شاشة الناقد: أفلام عن المرأة

«الفتاة ذات الأبرة» دراما مأسوية (نورديك فيلمز)
«الفتاة ذات الأبرة» دراما مأسوية (نورديك فيلمز)
TT

شاشة الناقد: أفلام عن المرأة

«الفتاة ذات الأبرة» دراما مأسوية (نورديك فيلمز)
«الفتاة ذات الأبرة» دراما مأسوية (نورديك فيلمز)

ثلاثة أفلام عرضها مهرجان «كان» في يوميه الأولين تدور حول المرأة في ظروف شتى. بطبيعة الحال هي أبعد ما تكون متساوية.

THE GIRL WITH A NEEDLE ★★★☆

إخراج: ماغنوس ڤون هورن | دراما تاريخية | السويد | 2024

يختار المخرج ماغنوس ڤون هورن الزمن الذي يريد سرد حكايته فيه والمكان الذي ستقع فيه الأحداث بعناية موازية للعناية التي يوفّرها لكيفية ما سيقدّمه. «الفتاة ذات الإبرة» دراما آسرة تراجيدياً محلّاة بأسلوب عمل فني جيد ورؤية هادفة للحديث عن المرأة في بعض أسوأ ظروفها.

إنها نهاية الحرب العالمية الأولى والمدينة هي كوبنهاغن، والبيئة هي تلك التي تعاني الفقر والبؤس. الضحية الماثلة، من دون أن تكون الوحيدة، هي كارولين (ڤك كارمن سون) التي تواجه ظروفاً أصعب مما تستطيع تحمّله، لكنها - ولعدم وجود بديل - عليها أن تواجه تلك الظروف وتتألم.

زوجها غائب منذ مطلع الحرب، ولا تستطيع قبض معونة حكومية من دون إثبات موته. في مطلع الفيلم تحاول إقناع صاحبة الغرفة التي تشغلها بإبقائها فيها، لكنها لم تدفع إيجاراً منذ أسابيع طويلة ووضعها يزداد سوءاً عندما تعاشر صاحب المصنع الذي تعمل فيه وتحبل منه. هذا يتخلّى عنها في الوقت الذي يعود فيه زوجها من تلك الحرب، وقد عانى من ويلاتها. ليس لديه الكثير مما يقوله لزوجته بأنه ما زال حياً (يستخدم الفيلم عدم الإفصاح عذراً لتجاوز عقدة لا يراها ضرورية) تقرّر كارولين أنها لا تريده في حياتها. قرار لا يصمد طويلاً كون البؤس هنا هو ما يجمع شتات الضحايا.

في ذلك الحين كان الإجهاض ممنوعاً، لذا كان عليها وأمامها أن تختار إما أن تضع المولود وتتخلى عنه أو تطرح حملها. لكن هذه المشكلة العويصة في حياتها تحصيل حاصل لحياة ليس فيها ضوء يساعدها على قرار صحيح أو يمنحها أمل فعلي.

جماليات الفيلم نابعة من دَكَانة صورته ودَكَانة موضوعه معاً. إنه ليس تراجيديا موجهّة لاستعطاف المُشاهد، بل دراما مأخوذة من أحداث واقعية عالجها المخرج ببعض الإيحاء من السينما التعبيرية الألمانية ما يجعله يبدو - لولا أنه بالفعل من إنتاج زمننا الحالي - أشبه بواحد من تلك الكلاسيكيات التي تصف الناس والأمكنة بدكانة مناسبة لزمن تصفه إحدى الشخصيات في الفيلم بقولها «العالم مكان فظيع». حتى المرأة التي توجه هذه العبارة لكارولين (وهي المرأة التي استقبلت مولودها) تكشف عن شخصية تقتنص الفرص وتضع مصلحتها فوق أي مصلحة أخرى حتى ولو كانت الضحية ماثلة أمامها كحال كارولين.

* عروض: مهرجان «كان» (المسابقة).

WILD DIAMOND ★★★

إخراج: أغاثا رايدنجر | دراما | فرنسا | 2024

يلتقي «الفتاة ذات الإبرة» مع «ألماس مجنون» المعروض كذلك في المسابقة في أنهما يتعاملان مع موضوع الفتاة الشابة التي تطأ أرضاً غير ثابتة في حياتها. غير ذلك، لكلِّ فيلم قصّته المختلفة ورموزه الزمنية.

فيلم رايدنجر ينقلنا إلى الزمن الحالي. تختار المخرجة حكاية فتاة في التاسعة عشرة من العمر اسمها ليان (مالو خبيزي) تعيش ما تعتقده السبيل الوحيد للحياة. هي فتاة لا يمكن الشعور حيالها إلا بمزيج من الشفقة واللوم.

نتعرف عليها وهي تسرق من أحد المحلات. وما تحتاجه ويشغل بالها هو عمليات تجميل ومظاهر جذب كونها تحلم (كما بطلة فيلم «نورة» لتوفيق الزايدي) بالشهرة. ليان تطمح لأن تكون أي امرأة ناجحة لدرجة الشهرة. هذا يعني أن عليها أن تتجمّل وأن تطبع وشمة على جسدها وأن تنفخ شفتيها وتحيط بكل ما يلزم من متطلّبات لكي تبرهن للغير أنها جميلة وأهل لمكانة أعلى من تلك التي تعيشها.

حين تظهر في برنامج من نوع «رياليتي شوز» تبدأ في الاعتقاد أن هذه هي الخطوة الأولى وأن عليها أن تتقدم إلى المعنيين بطلب توظيفها في برامج أخرى. لكن لا شيء يحدث ما يزيد من توترها ومخاوفها من فشل حتى من قبل أن تبدأ فعلياً.

يتحدّث الفيلم عن وضع المرأة الشابة (وإلى حد الشباب أيضاً) في عالم يوهم ولا يمنح. تتلألأ أضواؤه الجاذبة لكن الوصول إليه صعب. ثم كيف أن هذا البعض في حياة اليوم يترك كل شيء آخر ويحاول تطوير نفسه ليناسب بيئة ليست له بالضرورة. عالم قد يقضي على الحالم وهو ما زال في مكانه.

تدرك المخرجة ما تريد طرحه في هذا الفيلم وتحققه، وهذه ليست مشكلة. ما يمكن اعتباره عثرة هو أن الفيلم وموقفه من الحياة المعاصرة التي يدفن فيها البعض أحلامه في أوهام «السوشيال ميديا» والظهور على الشاشات المختلفة، هي أنه واضح أكثر من اللزوم.

القصة التي تسردها المخرجة قابلة جداً للتصديق، لكن الفيلم يعاني من منوال تفعيل أسلوب عمل واحد لا يتطوّر بل يتمدد.

* عروض: مهرجان «كان» (المسابقة).

FURIOSA‪:‬ A MAD MAX SAGE ★★

إخراج: جورج ميلر | أكشن | الولايات المتحدة | 2024

من تابع هذا المسلسل منذ ولادته على يدي المخرج جورج ميلر سنة 1979 إلى اليوم، ووصولاً للحلقات الأخيرة منه (وبينها هذا الفيلم) يدرك أنه بدأ وصفياً لحال عالم مقبل على كارثة ويتضمن بعض الفلسفة في مسألة صراع الإنسان ضد الإنسان لاستحواذ ما يريد امتلاكه، إلى فيلم أكشن يعتمد المؤثرات عوض التوصيف، ويميل إلى الإبهار البصري بديلاً لتشغيل الذهن في أمور حياة ما بعد الكارثة.

بكلمة، «ماد ماكس» أصبح من الجزء السابق (Road Fury) «ماد ماكسين» وليس «ماد ماكس». البطولة الرجالية في ذلك الفيلم قبل نحو 4 سنوات تضاءلت، وفي هذا الفيلم تضاءلت أكثر. البطولة الأساسية للمرأة رغم وجود من يعاونها لبعض الوقت.

هذا جانب آخر من التقهقر. عوض البحث عن أفكار جيدة ومضامين فريدة بصرف النظر عمّن يقوم بالبطولة، قرّر ميلر والجهة الداعمة (وورنر) تحويل السلسلة إلى أكشن تقوده امرأة أخرى لا شخصية حقيقية لها، كما كان الحال في العديد من أفلام الأكشن وأفلام الجاسوسية الأخيرة التي مُنحت قيادتها للجنس الأقوى (الناعم سابقاً).

عدا ذلك، وتأكيداً له في وقت واحد، هذا الفيلم الخامس من السلسلة، لا يترك مجالاً للشك في أن الباع بات طويلاً بين بدايات «ماد ماكس» ونهاياته الحالية.

التأكيد على دور المؤثرات وإيقاع الفيلم بأكمله (عبر توليف سريع طوال الوقت) هما ميزة هذا الفيلم الجديد الذي تقوم آنا - تايلور جونز ببطولته.

ينطلق الفيلم باندفاع يماثل سرعة الدّراجات والمركبات السريعة التي يستخدمها. بطلة الفيلم‪‬ فوريوسا (تايلور) كانت صغيرة عندما خسرت والدتها والآن كبرت وقرّرت الانتقام ممن قتل أمها. هذا الخيط الرفيع يتضخّم فقط بصرياً. لا دراما كبيرة في هذا الموضوع ولا مجال لتكون الشخصية من اكتشافات ذاتية لنقل مثلاً على غرار شخصية سيغورني ويڤر في سلسلة Alein. هناك محطة للراحة في منتصف الفيلم عندما تشعر فوريوسا بود صوب شاب انبرى لمساعدتها صد تلك الهجمات المتكررة (توم بورك)، لكن معظم الفيلم قبل ذلك اللقاء وبعده، من بطولتها منفردة وهي - كممثلة - تبرهن عن قدراتها البدنية ولو أن هذا وحده لا يكفي للتمييز وكان من الأجدر منحها شيئاً آخر في الحياة يمنحها بعض التلوين والعمق.

المطاردات نفسها جيدة التصوير، ومن لا يهتم لوجود حكاية بشخصيات تعكس كل منها شيئاً ما، فإن الفيلم من النوع الذي يجعل المُشاهد مُثاراً ولو على نحو ساذج. «ماد ماكس» ليس «أڤاتار» أو «سيد الخواتم» أو أي سلسلة أخرى أتاحت لنفسها أن تقصّ الحكاية وظلالاتها العميقة.

كان يمكن، على سبيل المثال، تعميق ذلك الخط الانتقامي عبر مواقف متعددة. الماثل هو رغبة فوريوسا في الانتقام. الغائب هو معرفة كيف تكوّنت رغبتها تلك، وهل ستتردد في تنفيذها أو، أساساً، هل هي قادرة على التنفيذ. ما الذي يدفعها حقاً؟ أهو مجرد أنها تحوّلت من فتاة كان يمكن لها أن تشق حياة أخرى وكيف؟

مشاهد الأكشن فقط تقول ذلك، لكن لا شيء آخر في المحاذاة. ليس أن الحكاية المسرودة في أكثر من ساعتين، لا مكان لديها لتوفير مثل تلك الإطلالات على مكوّنات الشخصية نفسها. في الواقع ينتقل الفيلم من فترة كانت فيها فوريوسا فتاة صغيرة إلى حين أصبحت امرأة. يتابع هذا النمو لكن استعراضياً، مما يترك الشخصية حين تكبر كما لو كان قرارها بالانتقام لا علاقة له بحياتها السابقة، بل أقرب إلى شعور طاغٍ و- إلى حد ما - مفاجئ.

مشاهدو الحلقات الأولى من هذا المسلسل هم، بدورهم، من جيل قدّر قيمة المضامين المجتمعية التي كانت أفلام الستينات والسبعينات من هذا النوع المحارِب تقوم عليه. المشاهدون اليوم يقبلون التخلي عن هذه المضامين واستبدالها بأخرى فردية. جورج ميلر يدرك ذلك ويواكبه. يرضى به مضطراً وفي باله صنع سلسلة أسطورية تزداد ضراوة فيلماً بعد آخر.

* عروض: مهرجان «كان» (خارج المسابقة).

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

شاشة الناقد: حرب ومجرم

لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
TT

شاشة الناقد: حرب ومجرم

لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)
لقطة من «إسرائيل- فلسطين على التلفزيون السويدي» (رزرڤوار دوكس)

‫ISRAEL PALESTINE ON SWEDISH TV 1958-1989 ★ ★ ☆‬

تاريخ القضية الفلسطينية على الشاشة السويدية

حسب المخرج السويدي غوران أوغو أولسن فإن هذا الفيلم استغرق 5 سنوات قبل إتمامه. 200 دقيقة من أرشيف التلفزيون السويدي الذي تابع الوضع الفلسطيني- الإسرائيلي منذ وثيقة هرتزل وتأييد بريطانيا لها حتى عام 1989 الذي كانت القضية ما زالت تبرح مكانها ما بين نازحين فلسطينيين وسُلطة إسرائيلية حاكمة.

يعرض المخرج مراحل مختلفة، بما فيها مرحلتا الحروب الصعبة التي خاضتها بعض الدول العربية، كما تلك العمليات الفدائية التي قام بها الفلسطينيون في ميونيخ وسواها. هذه التغطية الموسّعة تشمل الدور الذي لعبه ياسر عرفات خلالها والمحاولات الجادة أحياناً لإيجاد حلٍّ ما لقضية شعبين. أحدهما نزح من قراه ومدنه والآخر نزح إليها واحتلها.

كثيرٌ ممّا يعرضه الفيلم مرّ، مثل تاريخ في الأفلام الوثائقية المنتجة في الغرب (وبعض ما أُنتج في سوريا والعراق والأردن ولبنان في السبعينات والثمانينات). لذلك ليس هناك جديدٌ يُضاف فعلياً إلّا لمن فاتته تلك الأفلام ويتطلّع إلى عمل يستعرضها كاملة. هذا هو الدور المُناط بالفيلم الذي يوفّر أسبابه.

نقطتا اهتمام هنا، الأولى أنه مؤلّف من وثائقَ استخرجها أولسن من أرشيف ضخم للتلفزيون السويدي (SVT) وانكبّ عليها فحصاً ومحصاً حتى ألَّف هذا الفيلم الذي يُعيد الاعتبار لنوعٍ من العمل الصّحافي والريبورتاجات التلفزيونية في تلك الفترة. الثانية أن الفيلم يقف على الحياد غالباً، لكنه لا يُخفي أحياناً تعاطفاً مع الفلسطينيين في مشاهد عدّة تحيط بما عانوه.

* عروض مهرجان ڤينيسيا.

DON’T MOVE ★ ★ ★‬

تشويق يسود رغم ثغرات حكايته

الطلب بعدم الحركة موجه إلى بطلة الفيلم (كيلسي أسبيل). شابة خطفها مجرم (فين ويتروك) وحقنها بما يشلّ حركتها. تستطيع أن ترى وترمش وبالكاد تحرّك أصابع يديها لكنها، في غالب أحداث الفيلم، حبيسة هذه التركيبة التي وضعها المخرجان برايان نيتو وآدم شيندلر بعناية وبإخراج جيدٍ إلى حدٍ مقبول.

كيلسي أسبيل في «لا تتحركي» (هامرستون ستديوز)

ينطلق الفيلم من لحظات حاسمة. تقف بطلته على حافة جبلٍ تفكّر بإلقاء نفسها بعدما فقدت ابنها الصبي. يُنقذها الرجل نفسه الذي يريد قتلها. بذلك، المرأة التي كادت أن تنتحر هي نفسها التي باتت تصارع من أجل بقائها حيّة.

يختفي من الفيلم التبرير المطلوب للطريقة التي يتّبعها القاتل للتخلص من ضحاياه. إذا كان سيقتلهن لماذا لا يفعل ذلك مباشرة؟ هناك مفارقات أخرى كانت تتطلّب سدّ ثغرات، واحدة منها، أن المرأة تنطق لأول مرّة منذ اختطافها بعد دقائق من اكتشاف شرطي للحالة المريبة. لم تستطع أن تنطق بالكلمة المأثورة «Help» حينها، لكنّها نطقت بعد دقائق قليلة وتكلّمت بلا عناء. لو نطقت بها في الوقت المناسب لما تغيّر المشهد لأن المجرم سيقتل الشرطي في جميع الأحوال، ولكان الفيلم استفاد من تبريرٍ أقوى لشكوك رجل الأمن.

* عروض منصّات.

ذكرياتي مليئة بالأشباح ★★

الحرب السورية في ذكريات الذين عانوا

يتبع هذا الفيلم التسجيلي السوري، من إخراج أنَس زواهري، سلسلة الأفلام التي تناولت الحرب، مثل «آخر رجال حلب» و«العودة إلى حمص» و«لأجل سما»، التي دارت في مرحلة ما عُرف بـ«ثورة الربيع» قبل أكثر من 15 سنة. يختلف عنها بأنه لا يتقرّب من الجماعات التي حاربت الحكومة ويشيد بها، لكنه - في الوقت نفسه - بعيدٌ عن أن يصفّق لنظام أو يشيد به.

«ذكرياتي مليئة بالأشباح» (ويند سينما)

إنه عبارة عن ذكريات عدد من المتحدّثين وحكاياتهم خلال الحرب التي دارت حول وفي مدينة حمص خلال تلك السنوات. يوفّر صور دمار الأحياء ومقابلات مع أصحاب تلك الذكريات وهم ينبشون في ماضٍ قريب وما يحمله من آلام نفسية وعاطفية على خلفية ذلك الدمار. يختار الفيلم أن نستمع لأصوات أصحاب الذكريات في حين تتولّى الكاميرا تصويرهم صامتين ينظرون إليها أو بعيداً عنها. هذا بالطبع لجانب صور الأحياء والمباني والشوارع التي لا تعجّ بالحياة كسابق عهدها.

معظم ما يسرده الفيلم من ذكريات لا يُضيف جديداً ولا ينبش عميقاً. هو وصف مؤلم لحالات يمكن تقدير مصادر أحزانها وأسبابها، لكن الإخراج يختار أن يمضي في خطٍ غير متصاعدٍ ولا يتجنّب تكرار السّرد بالوتيرة نفسها (ولو بذكريات مختلفة). طبعاً لا يتوخّى المرء فيلماً يسرد ما هو حزين ومؤلم بفرح وغبطة أم بإثارة، لكن اعتماد توالي تلك الذكريات يؤدّي بعد سماعها إلى استقبالٍ يبدأ مثيراً للفضول وينتهي فاتراً.

* عروض مهرجان الجونة‫‫

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز