لحظة إلهام وراء فكرة الدمية الشهيرة «باربي»

الفيلم السينمائي حقق 382 مليون دولار حتى الآن

روث هاندلر تستعرض واحدة من الدمى في مؤتمر صحافي بمناسبة مرور 40 عاماً على إطلاق «باربي» (غيتي)
روث هاندلر تستعرض واحدة من الدمى في مؤتمر صحافي بمناسبة مرور 40 عاماً على إطلاق «باربي» (غيتي)
TT

لحظة إلهام وراء فكرة الدمية الشهيرة «باربي»

روث هاندلر تستعرض واحدة من الدمى في مؤتمر صحافي بمناسبة مرور 40 عاماً على إطلاق «باربي» (غيتي)
روث هاندلر تستعرض واحدة من الدمى في مؤتمر صحافي بمناسبة مرور 40 عاماً على إطلاق «باربي» (غيتي)

أثارت الضجة التي أحدثها الفيلم السينمائي «باربي» من قبل عرضه الأسبوع الماضي، تساؤلات عن أصل الدمية الشهيرة التي تعد واحدة من أكثر ألعاب الأطفال شعبية عبر التاريخ.

بدأت القصة في الخمسينات من القرن الماضي، حين لاحظت سيدة الأعمال الأميركية روث هاندلر أن ابنتها باربرا لا تستمتع كثيراً باللعب بالدمى التي كانت آنذاك على شكل أطفال صغار فقط وتستمتع أكثر بصناعة الدمى الورقية بنفسها لتتمكن من تغيير ملابسها والكلام معها على أنها شابة، بحسب ما جاء في تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وخلال إجازة لروث مع عائلتها في أوروبا، لفت انتباهها تمثال نسائي في واجهة أحد محلات الهدايا، وهنا جاءتها الفكرة، «تصميم دمية للأطفال على شكل شابة يافعة».

استغلت روث امتلاكها وزوجها مصنع «ماتيل» للمفروشات بالشراكة مع صديقهما وأقنعتهما بتجربة صناعة دمية بمواصفات شابة، ومن هنا ولدت «باربي» التي سميت على اسم ابنتها باربرا.

باربرا هاندلر ابنة روث التي سميت الدمية على اسمها الحركي (غيتي)

وكان الظهور الأول لـ«باربي» في معرض نيويورك لألعاب الأطفال يوم 9 مارس (آذار) 1959، وهو اليوم الذي اختاروه ليكون يوم عيد ميلادها.

ارتدت أول نسخة من «باربي» لباس سباحة مخططاً بالأبيض والأسود وكانت ترفع شعرها على هيئة ذيل حصان كثيف، وكان يمكن اختيارها شقراء أو ذات شعر أسود. حققت الدمية نجاحاً استثنائياً بعد بيع ما يزيد على 300 ألف قطعة في عامها الأول، وبعد عامين، تم تقديم «كين» صديقاً لـ«باربي» وسمي على اسم ابن هاندلر.

أول دمية تم إنتاجها عام 1959 (غيتي)

ابتداء من الثمانينات، وبعد توجيه الانتقادات للمصنعين بأن الدمية لا تمثل الأعراق المختلفة وأن نسبة كبيرة من الفتيات لا يشعرن بأنها تشبههن أو تمثلهن، استجابت «ماتيل» وطرحت نسخاً مختلفة من الدمية، وصلت الآن إلى 22 درجة من درجات لون البشرة و94 لوناً وملمساً للشعر و13 لوناً للعيون وخمسة أشكال للجسم، وشملت أيضاً ذوي الاحتياجات الخاصة والمحجبات.

في 2018، استجابت «ماتيل» مجدداً لأمهات طالبن بتسليط الضوء على نماذج مشرفة لسيدات من عالمنا، فطرحت مجموعة «الناجحات» من ضمنهن أديبات وسياسيات وعالمات ورائدات فضاء وبطلات رياضيات وبطلات بارالمبيات أيضاً.

على مدار ستة عقود، تربعت «باربي» على عرش أزياء الدمى، بحسب المهتمين بثقافة الألعاب.

يذكر أن «باربي» و«كين» من أكثر الدمى انتشاراً على مستوى العالم بحسب شركة «ماتيل»، حيث بيع ما يزيد على مليار قطعة بمعدل يقترب من 58 مليون قطعة سنوياً في أكثر من 150 دولة، ويتوقع خبراء التسويق أن تتضاعف مبيعات «باربي» هذا العام بعد طرح الفيلم، وأن تستمر في الزيادة حتى عام 2030. ويعود الفضل في ذلك للحظة إلهام استثنائية لمالكة الشركة روث هاندلر.

حقائق

58 مليون دمية

تباع سنوياً في أكثر من 150 دولة

يذكر أن الفيلم السينمائي المعروض حول العالم حالياً حقق أكثر من 382 مليون دولار قبل نهاية يوليو (تموز) الجاري من مبيعات شباك التذاكر.


مقالات ذات صلة

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يوميات الشرق أحمد عز في لقطة من فيلم «فرقة الموت» (الشرق الأوسط)

أربعينات القرن الماضي تجذب صناع السينما في مصر

يبدو أن سحر الماضي دفع عدداً من صناع السينما المصرية إلى اللجوء لفترة الأربعينات من القرن الماضي بوصفها مسرحاً لأحداث أفلام جديدة.

داليا ماهر (القاهرة)
يوميات الشرق مهرجان القاهرة السينمائي لتنظيم ورش على هامش دورته الـ45 (القاهرة السينمائي)

«القاهرة السينمائي» يدعم صناع الأفلام بالتدريبات

أعلن «مهرجان القاهرة السينمائي الدولي» عن تنظيم مجموعة متخصصة من الورش لصنّاع الأفلام.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق المخرج معتز التوني يتوسط وأمينة خليل فريق العمل خلال العرض الخاص بالقاهرة (الشركة المنتجة)

«X مراتي» فيلم مصري جديد يراهن على «الضحك» فقط

يرفع الفيلم المصري «X مراتي» شعار «الضحك للضحك» عبر كوميديا المواقف الدرامية التي تفجرها قصة الفيلم وأداء أبطاله.

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق  الحدث يهتم بالتنوّع البيولوجي والسينما (مهرجانات ريف)

انطلاق «مهرجانات ريف»... ومشكلات بيئة جنوب لبنان في الصدارة

تُعدّ «مهرجانات ريف» المُقامة في بلدة القبيات، الوحيدة لبنانياً التي تتناول موضوعات البيئة، فتضيء على مشكلاتها وتزوّد روّادها بحلول لمعالجتها.

فيفيان حداد (بيروت)
يوميات الشرق حورية فرغلي (إنستغرام)

حديث حورية فرغلي عن حياتها الشخصية يلفت الانتباه في مصر

لفتت الفنانة المصرية، حورية فرغلي، الانتباه في مصر بعد حديثها عن تفاصيل في حياتها الشخصية، والسبب الذي لأجله قالت إنها «تمنت الموت».

محمد الكفراوي (القاهرة )

مهرجانات العالم تصعد وتهبط أو تبقى حيث هي

حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حين استقبل توم كروز في إحدى دورات مهرجان «دبي»
حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حين استقبل توم كروز في إحدى دورات مهرجان «دبي»
TT

مهرجانات العالم تصعد وتهبط أو تبقى حيث هي

حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حين استقبل توم كروز في إحدى دورات مهرجان «دبي»
حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم حين استقبل توم كروز في إحدى دورات مهرجان «دبي»

يحتفي مهرجان شيكاغو، في الشهر العاشر من هذا العام، بمرور 68 سنة على ولادته سنة 1956. هو بالطبع ليس أقدم مهرجان سينما في العالم، لكنه أقدم مهرجان سينمائي في الجزء الشمالي من القارة الأميركية.

المهرجان الأميركي العتيد تمتع بالفرادة عاماً واحداً، إذ انطلق على إثره في عام 1957 مهرجان كبير آخر هو سان فرانسيسكو.

كل منهما كان له شأن كبير في الستينات والسبعينات. لكنهما اليوم أقل استدعاء لعناصر النجاح وأقل شهرة من مهرجانات أميركية أخرى مثل «صندانس» و«بالم سبرينغز» و«سانتا باربرا» و«ترايبيكا».

المهرجانات الثلاثة الأولى (صندانس وبالم سبرينغز وسانتا باربرا)، كلها في ولاية كاليفورنيا، كذلك حال مهرجان سان فرانسيسكو، فهل يعكس ذلك أهمية الموقع الجغرافي بالنسبة لمهرجان ما؟ وإذا كان يفعل لماذا لا يواكب النجاح ذا الأمد الطويل مهرجانات أخرى تُقام في مدن وعواصم رئيسية مثل القاهرة وأثينا وطوكيو وروما؟

مهرجان «سان سيباستيان» نافس «كان» (سان سيباستيان)

حديث العالم

الأسئلة كثيرة وكاشفة عن أن النوايا لا تحقق النجاح بالضرورة. هناك باع واسع بينها وبين ما يمكن فعلاً تحقيقه، وبين ما يمكن تحقيقه لكن الممكن يتحوّل إلى المستحيل بسبب عوائق أهمها عدم الدراية والسرعة في محاولة إثبات الفاعلية والشهرة.

قبل 60 سنة أو ما يواكبها لم تكن المهرجانات في الأساس غزيرة العدد (نحو 9 آلاف مهرجان حسب موقع IMBd معظمها صغير لكنه منتظم) مما جعل المهرجانات الموجودة في ذلك الحين قادرة على البروز واحتلال المكان المتقدّم في خريطة المهرجانات. لكن حتى في ذلك الحين كانت هناك مهرجانات ترتفع عن سواها وأخرى تهبط كالمصاعد الكهربائية. على سبيل المثال شكّل مهرجان سان سيباستيان السينمائي (الذي احتفى بمرور 60 سنة على إنشائه العام الحالي) شوكة في خاصرة مهرجان «كان» في مطلع الستينات ولبضع سنوات. كان أشهر وأكبر وتحلّى بميزانية أوفر وجمع أفلاماً أهم.

شيكاغو وسان فرانسيسكو كانا حديث العالم في ذلك الحين تماماً كمهرجانات أوروبا. إلى حدٍ كبير بقي هذان المهرجانان في مرمى اهتمام العالم. السينما الفرنسية اختارت شيكاغو سنة 1972 لعرض نسخة مرممة من فيلم «بونابرت والثورة» لآبل غانس، وروسيا اختارته ليكون العرض الأول لفيلم غريغوري كزنتزيف «الملك لير» (ما زال أحد أهم الإنجازات الفيلمية عن ذلك النص الشكسبيري الذي لا يُهزم).

على الجانب الأوروبي أحاط مهرجان موسكو نفسه بهالة كبيرة من النجاح مستقبلاً أفلاماً شرقية وغربية. وقف وراء نجاحه حقيقة أن العالم المنقسم على نفسه بين يسار ويمين وجد فيه ضالة فريدة من حيث رغبة ذلك المهرجان الدفع إلى الواجهة في سينما تقدمية سياسياً وجيدة فنياً.

لم يكن التنويع أمراً سهلاً في البداية. رغم ذلك، وفي إطار الدورة الرابعة سنة 1956 (حين كان لا يزال يُقام كل عامين بالتناوب مع مهرجان كارلوڤي ڤاري في تشيكوسلوڤاكيا، سابقاً) جاءت الأفلام من النادي الأوروبي الشرقي: بلغاريا، ورومانيا، وألمانيا الشرقية والمجر كما من السينمات الغربية مثل إيطاليا وبريطانيا والدنمارك وفنلندا والولايات المتحدة).

السينما العربية وجدت في موسكو ملاذاً جيّداً منذ الستينات وما بعد، فعرض فيه مخرجون عرب لامعون أفلامهم. من بينهم المصريون، حسين كمال، وصلاح أبو سيف، وحسام الدين مصطفى، والسوري صلاح ذهني، والجزائريان محمد بوعماري ومرزاق علواش، وعديدٌ غيرهم؛ صلاح أبو سيف، ومديحة يسري، ويوسف شاهين كانوا من عداد لجان التحكيم الرئيسية في تلك الآونة.

للملاحظة، كان وجود حسام الدين مصطفى في مهرجان موسكو أمراً غير متوقع بسبب مواقفه السياسية، لكنه عرض هناك فيلمه «سونيا والمجنون» (المأخوذ عن رواية «الجريمة والعقاب» لفيودور دوستويفسكي)، ما يبرر رغبة المخرج في الذهاب به إلى ذلك المهرجان.

طبعاً كان مهرجان موسكو محطة سياسية الهدف، لكن المهرجانات الكبرى الثلاث، فينيسيا وكان وبرلين، كانت بدورها ردات فعل سياسية حيال أحداث وتطوّرات من هذا النوع ألمّت بالعالم قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها.

«سونيا والمجنون» لحسام الدين مصطفى (ستديو مصر)

صعود وهبوط

بالممارسة وتبعاً للمتغيّرات، تهاوت العناصر السياسية جانباً كسبب لإطلاق مهرجان أو نجاحه. مهرجانات الثمانينات والتسعينات وما بعد أقيمت لغايات أخرى في صدرها الرغبة في أن يكون للمدينة أو للبلد الذي تنتمي إليه موقعاً بين هذه الاحتفالات الكبيرة. في هذا السياق نجد نشأة معظم المهرجانات الدولية مثل مهرجانات القاهرة وإسطنبول وأثينا وروتردام وتورونتو ونيويورك وساراييڤو ونيودلهي ومهرجانات أخرى من تلك المذكورة آنفاً.

وعى العالم العربي أهمية المهرجانات باكراً: قرطاج في مطلع الستينات ثم دمشق والقاهرة وصولاً إلى دبي وأبوظبي ومراكش ثم، في السنوات العشر الأخيرة، البحر الأحمر والجونة وعمّان وبغداد وسواها.

في مضمار ما يتناوله هذا الاستعراض ارتفعت مهرجانات عربية عديدة وهبطت. الحال أن «القاهرة» بدا فاعلاً أساسياً في هذه المنطقة من العالم، وكوّن لنفسه صدى طيّباً لجانب ذاك الذي اشتهر به مهرجان قرطاج بوصفه مناسبة لجمع الأفلام العربية والأفريقية. لكن الطموح الكبير للقاهرة لم يصاحبه معرفة الكيفية الصحيحة للإدارة فتحوّلت المناسبة إلى غاية بحد نفسها.

مع «دبي» و«أبوظبي» ارتفعت الآمال بمهرجانين حدثيين في العالم العربي خصوصاً «دبي»، الذي استفاد سريعاً من خبرة من عملوا فيه ومن حقيقة أن مدينة دبي تجذب، طبيعياً الإعلام ولها موقع جيد بوصفها مدينة مزدهرة ومختلفة. شهرة مهرجان «دبي» وقيمته الفنية والإعلامية سادت طوال سنوات إقامته التي امتدت لـ10 سنوات قبل إيقافه وهو في أوج نشاطه.

بينما تسهر الكفاءات اليوم على دفع جميع المهرجانات، عربية وغير عربية، إلى صف أمامي أول، لا بدّ الإشارة إلى أن كلمة «العالمي» لا تعني شيئاً أكثر من التعريف بتصنيف الأفلام التي يعرضها. نحن نبلغ العالمية عندما يختار مهرجاناتنا صانعو الأفلام قبل سواها.