شاشة الناقد

كايلي سبايني في «بريسيلا» (زوتروب برودكشنز)
كايلي سبايني في «بريسيلا» (زوتروب برودكشنز)
TT

شاشة الناقد

كايلي سبايني في «بريسيلا» (زوتروب برودكشنز)
كايلي سبايني في «بريسيلا» (زوتروب برودكشنز)

في العام الماضي خرج علينا باز لورمن بفيلمه عن ألفيس برسلي. الآن نحن مع زوجته برسيلا برسلي ولديها حكاية مختلفة عنه.

Priscella**

إخراج: ‪صوفيا كوبولا‬ | الولايات المتحدة | 2023

هناك لمسة مصطنعة تشمل كل أفلام المخرجة صوفيا كوبولا. لمسة تمنع هذا الناقد من قبول دعوتها للمضي معها إلى حيث تريد أن تأخذ مشاهديها. هذا متوفر في أيّ من أفلامها السابقة بما فيها «ماري أنطوانِيت» (2006)، الذي استقبل جيداً في «كان» لسببين، الأول أن نصف الفيلم مثير كأسلوب عمل فني، والثاني أن الفرنسيين يحبون تقدير الأميركيين لتاريخهم، حتى ولو كانت الشخصية هي الملكة التي طلبت من شعبها أن يأكلوا البسكويت.

«برسيلا» يملك تلك المسحة الاصطناعية التي تبدو هنا في مكانها إذا ما رضي المرء بذلك القدر من الإجادة. يتحدّث عن زوجة المغني الأميركي الشهير ألفيس برسلي نقلاً عن كتاب زوجته برسيلا «ألفيس وأنا». يبدأ الفيلم سنة 1959 عندما التقت بريسلا بألفيس لأول مرّة. هي كانت في الـ14 من العمر وهو في الـ24. حين عاد من ألمانيا زار والديها وأعلن حبه لها وتزوّجا، وبذلك أصبحت زوجة أشهر نجوم الغناء (وأحد أشهر نجوم السينما ولو لفترة قصيرة). الفضول يتوقّف هنا لأن المخرجة قررت الاكتفاء بتتابع الأحداث كما ترد في الكتاب. المشكلة ليست في نقل النص المنشور، بل حقيقة أن المعالجة تقليدية بلا نفحة تجديد. حتى مراحل الانتقال الزمني تعمد إليها على نحو لم نشاهده منذ الستينات: عبر أوراق الروزنامة المنتزعة من التقويم.

«بريسيلا» يمكن اعتباره الجواب على فيلم «ألفيس» في العام الماضي. ليس إنه معاكساً لما ورد في ذلك الفيلم، بل لأن فيلم باز لورمن احتفى بألفيس (كما أداه أوستن بتلر) فناناً مطرباً، وشخصية جذابة ومستقطبة ونجماً كبيراً بالطبع، بينما فيلم كوبولا ينضوي على قصّة حب تتحوّل إلى مشاكل شخصية وعاطفية. الصورة التي توفرها لألفيس نقلاً عن زوجته ليست باهية، إذ بعد انحسار الحب وارتفاع الشهرة بات شخصاً مختلفاً حيالها يريدها أن تبقى في البيت بلا أي طموح خاص بها، وحين تواجهه بعلاقاته العاطفية يغضب ويرميها بما تصل إليه يده (في ذلك المشهد كرسي).

كل من كايلي سبايني في دور بريسيلا وجاكون إلرودي في دور ألفيس جيدين. أحياناً ما يوحيان بأن الكيمياء بينهما ليست متناسبة ولا الفيزياء أيضاً، كون سبايني قصيرة وإلرودي طويل القامة، مما يخلق في البداية ما يدعو للسخرية قبل أن تتحوّل إلى نقطة غير مضيئة كلما صوّرتهما كابولا معاً.

تبقى صوفيا كوبولا على السطح طوال الفيلم. في تلك المشاهد التي تتطلب إشعارنا بوحدة بريسيلا الناشئة عن إهمال زوجها لها، ستكتفي بالدلالات العامّة وتهيئة الديكور لكي يستقبل لقطة بعيدة مع ضوء محدود. لكن لا شيء من كل هذا يتجاوز النظرة إلى حيث كان من المطلوب النفاذ إلى المشاعر.

* عروض: عالمية.

‪ The Killer ‬***

إخراج: ‪ديفيد فينشر‬ | الولايات المتحدة | 2023

القانون الأول، يقول فيلم «القاتل» لمستمعه أن يُصغي لنفسه ولا يدع أي شيء آخر يعترض طريقه. نصيحة ثمينة لا نجد أن قائلها قادر على تطبيقها.

في «القاتل» شخصية رجل بلا اسم (مايكل فاسبيندر) يعمل قاتلاً مأجوراً، وفي البداية نراه يحاول قنص سياسي في شقته في باريس. إنه في ذلك المشهد الأول المؤلف من نحو 10 دقائق يبدأ بتلاوة القوانين التي على كل قاتل محترف، أو من يود أن يصبح قاتلاً محترفاً، اتباعها. 10 لاءات حاولت تذكّرها حتى أكتبها هنا (أو ربما لكي أمارسها فيما لو قررت التحوّل إلى قاتل محترف) لكني نسيت معظمها.

«القاتل» (أركايا إنترتينمنت)

واحدة من تلك اللاءات أو القوانين التي ما زالت في البال هو الصبر خلال العمل. نصيحة قيّمة أخرى، خصوصاً عندما تشاهد فيلماً كهذا يُخفق في تحديد ما يريد قوله. تنتهي مهمّته بالفشل (بعض القوانين لم يكن فاعلاً على ما يبدو)، ويعود إلى جمهورية الدومينيكان، حيث يعيش، ليكتشف أن صديقته (صوفي شارلوت) قد ماتت مقتولة. من هنا الفيلم هو قصّة انتقام أخرى. بطلنا الذي لا يعطيه المخرج اسماً يكتشف الفاعلين ويمارس مهنته في التخلص منهم.

للفيلم حسناته بالتأكيد. إخراج الخبير ديفيد فينشر يقتنص اللحظات المهمة في مشاهد موحية وبسرد متواصل. لكن الفيلم لا يكشف ما هو المرغوب قوله هنا. ما هو المفاد العام الذي يمكن أن يخرج به المُشاهد؟ هذه شخصية لا تستطيع أن تحبّها ولا المخرج يطلب منك أن تكرهها. هو حرفي تصدقه لكن الأحداث المحيطة به لا تملك ما يكفي لمنحه الأهمية والتميّز. هناك ما يستدعي الاهتمام في الفيلم، لكن في اللحظة التي نبدأ فيها بالتساؤل عن ماهية الرسالة التي يود طرحها، يتساقط كل شيء أرضاً.

* عروض: حالياً في صالات السينما

‬Shoshana**

إخراج: مايكل وِنتربوتوم | بريطانيا | 2023

استوحى وِنتربوتوم فيلمه عن قصّة نُشرت قبل نحو 20 عاماً بعنوان «One Palestine Complete» لكاتب غير معروف جداً في الوسط الأدبي هو توم سيغيف، صحافي إسرائيلي لديه بضعة مؤلفات تهتم بتاريخ المنطقة و«فلسطين واحدة كاملة» هي واحدة منها، وتعود إلى الثلاثينات عندما كانت البلاد ما زالت تحت عهدة بريطانيا. في تصريحاته، ذكر وِنتربوتوم أنه قرأ الرواية خلال الغزو الأميركي للعراق، ووجد أن الدور الذي قامت به بريطانيا خلال تلك الفترة يشبه الدور الذي قامت به الولايات المتحدة في العراق وأفغانستان. هذا التشبيه غير موجود في الفيلم، لكن الاستنتاج الذي يمكن للمُشاهد الخروج به لا يختلف كثيراً عن تلك الصورة. يحتوي «شوشانا» على سرد تاريخي، لكنه ليس ناصعاً كما يتمنى المرء. هذا لأن الفيلم - الذي يذكر في مقدّمته أنه مبني على وقائع حقيقية - يتبنى وجهة نظر بطلته المهاجرة الروسية شوشانا (إرينا ستارشنبوم) التي تؤمن بأن فلسطين عليها أن تكون دولة لليهود. انتقال المخرج بين الفريقين، العربي واليهودي، ليس متساوياً في الفترة الزمنية الممنوحة لكل فريق. هذا مفهوم تبعاً للنص الأصلي، لكن المخرج كان يستطيع تجاوزه، فيما لو أراد رسم صورة كاملة. لكن في الوقت الذي لا يود الفيلم فيه أن يكون بوق دعاية لأي طرف، يصرف المخرج وقتاً لا بأس به لمناوءة الصوت العنصري بين فصيل ثوري يهودي ينادي باستخدام العنف ضد العرب لأنه «لا يمكن بناء إسرائيل إلا بالعنف»، وآخر يؤمن بحل الدولتين. على الجانب العربي، نجد البريطانيين يمارسون أسلوب البطش حيال المعارضين للهجرة اليهودية إلى فلسطين. في الوقت نفسه هناك إدانة مماثلة (ولو عابرة) للدعوة التي تتبناها المنظمات اليهودية لفرض سيطرتها وطرد الفلسطينيين من أراضيهم.

لقطة من «شوشانا» (ريفوليوشن فيلمز)

ما سبق ذكره هنا يؤدي إلى قرارات غير نهائية، ومستويات غير ثابتة، وآراء لا تقدم على موقف واحد حتى نهايته. هناك قصّة حب واضحة بين شوشانا والضابط ويلكِن، عندما يلتقيان في حفلة بالمدينة التي ستصبح تل أبيب يوظفها الفيلم كدراما عاطفية مواكبة للمواقف السياسية الناشئة. هناك أيضاً مشاهد مبهمة من حيث ترتيب أحداثها ومعرفة ما المقصود منها وما هي المواقف التي يؤيدها البعض ويعارضها البعض الآخر ولماذا. هذا عاكس لما يبدو حيرة المخرج في قراراته. في أفضل الحالات يريد توفير فيلم بثلاثة أضلاع متساوية (عرب وبريطانيون ويهود). في سبيل ذلك، يمضي وقتاً كبيراً في تبادل المواقف والاتجاهات من دون أن يحقق الرغبة المطلوبة.

* عروض: مهرجان تورنتو

ضعيف* | وسط**| جيد ***| ممتاز**** | تحفة*****


مقالات ذات صلة

«بيت السينما»... الوجه الجديد للفن السابع في الرياض

يوميات الشرق أول سينما فنية بمدينة الرياض تستعد لاستقبال الجمهور (الشرق الأوسط)

«بيت السينما»... الوجه الجديد للفن السابع في الرياض

لطالما انتشرت دور عرض السينما الفنية «Art house» في عدة دول من حول العالم، التي تركز على الأفلام المستقلة والبعيدة عن النمط التجاري السائد، بهدف خلق تعبير فني

إيمان الخطاف (الدمام)
يوميات الشرق المخرج ديفيد غوردون غرين والممثل بن ستيلر مع البنات المشاركات معه في فيلم «كسّارات البندق» (أ.ب)

مهرجان «تورونتو» مجدّداً على الخريطة بعد نكسة

كانت هناك مفاجأة بانتظار فيلم «كسّارات البندق»، فقبل نحو رُبع ساعة من بدء عرضه تقدّمت مجموعة شابّة وأخذت تصيح في الصالة: «تحيا فلسطين».

محمد رُضا (تورونتو)
أوروبا صورة عامة للعاصمة باريس (أرشيفية - رويترز)

يهود فرنسا ينددون بإلغاء مهرجان سينمائي إسرائيلي

أعرب المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا (كريف)، اليوم (الأحد)، عن غضبه لإلغاء مهرجان «شالوم أوروبا» السينمائي الإسرائيلي، الذي كان مقرراً في ستراسبورغ.

«الشرق الأوسط» (باريس)
يوميات الشرق النجمة الأسترالية الأميركية نيكول كيدمان (أ.ف.ب)

وفاة والدة نيكول كيدمان تمنعها من تسلم جائزتها في مهرجان البندقية

فازت نيكول كيدمان بجائزة أفضل ممثلة في الدورة الـ81 لمهرجان البندقية السينمائي لكنها غابت عن حفل اختتام المهرجان بعد تلقيها نبأ وفاة والدتها

«الشرق الأوسط» (البندقية)
يوميات الشرق طاهر رحيم في دور أزنافور الخارق (إكس)

كيف تغيَّرت ملامح طاهر رحيم ليُشبه أزنافور؟

احتاج الممثل الفرنسي طاهر رحيم إلى استخدام قالب في الفكّ السفلي، وساعات من الجلوس بين يدَي خبير الماكياج ليؤدّي دور البطولة في الفيلم الجديد «مسيو أزنافور».

«الشرق الأوسط» (باريس)

ثلاثة أفلام تتحدّث عن إسرائيل من زوايا مختلفة

«عطلة سعيدة» (مهرجان ڤينيسيا)
«عطلة سعيدة» (مهرجان ڤينيسيا)
TT

ثلاثة أفلام تتحدّث عن إسرائيل من زوايا مختلفة

«عطلة سعيدة» (مهرجان ڤينيسيا)
«عطلة سعيدة» (مهرجان ڤينيسيا)

يسبح المتابع لأفلام مهرجان «ڤينيسيا» الذي يقترب حثيثاً من انتهاء دورته الـ81 يوم السبت، بين أفلام تتماوج في اتجاهات متعددة. يأخذنا كل فيلم صوب موضوع مختلف. رؤية خاصة، أسلوب عمل منفرد، مفادات متعددة. حتى عندما لا يكون أيّ من هذه الأفلام منفرداً في أسلوبه أو في موضوعه، بل حتى وإن لم يُنجِز المتوقع منه، فإن توالي التجارب مجتمعة هو ثراء ومتعة وأعمال زاخرة بالمعرفة.

لكن لا بد من القول إن أفلاماً كثيرة، ومن بينها ما هو جيد، باتت ترتاح لما يمكن وصفه بـ«مشاهد الصدمة». تلك التي تعمد لتأكيد ما تريد لفت النظر إليه باختلاق لقطات كان يمكن للرسالة المطلوبة الوصول لما تريد تحقيقه وقوله، لو نهجت أسلوباً يعتمد على تشكيل أبسط وأثرى وأكثر أصالة.

ليس أن المعنيّ هنا هو عدم الابتكار والتحديث، لكن لا بدّ أن يكون لهما (الابتكار والتحديث) رؤية فنية وقواعد سليمة تدفع حيال نجاح المعالجة وليس تكبيلها.

عائلة فلسطينية في يافا

واحد من الأفلام التي استعاضت عن السّهل الممتنع بالممتنع وحده، «عطلة سعيدة» للفلسطيني إسكندر قبطي (من عرب 1948) الذي عرض في مسابقة «آفاق»، فيلم خالٍ من مشاهد مفتعلة، لكن معالجته السّردية ليست مبرّرة.

دراما من 5 فصول كل منها يروي جانباً من قصّة واحدة. الطريقة ليست بالطبع جديدة (أكيرا كوراساوا عمد إليها في فيلمه الرائع «راشامون» سنة 1950)، لكنها في إطار ما يوفره الفيلم من أحداث لا تطرح الحل الأفضل لما هو معروض: المكان حيفا. الزمن الحاضر. رامي رجل فلسطيني عاشر امرأة يهودية اسمها شَلي والآن هي حبلى. يروي قبطي قصّته، ثم ينتقل إلى قصّة والدته ذات الشخصية المهيمنة التي لا تعرف شيئاً عن هذا الموضوع ومشغولة بعرس ابنتها التي تصرّ على أن يأتي حافلاً بالبهجة مهما كلّف مادياً. زوجها في ورطة مالية ويريد بيع البيت وهي تعارض. القصّة الثالثة تنقلنا إلى شَلي ووالدتها (ذات الشخصية القوية بدورها) التي تعارض أن تحبل ابنتها من عربي. ثم نحط مرّة أخرى في دار العائلة الفلسطينية لأن هناك بوادر حب مع طبيب فلسطيني وصديق لرامي. الفصل الخامس هو ما سيحصده المؤلف - المخرج من مفادات عن هذه الحكاية.

هذا فيلم جيد بمضمونه ينضح بالملاحظات التي تطرحها الحكاية أولاً، ثم الكاميرا بعد ذلك، مثل العلاقات المتشابكة بين الشخصيات الفلسطينية في الداخل والشخصيات اليهودية المرتبطة بالأولى بحكم العمل أو بحكم العلاقة الشخصية. المشكلة تقع في جانبين، تكرار دخول شريط الصوت التابع للمشهد اللاحق قبل انتقال الكاميرا ونحن إليه (هذا مُحتمل بضع مرّات، لكن أكثر من ذلك هو تكرار لا يضيف شيئاً)، وحقيقة أن الفيلم المليء برطل من الحوارات يريد التماثل بالأسلوب التسجيلي رغم أنه دراما ممتلئة بالاحتمالات الحاضرة أو الغائبة. هذا كله يجعل الاهتمام بما يدور يتفاوت من مشاهد لآخر.

المهندس المختلف

هناك معالجة متشابكة في فيلم آخر هو «الوحشي» (The Brutalist). لكن هذا التشابك بين ما هو معروض وبين ما كان يمكن أن يُعرض بنجاح أعلى، هو اللقاء النظري الوحيد بين الفيلمين.

من «الوحشي» (مهرجان ڤينيسيا)

«الوحشي» فيلم جيد بلا ريب، لكنه يبني ويهدم، ومن ثَمّ يبني من جديد مواقفه، وخلال ذلك يُكرّر ما كان يكفي ذكره في المرّة الأولى. يدور حول لازلو (أدريان برودي)، مهندس معماري من يهود المجر الذين هربوا من النازية إلى الولايات المتحدة. عند وصوله يستقبله قريب له (أليساندرو نيڤولا) الذي يملك شركة تعهدات معمارية. هذا التعاون يدلي بلازلو إلى التعرف على لي ڤان بورين (غاي بيرس) أحد كبار أثرياء ولاية بنسلفانيا الذي، يطلب منه بناء مجمع فوق أرضه يضمّ فيما يضم، كنيسة ومدرسة وجمنيزيوم ومكاتب. نمضي أكثر من ساعتين في متابعة قيام لازلو بالمشروع متمتعاً بمباركة ڤان بورين ومساندته رغم خلافات لازلو مع محيطين ببورين وبينهم ابنه. محامي بورين يساعده في جلب زوجته وإحدى قريباته.

تكاد التفاصيل أن تقتل فيلماً يقوم على مواجهة لازلو (ثم عائلته) لحياة يصعب له العيش فيها من دون التنازل والتأقلم معها. يقف الفيلم معه في هذه المواجهة فإذا به الشخص الوحيد الذي يمكن للمُشاهد القبول به. هذا على الرغم من أنه اعتاد سريعاً على الهيرويين، أمر يحدث غالباً بعيداً عن الكاميرا، لكنه في النهاية ينضح بقفزة صوب مشهد اغتصاب بورين له في بعض أنحاء إيطاليا خلال زيارة. يسأله بورين قبل ذلك «كيف تناهض ما تعرضت له من اضطهاد وتقبل إهانة نفسك؟». سؤال مهم كان يمكن أن يقع قبل ذلك المشهد أو بعده. هناك أيضاً تلك المؤثرات الصوتية التي تهدر وتستخدم مطارق وضرب على أنابيب فارغة (أو ما هو قريب منها) وأدوات أخرى مختلفة لخلق تأثير صادم. الناتج فيلم ضخم ببصرياته، مضج في صوتياته ودراما متكلّفة في السرد.

أين الحرب؟

لا يضع المخرج الإسرائيلي عاموس جيتاي علامة استفهام على عنوان فيلمه الجديد «لماذا الحرب» (Why War)، بذلك ينتقل بعنوانه إلى طموح لا ينجزه الفيلم وهو تفسير أسباب الحرب.

بدايته تنطلق بلقطة بكاميرا «ستدي كام» لمدّة 7 دقائق، واحدة تبدأ في شارع وتنتهي داخل تجمّع، لكنها لا تفضي إلى شيء. الفيلم مأخوذ جزئياً عن رسائل متبادلة بين سيغموند فرويد وألبرت أينشتاين وهذه بدورها لا تفضي إلى شيء.

إيرين جاكوب بطلة «لمَاذا الحرب» (شوتايم)

تظهر الممثلة الفرنسية إيرين جاكوب وهي تكتب رسالة (نسمعها تقرأها في الوقت نفسه) موجهة إلى المخرج، تتساءل فيها عن معنى الحرب. لا تصل إلى جوابٍ وينتقل الفيلم إلى لقاءٍ بين الفرنسي ماثيو أمالريك في دور فرويد، والإسرائيلي ميشا ليسكوت في دور أينشتاين. الأول بغليونه والثاني بباروكة شعر مضحكة. كذلك حال النظريات المتبادلة حول الحرب والثقافة والإنسان. تأتي وتذهب دون أن تترك أي أثر.