شاشة الناقد: «فيلم نوار»

واكين فينكس في «جوكر: جنون ثنائي» (وورنر)
واكين فينكس في «جوكر: جنون ثنائي» (وورنر)
TT

شاشة الناقد: «فيلم نوار»

واكين فينكس في «جوكر: جنون ثنائي» (وورنر)
واكين فينكس في «جوكر: جنون ثنائي» (وورنر)

JOKER: FOLIE À DEUX ★★★★

جزء جديد من «ذَ جوكر» مع واكين فينكس وليدي غاغا

الولايات المتحدة | مهرجان ڤينيسيا

كل ما لا تتوقعه من فيلم جديد عن شخصية «جوكر»، الشرير الأول في عالم «باتمان» يحدث في هذا الفيلم. على عكس أفلام الكوميكس، ليس عن بطولة خارقة وعلى عكس «جوكر» الأول، ليس كذلك عن تأسيس ثم جرائم آرثر فليك (واكين فينكس) التي تقع أمام العين كما الحال في الفيلم السابق.

أكثر من ذلك، هو فيلم ميوزيكال. تخيّل الشرير الذي روّع غوثام سيتي يغني ثم تخيل أن من يغني هو واكين فينكس. ليدي غاغا تشترك معه في الغناء وتغني وحدها. هذا يبدو طبيعياً كون الغناء هو مهنتها الأولى، لكن فينكس؟ جوكر؟

هذا ليس كل ما هو مختلف هنا: جوكر حبيس في سجن بانتظار محاكمته. غالبية الأحداث تقع في السجن. كونه مجرماً لا يتورع عن شيء وداهية كما عودتنا كل تلك الأفلام السابقة مع باتمان وبدونه، يجعلك تتوقع هروبه من السجن، لكن للخيال حدود وهو لا يستطيع الفكاك ولا يفكّر أساساً فيه. في النصف الأخير من الساعة، تُتاح له فرصة الهرب بعدما ساعدته المرأة التي يحب (غاغا) بتفجير سيارة في المحكمة التي أصدرت حكمها بإعدامه. لكن هروبه، مستغلاً الفوضى والدمار لا يستمر إلا لفترة وجيزة. بعد ذلك هو في السجن بانتظار الموت.

لا أستطيع البوح هنا عما إذا سيأتيه ذلك الموت أو لا، لكن النهاية بدورها مفاجئة.

الكاتب والمخرج تود فيليبس، الذي أنجز الجزء الأول (أكثر من مليار دولار سنة 2019)، يخلع عن بطله كل علامات الدهاء. كل الألاعيب والكثير من الشر. في الصّميم، قد يكون أي شخص آخر لولا حاجة الفيلم لاسمه. جوكر ليس لديه نكات يطلقها في هذا الفيلم، أو كما تخبره غاغا في حوار، «فقد الخيال». ما الذي حدث له؟ هل أفاقَ من وهم عاشه سابقاً؟ هل طوّعه السجن وظروفه واضطهاد الحرس له؟ نعم جواباً على هذين السؤالين، لكن هذا لا يمنعه من السعي للبقاء حيّاً. يتحوّل في محاكمته إلى المهرج الذي تعودنا عليه لكن من دون الخوف منه. يرتدي البذلة الحمراء ويلطخ وجهه بالألوان ويدافع عن نفسه أمام المحلّفين والقاضي.

في حين تبذل غاغا جهدها لتكون ندّاً لواكين فينكس، لكن هذا يوفّر التمثيل الذي لا يُضارى. المنافس الوحيد في تجسيد هذه الشخصية هو جاك نيكلسون كما ظهر في نسخة تيم برتون «باتمان» سنة 1989.

الوجهة التجارية مجهولة تماماً: قد ينجح الفيلم في جذب الجمهور نفسه، وقد يجذب نصفه فقط أو يسقط حال ينتشر الخبر من أن جوكر هنا أضعف من أن يدافع عن نفسه.

KNOX GOES AWAY ★★★☆

إخراج وبطولة مايكل كيتون «فيلم نوار»

حديث وجيد |الولايات المتحدة

عروض تجارية

مرّت 14 سنة منذ أن جرّب مايكل كيتون حظه في الإخراج. حدث ذلك في سنة 2008 مع «The Merry Gentleman» من بطولته وكيلي ماكدونالد لاعباً دور قاتل محترف على أهبّة الوقوع في الحب.

مايكل كيتُون في «نوكس يذهب بعيداً» (بروكستريت بيكتشرز)

فيلمه الجديد هو الثاني له مخرجاً، وكما الفيلم السابق يقوم ببطولته لاعباً أيضاً دور قاتل محترف. الاختلاف المهم هو أنه قاتل مختلف لديه أسابيع قليلة قبل أن يفقد ذاكرته تماماً، وذلك تبعاً لطبيب أخبره بأنه مصاب بنوع من الخرف الذي لا شفاء منه. هذه واحدة من مشكلتين تواجه نوكس (كيتون). الثانية هي أن ابنه مايلز (جيمس ماردسن) قتل رجلاً استدرج ابنته واعتدى عليها، وها هو يلجأ إلى والده ليساعده في «تنظيف» الجريمة. يوافق نوكس ويتوجه إلى منزل الرجل المقتول ويقتل رجلين خلال وجوده. التحرية إميلي (سوزي ناكومارا) تحقّق وتربط خيوط الحادث الذي سيؤدي إلى تحديد ما حدث، لكن نوكس في هذه الأثناء يخسر المزيد من قدرته على التذكر حتى عندما يريد تحديد كلمة بذاتها (مثلاً ينسى كلمة «الجامعة» ويقول «المدرسة الكبيرة»).

هذا «فيلم نوار»، حديث عن نهايات قاتل محترف يختلف في أنه بعيد عن التبجح وفرض الذات. ليس فيلم أكشن ولا يعمد إلى مفاتيح تشويق مفتعله. السيناريو الذكي الذي وضعه غريغوري بوارييه يتحاشى السّهل ولو أن الكتابة بحد ذاتها لا تأتي بجديد. على ذلك يعالج الكليشيهات المتداولة بفاعلية. كيتون يمنح الفيلم حرارة هادئة تزيد الاهتمام بما يقع على نحوٍ ناضج كما أن حضوره في الفيلم مُصاغ بالهدوء والتميّز نفسيهما.


مقالات ذات صلة

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما  مندوب الليل (آسيا وورلد فيلم فيستيڤال)

«مندوب الليل» لعلي الكلثمي يفوز في لوس أنجليس

في حين ينشغل الوسط السينمائي بـ«مهرجان القاهرة» وما قدّمه وما نتج عنه من جوائز أو أثمر عنه من نتائج وملاحظات خرج مهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال» بمفاجأة رائعة

محمد رُضا‬ (القاهرة)
سينما دياماند بوعبّود وبلال حموي في «أرزة» (مهرجان أفلام آسيا الدولي)

شاشة الناقد: فيلمان من لبنان

أرزة هي دياماند بو عبّود. امرأة تصنع الفطائر في بيتها حيث تعيش مع ابنها كينان (بلال الحموي) وشقيقتها (بَيتي توتَل). تعمل أرزة بجهد لتأمين نفقات الحياة.

محمد رُضا (لندن)
يوميات الشرق الفنان المصري أحمد زكي قدم أدواراً متنوعة (أرشيفية)

مصر تقترب من عرض مقتنيات أحمد زكي

أعلن وزير الثقافة المصري الدكتور أحمد فؤاد هنو عن عرض مقتنيات الفنان المصري الراحل أحمد زكي، ضمن سيناريو العرض الخاص بمركز ثروت ‏عكاشة لتوثيق التراث.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

شاشة الناقد: حرب ومجرم

لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
TT

شاشة الناقد: حرب ومجرم

لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)

‫ISRAEL PALESTINE ON SWEDISH TV 1958-1989 ★ ★ ☆‬

تاريخ القضية الفلسطينية على الشاشة السويدية

حسب المخرج السويدي غوران أوغو أولسن فإن هذا الفيلم استغرق 5 سنوات قبل إتمامه. 200 دقيقة من أرشيف التلفزيون السويدي الذي تابع الوضع الفلسطيني- الإسرائيلي منذ وثيقة هرتزل وتأييد بريطانيا لها حتى عام 1989 الذي كانت القضية ما زالت تبرح مكانها ما بين نازحين فلسطينيين وسُلطة إسرائيلية حاكمة.

يعرض المخرج مراحل مختلفة، بما فيها مرحلتا الحروب الصعبة التي خاضتها بعض الدول العربية، كما تلك العمليات الفدائية التي قام بها الفلسطينيون في ميونيخ وسواها. هذه التغطية الموسّعة تشمل الدور الذي لعبه ياسر عرفات خلالها والمحاولات الجادة أحياناً لإيجاد حلٍّ ما لقضية شعبين. أحدهما نزح من قراه ومدنه والآخر نزح إليها واحتلها.

كثيرٌ ممّا يعرضه الفيلم مرّ، مثل تاريخ في الأفلام الوثائقية المنتجة في الغرب (وبعض ما أُنتج في سوريا والعراق والأردن ولبنان في السبعينات والثمانينات). لذلك ليس هناك جديدٌ يُضاف فعلياً إلّا لمن فاتته تلك الأفلام ويتطلّع إلى عمل يستعرضها كاملة. هذا هو الدور المُناط بالفيلم الذي يوفّر أسبابه.

نقطتا اهتمام هنا، الأولى أنه مؤلّف من وثائقَ استخرجها أولسن من أرشيف ضخم للتلفزيون السويدي (SVT) وانكبّ عليها فحصاً ومحصاً حتى ألَّف هذا الفيلم الذي يُعيد الاعتبار لنوعٍ من العمل الصّحافي والريبورتاجات التلفزيونية في تلك الفترة. الثانية أن الفيلم يقف على الحياد غالباً، لكنه لا يُخفي أحياناً تعاطفاً مع الفلسطينيين في مشاهد عدّة تحيط بما عانوه.

* عروض مهرجان ڤينيسيا.

DON’T MOVE ★ ★ ★‬

تشويق يسود رغم ثغرات حكايته

الطلب بعدم الحركة موجه إلى بطلة الفيلم (كيلسي أسبيل). شابة خطفها مجرم (فين ويتروك) وحقنها بما يشلّ حركتها. تستطيع أن ترى وترمش وبالكاد تحرّك أصابع يديها لكنها، في غالب أحداث الفيلم، حبيسة هذه التركيبة التي وضعها المخرجان برايان نيتو وآدم شيندلر بعناية وبإخراج جيدٍ إلى حدٍ مقبول.

كيلسي أسبيل في «لا تتحركي» (هامرستون ستديوز)

ينطلق الفيلم من لحظات حاسمة. تقف بطلته على حافة جبلٍ تفكّر بإلقاء نفسها بعدما فقدت ابنها الصبي. يُنقذها الرجل نفسه الذي يريد قتلها. بذلك، المرأة التي كادت أن تنتحر هي نفسها التي باتت تصارع من أجل بقائها حيّة.

يختفي من الفيلم التبرير المطلوب للطريقة التي يتّبعها القاتل للتخلص من ضحاياه. إذا كان سيقتلهن لماذا لا يفعل ذلك مباشرة؟ هناك مفارقات أخرى كانت تتطلّب سدّ ثغرات، واحدة منها، أن المرأة تنطق لأول مرّة منذ اختطافها بعد دقائق من اكتشاف شرطي للحالة المريبة. لم تستطع أن تنطق بالكلمة المأثورة «Help» حينها، لكنّها نطقت بعد دقائق قليلة وتكلّمت بلا عناء. لو نطقت بها في الوقت المناسب لما تغيّر المشهد لأن المجرم سيقتل الشرطي في جميع الأحوال، ولكان الفيلم استفاد من تبريرٍ أقوى لشكوك رجل الأمن.

* عروض منصّات.

ذكرياتي مليئة بالأشباح ★★

الحرب السورية في ذكريات الذين عانوا

يتبع هذا الفيلم التسجيلي السوري، من إخراج أنَس زواهري، سلسلة الأفلام التي تناولت الحرب، مثل «آخر رجال حلب» و«العودة إلى حمص» و«لأجل سما»، التي دارت في مرحلة ما عُرف بـ«ثورة الربيع» قبل أكثر من 15 سنة. يختلف عنها بأنه لا يتقرّب من الجماعات التي حاربت الحكومة ويشيد بها، لكنه - في الوقت نفسه - بعيدٌ عن أن يصفّق لنظام أو يشيد به.

«ذكرياتي مليئة بالأشباح» (ويند سينما)

إنه عبارة عن ذكريات عدد من المتحدّثين وحكاياتهم خلال الحرب التي دارت حول وفي مدينة حمص خلال تلك السنوات. يوفّر صور دمار الأحياء ومقابلات مع أصحاب تلك الذكريات وهم ينبشون في ماضٍ قريب وما يحمله من آلام نفسية وعاطفية على خلفية ذلك الدمار. يختار الفيلم أن نستمع لأصوات أصحاب الذكريات في حين تتولّى الكاميرا تصويرهم صامتين ينظرون إليها أو بعيداً عنها. هذا بالطبع لجانب صور الأحياء والمباني والشوارع التي لا تعجّ بالحياة كسابق عهدها.

معظم ما يسرده الفيلم من ذكريات لا يُضيف جديداً ولا ينبش عميقاً. هو وصف مؤلم لحالات يمكن تقدير مصادر أحزانها وأسبابها، لكن الإخراج يختار أن يمضي في خطٍ غير متصاعدٍ ولا يتجنّب تكرار السّرد بالوتيرة نفسها (ولو بذكريات مختلفة). طبعاً لا يتوخّى المرء فيلماً يسرد ما هو حزين ومؤلم بفرح وغبطة أم بإثارة، لكن اعتماد توالي تلك الذكريات يؤدّي بعد سماعها إلى استقبالٍ يبدأ مثيراً للفضول وينتهي فاتراً.

* عروض مهرجان الجونة‫‫

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز