شاشة الناقد

الفيلم السعودي المتنافس «نوره» (مهرجان البحر الأحمر)
الفيلم السعودي المتنافس «نوره» (مهرجان البحر الأحمر)
TT

شاشة الناقد

الفيلم السعودي المتنافس «نوره» (مهرجان البحر الأحمر)
الفيلم السعودي المتنافس «نوره» (مهرجان البحر الأحمر)

فيلمان يربط بينهما إسناد البطولة إلى أستاذ مدرسة... في «نورة» هو مدرّس أطفال همّه الوحيد التعليم وتوسيع المدارك... في «الأستاذ» هو شخصية متشابكة في عالم معقد

نوره ★★★★

إخراج: توفيق الزايدي | المملكة العربية السعودية | 2023

الفيلم الروائي الطويل الأول للمخرج السعودي توفيق الزايدي يبدو كما لو كان نتاج حرص شديد على إصابة أكثر من هدف واحد. في المقدّمة هو لمنح المشاهدين دراما اجتماعية تدور في رحى زمن قريب مضى. من ناحية ثانية هو تجسيد لرغبة المخرج في إنجاز الفيلم الذي سيأخذه إلى نجاحات محلية وعالمية معاً. في ناحية ثالثة، هناك الطموح لكي ينجز الفيلم بأسلوب خاص به.

ينجز المخرج هذه الأهداف على نحوٍ شبه متساوٍ؛ يمنح الفيلم مشاهديه شريحة مِن وضع مضى كان الفن فيه محرّماً أو فعلاً يمارسه أشخاص لا يمكن الوثوق بهم. هذا من خلال حكاية تستأثر بالاهتمام ذات بطولة مزدوجة. من ناحية هناك الفتاة نورة (ماريا بحراوي) التي تريد ترك القرية الصحراوية حيث تعيش، والهجرة إلى المدينة حيث يعيش جدها. من ناحية أخرى، هناك المعلّم نادر (يعقوب الفرحان) الذي ترسله الحكومة للتدريس في تلك القرية.

التمهيد سريع، والمخرج ليس لديه وقت يصرفه على التمهيدات. الكاميرا تحكي كل شيء في البداية كاشفة عن البيئة الصعبة والتقاليد القائمة في إطار عام 1992، كما يذكر الفيلم في مطلعه. يبدأ الأستاذ بتعليم الأولاد الصغار الأبجدية والكتابة والتفكير معاً؛ هو أوعى من أن يلتزم بالحروف وحدها عادّاً أن المطلوب هو توسيع المدارك العامّة من دون الخروج عن المتاح من التقاليد. على ذلك، يرتكب ما يعدّه آخرون فعلاً غير مقبول: تعليم الرسم.

نورة، بدورها، التي كانت مُولَعة بالمجلات الفنية ترغب في أن يرسمها... مهمة لها عواقبها إذا ما عرف أهل القرية بذلك، وهو ما يحدث بالفعل.

المهمّة التي يتصدى الزايدي لها صعبة؛ يرغب في الحديث عن الحاجة للتطوّر من دون أن ينتقد التراث والتقاليد، وهو يحقق ذلك عبر سيناريو وطريقة سرد تضع كل الاحتمالات على الطاولة، عندما يبدأ المشاهد بالتساؤل عما إذا كان الأمر سيتجاوز علاقة حذرة وبعيدة عن التفاعل العاطفي بين الشخصين، وإذا ما كان الوضع سينفجر على نحو عنيف. لكن الزايدي أكثر احتراماً لقوانين تلك البيئة بحيث يصِمُها بما يتجاوز مجرد رفضها لمواصلة الأستاذ عمله وترحيله من المكان.

يحتاج المخرج لضمان قدر من التنويع بصرياً. الكاميرا تحترم النبرة الهادئة للفيلم والمعالجة المتأنّية لما يسرده، لكنها تلتزم بمسافات وأحجام لا تتغيّر كثيراً معتمدة على قرارات ثابتة حول أين ستكون الكاميرا وأين سيقف الممثل (أو الممثلون) قربها أو بعيداً عنها. عدا ذلك، كان يمكن للسيناريو الاستفادة أكثر من بعض الشخصيات التي بقيت بعيدة عن الصورة، على الرغم مما كانت تستطيع أن تستفيد الدراما بحضورها. إلى ذلك، رسم خطين متوازيين من البطولة ينزع قليلاً من حقيقة أن المعنية، حسب العنوان، هي نورة وليست الأستاذ نادر. بكلمات أخرى، كان يمكن لشخصية أحدهما أن تدلف إلى الأخرى عوض أن تصاحبها على نحو متوازٍ لحين لقائهما في النصف الثاني من الفيلم.

هذه ملاحظات لا تترك أي شوائب فعلية بالنسبة للجمهور، والفيلم بنفسه تعبير عن موهبة تولَد ناضجة بلا ريب.

• عروض مهرجان البحر الأحمر.

الأستاذ ★★★★

إخراج: فرح النابلسي | بريطانيا | 2023

في نهاية هذا الفيلم، نسمع مذيعة تلفزيونية تتحدّث عن ضحايا فلسطينيين إثر غارات الجيش الإسرائيلي. هذا الفيلم أُنجز كاملاً قبل الحرب الحالية، لكن ما تفيد به النهاية هو حقيقة أن قصف غزة، بالطائرات أو سواها، لم يتوقف عملياً منذ سنين يصعب حصرها.

الفيلم الفلسطيني «الأستاذ» (مهرجان البحر الأحمر)

هذا ليس الأمر الوحيد الذي يربط الفيلم بالحاضر. الحكاية بأسرها تفعل ذلك بيُسر وإقناع. المخرجة فرح النابلسي التي قدمت سابقاً فيلماً ساحراً قصيراً بعنوان «الهدية» (عن أبٍ اشترى ثلاجة من الجانب الإسرائيلي يريد العودة بها إلى الجانب الفلسطيني، لكن جنود الحاجز يمنعونه ويعنّفونه أمام ابنته الصغيرة) تعرف كيف تخطو خطواتها المحسوبة حيال مسألة شائكة: لا تريد تمييع القضية المطروحة في الفيلم، ولا تريد أن تخسر شروط التعامل مع المُشاهد الغربي فترميه بخطابات أحادية. في هذا الصدد، تنجز المخرجة فيلماً واعياً ومدروساً كتابةً وتنفيذاً.

هو (صالح بكري) أستاذ في مدرسة. من تلامذته شقيقان لديهما والعائلة حقل من الزيتون. ذات يوم يُهدم منزل تلك العائلة بقرار من المحكمة (لا داعيَ للفيلم أن يدخل في تفاصيل السبب؛ فهو مجرد تبرير للهدم) ما يؤدي إلى هجرتها لمأوى آخر. بعد أيام قليلة يهرع الشقيق الأكبر صوب الحقل بعدما شاهد مستوطنين يهوداً يحرقون شجر الزيتون. المشاجرة سريعة وقاتلة يسقط بعدها الشقيق قتيلاً برصاص أحدهم.

في خط موازٍ هناك مندوبة للأمم المتحدة (إيموجين بوتس) تتعرّف عن كثب عما يدور وتحضر المحاكمة التي تطلق سراح القاتل «لعدم توفر الأدلة»، القرار الذي يبني عليه الشقيق الأصغر قراره الخاص: سينتقم لأخيه من المستوطن ذات يوم. يجد الأستاذ نفسه في حالة حرجة عندما تزوره مجموعة ومعها جندي كانت قد خطفته لتتركه عنده. تطالب بإطلاق سراح رهائن (سبب آخر للتفكير بالوضع الحالي) مقابل إطلاق سراح الجندي المختطَف.

في هذا الوقت نتعرّف على والدي الجندي، وتمنحهما المخرجة فرصة التعبير عن أن الخسارة واحدة؛ فهما، في نهاية المطاف، والدا الجندي. حالة أخرى تتطوّر في سياق هذا السرد، هي العلاقة بين الأستاذ والمندوبة؛ إذ تتحوّل لعاطفة يحتاج إليها كل من الآخر.

على وفرة هذه الخطوط، لا يوجد أي تشابك أو ضعف في سرد الحكاية والاعتناء بكل هذه الجوانب. تتقن المخرجة معالجة الموضوع المطروح رغم مناطق قليلة يخشى فيها الناقد أن تتم التضحية بأبعاد الفيلم ومفاداته لصالح بعض المفارقات. لكن فرح النابلسي تدرك أيضاً هذه المحاذير.

ما لا تنجح به مسألة واحدة شائكة: صالح بكري ممثل جيد في صمته وفي حضوره، لكن لديه مشكلة حين يتحدّث بالإنجليزية. لا أقصد أنه يرتكب أخطاء لغوية أو قواعدية، لكنه يفتقد الإلقاء الطبيعي الذي يمارسه في العربية. هو مدرّس لغة إنجليزية، بالتالي قاموسه من المفردات يجب أن يكون أوسع كذلك في تلقائية الحديث بتلك اللغة عوض أن يبدو كما لو كان يتذكر ما سيقول أو يقرأه.

• عروض مهرجان البحر الأحمر

أم كل الأكاذيب ★★★

إخراج: أسماء المدير | المغرب | 2023

ما زال السؤال عن قيمة فيلم تسجيلي يدور حول المخرجة أو حول أحد أفراد عائلتها أو حول كل أفراد العائلة، موضع تساؤل حاد عند هذا الناقد.

في حين لم يحقق جهابذة الإخراج أفلاماً تسجيلية عن حياة كل منهم، نجد أن الأعوام العشرين الأخيرة حفلت بأشرطة تجمع ما بين الذكريات والصور والتعليقات والمقابلات التي تدور حول ما لدى المخرج قوله في هذا الشأن. هل هو قول مهم؟ إذا كان مهمّاً للمخرج؛ فهل لا بد أن يكون مهمّاً للمُشاهد؟

فيلم أسماء المدير «أم كل الأكاذيب» (مهرجان البحر الأحمر)

يندرج فيلم أسماء المدير «أم كل الأكاذيب» تحت هذا النطاق، علماً بأنه ليس فيلماً رديئاً، بل على العكس مشغول بحذق وذكاء. المشكلة ربما في «الثيمة».

تنطلق المخرجة من التساؤل حول السبب الذي من أجله لا توجد لها إلا صورة واحدة في منزل العائلة، وتصل إلى نتيجة أن الصور كانت محرّمة بأمر من جدتها المتشددة التي كانت تستطيب إهانة ابنتها وحفيدتها أسماء.

هنا تعود أسماء إلى جدتها طالبة إيضاحات. الجدة ليس لديها كثير لتقوله. لكن أسماء تصر، وإصرارها يقود الفيلم إلى ردح نفسي وذهني بين عقليّتين متناقضتين؛ لا الجدة ستغادر موقعها ولا الحفيدة ستسمح لنفسها بالانضواء تحت سطوة جدتها.

هذا ما يعيدنا إلى السؤال الأول: لماذا؟

هناك، من الناحية الفنية، جهد في مكانه الصحيح تبذله المخرجة للجمع بين عناصر كان يمكن لها أن تتشتت: رسوم وصور وتعليقات وتسجيل حوارات ساخنة بين الجدة وابنتها والمقابلات نفسها. بالإضافة إلى التصوير الداخلي لوجه سيّدة تعكس عيناها إصراراً كبيراً، ولا يزال لسانها لاذعاً. هناك اشتغال على المحيط الاجتماعي بقدر ما يتسنى لفيلم. في كليّته، صُنع فوق مستوى معظم ما حُقّق من أفلام شبيهة.

• عروض مهرجان البحر الأحمر

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز


مقالات ذات صلة

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

يوميات الشرق المخرج شريف البنداري يتسلم جائزة «التانيت الفضي» لأفضل فيلم قصير (إدارة المهرجان)

السينما المصرية تقتنص 3 جوائز في «أيام قرطاج»

فازت السينما المصرية بـ3 جوائز في ختام الدورة الـ35 لـ«أيام قرطاج السينمائية» التي أقيمت مساء السبت على مسرح الأوبرا بمدينة الثقافة بتونس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق محمد سعد في لقطة من الإعلان الدعائي لفيلم «الدشاش» (الشركة المنتجة)

محمد سعد يعود إلى الأضواء بـ«الدشاش»

يجسّد محمد سعد في «الدشاش» شخصية طبيب خلال الأحداث التي تدور في إطار اجتماعي كوميدي تشويقي، ويشاركه البطولة عدد من النجوم.

داليا ماهر (القاهرة )
يوميات الشرق معالجة «سيد الخواتم» على طريقة الأنيمي اليابانية

«سيد الخواتم» يدخل عالم الرسوم المتحركة اليابانية

إذا كنت تودُّ معرفة من هو ملك وادي «هيلمز ديب»، فأنت في المكان المناسب.

سارة بار (نيويورك)
يوميات الشرق ياسمين رئيس في مشهد من «الفستان الأبيض» (الشركة المنتجة)

مصر: أفلام «الأوف سيزون» تغادر دور العرض لـ«ضعف الإيرادات»

شهدت عدة أفلام مصرية، تصنف ضمن العرض خلال «الأوف سيزون»، تراجع إيراداتها مما أدى إلى رفعها من دور العرض السينمائي في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة )
يوميات الشرق بشير الديك مع أحمد زكي وحسين فهمي (حسابه على فيسبوك)

تفاقم الحالة الصحية للسيناريست المصري بشير الديك

أثارت دينا ابنة السينارسيت المصري المعروف بشير الديك حالة واسعة من القلق والجدل في الساعات الأخيرة بشأن صحة والدها.

رشا أحمد (القاهرة )

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
TT

شاشة الناقد: تضحيات صحافيين وانتهاكات انظمة

 «موعد مع بُل بوت» (سي د ب)
«موعد مع بُل بوت» (سي د ب)

RENDEZ‪-‬VOUS AVEC POL‪-‬POT ★★★

* إخراج: ريثي بَنه (فرنسا/ كمبوديا)

يأتي فيلم «موعد مع بُل بوت» في وقت تكشف فيه الأرقام سقوط أعداد كبيرة من الصحافيين والإعلاميين قتلى خلال تغطياتهم مناطق التوتر والقتال حول العالم. ويُذكّر الفيلم أن الصحافة في تاريخها العريق، دائماً ما وجدت نفسها أمام مسؤوليات وتحديات عديدة. في هذا الفيلم الذي أخرجه ريثي بَنه عن الأحداث التي عصفت في بلاده سنة 1978 اقتباسات عن كتاب الصحافية إليزابيث بَكَر (Becker) وعن تجربتها بصفتها واحدة من 3 صحافيين دُعوا لمقابلة بُل بوت، رئيس وزراء كمبوديا وأحد قادة منظمة «الخمير الحمر» (Khmer Rouge) المتهمة بقتل ما لا يقل عن مليون و500 كمبودي خلال السبعينات. الصحافيان الآخران هما الأميركي ريتشارد دودمان، والأسكوتلندي مالكوم كالدويل.

لا يبدو أن المخرج اتّبع خُطى الكتاب كاملةً بل تدخّل بغايةِ ولوج الموضوع من جانب الحدث الذي وضع حياة الثلاثة في خطر بعدما جاءوا للتحقيق ومقابلة بُل بوت. في الواقع دفع الأميركي حياته ثمناً لخروجه عن جدول الأعمال الرسمي والتقاطه صوراً تكشف عن قتلٍ جماعي. وفي الفيلم لحظة مختصرة لكنها قاسية التأثير عندما يَلقى الصحافي حتفه غرقاً في نهر دُفع إليه.

الفرنسية إيرين جاكوب التي تؤدي شخصية الكاتبة بَكَر تُعايش بدورها الوضع بكل مأساته. تُفصل عن زميلها ولم تعد تعرف عنه شيئاً، وتمر بدورها بتجربة مخيفة لم تكن تعلم إذا ما كانت ستخرج منها حية.

في باطن هذا الفيلم الجيد على تواضع إنتاجه، تُطرح أسئلة فيما إذا كان الصحافي يستطيع أن يقبل التحوّل إلى جزءٍ من البروباغاندا. وهل هو أداة لنقل الرأي الرسمي بغياب حرية التعبير؟ وماذا لو فعل ذلك وماذا لو لم يفعل؟

هو ليس بالفيلم السّهل متابعته من دون معرفة ذلك التاريخ ودلالاته حول العلاقة بين النُّظم الفاشية والإعلام. والحرية التي لا تُمنح لصحافيين محليين هي نفسها التي لا تُمنح كذلك للأجانب ما دام عليهم نقل ما يُقال لهم فقط.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

‪THE‬ WRESTLE‪R‬ ★★

* إخراج: إقبال حسين شودهوري (بنغلاديش).

يقترب الرجل المسن موجو (ناصر أودين خان) وسط أشجار ليست بعيدة عن شاطئ البحر وينتقل من واحدة لأخرى ماداً يديه إليها كما لو كان يريد أن يدفعها بعيداً أو أن يُزيحها من مكانها. ومن ثَمّ يتركها ويركض صوب أخرى ليقوم بالفعل نفسه قبل أن يعود إليها. يبعث هذا المشهد على تكراره سخرية غير مقصودة. قد تكون طريقة قديمة لممارسة تمارين المصارعة أو التدريب الوحيد المُتاح في تلك القرية، لكن موجو جادٌ في محاولته لدفع الأشجار إلى الخلف أو تغيير مواقعها، استعداداً لملاقاة مصارع أصغر منه سنّا وأكبر حجماً في المباراة المقبلة.

«المصارع» (أبلبوكس فيلمز)

هناك كثير مما يتأمله المخرج شودهوري بطيئاً قبل تلك المباراة وما بعدها. بعضُ المشاهد لديها نسبة معقولة من الشِّعر الناتج عن تصوير الطبيعة (ماء، أشجار، حياة... إلخ) وبعضها الآخر لا يفضي إلى تقدير خاص. في نصف الساعة الأولى يعكس المخرج شغفاً ما بتصوير شخصياته من الخلف. عندما يتخلى المخرج عن هذه العادة لاحقاً، يستبدل بتلك اللقطات سلسلة من المشاهد البعيدة عن شخصياته في الغالب. هنا يتحسّن تأطير اللقطات على نحوٍ نافع ولو أن شغله على الدراما يبقى غير ذي مكانة.

يطرح الفيلم مشكلة رجلٍ لا يريد الاعتراف بالواقع ويتحدى من هو أكثر قوّة منه. يحقّق طموحه بلقاء المصارع الآخر ويخفق في التغلب عليه. في الواقع يسقط أرضاً مغشياً ومن ثمّ نراه لاحقاً في بيت العائلة قبل أن يعود إلى تلك الأشجار ليصارعها. المخرج (ثاني فيلم له) طموح، لكن أدواته التّعبيرية وإمكانياته التي تفرض نفسها على السيناريو وحجم الفيلم بأسره، محدودة.

* عروض: موسم الجوائز ومهرجان «آسيا وورلد فيلم فيستيڤال».

ONE OF THOSE DAYS WHEN HEMME DIES ★★★

* إخراج: مراد فرات أوغلو (تركيا).

قرب نهاية الفيلم يبدأ الشاب أيوب مراجعة ما مرّ به طوال اليوم. لقد انطلق غاضباً من المُشرِف على العمل عندما شتم أمّه. يعمل أيوب في حقلٍ لتجفيف الطاطم. ويعرف المخرج كيف يوظّف المكان، درامياً (سهل منبطح تحت شمس حامية وصعوبة العمل)، وجمالياً (تلك الثمار المقطوعة إلى نصفين والملقاة فوق شراشف على مد النظر).

«أحد تلك الأيام التي مات فيها هيمي» (مهرجان مراكش)

نقطة الخلاف أن أيوب يُطالب بأتعابه، لكن المُشرف على العمل لم يتقاضَ المال بعد ليدفع له، مما يؤجّج غضب أيوب فينشب شجار بينهما. يركب دراجته النارية وينطلق صوب بلدته. في منزله مسدسٌ سيتسلّح به وفي البال أن يعود لينتقم. معظم الفيلم هو رحلة على الدراجة التي تتعطل مرّتين قبل إصلاحها عند المساء. الأحداث التي تقع على الطريق وفي القرية الصغيرة تُزيّن الموضوع بشخصيات تدخل وتخرج من الحدث الرئيسي الماثل. في أحد هذه الأحداث الثانوية يُساعد أيوب رجلاً عجوزاً اشترى بطيخة ولا يستطيع حملها، فيوصله والبطيخة إلى داره. وفي مشهد آخر يستمع لتوبيخ زوج شقيقته لأنه كان عرض عليه العمل في شركته ورفض. لا يقول لنا الفيلم لماذا رفض ما ينتقص من بنية الموضوع وأسباب عزوف أيوب على تنفيذ وعده لنفسه بالانتقام.

اعتمد المخرج هذين المشهدين وسواهما لملء الوقت الممتد بين عزم أيوب على الانتقام وعزوفه عن ذلك. لكنه هذه المشاهد ضرورية رغم أن الفيلم ينتهي من دون أن يبني حجة دامغة لقرار أيوب النهائي. هذا الفيلم دراما مصوّرة جيداً ومكتوبة بدراية، رغم الهفوات المذكورة.

* عروض حالياً في مهرجان «مراكش»

★ ضعيف | ★★: وسط| ★★★: جيد | ★★★★ جيد جداً | ★★★★★: ممتاز