«كثبان 2»... أفضل من الأول ولو بالمشكلات نفسها

يُكمل حكاية ملحمة الصحراء المذهلة

لقطة رومانسية من «كثبان 2» (لجندري بيكتشرز)
لقطة رومانسية من «كثبان 2» (لجندري بيكتشرز)
TT

«كثبان 2»... أفضل من الأول ولو بالمشكلات نفسها

لقطة رومانسية من «كثبان 2» (لجندري بيكتشرز)
لقطة رومانسية من «كثبان 2» (لجندري بيكتشرز)

اليوم (الجمعة)، سيكون الافتتاح الكبير لفيلم «كثبان- الجزء الثاني»، (Dune‪: Part 2‬)، لمخرجه دينيس فيلنوف، الذي كان قد أنجز الجزء الأول من هذا الفيلم قبل عامين. الفيلم- التكملة تَكلّف 190 مليون دولار (مقابل 165 مليون دولارٍ للجزء السابق)، وينوي أن ينجز من 80 مليون دولارٍ إلى 100 مليون دولارٍ أميركي وكندي، ومثل ذلك حول العالم، بين يومي الجمعة ونهاية الأحد.

سيؤازره كل المعجبين بالفيلم الأول، وكل من قرأ رواية فرنك هربرت المنشورة سنة 1965 وبعض الذين شاهدوا نسخة ديفيد لينش (1984)، من منطلق الاستزادة من عالم الرواية وبصريات الأفلام التي تناولتها.

فيلم فيلنوف السابق، كان تمهيداً لكل ما يحدث هنا: كيف تعاونت قوى الشّر في عالم بعيدٍ في زمن أبعد لاحتلال كوكب فيه نبتة الحياة اسمه أراكيس. لكي يُتاح لها ذلك، كان لا بدّ من مواجهة عائلة أرييدس التي كانت تُشرف على ذلك الكوكب بالخداع وقتل زعيمها وكل قيادييها. خطة إمبراطورية هاركونن للاستيلاء على الكوكب نجحت، لكن الابن الوحيد لزعيم أرييدس بول (تيموثي شالاميت) نفذ بجلده، ويظهر في هذا الجزء الثاني، وهو ما زال يؤمن باستعادة مُلك أبيه والانتقام من قاتليه في الوقت الذي يريد فيه مساعدة أهل الكوكب الذين يواجهون الاحتلال على الانتصار في حربهم ضد المحتلين.

المخرج دينيس فيلنوف (لجندري بيكتشرز)

نقاط لقاء واختلاف

الكوكب صحراوي بالكامل. لا شيء سوى كثبان الرمال والصخور العالية فوق بعض هضابها. تحت الأرض هناك ديدان ضخمة تلتهم البشر إذا ما سنحت لها الفرصة بذلك. هناك عناكب سامّة وأصوات شبحية، وفوق كل ذلك غارات تُنفّذها قوات هاركونن ليست بعيدة عن الغارات العسكرية فوق كوكب الأرض.

بول بحاجة إلى شعب هذا الكوكب، الذين يرتدون ثياباً تبدو عربية التصاميم مع «حطّات» رؤوس كتلك التي تشتهر بها القبائل العربية في شمال أفريقيا. في أحد المشاهد يتحدّثون عن «المهدي»، وفي آخَرٍ يركع خافييه باردم ويسجد بطريقة تشبه ركوع المسلمين وسجودهم.

هناك لقاء بين هذه الحبكة وتلك التي في «أڤاتار» رغم اختلاف كل التفاصيل الأخرى. في كلا الفيلمين هناك كوكب بعيد يعيش فيه شعب قنوع امتلك ذلك الكوكب الحافل بعناصر الحياة الآمنة. في كليهما هناك قوّة تأتي لتحتل وتستعمر لتستثمر خيرات ذلك الكوكب (في «أڤاتار» الأول إشارات تحاكي ما حدث للقبائل الأميركية عندما انتشر البيض فوق القارة). هناك فرد واحد يرفض ما يقوم به المحتلّون (من أهل كوكب الأرض في «أڤاتار» ومن كواكب أخرى في «كثبان») وينضم إلى المتمرّدين.

عدا ذلك، هناك اختلافات كبيرة بين المسلسلين تدحض أي اعتقاد بأن أحدهما استعار من الآخر مقداره من الأحداث والدراميات المترامية على طول حكاية كل منهما.

أحد هذه الفروقات، العنصر الزّمني للأحداث في كل منهما؛ «كثبان» هو عن مستقبلٍ خالٍ من التكنولوجيا، وفي «أڤاتار» التكنولوجيا هي، كحال سلسلة «ستار وورز»، أساسية.

هذا يعود في الواقع إلى أن هربرت فرنك لم يكتب رواية من الخيال العلمي، لذلك من الخطأ اعتبار أن «كثبان» ينتمي إلى هذا الميدان الشاسع. هو، بتعبير دقيق، خيالٌ وليس علماً. كل ما يقع فيه يشبه أزمنة سالفة على الأرض وبعض المشاهد في الجزء الأخير من الفيلم تشبه تلك التي استخدمها ريدلي سكوت في «غلادياتور».

تيموثي شالاميت في «كثبان 2» (لجندري بيكتشرز)

من دون تعبير مناسب

ذِكْر «غلادياتور» هنا ليس عبثاً. ذلك الفيلم (2000) هو عن تحرير العبيد من العبودية (ليس بعيداً بدوره عن «سبارتاكوس» لستانلي كوبريك، 1960). فيلم «كثبان 2» يمتزح في هذا النحو، فَبُولْ (شالامات) ينتقل من كونه ضحية إلى كونه قائد تحرير. لكن إحدى مشكلات الفيلم هي أداء شالامات دوره هذا. هو أفضل هنا من أدائه في الجزء الأول. هناك بدا كما لو أنه يطرق باب رأسه باحثاً عن معاني الفيلم أو ربما حقيقة ما أُسند إليه. هنا هو أكثر إدراكاً، لكنه في الفيلمين ما زال بارداً حيال كل شيء. حتى القُبلة التي يتبادلها مع زندايا فوق كثبان الصحراء (فيما قُصد به أن يكون لمسة رومانسية)، فإن زندايا هي التي تضع حاستها العاطفية بينما يحافظ شالامات على برودته.

هذا لا يمكن أن يكون مطلباً من المخرج أو إيعازاً من الرواية (شخصية بول، فيما قرأته من رواية فرنك، توفّر شخصية حماسية تجسّد معاني البطولة)، بل هو استمرار لأداءٍ لا يريد (أو لا يعرف كيف؟) التعبير عن أحاسيسه. لذلك، عندما ينتقل موقف بول من الضحية إلى القيادة، وباستثناء تهليل المحيطين به وابتساماته التي أُريد لها أن تكون واثقة، يبقى اللاتعبير الموازي للاتمثيل حاضراً.

يتمنى المرء لو أنه امتلك قدراً من موهبة الممثل كايل ماكلاكلان، الذي لعب الدور نفسه في نسخة لينش، المختلفة كثيراً عن «كثبان» في جزأيه، ليس على صعيد الحكاية بالطبع، بل على صعيد البصريات المستخدَمة لتجسيد العالم والأحداث التي تمرّ تلك الحكاية بهما.

في الحديث عن التأثير والمؤثرات، لا بدّ من الإشارة إلى أن تصاميم الملابس يعود، على نحوٍ شبه مؤكد، لفيلم «العشاء الأخير للمسيح»، (The Last Temptation of Christ)، كما حقّقه مارتن سكورسيزي سنة 1988؛ ألوان الملابس، تصاميمها من الرأس حتى القدمين متشابهة (هناك من يقترح أن فيلنوف كان قد تواصل مع سكورسيزي عندما كان الأول في مطلع سنوات مهنته).

كون الفيلم يدور، فيما يدور حوله، عن استعمار كوكبٍ ولجوءِ شعبه إلى القوّة لدحر ذلك الاستعمار لا يجعله فيلماً سياسياً. فيلنوف يعرض هذا الجانب لأنه موجود تلقائياً (كان للمؤلف نزعة معادية لحرب فيتنام وللمكارثية والاتحاد السوفياتي (على حد سواء) وليس لأنه مرغوب على نحو جاد. رغم ذلك، لا يفوّت الفيلم تناول مسائل تتعلق بطيبة الشعب المضطهَد وحقوقه، في مقابل تعسّف وفاشية الأشرار. لكن المتعثّر هنا هو منح الشخصية البطولية أكثر ممّا يمكن لها أن تستوعبه أو تقوم به، كما لو أن الجميع كان ينتظر الخلاص على يديه. حتى ولو رأينا، ولو بحدودٍ، أن هذا هو المقصود، فإن قوّة شعب ذلك الكوكب التي تبدّت في الجزء الأول لا تتبدّى هنا في الحجم نفسه.

أفضل من الأول

هذه مشكلة واضحة، كون الحكاية تعتمد على شعب قوي في الأصل، في حين ما يدور في أرجاء المعروض هنا هو تصوير شعبٍ يعيش في خوف ويلجأ إلى السرِّية. حياته مزدانة بالعادات المتوارَثة والعبادات الخاصّة، ما يخلق فجوة بين المتوقّع لهذا الشعب وبين الطريقة التي يُصوّر بها. شيء يمنع تلك العادات هو امتلاك زمام الاهتمام بأكثر من شكلها التمثيلي. وبما أن فيلنوف لا يريد تحويل فيلمه إلى منصّة فاعلة ضد الإمبريالية بالطريقة التي كتب فيها المؤلف روايته، وبالطريقة التي انتهجها جيمس كاميرون في فيلمَي «أڤاتار»، فإن حضور شعب فريمن، الذي يعيش فوق ذلك الكوكب الخطر، يبدو كما لو كان مجرد ركن ديكوراتي عِوَض أن يكون فاعلاً.

لكنّ بقية المقارنات بين الجزأين تميل حتماً لصالح الفيلم الجديد. الجزء السابق كان مثل سياحة تعريفية، وذلك بعد نصف الساعة الأولى. هذا الجزء إنجاز بصريٌّ أشمل، وجرأة في تنفيذ المهام المنوطة به بوصفه فيلماً حربياً على الرغم من فترات راحة طويلة بين المَشاهد القتالية. هنا ينتقل المخرج من التأسيس إلى الأحداث. ينفرد بابتكار مزيد من مزايا العالَم، حيث تقع الأحداث. الصحراء والسماء يؤلِّفان فضاءً بلا حدودٍ، كلٌّ منهما بمزايا خاصّة. عندما يأتي الأمر إلى التصوير، فإن اهتمام الكاميرا (بإدارة كريغ فرازر الذي سبق له أن صوّر الجزء الأول)، ينضوي على أن تُصبح جزءاً من المساحة المعروضة ومن البيئة نفسها. موسيقى هانز زيمر المحسوبة وغير الطاغية، تساعد كذلك على إشباع الجو بألحان هي، مثل الفيلم، نِصفها يواكب الغرائبيات، ونصفها الآخر المشاهد التشويقية والمعارك.

بصريات الفيلم بديعة حتى على الرغم من نهاية متسارعة كما لو أن المخرج اكتشف أنه لم يعد يملك الوقت الكافي لإبقاء مدّة العرض دون ثلاث ساعات.

عوالم بديلة في أزمنة مختلفة

• يقترح «كثبان» عالماً كاملاً يقع في مكانٍ بعيدٍ وفي زمن آخر. هذان الشرطان يَرِدان في أفلام أخرى تنقلنا إلى تلك العوالم المختلفة والأزمنة المجاورة، التي لم نكن نعلم عنها شيئاً. التالي بعض تلك الأفلام التي تميّزت بميزانياتها الكبيرة.

• سلسلة «ستار وورز»، التي بدأت سنة 1977 في أحداث فوق كواكب ومجرات بعيدة. لا حصر سريعاً لعددِ أجزائها وتفرّعاتها على الشاشتين الكبيرة والصغيرة والفورمات المختلفة لها.

• سلسلة «سيد الخواتم» (The Lord of the Rings)، التي بدأت سنة 2001 وشهدت أربعة أفلامٍ وحالياً مسلسلاً تلفزيونياً.

• «ذا هوبيت»، بيتر جاكسون، مخرج «سيد الخواتم»، أتبع تلك السّلسلة بهذا المسلسل الفانتازي المبهر كسابقه.

• سلسلة «أڤاتار» لجيمس كاميرون، التي صدر منها جزآن حتى الآن.

• سلسلة «هاري بوتر»، التي تكوّنت من ثمانية أفلام، وحالياً تُحضّر بوصفها مسلسلاً تلفزيونياً.


مقالات ذات صلة

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج معتز التوني يتوسط وأمينة خليل فريق العمل خلال العرض الخاص بالقاهرة (الشركة المنتجة)

«X مراتي» فيلم مصري جديد يراهن على «الضحك» فقط

يرفع الفيلم المصري «X مراتي» شعار «الضحك للضحك» عبر كوميديا المواقف الدرامية التي تفجرها قصة الفيلم وأداء أبطاله.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حورية فرغلي (إنستغرام)

حديث حورية فرغلي عن حياتها الشخصية يلفت الانتباه في مصر

لفتت الفنانة المصرية، حورية فرغلي، الانتباه في مصر بعد حديثها عن تفاصيل في حياتها الشخصية، والسبب الذي لأجله قالت إنها «تمنت الموت».

محمد الكفراوي (القاهرة )

مخرجون كبار يحشدون أفلامهم في مهرجان «ڤينيسيا»

أنجلينا جولي في «ماريا» (أبارتمنت بيكتشرز)
أنجلينا جولي في «ماريا» (أبارتمنت بيكتشرز)
TT

مخرجون كبار يحشدون أفلامهم في مهرجان «ڤينيسيا»

أنجلينا جولي في «ماريا» (أبارتمنت بيكتشرز)
أنجلينا جولي في «ماريا» (أبارتمنت بيكتشرز)

يعود مهرجان «ڤينيسيا» إلى الأضواء مجدداً في 27 من الشهر المقبل وحتى 11 من الشهر التالي، ومعه يعود الحديث عن أحد أهم ثلاثة مهرجانات سينمائية في العالم، والحدث الأول في عداد الاهتمام بتوفير النوعية بعيداً عن اللمعان الخاطف والبهرجة المعهودة لمهرجانات أخرى. المهرجانان الآخران هما «برلين» و«كان». الأول يقف على أهبة تغيير شامل حالياً لكي يعاود إطلاقاً جديداً بعد سنوات من تآكل البرمجة، والثاني يشبه قطار إكسبرس جامح ملئ بالأنوار والإغراءات الإعلامية وعقود البزنس.

اختلاف «ڤينيسيا» يبدأ بالتقدير الكبير الذي يكنّه له نقاد السينما العالميين، وذلك تبعاً لما ينتخبه من أفلام ويوفره من برامج.

الحال أن الدورة الـ81 لا تختلف مطلقاً عن الدورات السابقة في هذا المجال. أفلام عديدة، وأسماء كبيرة وأخرى جديدة واعدة، وأقسام تتنقل بينها وكل منها يوفر متعاً بصرية مختلفة.

مايكل كيتون ووينونا رايدر في «بيتلجوس» (بلان ب انترتاينمنت)

بداية ونهاية

الافتتاح سيكون من نصيب الفيلم الأميركي (Beetlejuice Beetlejuice) «بيتلجوس، بيتلجوس» لتيم بَرتون، الذي أنجز بدوره «بيتلجوس» الأول سنة 1988 حين كان لا يزال في بداياته. الآن يعاود طرق باب هذه الفانتازيا التي منحته مكانة لدى النقاد مع ممثلين جدد (مونيكا بيلوتشي، وويليم دافو، وجينا أورتيغا، داني ديفيتو)، وقدامى لعبوا أدوارهم في الفيلم السابق (مايكل كيتُن، كاثرين أوهارا، ووينونا رايدر).

فيلم الختام إيطالي للمخرج بوبي أڤاتي بعنوان «الحديقة الأميركية» (L‪’‬orto americano) مع ثلاثة ممثلين في القيادة ينتمون إلى الجيل الجديد، هم كيارا كازيللي، وفيليبو سكوتي، وأندريا رونكاتو. كلا الفيلمان يعرضان خارج المسابقة.

بين الافتتاح والختام 21 فيلماً في المسابقة الرسمية من بينها فيلم جديد للإسباني بيدرو ألمودوڤار بعنوان «الغرفة المجاورة» (The Room Next Door) مع تيلدا سوينتون، وجوليان مور.

في «ساحة المعركة» (Campo di Battaglia) للإيطالي جياني أميليو سنجد الإنفلونزا الإسبانية اجتاحت المدينة التي تقع فيها الأحداث خلال الحرب العالمية الأولى وتنافُس طبيبين على حب ممرضة.

المخرج التشيلي بابلو لاران (الذي استعرضنا له قبل أسابيع قليلة فيلمه الجديد الآخر «الكونت») لديه جديد بعنوان «ماريا» عن المغنية الشهيرة ماريا كالاس (تؤديها أنجيلينا جولي) وهو، حسب ما صرّح به المدير العام للمهرجان ألبرتو باربيرا، قد يكون آخر أعمال المخرج المستندة إلى شخصيات حقيقية التي بدأت سنة 2016 بفيلم «نيرودا».

من فيلم وولتر ساليس «لا زلت هنا» (فيديوفيلمز)

عودة ثنائية

هناك عودة من مخرج لاتيني آخر غاب طويلاً اسمه وولتر ساليس عبر فيلم «أنا لا زلت هنا» (I‪’‬m Still Here) الفيلم يلعب على معنيين: الأول مشتق من ذكريات امرأة اختفى زوجها خلال حكم العسكر في البرازيل سنة 1964. والثاني حقيقة أن المخرج غاب لعشر سنوات كاملة تفصل ما بين هذا الفيلم وآخر أفلامه السابقة «جيا جانكي: رجل من فنيانغ». آخر مرّة شارك ساليس في هذا المهرجان كانت قبل 23 سنة عندما عرض - في المسابقة - «وراء الشمس» عن أحداث وقعت سنة 1910.

الإيطالي لوكا غوادانينو يوفر لمشاهديه فيلمه الجديد «غريب» (Queer) حول رجل يبحث عن آخر في مدينة نيو مكسيكو. البطولة لدانيال كريغ، ولسلي مانڤيل وجاسون شوارتزمان.

هناك فيلمان أميركيان قد يسرقان الضوء أولهما (The Order) «النظام»، والثاني (Joker‪:‬ Folie à deux) «جوكر، على حافة الجنون».

الأول للمخرج الأسترالي جوستين كورزل حول تحري في مدينة أميركية صغيرة تعاني من جرائم رهيبة. هو الوحيد الذي يؤمن بأن هذه الجرائم من ارتكاب عصابة إرهابية محلية. البطولة هنا لجود لو، ونيكولاس هولت.

أما «جوكر، على حافة الجنون» فهو الجزء الثاني من «جوكر»، الذي كان حصد الجائزة الأولى سنة 2019. المخرج تود فيليبس والبطولة ما زالت لواكيم فينكس، الذي يجسّد الدور كما لم يفعل «جوكر» آخر في أفلام «باتمان» السابقة. معه في الدور الرئيسي لايدي غاغا.

فيلم ثالث من أميركا يبدو أقل إثارة للاهتمام حالياً عنوانه «بايبي غيرل» من بطولة نيكول كيدمان، وهاريس ديكنسون، وأنطونيو بانديراس.

الاشتراك الأميركي موجود خارج المسابقة أيضاً. في هذا القسم، وإلى جانب «بيتلجوس، بيتلجوس» سنستقبل الفيلم التسجيلي الجديد «منفصلان» (Separated) الذي كان عرض سنة 2013؛ فيلمه الأسبق (The Unknown Known) «المعلوم المجهول» حول حرب العراق ودور وزير الدفاع الأميركي دونالد رامسفيلد فيها.

هناك أيضاً «وولفز» (Wolfs)، الذي يجمع بين براد بِت وجورج كلوني في تشويق معاصر (العنوان الإنجليزي الوارد هنا هو المستخدم للفيلم عوض Wolves).

جبهتان ساخنتان

طبعاً لا يوجد مهرجان بهذا الحجم من دون سياسة. هناك حربان دائرتان في العالم حالياً؛ واحدة في فلسطين، والأخرى في أوكرانيا.

يعالج الأولى المخرج الإسرائيلي أمور غيتاي عبر فيلمه «Why War» (من دون إشارة السؤال)، ويطرح الثانية الفيلم التسجيلي الروسي «روسيا في الحرب» لأناستاسيا تروفيموڤا. فيلم آخر عن الموضوع الفلسطيني نجده في فيلم تسجيلي آخر «إسرائيل فلسطين على التلفزيون السويدي: 1958 - 1989» كما يكشف عنوانه.

حقيبة المهرجان العام الحالي مزدحمة بأنواع الموضوعات المطروحة، وبالفنانين الواقفين وراء كاميراتها. وإلى جانب من ذكرناهم، اليابانيان تاكيشي كيتانو، وكيوشي كوروساوا، والصيني وانغ بينغ، والفرنسيان إيمانويل موريه، وكلود ليلوش، والبريطاني عاصف قبضايا، الذي يوفر فيلماً وثائقياً عن المخرج كريس ماركر وفيلمه «المرفأ» (La Jetée) المُنتج سنة 1962 حول مصير العالم كما تخيّله ماركر آنذاك.