دي نيرو وديكابريو... من فاز على الآخر في الأداء؟

قراءة مختلفة لفيلم سكورسيزي الأخير

روبرت د نيرو وليوناردو ديكابريو شريكان في الجريمة في «قتلة فلاور مون»... (باراماونت)
روبرت د نيرو وليوناردو ديكابريو شريكان في الجريمة في «قتلة فلاور مون»... (باراماونت)
TT

دي نيرو وديكابريو... من فاز على الآخر في الأداء؟

روبرت د نيرو وليوناردو ديكابريو شريكان في الجريمة في «قتلة فلاور مون»... (باراماونت)
روبرت د نيرو وليوناردو ديكابريو شريكان في الجريمة في «قتلة فلاور مون»... (باراماونت)

إذا كنت ستنتظر إلى أن تعرض منصّة «آبل» «قتلة فلاور مون» (Killers of the Flower Moon) على الأثير فإنك لن تتمتّع بكل ما في فيلم مارتن سكورسيزي الجديد من مساحات فضاء وأعماق شخصيات ورحلات في الأزمنة والأماكن.

فيلم مارتن سكورسيزي الواحد والأربعون مصنوع على طريقة معظم أفلامه الروائية: حكاية متسعة لشخصيات كثيرة وأفعال أكثر وإجادة في تلوين الأحداث بالمواقف ذات الرؤيا. إلى ذلك هو نوع من الوسترن الذي يحتفي بالمكان على شاشة عريضة وفي أحداث تعود إلى تاريخ معين (1922) مما يشكّل ثروة بصرية للمُشاهد إذا ما اختار متابعة الفيلم على الشاشة العريضة. والشركتان المنتجتان باراماونت و«آبل» ستعرضان الفيلم انطلاقاً من السادس من أكتوبر (تشرين الأول) على نحو محدود في الولايات المتحدة ثم في العشرين من الشهر ذاته على نطاق واسع قبل أن يتوجه إلى عروض النت في الشهر التالي على الأرجح.

بداية شبيهة بأخرى

المشكلة في العروض السينمائية هي أن الفيلم يقارب الأربع ساعات. هي تمضي بالنسبة للمشاهدين كما لو كانت في ساعتين ونصف نظراً للأحداث المتابعة وذات الإيقاع المتناسق، لكن الأزمة هي أن سكورسيزي بالفعل لم يكن بحاجة إلى كل هذا الوقت لعرض فيلمه. هناك وقت طويل يمضي في الاستفاضة حول مفارقات درامية كان تم تداولها من قبل. من بين ذلك، الفترة الزمنية التفصيلية المنصرفة على العلاقة بين ليوناردو ديكابريو وليلي غلاستون. هو الزوج الذي يحب المال أكثر من حبّه لامرأته، وهي الزوجة التي تعتقد أنه يحبها أكثر مما يحب المال.

‫الحكاية واقعية منسوجة من كتاب لديفيد غران كُتب كتقارير وصفية وليس كرواية سنة 2017. غران صحافي من فريق مجلة «ذا نيويوركر» الأميركية وهو وضع كتاباً كاشفاً عن سلسلة من الجرائم التي وقعت في ولاية أوكلاهوما في مطلع العشرية الثانية من القرن الماضي وسُجلت على أساس أنها جرائم انتحار. في الواقع يبدأ سكورسيزي فيلمه بنماذج منها. أشخاص غامضون يقتلون رجالاً من قبيلة أوساج الهندية. هذه البداية شبيهة ببداية فيلمه الشهير Goodfellas الذي عمد فيه إلى تصوير سقوط ضحايا عمليات مافياوية في نيويورك. الفارق أن الأحداث التي يتناولها في «قتلة فلاور مون» وقعت بالفعل ولو أنها سُجلت كحوادث انتحار عبر «شريف» البلدة المرتشي. أسبابها، كما يكشف الكتاب والفيلم، أن القبيلة، التي تم ترحيلها من موطنها السابق في ولاية كنساس وإسكانها ولاية أوكلاهوما، اكتشف النفط تحت أقدامها في موطنها الجديد.‬

عرف أفرادها الثراء المفاجئ، وهذا ما تسبب في حسد أبناء البلدة وما دفع الحكومة للتواطؤ مع بعض النافذين لإصدار قرار غريب من نوعه يعتبر أن الأوساج ليسوا مؤهلين لاستثمار أموالهم وأنهم بحاجة لمرشدين لذلك.

ويليام هايل (Hale)، كما يؤديه روبرت دي نيرو، أحد الذين اعتبروا أن هذا الثراء يجب ألا يكون من نصيب «ذلك العنصر» (That race) كما يقول في أحد المشاهد وعبر أذرعه النافذة يرسل من يقتل أثرياء القبيلة بينما يتظاهر بحبه لهم ومودّته وكل ما من شأنه استمرار خداعهم.

إلى هذا المكان يصل أرنست (ليوناردو ديكابريو) باحثاً عن عمل عند عمّه ويليام. العلاقة مع عمّه بدأت، عائلياً، طبيعية من حيث إنه لم يكن يدري ما يخبّؤه عمّه له. يلاحظ العم أن ابن أخيه يرمق امرأة هندية ثرية اسمها مولي (ليلي غلادستون) بإعجاب. يدفعه للزواج منها ليس لأنه يكترث للتوفيق بين عاشقين، بل لأنه إذا ما قتل والدتها ثم قتل شقيقتها ثم قتلها فإن الثروة ستقع بين يدي أرنست وبالتالي بين يديه هو.

قتل مباح

لا داعي لتفاصيل كثيرة لولا أن تحليل هذا العمل لا يمكن أن يتم إلا بإيضاح، لكن التركيبة الدرامية المذكورة تأتي كاملة في نصف الساعة الأولى من الفيلم ولدى المشاهد نحو ثلاث ساعات أخرى من التفاصيل. ذلك الزواج يمشي حسب المقرر له وعندما يُطلب من أرنست أن يتسبب في موت بطيء لزوجته يقبل الأمر، ومع انحدار صحتها وإشرافها على الموت، يزداد الوضع البائس الذي يواجهه أرنست بالانصياع أكثر وأكثر لعمّه. يستمر هذا لما بعد وصول رجال الأف بي آي (يقودهم الجيد جسي بليمونز) للتحقيق ووضع حد للقتل المباح.

أرنست لا يتوقف عن الكذب على زوجته. الغنيمة تعميه وعمّه لا يمكن عصيانه لكن تورّطه في خطتّه كما في توجيه أزلام لتنفيذ عمليات قتل تنكشف للمحققين.

ديكابريو مع ليلي غلادستون (باراماونت)

بعد المشهد الأخير من الدراما يفتح سكورسيزي على مشهد لمسرح إذاعي يتم فيه تقديم ما آلت إليه شخصيات الفيلم الأساسية. هذا الاستخدام بديل لما اعتادت السينما تقديمه عبر كلمات تشرح مآلات الشخصيات مطبوعة على شاشة سوداء. الطريقة الجديدة تستخدم أيام الراديو عن طريق ممثلين يروون على خلفية مؤثرات سمعية (بوق سيارة، حوافر حصان، جرس باب... إلخ). ثم ها هو سكورسيزي نفسه يضع الكلمة الأخيرة على كل شيء وتسدل الستارة عليه.

إنها خاتمة جديدة بالفعل لكنها تترك مذافاً كوميدياً على المأساة التي أمضى المخرج تلك الساعات لتعميقها. في الأساس لا يتجنّب المخرج الدفاع عن مصير تلك القبيلة وما شهدته من ظلم وخداع. الأشرار هم كل البيض في الفيلم (باستثناء المحققين). ما دام هذا مقتبس من وقائع لا بأس، خصوصاً وأن المواطنين الأصليين لأميركا عوملوا منذ وصول كولمبوس لسواحل القارة الشرقية كما لو أنهم مجموعات متوحشة تستحق السطو على أراضيهم وقتلهم ونقلهم من مكان إلى آخر لتوسيع مساحات الاستيطان خصوصاً إذا ما كانت القبائل تعيش فوق ركام من الذهب والفضّة.

موسيقى روبي روبرتسون تكاد تنطق حواراً من شدّة امتزاجها بواقعية الفترة والمكان. سبق لروبرتسون أن وظّف موسيقاه في فيلمين لسكورسيزي هما The Wolf of Wall Street سنة 2013 وThe Isrishman في 2019. بالإضافة إلى ذلك، استعان الفيلم بأغاني بلوز من الفترة من أمثال فرد ماكدووَل وصن هاوس وبلايند ليمون جفرسون.

أزمة ديكابريو

فيلم سكورسيزي يواصل ما بدأه من قبل في أفلامه عموماً: يروي الحكايات من وجهة نظر الجلادين أو القتلة وليس من وجهة نظر الضحايا. وحدها غلادستون، في دور الزوجة، تعبّر هنا عن تراجيديا الجشع والعنصرية، لكن الواجهة الأساسية لا تزال ملكاً للشريرين روبرت دي نيرو وليوناردو ديكابريو، المقارنة بينهما على صعيد الأداء تشي بأن كلاً منهما لجأ إلى ما ينص عليه الدور: دي نيرو يمتلك الدراية لتبوؤ الشخصية المهيمنة والتسلّط ولجعل نفسه مكروهاً. ديكابريو يؤدي شخصية المغلوب على أمره والتائه ما بين ضمير يموت وجشع يرتفع لكنه لا يملك كيفية جعل نفسه مكروهاً. يتوقع المرء هنا أن يصحو من أفعاله، لكن تكرار وقفاته المتسائلة عن أخلاقية ما يقوم به تفرّغ مشكلته من داخله ليبقى التمثيل. قد يكسب تعاطفاً، لكن هذا التعاطف يذبل تدريجياً من دون أن يبلور الممثل وضعه حيال ما يؤديه على نحو كامل.

في نواحٍ أخرى من هذا العمل، ولجانب إخفاق مشهد النهاية في إيداع رسالة الفيلم في الإطار الصحيح، هناك إخفاق في دفع الأحداث إلى تشويق فعّال. طبعاً لا ننسى أن الفيلم وسترن، إلى حد (لكنه ليس فيلم أكشن عن الهنود الحمر والجنود الزرق ولا هو فيلم رعاة بقر) وسكورسيزي لا يعالجه على هذا الوضع، وهذا اختيار لا غُبار عليه. لكن هذا لا يعفي الفيلم من طريقته في دفع الأحداث صوب مستوى من التشويق، خصوصاً مع وجود تلك المناطق التي يبدو فيها الفيلم وهو يكرر مفاداته. ربما حقيقة أن الفيلم مقتبس عن كتاب غير روائي يلعب دوراً في ذلك، لكن حتى هذا يبرر غياب أي تشويق فعّال أو أي غموض كان يمكن استخدامه لمنح الدراما بعض المفاجآت.

تساءل هذا الناقد عما سيكون الفيلم عليه لو أن فرنسيس فورد كوبولا أو برايان دي بالما أو كلينت إيستوود أو مايكل مان هو من أخرج الفيلم. وفي كل الأحوال يجب ألا ننسى أن الراحل حديثاً مايكل أبتد أنجز فيلمين مثاليين في تعاملهما مع أوضاع مشابهة هما «ثندرهارت» (thunderhart) و«حادثة في أوغالا» (‪(‬ncident at Olgala وكلاهما في سنة 1992.

الأول خيالي حول فل كيلمر يحقق في جريمة قتل المتهم فيها هندي، والثاني تسجيلي حول أحداث وقعت سنة 1975 عندما تسبب تصدي الـ«إف بي آي» ومضايقتهم لهنود ولاية داكوتا الجنوبية في مقتل إثنين من المحققين. كلا هذان الفيلمان حملا معاً الواقعية من ناحية والحدة من ناحية أخرى وتم بناؤهما للكشف عن مأساة المواطنين الأصليين لأميركا على نحو جيد وواضح.


مقالات ذات صلة

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يوميات الشرق مشهد من فيلم «هُوبَال» الذي يُعرض حالياً في صالات السينما السعودية (الشرق الأوسط)

بعد أسبوع من عرضه... لماذا شغل «هُوبَال» الجمهور السعودي؟

يندر أن يتعلق الجمهور السعودي بفيلم محلي إلى الحد الذي يجعله يحاكي شخصياته وتفاصيله، إلا أن هذا ما حدث مع «هوبال» الذي بدأ عرضه في صالات السينما قبل أسبوع واحد.

إيمان الخطاف (الدمام)
لمسات الموضة أنجلينا جولي في حفل «غولدن غلوب» لعام 2025 (رويترز)

«غولدن غلوب» 2025 يؤكد أن «القالب غالب»

أكد حفل الغولدن غلوب لعام 2025 أنه لا يزال يشكِل مع الموضة ثنائياً يغذي كل الحواس. يترقبه المصممون ويحضّرون له وكأنه حملة ترويجية متحركة، بينما يترقبه عشاق…

«الشرق الأوسط» (لندن)
سينما صُناع فيلم «إيميليا بيريز» في حفل «غولدن غلوب» (رويترز)

«ذا بروتاليست» و«إيميليا بيريز» يهيمنان... القائمة الكاملة للفائزين بجوائز «غولدن غلوب»

فاز فيلم «ذا بروتاليست» للمخرج برادي كوربيت الذي يمتد لـ215 دقيقة بجائزة أفضل فيلم درامي في حفل توزيع جوائز «غولدن غلوب».

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس)
يوميات الشرق عصام عمر خلال العرض الخاص للفيلم (حسابه على فيسبوك)

عصام عمر: «السيد رامبو» يراهن على المتعة والمستوى الفني

قال الفنان المصري عصام عمر إن فيلم «البحث عن منفذ لخروج السيد رامبو» يجمع بين المتعة والفن ويعبر عن الناس.

انتصار دردير (القاهرة )
يوميات الشرق الممثل الجزائري الفرنسي طاهر رحيم في شخصية المغنّي العالمي شارل أزنافور (باتيه فيلم)

«السيّد أزنافور»... تحيّة موفّقة إلى عملاق الأغنية الفرنسية بأيادٍ عربية

ينطلق عرض فيلم «السيّد أزنافور» خلال هذا الشهر في الصالات العربية. ويسرد العمل سيرة الفنان الأرمني الفرنسي شارل أزنافور، من عثرات البدايات إلى الأمجاد التي تلت.

كريستين حبيب (بيروت)

«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
TT

«هوليوود» تقتل نجومها بمسلسلات ورسوم

بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)
بطولة جماعية وهجوم مشترك: «ذَ أڤنجرز» (مارڤل ستوديوز)

عندما يتساءل البعض أين هم النجوم الكبار؟ فهناك أكثر من جواب.

إذا كان السؤال عن عمالقة التمثيل في الفن السابع، أمثال مارلون براندو، وكلارك غيبل، وباربرا ستانويك، وجاك نيكلسن، وصوفيا لورِين، وجوليانو جيما، وهمفري بوغارت، وجيمس ستيوارت، وكاثرين دينوف، وأنتوني كوين، وعشرات سواهم، فإن الجواب هو أن معظمهم وافته المنية ورحل عن الدنيا. القلّة الباقية اعتزلت أو تجهدُ لأن تبقى حاضرة. المثال الأبرز هنا، كاثرين دينوف (81 سنة) التي شوهدت خلال عام 2024 في 3 أفلام متعاقبة.

أما إذا كان السؤال مناطاً بنجوم جيل الثمانينات والتسعينات ممن لا يزالون أحياء، أمثال سيلفستر ستالون، وأرنولد شوارتزنيغر، وسيغورني ويڤر، وسوزان ساراندون، وأنتوني هوبكنز، وميل غيبسن، وجيسيكا لانج، وكيم باسنجر، وغلين كلوز، وهاريسون فورد، وستيفن سيغال، وروبرت دي نيرو، وآل باتشينو وسواهم من الجيل نفسه، فحبّهم للبقاء على الشاشة مثالي يدفعهم للظهور إمّا في أدوار مساندة أو في أفلام صغيرة معظمها يتوفّر على منصات الاشتراكات.

أما بالنسبة للزمن الحالي، فإن الأمور مختلفة، فعلى الأقل تمتّع من ذُكروا أعلاه بأدوارٍ خالدة لا تُنسى في أنواع سينمائية متعدّدة (أكشن، دراما، كوميديا، ميوزيكال... إلخ).

الحال أنه لم يعد هناك من ممثلين كثيرين يستطيعون حمل أعباء فيلمٍ واحدٍ من نقطة الانطلاق إلى أعلى قائمة النجاح. أحد القلّة توم كروز، وذلك بسبب سلسلة «Mission‪:‬ Impossible» التي قاد بطولتها منفرداً، ولا تزال لديه ورقة واحدة من هذا المسلسل مفترضٌ بها أن تهبط على شاشات السينما في مايو (أيار) المقبل.

بطولات جماعية

بكلمة أخرى: لم يعد هناك نجوم كما كان الحال في زمن مضى. نعم هناك توم هانكس، وروبرت داوني جونيور، وجوني دَب، وسكارليت جوهانسون، ودانيال كريغ، ونيكول كيدمان، لكن على عكس الماضي البعيد، عندما كان اسم الممثل رهاناً على إقبالٍ هائل لجمهور لا يفوّت أي فيلم له، لا يستطيع أحد من هؤلاء، على الرغم من ذيوع اسمه، ضمان نجاح فيلمٍ واحدٍ.

ما يُثبت ذلك، هو استقراءُ حقيقة سقوط أفلامٍ أدّى المذكورة أسماؤهم أعلاه بطولاتها منفردين، لكنها أثمرت عن فتورِ إقبالٍ كما حال توم هانكس، وجنيفر لورنس، وجوني دَب، وروبرت داوني جونيور.

الحادث فعلياً أن «هوليوود» قضت على نجومها بنفسها.

كيف فعلت ذلك؟ وما المنهج الذي اتبعته ولماذا؟

الذي حصل، منذ 3 عقود وإلى اليوم، هو أن هوليوود أطلقت، منذ مطلع القرن الحالي، مئات الأفلام ذات الأجزاء المتسلسلة بحيث بات اهتمامُ الجمهور منصبّاً على الفيلم وليس على الممثل الذي لم يَعُد وحده في معظمها، بل يؤازره ممثلون آخرون من حجم النجومية نفسها.

كثير من هذه المسلسلات يضعُ ممثلين مشهورين في البطولة كما حال سلسلة «The Avengers»، التي ضمّت روبرت داوني جونيور، وسكارليت جوهانسن، وجوينيث بالترو، وصامويل ل. جاكسون، ومارك رافالو، وكريس إيڤانز تحت مظلّتها.

في مسلسل «كابتن أميركا»، وإلى جانب داوني جونيور، وسكارليت جوهانسون، وإيڤنز، أيضاً تناثر بول رود، وتوم هولاند، وإليزابيث أولسن. كلُ واحدٍ منهم قدّم في هذا المسلسل وسواه من أفلام الكوميكس والسوبر هيروز نمرته، وقبض أجره ومضى منتظراً الجزء التالي.

أيّ فيلم خارج هذه المنظومة مرجّح فشله. بذلك تكون «هوليوود» قد ساهمت في دفن نجومها عبر توجيه الجمهور لقبولهم الجميع معاً على طريقة «اشترِ اثنين واحصل على الثالث مجاناً».

ولا عجب أن أعلى الأفلام إيراداً حول العالم كسرت إمكانية تعزيز العودة إلى أيامٍ كان اسم ممثلٍ كبيرٍ واحدٍ، (لنقل كلينت إيستوود أو أنتوني هوبكنز)، كفيلاً بجرِّ أقدام المشاهدين إلى صالات السينما بسببه هو.

الأفلام العشرة التي تقود قائمة أعلى الأفلام رواجاً حول العالم، تتألف من 4 أفلام من «الأنيميشن» هي، «Inside Out 2»، و«Despicable Me 4»، و«Moana 2»، و«Kung Fu Panda 4».

بعض هذه الأفلام جاءت بممثلين مجهولين، وأُخرى جلبت بعض الأسماء المعروفة. في «إنسايد آوت 2»، اعتُمد على عددٍ من الممثلين غير المعروفين أمثال مايا هوك، وليزا لابيرا، وتوني هايل، ولويس بلاك.

في «مونا 2»، استُعين باسم معروف واحد هو، دواين جونسون الذي تقاضى 50 مليون دولار وأُحيط بممثلين مجهولين. نعم الإقبال على هذا الفيلم أثمر عن 441 مليونَ دولارٍ حتى الآن (ما زال معروضاً)، لكن ليس بسبب اسم بطله جونسون، بل بسبب تطبيع جمهور مستعدٍ لأن يرى الفيلم حلقةً مسلسلةً أكثر مما يهتم لو أن جونسون أو دنزل واشنطن قام بالأداء الصوتي.

سقوط وونكا

أحد الأفلام العشرة كان من بطولة وحشين كاسرين هما غودزيللا وكينغ كونغ. معهما من يحتاج لممثلين معروفين، أشهر المشتركين كانت ريبيكا هول، أما الباقون فهم مجموعة جديدة أخرى لم يعد باستطاعة كثيرين حفظ أسمائهم.

يتمتع الفيلم الخامس في القائمة «Dune 2»، بوجود ممثلين معروفين أمثال تيموثي شالامي، وزيندايا، وخافيير باردم. لكن الكل يعرف هنا أنه لو لم يكن شالامي أو زيندايا أو باردم لكان هناك آخرون لن يقدّموا أو يؤخّروا نجاح هذا الفيلم، لأن الإقبال كان، كما كل الأفلام الأخرى، من أجله وليس من أجل ممثليه.

لهذا نجد أنه عندما حاول شالامي تعزيز مكانته ببطولة منفردة في «Wonka»، سقط الفيلم وأنجز أقلَّ بكثيرٍ ممّا وعد به.

ما سبق يؤكد الحالة الحاضرة من أن نظام إطلاق أفلام الرُّسوم والمسلسلات الفانتازية أثمر عن إضعاف موقع الممثل جماهيرياً. غداً عندما ينتهي كروز من عرض آخر جزءٍ من «المهمّة: مستحيلة» سينضمُّ إلى من أفُلَت قوّتهم التجارية أو كادت. سينضم إلى جوني دَب، مثلاً، الذي من بعد انقضاء سلسلة «قراصنة الكاريبي» وجد نفسه في وحول أفلام لا ترتفع بإيرادها إلى مستوى جيد.