هناك احتمال أن بعض المدمنين على هذه الأفلام لديهم خلفيات مريعة وقعت لهم تركتهم غير قادرين على نسيانها ما يدفعهم للانتقال إليها مجدداً (على طريقة «المجرم الذي لا بد أن يعود إلى مكان الجريمة»).

الشعور بأن هناك مسافة آمنة يجعل البعض الآخر يُقبل على تلك الأفلام ليشعر بالثقة. الحالة هنا تُشبه حالة أحدنا إذا ما وقف أمام قفصٍ فيه حيوان مفترس، وهذا قفز فجأة كما لو كان يريد الوصول إليه مخترقاً القضبان. في الوهلة الأولى سيقفز الشخص إلى الوراء غريزياً لأنه يريد أن يحمي نفسه تماماً. بعد ذلك سيبتسم مستعيداً ثقته بأن لا شيء سيحدث له ما دام الخطر موجوداً داخل القفص وليس خارجه.

الخوف هو رد فعلٍ طبيعي. دائماً ما نحاول درء أي خطرٍ محدق. قد نتعرض له.

في أكثر من فيلم حديث يتلاعب الموضوع الماثل مع قناعتك. تهز إيمانك الروحاني (The Omen)، تحذّرك من طفل يسكنه شيطان، أو من قوى غيبية ترصد أنفاسك (Quiet Place‪:‬ Day One). تقترح عليك أن الدنيا ليست آمنة والمستقبل كذلك.