شاشة الناقد: هيام عبّاس بكاميرا ابنتها في «وداعاً طبريا»

 «وداعاً طبريا» (لايتبوكس)
«وداعاً طبريا» (لايتبوكس)
TT

شاشة الناقد: هيام عبّاس بكاميرا ابنتها في «وداعاً طبريا»

 «وداعاً طبريا» (لايتبوكس)
«وداعاً طبريا» (لايتبوكس)

لا تزال موجة الأفلام التي يحقّقها مخرجون عن ذويهم دارجة. عندنا منها فيلمان هذا الأسبوع بالإضافة إلى فيلم ثالث مختلف

LA CHIMERA ★★★★

إخراج: أليس روراكر | دراما | إيطاليا | 2023

ما يربط بين مشهد تمثال استُخرج من حفرة ومحمول الآن عبر السماء برافعة وبين المشهد اللاحق لامرأة شابّة تبتسم لصبي أفريقي هو صوت غناء أوبرالي يسود المشهدين بعدما كان تكرّر سماعه من قبل وسنعاود سماعه لاحقاً.

«الوهم» (ذا ماتش فاكتوري)

فيلم المخرجة أليس روراكر هو، مثل تلك الأغنية، عن الحاضر والماضي متواصلَين. الأول يؤدي إلى الثاني والعكس صحيح والحبكة التي تجمع بينهما هي مجموعة من الرجال يقودهم آرثر (البريطاني جوش أوكونور) يحفرون الأراضي المحيطة بالبلدات الإيطالية بحثاً عن الآثار؛ وذلك بغية الاتجار غير المشروع بها.

لحين، قد يتساءل المرء ما الذي يمكن لهؤلاء فعله غير الخروج عن القانون والسعي لتحقيق ثروة في ظل بطالة وتهاوي قيم. لكن ما يطرحه الفيلم ليس التبرير، بل لاستخدام الحال كحلّ بديل، ولربط تلك الآثار الرومانية المدفونة بحاضر غير سعيد. الرابط هو «الوهم» (معنى العنوان) الذي يعيشه أكثر من فرد في هذا الفيلم بينهم إيطاليا (كارول دوارتي) التي تعمل خادمة في منزل العجوز المتذمرة فلورا (إيزابيلا روسيليني)؛ على أمل أن تعطيها دروساً في الغناء الأوبرالي.

هناك بحث في المعاني التي يوردها الفيلم. روراكر لا تحتفي بالتاريخ عبر تلك الكنوز المدفونة، بل تثير مسائل تتعلّق بحياة غابرة تجمّدت عند نقطة في التاريخ؛ ما يجعل نبشها اليوم معرّضاً لقدر من اللامعنى. على عكس احتفاء فديريكو فيلليني بالتاريخ وثقافته في أكثر من فيلم له، نجد هنا أن حركة الحياة حوّلت التماثيل أصناماً فقط. هي والمُشاهد يعلم أنها شاهد على حضارة تعني الكثير للبعض ولا شيء للبعض الآخر.

في خلال ذلك، يجدّ آرثر في البحث عن بنيامينا، فتاة أحلامه التي أضاعها والتي هي ابنة صاحبة الفيلا المهملة فوراً التي تفتقدها وتأمل في أن تعود إليها.

الكاميرا تلتقط جمال الحياة في أكثر من مناسبة. الطبيعة التوسكانية والماء والسماء ثم تخص البحث بالعتمة. حين يطل أبطالها من جحورهم التي حفروها للوصول إلى تلك الأيقونات والكنوز، تضع المخرجة الكاميرا بمستوى رؤوسهم وهم يطلّون من الحفر كما القوارض حين تخرج من مخابئها لتتأكد أولاً من خلو السماء من صقور تنتظر خروجها.

في «الوهم» تبرز المخرجة ميزتها كساردة قصّة ذات عمق ودلالات بأسلوب عرض مفعم بالروح الإنسانية والكوميديا.

• عروض: في الصالات حول العالم.

باي طبريا ★★★

إخراج: لينا سويلم | تسجيلي | فرنسا | 2023

تكاثرت في الآونة الأخيرة الأفلام التي تتناول ذكريات وحضور المخرجة التي تتحدث مع أفراد عائلتها، خاصّة تلك التي تدور حول أم المخرجة؛ ما يجعلها أفلاماً شبيهة بنوعية «أفلام البيت» (Home Movies)، التي كانت نشطة على أيام الكاميرا سوبر 8 مم في الستينات والسبعينات.

الفارق أن أفلام اليوم باتت متوقعة وتلفّ مهرجانات عدّة. شاهدنا أفلاماً لبنانية وتونسية وسورية ومغربية من هذا النوع، لكن ما يميّز «وداعاً طبريا» أن الأم ليست سوى الممثلة الفلسطينية هيام عبّاس التي غادرت بلادها قبل عقود وأصبحت اليوم من الممثلات اللواتي يظهرن في أفلام أوروبية (فرنسية غالباً) وأميركية.

المخرجة لينا سويلم هي ابنة الممثلة وسبق لها أن حققت فيلماً من النوع نفسه دار حول جدّيها (من والدها) عنوانه «جزائرهم» تمحور حول ذلك الزواج الذي دام 50 سنة قضيا بعضها في الجزائر وبعضها الآخر في فرنسا.

في الفيلم الجديد غزل على جوانب عدّة. هناك الذاكرة الشخصية لهيام عبّاس التي وُلدت في بلدة قريبة من طبريا، والذاكرة العائلية مع من بقي حيّاً من العائلة، ثم ذاكرة الوطن المحتل وبعض ما يقع في الحوار ما بين الأم وابنتها من أحاديث عابرة بعضها لا يفتأ أن يكون ذي دلالة جغرافية. تشير الممثلة بيدها «هناك لبنان»، ثم تستدير قليلاً... «وهناك سوريا»، ثم تواجه المكان الذي تقف فيه ابنتها وتقول: «وهناك الأردن... يعني نحنا بالنص».

النبرة ليست حزينة على الدوام. تصوّر المخرجة جمع شمل العائلة وضحكاتها وتستعين بالصور لتنتقل إلى الزمن الماضي. هناك مشاهد تتأثر فيها هيام وتبكي، لكن هناك ما يكفي من السرور والغبطة. تصوّر المخرجة النساء حيناً والرجال حيناً آخر وهم يرقصون. تشيّع اليقين من أن هذا الشعب طيّب وسعيد. ما كان ينقصه سوى الأرض الذي وُلد فوقها.

الفقرة التي تدور حول هجرة هيام لعائلتها مثيرة لمن لا يعرف هذا التاريخ الفني الخاص للممثلة. تقول إنها كانت متمرّدة واكتشفت أنها لا تستطيع أن تحقّق أيٍّ من أحلامها في التمثيل إلا خارج حدود بلادها. غادرت وتزوّجت بريطانياً، ثم طلّقته ثم عربياً فطلّقته أيضاً. ليس في نبرتها هنا أي ندم.

الفيلم يشي بمهارة مخرجته في استثمار كل هذه الذخيرة من الذكريات في عمل يحمل طبقات من الاهتمامات. في بعض الأحيان تحتاج إلى أن تربط بين المشاهد المتمادية بطريقة أفضل. لكنها في النهاية أنتجت عملاً جيداً.

بعد فيلمها السابق وفيلمها هذا هل هناك من فيلم عائلي آخر؟ يتطلع المرء صوب ما ستختاره المخرجة لاحقاً والذي لن يكون، في أغلب الأحوال، عن أفراد آخرين من العائلة.

• عروض: مسابقة «أرابك أووردز».

FARUK ★★

إخراج:أصلي أوزجي | تسجيلي | تركيا | 2024

فيلم آخر ينتمي إلى تلك الأعمال التي ينفرد فيها صانع الفيلم لسرد وضع من بطولة أحد أفراد العائلة. المشكلة في معظم هذه الأفلام هي أن المُشاهد قد لا يهتم بالحاجة التي تدفع المخرج لتحقيق فيلم حول والده أو والدته أو أي فرد من عائلته. يتوقف ذلك على ما إذا كانت هناك حاجة فعلية (كما في «باي طبريا») وتنفيذ مثير للتقدير.

«فاروق» (مهرجان برلين)

«فاروق»، للمخرجة التركية أصلي أوزجي ليس من هذه الفئة. إنه عن صراع والدها ضد البيروقراطية التي تدهم راحته وقد بات في سن التسعين من عمره لتفرض عليه الانتقال من منزله في العمارة التي عاش فيها لعقود إلى مكان آخر ريثما تُهدم وبُعاد إعمارها.

في اجتماع لبعض ساكني البناية ينقسم المؤيدون عن المعارضين. والدها هو المعارض الأساسي بين تلك القلّة التي تطرح أسئلة حول ذلك المقر الجديد الذي سيتم نقل السكان إليه. البيت بالنسبة إليه هو عالمه الخاص الذي لا يستطيع ولا يريد أن يستطيع تركه.

ما سبق مادّة جيّدة، لكن الشغل عليه يعكس رغبة المخرجة في التأكيد على أسلوب ليس فاعلاً. هي لا تكتفي بعرض الوضع وتصوير والدها ومصير الأزمة المفاجئة التي يجد نفسه فيها، بل توجّه والدها خلال التصوير (ومن مطلعه ثم في مشاهد لاحقة) على نحو من يوجه الممثل في فيلم روائي.

في يقين الناقد أن هذا يودي بصرح مفهوم الـ«دوكومنتري» إلى جحيم. ما تفتقده المخرجة من صحة المعالجة، تعوّضه بوضع إصبعها على الجرح النازف. الزلزال الذي وقع في عام 2023 في تركيا هو مبرر اندفاع أصحاب البناية وعملاء العقارات نحو إقناع السكان بمغادرة منازلهم لهدم العمارة هذا مع العلم أن البناية صمدت في وجه ذلك الزلزال. مدى الاستفادة من هذه المناسبة لدى فرقاء كثيرين هو بعض ذلك الفساد الإداري الحاصل. هناك خطّة لبناء مركز لممارسة الرياضة بالقرب من المبنى، لكن على الورق المقدّم إلى الحكومة البناء الجديد مفترض به أن يكون مسجداً.

هذا الفيلم كافٍ لتحذير من يرغب في شراء عقار في إسطنبول أو في سواها. عليه أن يقرأ بين سطور العقد الذي سيوقّع عليه. إلى ذلك الحين، هناك هذا الفيلم الذي كان يمكن له أن يكون أجدى فنياً، لكنه يحمل رسالته إلى المُشاهد بوضوح.

• عروض: مهرجان برلين 2024...

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

يوميات الشرق هند الفهاد على السجادة الحمراء مع لجنة تحكيم آفاق عربية (إدارة المهرجان)

هند الفهاد: أنحاز للأفلام المعبرة عن روح المغامرة

عدّت المخرجة السعودية هند الفهاد مشاركتها في لجنة تحكيم مسابقة «آفاق السينما العربية» بمهرجان القاهرة السينمائي بدورته الـ45 «تشريفاً تعتز به».

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق «أرزة» تحمل الفطائر في لقطة من الفيلم اللبناني (إدارة المهرجان)

دياموند بو عبود: «أرزة» لسانُ نساء في العالم يعانين الحرب والاضطرابات

تظهر البطلة بملابس بسيطة تعكس أحوالها، وأداء صادق يعبّر عن امرأة مكافحة لا تقهرها الظروف ولا تهدأ لتستعيد حقّها. لا يقع الفيلم اللبناني في فخّ «الميلودراما».

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج المصري بسام مرتضى يرفع بجوائز فيلمه «أبو زعبل 89» (إدارة المهرجان)

«القاهرة السينمائي» يوزّع جوائزه: رومانيا وروسيا والبرازيل تحصد «الأهرامات الثلاثة»

أثار الغياب المفاجئ لمدير المهرجان الناقد عصام زكريا عن حضور الحفل تساؤلات، لا سيما في ظلّ حضوره جميع فعاليات المهرجان.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق معابد الأقصر تحتضن آثار الحضارة القديمة (مكتبة الإسكندرية)

«تسجيلي» مصري يوثّق تاريخ الأقصر «أقوى عواصم العالم القديم»

لم تكن قوة الأقصر ماديةً فحسب، إنما امتدّت إلى أهلها الذين تميّزوا بشخصيتهم المستقلّة ومهاراتهم العسكرية الفريدة، فقد لعبوا دوراً محورياً في توحيد البلاد.

محمد الكفراوي (القاهرة )
يوميات الشرق مشهد من الفيلم السعودي «ثقوب» (القاهرة السينمائي)

المخرج السعودي عبد المحسن الضبعان: تُرعبني فكرة «العنف المكبوت»

تدور الأحداث حول «راكان» الذي خرج إلى العالم بعد فترة قضاها في السجن على خلفية تورّطه في قضية مرتبطة بالتطرُّف الديني، ليحاول بدء حياة جديدة.

أحمد عدلي (القاهرة )

غياب مُريب لأفلام التاريخ العربي والإسلامي

«أسد الصحراء» (فالكون إنترناشيونال)
«أسد الصحراء» (فالكون إنترناشيونال)
TT

غياب مُريب لأفلام التاريخ العربي والإسلامي

«أسد الصحراء» (فالكون إنترناشيونال)
«أسد الصحراء» (فالكون إنترناشيونال)

يُقيم «مهرجان القاهرة» الذي بدأ دورته الـ45 يوم أول من أمس، ندوة خاصة عن المخرج والمنتج مصطفى العقاد الذي كان رحل في مثل هذه الأيام ضحية عملية إرهابية في عمّان قبل 19 سنة.

مُخرج «الرسالة»، عن نشأة الإسلام، و«عمر المختار»، عن مناضل في سبيل استقلال بلاده، كانا، ولا يزالان، أكبر إنتاجين عربيين- عالميين عرفته السينما.

المناسبة تستحق الاهتمام أولاً لإعادة التّذكير بمخرج عربي اخترق الجدار الصّامت حول تاريخ العرب والإسلام في فيلميه «الرسالة» (1976)، و«أسد الصحراء» (1980). وثانياً، لأنه المخرج العربي الوحيد الذي نجح في تحويل أحداث تاريخية عربية إلى الشاشة بنظام 70 مللم بانافيجين كما أفلام البريطاني ديڤيد لين، وفي مقدّمتها «لورنس العرب» (1962) الذي جمع ممثلين عالميين (أنطوني كوين، وبيتر أو تول، وأليك غينس، وجاك هوكينز، وكلود رينز) إلى جانب عمر الشريف وجميل راتب من مصر.

بعد عرضه الخاص في «مهرجان القاهرة» سينطلق في عروض عربية عديدة في جدّة، والدوحة، ودبي، والقاهرة والسعي جارٍ لتوسيع الرقعة عربياً وعالمياً.

مصطفى العقاد يتوسط عبد الله غيث وأنطوني كوين خلال تصوير «الرسالة» (فالكون إنترناشيونال)

خبرات ومواهب

لم يكن سهلاً على الممثلين الذين ظهروا في فيلمي العقاد تسليمَ مقادير مهنتهم آنذاك لمخرج عربي غير معروف، كلّ ما كان لديه لتقديمه - لجانب طموحه - أنه اشتغل مساعد إنتاج وإخراج في بعض المحطات التلفزيونية الأميركية. لكن العقاد فاز بالثقة سريعاً مع احتمال أن يكون الموضوعان المثاران في هذين الفيلمين عنصرَي جذب إضافي. الأول دار حول رسالةٍ (عن الدين الإسلامي) لم يتعرّف عليها الغرب في فيلم سابق، بل بقيت مودوعة في دراسات أكاديمية وكتب. الثاني ثورة ليبية ضدّ الاستعمار الإيطالي صاغها العقاد بعناية وتوازن. وراعى فيه جودة التقديم أيضاً.

«الرسالة» تم بنسختين منفصلتين واحدة عربية أمّ تمثيلها بعض أفضل الخبرات المصرية والمغاربية والسورية واللبنانية، وواحدة بالإنجليزية وكلاهما كانا نجاح عمل مدروس رغم صعوبة تنفيذه.

الفيلم الثاني حكى أن هناك ثورات أخرى وقعت خلال احتلال أجزاءٍ من العالم العربي وأن الموت الجماعي حاذى سواه ممّا حول العالم.

ما إن وقّع أنطوني كوين وإيرين باباس على العقد المبرم لهما، حتى تداعى الآخرون أمثال مايكل أنسَارا وداميان تومس ومايكل فورست.

لاحقاً، عندما خرج «الرسالة» إلى عروض عالمية شملت بلداناً عربية وغربية عديدة، حتى صار من الأسهل جذب نجوم آخرين تقدَّمهم، مرّة ثانية، أنطوني كوين في دور عمر المختار. حينها قال كوين لهذا الناقد في مقابلة: «لم أكن أعرف شيئاً عن التاريخ العربي. العقاد فتح عينيّ على هذا التاريخ المجهول بفيلميه، وبرؤية ثاقبة، وكيفية إنتاج مناسب لفيلم تاريخي كبير. بصفتي ممثلاً أرى أن كلّ شيء كان في مكانه الصحيح».

«المسألة الكبرى» (المؤسسة العامة للسينما والمسرح)

محاولات غير مجزية

لا يمكن إغفال حقيقة أن الأفلام التاريخية - الدينية العربية كان لها حضور سابق لـ«الرسالة». نتحدّث عن «واإسلاماه» للأميركي أندرو مارتون الذي أُنتج في مصر سنة 1961 وخاض بطولته كلٌ من لبنى عبد العزيز (في دور شجرة الدر)، وأحمد مظهر ورشدي أباظة ويوسف وهبي ومحمود المليجي وكاريوكا وعماد حمدي وفريد شوقي.

قبله بعشر سنوات أقدم إبراهيم عز الدين على تحقيق «ظهور الإسلام» بإمكانات محدودة مع كوكا وعماد حمدي وأحمد مظهر وسراج منير بين آخرين. ثم بعد 10 سنوات على ظهور «واإسلاماه» أنجز صلاح أبو سيف «فجر الإسلام». الذي استفاد من خبرة أبو سيف ولو أنه في النهاية بقي إنتاجاً محلياً للسوق العربية.

هناك أيضاً «الناصر صلاح الدين» ليوسف شاهين (1963)، الذي وظّف فيه المخرج أفضل طاقاته وطواقمه ما ساهم، بجانب اسمه المعروف، في انضمام هذا الفيلم إلى باقي ما ذُكر في عالمٍ عربيٍّ كان يتطلّع إلى مثل هذه الأفلام الترويجية لموضوعاتها باهتمام كبير يناسب كل ذلك الجهد الذي شهدته هذه الأعمال.

أدركت السينما العراقية أن هناك طريقاً لإنتاجات تصبو للعالمية بموازين ونُظم إنتاج برهن العقاد أنها ممكنة. في هذا الصّدد حقّق المخرج صلاح أبو سيف «القادسية» في عام 1981 بطلب من الحكومة خلال الحرب العراقية الإيرانية. الفيلم جاء كبير الإنتاج كما أُريد له أن يكون، ركيكاً في نواحيه الفنية، ودعائياً فيما تبقى.

مؤسسة السينما العراقية التي أنتجته كانت التفتت سنة 1980 إلى المخرج المصري الآخر توفيق صالح، وأصرّت على أن يُنجِز «الأيام الطويلة»، الذي عاد إلى تاريخٍ أقرب ليسرد جزءاً من سيرة حياة الراحل صدّام حسين.

في عام 1983 حقّق العراقي محمد شكري جميل «المسألة الكبرى» (1983) عن ثورة العراقيين ضد الاحتلال البريطاني. جلب المخرج مدير التصوير جاك هيلديارد، الذي كان عمل مع العقاد على فيلميه، والممثل أوليڤر ريد الذي كان اشترك في بطولة «أسد الصحراء»، لكن هذه الأفلام بقيت محدودة الانتشار ولم تتجاوز حدود العرض في بعض الدول العربية.

ما حدّ من انتشار هذه الأفلام عالمياً هو معضلة إنتاجات عربية كثيرة حينها، هي سطو «القضية» على المعالجة الفنية، هذا إلى جانب أن العقاد فَهِم وهضم قواعد الإنتاجات العالمية أكثر من سواه.