«البحر الأحمر السينمائي» تحتفي بـ5 أفلام في «مهرجان تورونتو الدولي»

علي الكلثمي وهاجر الشمري ومحمد الدوخي (أ.ف.ب)
علي الكلثمي وهاجر الشمري ومحمد الدوخي (أ.ف.ب)
TT
20

«البحر الأحمر السينمائي» تحتفي بـ5 أفلام في «مهرجان تورونتو الدولي»

علي الكلثمي وهاجر الشمري ومحمد الدوخي (أ.ف.ب)
علي الكلثمي وهاجر الشمري ومحمد الدوخي (أ.ف.ب)

تعرض «مؤسسة البحر الأحمر السينمائي» خمسة أفلام مدعومة من «صندوق البحر الأحمر» في مهرجان تورونتو السينمائي الدولي خلال الفترة بين 7 و15 سبتمبر (أيلول) الجاري، لتسلّط الضوء على قصص من السعودية والعالم العربي وأفريقيا.

ويتضمن «مهرجان تورونتو»، الذي يعد أحد أكبر المهرجانات السينمائية، العديد من العروض والمناقشات وورش العمل والفعاليات، ويشكّل منصّة للتطوير المهني لصانعي الأفلام، ويتيح لهم فرصة للتفاعل وتبادل الخبرات مع أهم الخبراء في المجال من جميع أنحاء العالم.

يعد «مهرجان تورونتو الدولي» أحد أكبر المهرجانات السينمائية (أ.ف.ب)
يعد «مهرجان تورونتو الدولي» أحد أكبر المهرجانات السينمائية (أ.ف.ب)

حظى فيلم «مندوب الليل» للمخرج والمنتج السعودي علي الكلثمي، من إنتاج استديو «تلفاز 11» على اهتمام كبير في المهرجان، إذ تم تصنيف عرضه العالمي الأول للفيلم ضمن «برنامج ديسكفري Discovery program»، الذي انطلق منه العديد من المخرجين العالميين، من بينهم كريستوفر نولان. وتدور أحداثه في قالب من الكوميديا السوداء حول قصة سائق تطبيق توصيل في الرياض، يلعب دوره محمد الدوخي، في محاولة يائسة لكسب المزيد من المال لتغطية نفقات والده الطبية، ويتورّط في مغامرات غير مشروعة لتحقيق ذلك.

تلقى «مندوب الليل» تمويل التطوير عام 2021 حينما كان مجرد فكرة، وبعد الانتهاء من تطوير العمل حظي هذا العام على دعم إنتاج من صندوق البحر الأحمر، الذي يعتبر منتجاً مشاركاً للفيلم.

ويعرض فيلما «بانيل وأداما» و«إن شاء الله ولد»، المدعومان من الصندوق، بوصفهما جزءاً من برنامج «Centrepiece» في المهرجان. ويحكي الأول كفاح زوجين شابين للصمود أمام العواصف الحياتية ويتحديان توقعات أسرتيهما في شمال السنغال، وهو من إخراج راماتا تولاي سي. وحصل على دعم «سوق البحر الأحمر»، وتم ترشيحه لكل من جوائز السعفة الذهبية والكاميرا الذهبية بـ«مهرجان كان السينمائي الدولي».

تسلّط الأفلام الضوء على قصص من السعودية والعالم العربي وأفريقيا (أ.ف.ب)
تسلّط الأفلام الضوء على قصص من السعودية والعالم العربي وأفريقيا (أ.ف.ب)

ويروي فيلم «إن شاء الله ولد» للمخرج أمجد الرشيد، قصة معاناة امرأة بعد وفاة زوجها، حيث تحاول يائسة توفير حياة أفضل لابنتها وتواجه خيارات صعبة. وحصل على تمويل الإنتاج من الصندوق، كما حصد جائزة السكة الذهبية ضمن فعاليات أسبوع النقد بـ«مهرجان كان».

وعُرِض فيلم «بنات ألفة» للمخرجة التونسية كوثر بن هنية ضمن برنامج «Special Presentations» بمهرجان تورونتو، ويقدّم تجربة سينمائية تجمع بين الوثائقي والدراما، حيث اُستلهم من قصة حقيقية لامرأة تدعى ألفة في الأربعينات من العمر، تنحدر من عائلة فقيرة وهي ربة منزل وأم لـ4 فتيات. وحصل على تمويل الإنتاج من الصندوق، وجائزتي «العين الذهبية» و«فرنسوا شالي» في مهرجان كان.

ويتناول الفيلم المغربي «كذب أبيض» للمخرجة أسماء المدير، الذي تم عرضه ضمن برنامج «TIFF Docs»، قصة عائلتها في خضّم أحداث انتفاضة الخبز عام 1981، حيث ظلت تبحث عن أصل وقصة صورة عثرت عليها في منزل والديها. ونال تمويل الإنتاج من صندوق البحر الأحمر، وجائزة أفضل إخراج في مسابقة «نظرة ما» ضمن «مهرجان كان»، وأفضل فيلم وثائقي في مهرجان ديربان السينمائي الدولي.

الأفلام المشاركة حاصلة على جوائز في مهرجان كان السينمائي الدولي (أ.ف.ب)
الأفلام المشاركة حاصلة على جوائز في مهرجان كان السينمائي الدولي (أ.ف.ب)

من جانبه، قال محمد التركي، الرئيس التنفيذي لمهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي: «أعرب عن امتناني للجنتي الخبراء والاختيار في (مهرجان تورونتو)، حيث إن نجاح هذه الأفلام الخمسة يمثّل شهادة على المواهب الرائعة التي ندعمها في (مؤسسة البحر الأحمر)»، مضيفاً: «نحن فخورون بأن هذه الأفلام ستتاح لها الفرصة لرواية قصص من السعودية والعالم العربي وأفريقيا، وذلك بتمكينها من الحضور على المنصات السينمائية الدولية، مثل مهرجان تورونتو».

ويقدم صندوق البحر الأحمر التمويل للأفلام في جميع مراحل التطوير والإنتاج وما بعد الإنتاج، لدعم الأصوات الأصلية والمواهب الجديدة، خاصة من السعودية والعالم العربي وأفريقيا.


مقالات ذات صلة

أعمال «الذكاء الاصطناعي» تجتذب جمهور «الإسكندرية للفيلم القصير»

يوميات الشرق الفيلم التونسي بطلته تعاني من النوم القهري - إدارة المهرجان

أعمال «الذكاء الاصطناعي» تجتذب جمهور «الإسكندرية للفيلم القصير»

اجتذبت الأفلام التي تم تنفيذها بتقنية «الذكاء الاصطناعي» جمهور مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بمصر.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق حلمي كشف عن نيته تقديم أفلام سينمائية كثيرة الفترة المقبلة (إدارة مهرجان مالمو)

أحمد حلمي: بعض أدواري السينمائية تقاطعت مع شخصيتي الحقيقية

قال الفنان المصري أحمد حلمي إن بعض أدواره السينمائية تقاطعت مع شخصيته الحقيقية.

أحمد عدلي (مالمو (السويد))
يوميات الشرق مجموعة حفلات غنائية وموسيقية تؤلّف برنامج المهرجان (الشرق الأوسط)

«أعياد بيروت»... موسيقى تنهض بمدينة لا تموت

في مشهدٍ طال انتظاره، تعود بيروت هذا الصيف لتصدح مجدداً بصوت الحياة، عبر مهرجان «أعياد بيروت» الذي يطلق دورته الجديدة تحت شعار «رجعت الأعياد لبيروت».

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق جانب من حضور حفل افتتاح المهرجان (إدارة المهرجان)

«الخلافات الفلسطينية» تخيّم على افتتاح «مالمو للسينما العربية»

طال الانقسام الفلسطيني حفل افتتاح الدورة الـ15 من مهرجان «مالمو للسينما العربية».

أحمد عدلي (مالمو (السويد))
يوميات الشرق عبَّرت هند صبري عن سعادتها الكبيرة لتلقيها الجائزة في لبنان (إنستغرام)

«بيروت لسينما المرأة» يكرّم هند صبري

في كلمة مؤثرة من على مسرح كازينو لبنان، عبَّرت النجمة التونسية هند صبري عن امتنانها لبيروت، ووصفت السينما بأنها مركب العبور من الألم إلى الحلم.

«الشرق الأوسط» (بيروت)

«عيون مغلقة على اتساعها»... تحفة كوبريك الأخيرة

 توم كروز وراء القناع (وورنر)
توم كروز وراء القناع (وورنر)
TT
20

«عيون مغلقة على اتساعها»... تحفة كوبريك الأخيرة

 توم كروز وراء القناع (وورنر)
توم كروز وراء القناع (وورنر)

لم يكن من المفترض أن يختم ستانلي كوبريك حياته المهنية المديدة، التي بدأت عام 1952 وانتهت في 1999، بفيلم «عيون مغلقة على اتساعها» (Eyes Wide Shut)، إذ كان لديه مشروعات عدة غير منجزة في أدراج مكتبه. أحدها كان «ذكاء اصطناعي» (AI: Artificial Intelligence) المقتبس عن رواية قصيرة لبرايان ألديس، كما كان على أهبّة البدء بنفض الغبار عن مشروع قديم بعنوان «أوراق أريانية» (Aryan Papers) المستوحى من رواية للويس بَيغلي بعنوان أكاذيب زمن حرب (Wartime Lies).

آل مشروع «ذكاء اصطناعي» إلى ستيفن سبيلبرغ، كما هو معلوم، فحقّقه بعد عام واحد من وفاة كوبريك (الذي توفي في 1999 قبل أشهر قليلة من عرض فيلمه).

أما «أوراق أريانية»، فيذكر بول دانكن في كتابه ستانلي كوبريك: الأفلام الكاملة (2003)، أن المخرج خطط لتحقيقه قبل 10 سنوات من وفاته، لكنه انتقل لإخراج «عيون مغلقة على اتساعها» مع توم كروز وزوجته آنذاك نيكول كيدمان.

وكحال معظم أعمال كوبريك السابقة، فإن «عيون مغلقة على اتساعها» كان هو الآخر مستوحى من رواية أدبية عنوانها قصة حلم للكاتب النمساوي آرثر شنيتسلر، وكما اعتاد كوبريك، امتلك حق تطوير القصة وتعديلها كما يشاء.

كوبريك خلال التصوير (وورنر)
كوبريك خلال التصوير (وورنر)

رسالة غير احتفائية

هذا فيلم غريب عن قصة حب يعيشها زوجان قريبان جسدياً، بعيدان روحياً. كلٌّ منهما يتخيل أن شريكه شخص آخر، ويشعر بالرغبة نحوه بناءً على هذا التخيُّل. لا نرى خيانة فعلية من أي منهما، لكن الفيلم يتجلّى في ليلة يقضيها كروز في حفل كبير.

يجول فيه مرتدياً قناعاً، كذلك تجول الكاميرا لتعرض مجتمعاً سرياً لا روحانيات فيه ولا أخلاقيات. مجتمع يؤمن بعلاقات لا تقوم على الحب، وتُقام في حفلاته طقوس قتل عنيفة.

هناك إيحاءات خلال ذلك الفصل الكبير من الفيلم تُلمِح إلى أن الماسونية هي المقصودة. بعض المحللين رأوا أن كوبريك كان ماسونياً، أو على الأقل متأثراً بفلسفتها. لكن هذا يتناقض مع الإدانة الواضحة التي تحملها تلك المشاهد ومضامينها.

الراجح إذن أن كوبريك أراد تصوير الحفل بهذه الطريقة ليبعث رسالة غير احتفائية، تتجاوز الماسونية لتدين قوى مختلفة تقف وراء ستائر العالم، تمتلك قدرة على السيطرة الخفية.

ويليام (كروز) يمر بهذه التجربة ثم يعود إلى زوجته، مع احتمال أن كل ما مرّ به في تلك الليلة لم يكن سوى وهم وفانتازيا - لكن هذا أمر آخر.

نيكول كيدمان وتوم كروز في مشهد من الفيلم (وورنر)
نيكول كيدمان وتوم كروز في مشهد من الفيلم (وورنر)

تمهيدات فلسفية

أفلام كوبريك، منذ «لوليتا» (1962) و«دكتور سترينجلوف أو كيف تعلمت التوقف عن القلق وأحببت القنبلة» (1964)، تبدأ بمقدمات ذات بعد فلسفي، ليست كغيرها من مقدمات الأفلام، بل تهيئة فكرية لما سيُكشف لاحقاً.

نجد هذا في 2001: أوديسا الفضاء (1968)، حيث تبدأ القصة بصراع قبيلتين من القردة على الماء، قبل الانتقال إلى حكاية فضائية.

وفي «اللامع» (The Shining)، حيث ينتقل الكاتب (جاك نيكولسون) من عالم يعرفه إلى عالم مخيف وغامض.

وفي «سترة معدنية كاملة» (Full Metal Jacket)، حيث تبدأ القصة بمقدمة طويلة عن المجند الذي ينتحر بسبب عنف المؤسسة العسكرية، قبل أن ننتقل إلى حرب في ڤيتنام.

هذه النماذج تعكس أفكاراً فلسفية وسياسية واضحة، وتتقاطع مع ما يعيشه ويليام في «عيون مغلقة على اتساعها» من انتقال إلى اكتشافات محظورة.

عين ويليام هي عين المخرج، وهي أيضاً عين المشاهد، إذ يلج ما يريده المخرج له أن يراه، وفق رحلة البطل الاستكشافية.

في هذا الفيلم، هناك محطات تمهّد لدخول ويليام المنطقة المحظورة. زوجته أليس تعترف له بأنها تخيّلت نفسها تخونه مع ضابط في البحرية.

ينطلق ويليام من هذا الاعتراف في عالم من الخيال، ثم الرغبة في عيش تلك الحالة متجسدة.

وهذا يعزز فرضية أن الفيلم، بمعظمه، هو حلم ويليام، وليس واقعاً يقدّمه كوبريك. بمعنى آخر، ما نشاهده هو انعكاس لرغبات بطل الفيلم وليس واقعه، ما يعني أن الحفل الماسوني (أو ما يشبهه) ليس بدوره سوى وسيلة استخدمها كوبريك لنقد عالمنا المعاصر. ذاك العالم الذي يؤثر فينا دون أن نعيه.

حقيقتان

يدعم هذا الطرح ما تقوله أليس لزوجها وهما في المتجر برفقة ابنتهما، وهما يشتريان حاجيات عيد الميلاد، إذ تقول: «أنا واثقة من أن حقيقة ليلة واحدة، أو حتى العمر كله، لا يمكن اعتبارها الحقيقة بعينها».

(تستخدم أليس كلمتي Reality وTruth للتأكيد على الفرق بينهما).

بكلمات أخرى: من يستطيع أن يؤكد أن ويليام خاض فعلاً ما اعتقد أنه عاشه؟

هنا يلعب القناع (المتوفّر في الحفل كما في مشاهد خارجه) دوره في فك لغز هذا الفيلم.

فهو رمز للمزج بين الحقيقة والخيال.

أليس هي القوة الخفية وراء رجل كان يظن نفسه القوة الفعلية.

القناع هو طريقته في خداع نفسه والاعتقاد بأنه شخص آخر.

إنه القناع الذي نرتديه جميعاً لأن أعيننا، كما يقول كوبريك، «مغلقة... على اتساعها» عن الحقيقة.