شاشة الناقد: فيلمان أحدهما عن الوحوش الضارية وآخر عن الظروف الاجتماعية التي لا تقل ضراوة

«غودزيلا ناقص واحد» (روبوت كوميونيكاشنز).
«غودزيلا ناقص واحد» (روبوت كوميونيكاشنز).
TT

شاشة الناقد: فيلمان أحدهما عن الوحوش الضارية وآخر عن الظروف الاجتماعية التي لا تقل ضراوة

«غودزيلا ناقص واحد» (روبوت كوميونيكاشنز).
«غودزيلا ناقص واحد» (روبوت كوميونيكاشنز).

GODZILLA MINUS ONE ★★★★

إخراج: تاكاشي يامازاكي

خيال علمي | اليابان | 2023‫ ‬

في غضون ثلاثة أشهر ونصف الشهر تم عرض فيلمين عن الوحش «غودزيللا». هذا الفيلم الياباني شهد عروضه في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، و«كونغ ضد غودزيللا» (أدناه) يعرض حالياً. الفارق مذهل ويؤكد أنه عندما ينوي اليابانيون تحقيق فيلم جيد عن وحشهم الأسطوري فإن لا شيء يضاهي إجادتهم.

الأكثر من ذلك، أن ميزانية الفيلم بلغت 15 مليون دولار في مواجهة قرابة 150 مليون دولار تصرفها هوليوود كلما أرادت إنجاز «غودزيللا» خاص بها.الفارق الأساسي بين الاثنين هو أن هوليوود معنية بشحن المُشاهد بإثارة تقنية تحاول بها سلب آخر ذرة عقل لدى المتفرج. خلال ذلك، هي لا تتحدّث، كما نرى أدناه، عن الأشخاص كآدميين، بل عنهم كدمى.

الوحش كينغ كونغ في «كونغ غودزيللا» (وورنر).

الفيلم الجديد يتبع أثر تلك الأفلام. يتحدّث عن وحش وحيد في مواجهة مجتمع مهزوم (تقع الأحداث بين 1945 و1947). بطله طيار اسمه كويشي (ريونوسوكي كاميكي) يبدأ الفيلم به وهو محبط بسبب فقدانه رفاقه في الحرب وحين يعود إلى طوكيو يحاول أن يجد ملاذاً من شعوره الذنب وربما عائلة ينتمي إليها.

تعود أحداث «غودزيللا ناقص واحد» إلى الزمن الأول، أي إلى عام 1945، الذي هو نفسه عام إلقاء القنبلتين على هيروشيما وناجازاكي. في مطلع الفيلم نشاهد الطيار كويشي يحط في مطار صغير كان تعرّض للقصف. كويشي ما زال يحمل أحزان رفاقه الذين قُتلوا. ليس هناك الكثير مما يمكن له أو لرئيسه أن يقوله حول ما حدث و«غودزيللا» يداهم المكان مثيراً الرعب في كل لحظة. حتى عندما لا نراه. عندما يعود «غودزيللا» إلى الماء وكويشي إلى طوكيو يدخل الفيلم مرحلة درامية تعكس حال المدينة والناس. سيتعرّف على فتاة (مينابي هامابي) ويعيش معها والفتاة التي تبنتها. لا يختار المخرج الانتقال إلى قصّة حب بل يواصل عرضه لأحوال الناس في تلك الفترة. وعندما يواصل الأميركيون إجراء التجارب النووية سيعاود «غودزيللا» الظهور والمقصد هو مدينة طوكيو. ثلث الساعة الأخيرة تضع كل وحوش هوليوود في جيبها الصغير.

«التثاؤب العظيم للتاريخ» (مهرجان برلين).

وُلد «غودزيللا» الأول قبل 70 سنة عندما أنتج استوديو توهو الياباني الفيلم الأول (أخرجه إيشيرو هوندا سنة 1954). بعده توالت الأفلام (37 فيلماً إلى الآن) عن هذا الوحش الضاري الذي يخرج من تحت سطح الماء. في الفيلم الأول، ثم فيما تلاه، جسّد «غودزيللا» رمزاً لما هو أكثر من وحش يتم إنجازه (عبر دمى متحركة ترتدي ملابس مطاطية ثم كومبيوتر غرافيكس حالياً). إنه الوحش الذي يعبّر عن الغضب من القنابل النووية سواء تلك التي ألقيت فوق ناجازاكي وهيروشيما أو تلك اللاحقة التي كانت تتم في المياه القريبة من اليابان.

«غودزيللا» في الأفلام اليابانية الجيدة من هذه السلسلة هو وحش حزين. تكاد تقرأ في بعض حركاته عدم فهمه لما يصطدم به. يدمّر ويهدم لكنه لا يتلذذ وليس هناك (كحال أفلام الخيال العلمي الهوليوودية) «أجندة» خاصّة وذكاء خارق أو شخصية نرجسية. إنه وحش من خارج الزمن مستخدم للتعليق على الزمن الحاضر.

عروض: حالياً على المنصّات

KONG X GODZILLA‪:‬ THE NEW EMPIRE ★★

إخراج: آدم وينغارد

خيال علمي | ألمانيا | 2024‫ ‬

الدور الأول هنا هو لكينغ كونغ. الدور المساند هو لـ«غودزيللا». أنبّه لذلك فقط في حال اختلط الأمر على ناخبي الغولدن غلوبس والأوسكار في الموسم المقبل، وعَدّوا أن الوحشين لديهما دوران متوازيان.

هناك طبعاً بشر لكنهم جميعاً مُعالجون كما لو كانوا بدورهم من صنع تقنية الكومبيوتر غرافيكس. دورهم الأساسي أن يبدوا مدهوشين أمام ما يكتشفونه أو يرونه على شاشات تلك المؤسسات التي ينتمون إليها، متسائلين عما ستكون عليه الخطوة التالية. ولأن الجمهور الغالب يفكر بقلبه، فإن أحدهم قد يفكر بالتبرع لقلع ناب كينغ كونغ بعدما لاحظ أن الوحش المسكين يعاني من ألم ولا يستطيع أن يلتهم الحيوان الذي قتله وأراد أكله وتركه لتمساح لا نعرف من أين جاء. طبعاً هناك تلك القفزة الهائلة ما بين جبلين والسباحة تحت رمال الجيزة بالقرب من الهرم والكثير مما يتم صرفه لتوفير الترفيه المتوقع. للأسف، هذا هو النجاح الوحيد للفيلم، إذ جمع الفيلم نحو 150 مليون دولار في أيامه الثلاث الأولى.

في الفيلم السابق من السلسلة الأميركية، «غودزيللا ضد كينغ كنغ»، يتواجه النجمان في معارك طاحنة قبل أن يجدا أن لديهما عدوّاً واحداً. كان ذلك نوعاً من الرغبة في إمساك هوليوود العصا من منتصفها كما لو أن مؤيدي «غودزيللا» سيقاطعون الفيلم لو هزمه «كونغ» أو أن مناصري «كينغ كونغ» لا يرضيهم أن وحشهم الأميركي سيهزمه وحش ياباني.

هنا، قدر كبير من الحبكة تدور حول تضامنهما ضد مخلوقات شريرة أخرى، لكن مع تمهيد تكتشف فيه نقاط ضعف المعالجة في كل مشهد، لا يأتي تطوير الحكاية بأكثر مما سلف حتى عندما نرى بطلة الفيلم ربيكا هول وفريقها يعمدون إلى النزول إلى باطن الأرض. بين هؤلاء الممثل برايان تايري هنري الذي سيوزّع بعض الضحكات حتى لا يفتقد الجمهور شيئاً من ذلك الترفيه. ضرس يؤلم الوحش من هنا ونكات من هناك ثم زمجرات الوحشين الضاريين من ناحية أخرى... ماذا نريد أكثر من ذلك؟ مدن ريو ديجنيرو والقاهرة وروما بعض ما سيتم تدميره أيضاً من باب الترفيه وليس لأن الحكاية كانت تستطيع تفادي ذلك.

الحديث عن الحكاية يضعنا أمام السبب الأهم حول لماذا «غودزيللا ناقص واحد» أفضل بمرّات من هذا الفيلم: البعد الإنساني الموجود هناك والمفقود هنا.

عروض: في الصالات حول العالم.

‪THE GREAT YAWN OF HISTORY‬ ★★★★

إخراج: عليار رستي | دراما

إيران | 2024‫ ‬

الطريقة شبه الوحيدة للتغلب على الرقابة الإيرانية هي اعتماد الرمز مكان العرض الواضح وتقليل فرص تلقين الممثلين حواراً له أكثر من المعنى المباشر على الشاشة.

يبدأ كل شيء بقيام بيت الله (محمد أغباتي)، باختيار عدد محدود من طالبي العمل وامتحانهم في دارته. اختياره يقع على شوجا (أمير حسيني).

ما يطلبه بيت الله من الشاب هو أن يصاحبه في رحلة استكشاف في بقاع إيران الجبلية. إنه رجل مؤمن ومحافظ يحاول عدم فعل شيء قد يجلب عليه ذنباً وهو اختار شوجاً لأنه أقل تديّناً منه وقد لا يمانع في سرقة كنز مهجور.

لا يعلم بيت الله أي جبل يتوجه إليه ولا أي كهف. يستند إلى مَنام يقول إنه يحلم به دوماً.

يبني المخرج بذكاء علاقة متناقضة بين بطليه. الأول موقن ثم مرتاب والثاني مرتاب منذ البداية لكنه يوافق على مصاحبة الحالم لعل وعسى يصيب بعض الثروة الموعودة.

عروض: مهرجان برلين 2024...

في طي كل ذلك سحابات رمزية حول الانعتاق من وضع متأزم وظروف قاهرة ومصير قاتم. في نهاية الفيلم يبقى بيت الله وحيداً وسيصعد الجبل ثانية منفرداً مقرراً أن الحصول الغنيمة هو كل ما بقي له في هذه الحياة. المفاد هنا هو أن التقدم تحت ظروف كهذه مستحيل. بيت الله يستند إلى الوهم بحثاً عن حل لأزمة شخصية.

إخراج رستي مثابر على وتيرة عمل لا تتغيّر تبعاً لأهواء طارئة وأسلوب سرد حثيث لكنه غير مستعجل. السؤال حول ما ستؤول إليه الطريق الطويلة وعما قد يقع بين الاثنين حاضر طوال الوقت ومُصان بجدية المعالجة غير التائهة.

 


مقالات ذات صلة

3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات «الأوسكار»

يوميات الشرق فيلم «يوم دراسي» ضمن مشروع «المسافة صفر» (الشركة المنتجة)

3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات «الأوسكار»

دخلت 3 أفلام فلسطينية في القائمة المختصرة لترشيحات الأكاديمية الأميركية لفنون السينما وعلومها (الأوسكار).

أحمد عدلي (القاهرة )
سينما نجم بوليوود عامر خان (أ.ف.ب)

نجم بوليوود عامر خان يصرف النظر عن الاعتزال ويواصل التمثيل والإنتاج

خطرت فكرة اعتزال السينما في بال نجم بوليوود، عامر خان، في خضمّ فترة التأمل التي أمضاها خلال جائحة كوفيد-19، لكنّ الممثل والمنتج الهندي بدّل رأيه.

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما توم كروز مع الجائزة (أ.ب)

البحرية الأميركية تهدي توم كروز أعلى وسام مدني

حصل الممثل توم كروز على أعلى وسام مدني من البحرية الأميركية اليوم الثلاثاء عن «مساهماته الفنية المتميزة في البحرية ومشاة البحرية» في فيلم «Top Gun» وأفلام أخرى.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق مشهد من الفيلم (الشركة المنتجة)

فيلم «ضي» المصري - السعودي يشارك في «برلين السينمائي»

أعلنت إدارة مهرجان «برلين السينمائي الدولي» عن مشاركة الفيلم المصري - السعودي «ضي... سيرة أهل الضي» ضمن مسابقة «أجيال» خلال الدورة الـ75 للمهرجان.

أحمد عدلي (القاهرة)
يوميات الشرق مشهد من الفيلم الليبي القصير «عصفور طل من الشباك» للمخرج أمجد أبو زويدة (الشرق الأوسط)

السينما الليبية تتكبد فاتورة «أخطاء الساسة»

تكبّدت السينما الليبية فاتورة «باهظة» للقرارات السياسية على مدى عقود، منذ عهد الرئيس الراحل معمر القذافي، أُصيبت خلالها عناصر الصناعة بنوع من الشلل.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز