شاشة الناقد: أفلام ومسلسلات

«مكان هادئ: اليوم الأول» (براماونت)
«مكان هادئ: اليوم الأول» (براماونت)
TT

شاشة الناقد: أفلام ومسلسلات

«مكان هادئ: اليوم الأول» (براماونت)
«مكان هادئ: اليوم الأول» (براماونت)

A QUIET PLACE- DAY ONE ★★★

* إخراج: مايكل سارنوسكي

* الولايات المتحدة | تشويق.

وحوش مسلسل «مكان هادئ - اليوم الأول»، مخلوقات سوداء يقترب شكل كلّ منها من العناكب إنما بأرجل أقل. جاءت من الفضاء وسيطرت على المدن. تصطاد البشر حال تسمع صوتاً صادراً منهم. تنقضّ على الناس كما الصاعقة. لا نرى ما يحدث لهم لكننا نستقبل الصدمة جيداً. سميرة (لوبيتا نيونغو) امرأة شابّة تستقبل نبأ إصابتها بالسرطان. لديها قطّ جميل اسمه فريدو تحمله معها أينما ذهبت. في الواقع هناك بطلان فعليان في النصف الأول من الفيلم هما سميرة وفريدو. كل منهما يلتصق بالآخر مثل الغراء. كلاهما صامت قدر المستطاع. لاحقاً ما ينضمّ إليهما رجل يسعى، مثلهما، للبقاء حياً.

تعيش سميرة كابوس الموت القريب حتى من قبل هجوم تلك الوحوش. هناك مشهد جيد لمئات الناس يمشون صامتين في أحد شوارع مانهاتن قبل أن يصدر من أحدهم صوت كان كافياً لانقضاض الوحوش على الجميع الذين تخلّوا عن الصمت وأخذوا يصرخون ذعراً ويحاولون الهرب في كل اتجاه. سميرة تزحف تحت سيارة مع قطّها ثم تهرب. ينضم إليها بعد حين شاب أبيض (جوزيف كوِين) يرفض أن يدعها وحيدة. لاحقاً سيحتاج كل منهما للآخر في مواجهة نهاية تشي بأن القصّة، التي بدأت بفيلم جون كراسنسكي «مكان هادئ» في عام 2018، ستستمر إذا ما قيض لهذا الجزء الثالث والجديد النجاح.

هو السعي للحياة رغم كل شيء. سميرة المصابة بالمرض ليست في وارد الاستسلام، لكنها في الوقت نفسه ليست شخصية كاريكاتيرية تصلح لأن تكون بطلة إحدى مسلسلات «الكوميكس». هي خائفة وحذرة وتخشى على فريدو الذي لا يموء كما لو أنه يدرك ما يدور ويتجاوب معه، أو ربما قرأ السيناريو ويعرف ما هو مطلوب منه.

تلك الوحوش العمياء قد تكون «زومبيز» في فيلم آخر، لكن المشكلة، إذا ما رغبنا في التدقيق، هي أن الانقضاض فوراً على الضحية حال سماعها صوتها لا يكفي لتحديد حجم الضحية أو لتجنب جدار فاصل. لكن الفيلم، رغم هذه التفصيلة، يعمل جيداً كتشويق وبطلته تترك أثراً إنسانياً عميقاً لا تجاوره شخصيات مماثلة في معظم أفلام التشويق القائم على الرعب.

* عروض: حالياً في صالات السينما

BLUISH ★★★

* إخراج: ليليث كراكسنر، ميلينا جرنوفسكي

* النمسا | تجريب.

«زرقاوي» (وليس أزرق) هو فيلم ينحو لحرية كبيرة في سرد ما يشبه القصّة، لكنه لا يكوّن حكاية كاملة. فاز بالجائزة الذهبية في مهرجان مرسيليا الذي انتهت عروضه في الـ30 من الشهر الماضي، لكنه شوهد هنا على منصّة خاصّة. مع عدم مشاهدة أفلام أخرى شاهدها جمهور المهرجان المذكور من المستحيل معرفة السبب في منح هذا الفيلم الجائزة. هل كانت الأفلام الأخرى أقل منه جودة (أمر يصعب تصديقه)؟ أو كانت مساوية أو حتى أفضل منه لكن تميّز بالتجديد ومُنح الجائزة تقديراً لذلك؟

«بلوويش» (سكوار آيز)

أخرجته النمساويّتان كراكسنر وجرنوفسكي ويقوم على متابعة حال فتاتين تعيشان معاً لكنهما تتصرّفان باستقلالية تامّة في بيئة خالية من العاطفة وقليلة الاهتمام (كما الفيلم) بأي محور من محاور الحياة. تتناوب الكاميرا بينهما من دون حكاية تذكر. فيلم مراقبة يذكّرنا بأعمال الراحلة شانتال أكرمان وينشد أن يكون تجريبياً إنما من دون لهاث وراء هذا العنصر المعقّد.

في الواقع متابعة الفيلم، وهو ليس لكل الأذواق، تبعث عن وضع المُشاهد في حالة من عدم ترقّب أي شيء. إنه قريب من التطلع إلى شجرة لا يحدث لها شيء. من ناحية أخرى، هناك اهتمام باللون الأزرق الناعم في أكثر من مشهد (جزءٌ من النوافذ، زجاجات زرقاء، جداريات) والرابط بين ذلك والعنوان من ناحية وما يدور عنه الفيلم من ناحية أخرى شبه معدوم. كذلك الوضوح. نحن نخمّن لكننا لسنا على يقين مما يدور و-الأهم- لماذا.

* عروض: مهرجان مرسيليا

DESPICABLE MR 4 ★★

* إخراج: كريس رينو، باتريك ديلاج

* الولايات المتحدة | رسوم

«سافل» (يونيفرسال)

لم يرَ هذا الناقد أي قيمة تذكر في الأجزاء الثلاثة الماضية، وهذا الجزء الرابع يؤكد السبب: حتى يتقبّل المُشاهد شخصيات باسم مينيونز صغيرة صفراء تشبه، في أفضل الحالات، حبوب شوكولا (m‪&‬ms) عليه أن يتجاوز الشكل إلى المضمون. هذا لم يقع يوماً كون المضامين لا تبتعد كثيراً عن بعضها بعضاً في أي من الأجزاء السابقة. وهي هنا على الحال نفسه بالإضافة إلى حقيقة أن الوهج الأول الذي تبدّى في الجزأين الأوّلين اختفى، ما زاد في إقصاء ما يحدث في هذا الجزء عن الأهمية حتى في كيان حكايته التي تتحدّث عن قيام غرو (صوت ستيف كارِل) بقبول مهمّة الدفاع عن الأرض ضد أشرار يريدون الاستيلاء على الكوكب. هذه العبارة الأخيرة تتكرر كثيراً في معظم الأفلام الخيالية، مرسومة أو حيّة، التي نشاهدها اليوم. لكن الفيلم يقترح أن صغار المشاهدين الذين أعجبتهم تلك الأزرار الناطقة سابقاً ما زالوا متلهفين للمزيد منها. ‬

* عروض: عالمية

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

يوميات الشرق بوستر فيلم «عاصفة» الفرنسي المشارك في مهرجان الفيلم الأوروبي بطرابلس (السفارة الفرنسية)

مهرجان للفيلم الأوروبي في العاصمة طرابلس لكسر حاجز الانقسام

في خطوة عدّها الاتحاد الأوروبي «علامة فارقة في الشراكة الثقافية مع ليبيا»، يواصل مهرجان للأفلام الأوروبية عرض الأعمال المشاركة في العاصمة طرابلس حتى الخميس.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق انطلاق مهرجان بيروت للأفلام الفنية (المهرجان)

انطلاق «بيروت للأفلام الفنية» تحت عنوان «أوقفوا الحرب»

تقع أهمية النسخة الـ10 من المهرجان بتعزيزها لدور الصورة الفوتوغرافية ويحمل افتتاحه إشارة واضحة لها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق د. سعد البازعي رئيس «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» (الشرق الأوسط)

البازعي: «جائزة القلم الذهبي» متفردة... وتربط بين الرواية والسينما

بدأت المرحلة الثانية لـ «جائزة القلم الذهبي للأدب الأكثر تأثيراً» لتحديد القائمة القصيرة بحلول 30 ديسمبر قبل إعلان الفائزين في فبراير.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
يوميات الشرق فيلم «فخر السويدي» تناول قضية التعليم بطريقة فنية (الشركة المنتجة)

فهد المطيري لـ«الشرق الأوسط»: «فخر السويدي» لا يشبه «مدرسة المشاغبين»

أكد الفنان السعودي فهد المطيري أن فيلمه الجديد «فخر السويدي» لا يشبه المسرحية المصرية الشهيرة «مدرسة المشاغبين» التي قدمت في سبعينات القرن الماضي.

أحمد عدلي (القاهرة )
يوميات الشرق تجسّد لبنى في «خريف القلب» شخصية السيدة الثرية فرح التي تقع في ورطة تغيّر حياتها

لبنى عبد العزيز: شخصية «فرح» تنحاز لسيدات كُثر في مجتمعنا السعودي

من النادر أن يتعاطف الجمهور مع أدوار المرأة الشريرة والمتسلطة، بيد أن الممثلة السعودية لبنى عبد العزيز استطاعت كسب هذه الجولة

إيمان الخطاف (الدمام)

غياب مُريب لأفلام التاريخ العربي والإسلامي

«أسد الصحراء» (فالكون إنترناشيونال)
«أسد الصحراء» (فالكون إنترناشيونال)
TT

غياب مُريب لأفلام التاريخ العربي والإسلامي

«أسد الصحراء» (فالكون إنترناشيونال)
«أسد الصحراء» (فالكون إنترناشيونال)

يُقيم «مهرجان القاهرة» الذي بدأ دورته الـ45 يوم أول من أمس، ندوة خاصة عن المخرج والمنتج مصطفى العقاد الذي كان رحل في مثل هذه الأيام ضحية عملية إرهابية في عمّان قبل 19 سنة.

مُخرج «الرسالة»، عن نشأة الإسلام، و«عمر المختار»، عن مناضل في سبيل استقلال بلاده، كانا، ولا يزالان، أكبر إنتاجين عربيين- عالميين عرفته السينما.

المناسبة تستحق الاهتمام أولاً لإعادة التّذكير بمخرج عربي اخترق الجدار الصّامت حول تاريخ العرب والإسلام في فيلميه «الرسالة» (1976)، و«أسد الصحراء» (1980). وثانياً، لأنه المخرج العربي الوحيد الذي نجح في تحويل أحداث تاريخية عربية إلى الشاشة بنظام 70 مللم بانافيجين كما أفلام البريطاني ديڤيد لين، وفي مقدّمتها «لورنس العرب» (1962) الذي جمع ممثلين عالميين (أنطوني كوين، وبيتر أو تول، وأليك غينس، وجاك هوكينز، وكلود رينز) إلى جانب عمر الشريف وجميل راتب من مصر.

بعد عرضه الخاص في «مهرجان القاهرة» سينطلق في عروض عربية عديدة في جدّة، والدوحة، ودبي، والقاهرة والسعي جارٍ لتوسيع الرقعة عربياً وعالمياً.

مصطفى العقاد يتوسط عبد الله غيث وأنطوني كوين خلال تصوير «الرسالة» (فالكون إنترناشيونال)

خبرات ومواهب

لم يكن سهلاً على الممثلين الذين ظهروا في فيلمي العقاد تسليمَ مقادير مهنتهم آنذاك لمخرج عربي غير معروف، كلّ ما كان لديه لتقديمه - لجانب طموحه - أنه اشتغل مساعد إنتاج وإخراج في بعض المحطات التلفزيونية الأميركية. لكن العقاد فاز بالثقة سريعاً مع احتمال أن يكون الموضوعان المثاران في هذين الفيلمين عنصرَي جذب إضافي. الأول دار حول رسالةٍ (عن الدين الإسلامي) لم يتعرّف عليها الغرب في فيلم سابق، بل بقيت مودوعة في دراسات أكاديمية وكتب. الثاني ثورة ليبية ضدّ الاستعمار الإيطالي صاغها العقاد بعناية وتوازن. وراعى فيه جودة التقديم أيضاً.

«الرسالة» تم بنسختين منفصلتين واحدة عربية أمّ تمثيلها بعض أفضل الخبرات المصرية والمغاربية والسورية واللبنانية، وواحدة بالإنجليزية وكلاهما كانا نجاح عمل مدروس رغم صعوبة تنفيذه.

الفيلم الثاني حكى أن هناك ثورات أخرى وقعت خلال احتلال أجزاءٍ من العالم العربي وأن الموت الجماعي حاذى سواه ممّا حول العالم.

ما إن وقّع أنطوني كوين وإيرين باباس على العقد المبرم لهما، حتى تداعى الآخرون أمثال مايكل أنسَارا وداميان تومس ومايكل فورست.

لاحقاً، عندما خرج «الرسالة» إلى عروض عالمية شملت بلداناً عربية وغربية عديدة، حتى صار من الأسهل جذب نجوم آخرين تقدَّمهم، مرّة ثانية، أنطوني كوين في دور عمر المختار. حينها قال كوين لهذا الناقد في مقابلة: «لم أكن أعرف شيئاً عن التاريخ العربي. العقاد فتح عينيّ على هذا التاريخ المجهول بفيلميه، وبرؤية ثاقبة، وكيفية إنتاج مناسب لفيلم تاريخي كبير. بصفتي ممثلاً أرى أن كلّ شيء كان في مكانه الصحيح».

«المسألة الكبرى» (المؤسسة العامة للسينما والمسرح)

محاولات غير مجزية

لا يمكن إغفال حقيقة أن الأفلام التاريخية - الدينية العربية كان لها حضور سابق لـ«الرسالة». نتحدّث عن «واإسلاماه» للأميركي أندرو مارتون الذي أُنتج في مصر سنة 1961 وخاض بطولته كلٌ من لبنى عبد العزيز (في دور شجرة الدر)، وأحمد مظهر ورشدي أباظة ويوسف وهبي ومحمود المليجي وكاريوكا وعماد حمدي وفريد شوقي.

قبله بعشر سنوات أقدم إبراهيم عز الدين على تحقيق «ظهور الإسلام» بإمكانات محدودة مع كوكا وعماد حمدي وأحمد مظهر وسراج منير بين آخرين. ثم بعد 10 سنوات على ظهور «واإسلاماه» أنجز صلاح أبو سيف «فجر الإسلام». الذي استفاد من خبرة أبو سيف ولو أنه في النهاية بقي إنتاجاً محلياً للسوق العربية.

هناك أيضاً «الناصر صلاح الدين» ليوسف شاهين (1963)، الذي وظّف فيه المخرج أفضل طاقاته وطواقمه ما ساهم، بجانب اسمه المعروف، في انضمام هذا الفيلم إلى باقي ما ذُكر في عالمٍ عربيٍّ كان يتطلّع إلى مثل هذه الأفلام الترويجية لموضوعاتها باهتمام كبير يناسب كل ذلك الجهد الذي شهدته هذه الأعمال.

أدركت السينما العراقية أن هناك طريقاً لإنتاجات تصبو للعالمية بموازين ونُظم إنتاج برهن العقاد أنها ممكنة. في هذا الصّدد حقّق المخرج صلاح أبو سيف «القادسية» في عام 1981 بطلب من الحكومة خلال الحرب العراقية الإيرانية. الفيلم جاء كبير الإنتاج كما أُريد له أن يكون، ركيكاً في نواحيه الفنية، ودعائياً فيما تبقى.

مؤسسة السينما العراقية التي أنتجته كانت التفتت سنة 1980 إلى المخرج المصري الآخر توفيق صالح، وأصرّت على أن يُنجِز «الأيام الطويلة»، الذي عاد إلى تاريخٍ أقرب ليسرد جزءاً من سيرة حياة الراحل صدّام حسين.

في عام 1983 حقّق العراقي محمد شكري جميل «المسألة الكبرى» (1983) عن ثورة العراقيين ضد الاحتلال البريطاني. جلب المخرج مدير التصوير جاك هيلديارد، الذي كان عمل مع العقاد على فيلميه، والممثل أوليڤر ريد الذي كان اشترك في بطولة «أسد الصحراء»، لكن هذه الأفلام بقيت محدودة الانتشار ولم تتجاوز حدود العرض في بعض الدول العربية.

ما حدّ من انتشار هذه الأفلام عالمياً هو معضلة إنتاجات عربية كثيرة حينها، هي سطو «القضية» على المعالجة الفنية، هذا إلى جانب أن العقاد فَهِم وهضم قواعد الإنتاجات العالمية أكثر من سواه.