لماذا تراجعت أعداد مطربات الغناء الشعبي في مصر؟

حققن شهرة واسعة من خلال البرامج التلفزيونية والفعاليات الفنية

الفنانة المصرية فاطمة عيد (حسابها على {فيسبوك})
الفنانة المصرية فاطمة عيد (حسابها على {فيسبوك})
TT

لماذا تراجعت أعداد مطربات الغناء الشعبي في مصر؟

الفنانة المصرية فاطمة عيد (حسابها على {فيسبوك})
الفنانة المصرية فاطمة عيد (حسابها على {فيسبوك})

ارتبطت الأغنية الشعبية في مصر بأزياء وكلمات وألحان وطقوس لافتة عبرت عن مناسبات وحكايات من عمق الشارع، كما نال مطربوها شهرة واسعة، من خلال شرائط الكاسيت، والأعراس الشعبية، والبرامج التلفزيونية، وغيرها من الفعاليات الفنية.

ومع التغيرات التي طرأت على الوسط الغنائي في مصر أصبحت الأغنية الشعبية تعاني ندرة المطربات؛ وذلك منذ العقد الأول من الألفية الجديدة، وفق آراء البعض منهم.

الفنانة الشعبية شفيقة (أرشيفية)

وشهدت الأغنية الشعبية انطلاق أسماء نسائية عدة على مدار سنوات من بينها: حياة صبري، ومنيرة المهدية، ونعيمة المصرية، وخضرة محمد خضر، وبدرية السيد، وجمالات شيحة، ورضا شيحة، وفاطمة سرحان، وعايدة الشاعر، وليلى نظمي، وشفيقة، وفاطمة عيد، وهدى السنباطي، وغيرهن.

ورغم أن المطربة الشعبية فاطمة عيد تعتبر إحدى رائدات الأغنية الشعبية في مصر لكنها اعتمدت في السنوات الأخيرة على إصدار أغنيات منفردة، واكتفت بذلك ولم يعد لها وجود مكثف في الحفلات الجماهيرية والتلفزيونية مثل السابق.

كما لمع اسم المطربة الشعبية هدى السنباطي أخيراً، من خلال مشاركتها في ديو «ولعانة» مع الفنان أحمد مكي عبر مسلسل «الكبير أوي»، برغم وجودها على القائمة منذ ما يقرب من 50 عاماً.

وتراجعت أعداد مطربات الأغنية الشعبية بعد أن كن نجمات لحفلات غنائية، ورائدات في إصدار «شرائط الكاسيت»، حتى التسعينات ومطلع الألفية، واقتصرت الساحة الشعبية بالوقت الحالي على المطربتين بوسي وأمينة، وفق تصنيف البعض لهما.

فلماذا شهد الشارع المصري تراجعاً في عدد المطربات الشعبيات وخاصة منذ مطلع الألفية الجديدة؟

ووفق الدكتور محمد عبد الله، الأستاذ بكلية التربية الموسيقية بجامعة حلوان، فإن عجلة «الأغنية الشعبية» لم تتوقف لكنها شهدت تغييرات جذرية، وسحب منها البساط قليلاً، لكنها راسخة وتحتاج إلى تسليط الضوء من خلال التجول بالمحافظات المصرية.

الفنانة الشعبية هدى السنباطي (يوتيوب)

ونوه عبد الله بأن المطربة الشعبية تتمتع بمواصفات شكلية لم نعد نراها، كما أن الساحة الفنية تخلو حالياً من الأسماء النسائية، بسبب تغييرات السوق ومطالب الناس التي تتطلع لألوان فنية أخرى.

وشدد عبد الله في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، على أن الفن الشعبي لن يندثر، لكن الناس تشبعت منه خلال السنوات الماضية، والعبرة بخروج أسماء جديدة تجد من يدعمها؛ لأننا في عصر السوشيال ميديا التي تتحكم في متطلبات السوق.

الفنانة الشعبية عايدة الشاعر (يوتيوب)

ويطمح عبد الله أن تتبنى وزارة الثقافة بقطاعاتها المختلفة المواهب، وعمل برامج للغناء الشعبي، وإظهار المواهب التي تحقق مشاهدات واسعة على موقع «تيك توك».

من جانبها، ترى الشاعرة المصرية منة عدلي القيعي أن الصوت النسائي قليل بشكل عام وليس في اللون الشعبي فقط، وأرجعت منة ندرة ظهور مطربات شعبيات على الساحة للإنتاج الذي يجب عليه الاهتمام بالمواهب التي تملأ مواقع التواصل الاجتماعي، وفق قولها.

ونوهت القيعي بأن العملية الإنتاجية هي المتحكمة في كل الأدوات بشكل عام، فلم نعد نرى الأزياء الشعبية، وأغاني الفلكلور، والسيرة الهلالية، والحكايات الشعبية، والآلات التي اعتدنا عليها، سواء في الأغنيات الرجالية أو النسائية.

وتضيف القيعي لـ«الشرق الأوسط» أن الساحة الرجالية أيضاً تعاني من قلة عدد المطربين، كما نوهت القيعي إلى أن قنوات الأغاني مطلع الألفية الجديدة كانت كفيلة بانتشار أي اسم فني من الجنسين خلال ساعات، لأن القنوات كانت الأكثر متابعة، لكن بعد انتشار السوشيال ميديا فإن حجم دورها قل.

الفنانة الشعبية جمالات شيحة (يوتيوب)

ولخصت القيعي الأزمة في الإيمان بالفكرة والإنتاج وليس في الكلمات والألحان، مؤكدة أن الغناء الشعبي جمهوره أصبح قليلاً، لكن عندما يظهر فنان يجذب الناس سيزداد العدد مجدداً.

المطربة الشعبية المصرية فاطمة عيد تؤكد أن الأغنية الشعبية موجودة ولن تنقرض، لكن الإنتاج الضئيل هو ما يجعلنا نلمس قلة في عدد المطربات الشعبيات، كما أكدت أن الغناء الشعبي بالنسبة للبعض ليس في المقدمة بل في درجة ثانية وثالثة.

وشددت عيد في حديثها لـ«الشرق الأوسط» على أنها ما زالت موجودة على الساحة الفنية وتحضر لشريط غنائي، كما أوضحت أن العائق وراء بروز أسماء فنية أخرى على الساحة الشعبية هو الدعم وتسليط الضوء عليها، كما أشارت إلى أن لا أحد يشبهها على الساحة، ولا يستطيع أحد غناء الموال بإتقان مثلها.

الإنتاج الضئيل هو ما يجعلنا نلمس قلة في عدد المطربات الشعبيات

فاطمة عيد

كما أوضحت عيد أن المطربتين بوسي وأمينة ليستا فنانتين شعبيتين بالشكل المتعارف عليه، لكنهما تقدمان الشعبي «المودرن»، ولونهما لا يشبه المطربات الشعبيات اللواتي قدمن حكايات العامل، والفلاح، والصعيدي، والأفراح الشعبية، وغيرها من المهن والمستويات.

«الأغنية الشعبية» شهدت تغييرات جذرية وسُحب منها البساط

الأكاديمي محمد عبد الله

ومن جانبها، أكدت المطربة الشعبية المصرية هدى السنباطي لـ«الشرق الأوسط»، أن اللون الذي تقدمه كل من المطربتين بوسي وأمينة لا يصنف ضمن مدارس الغناء الشعبي التي تتنوع حسب الطبقات الاجتماعية، وخصوصاً الطبقتين الفقيرة والمتوسطة، بل هي أغنيات للاستهلاك في الحفلات.

وشددت السنباطي على أن الغناء الشعبي هو أصل الحكاية والموضوعات الاجتماعية مثل الأخوة والصداقة والأبوة والبنوة، ومواويل الغزل والألم والرثاء التي تعبر عن المشاعر، وهي أساس كل بيت مصري.

وتضيف السنباطي: نحن نفتقد الغناء الشعبي الأصلي، وليس الأعمال التي تقدم في حفلات النخبة. كما أكدت على أن طمس هوية الغناء الشعبي وانقراضه بدآ بالفعل، ولم يعد لرواده نصيب من التقدير وميزانية القنوات، مؤكدة أن القنوات تحتاج إلى «الشو» وليس للغناء الشعبي، بل أصبحت «المهرجانات» هي السائدة.

الغناء الشعبي جمهوره أصبح قليلاً

الشاعرة منة القيعي

وتقول السنباطي إنها آخر مطربات الغناء الشعبي، مؤكدة أن موهبتها الغنائية لم تستغل بالشكل الأمثل ولم تجد الدعم المناسب، مثل اهتمام وزارة الثقافة بحفلات الأوبرا والموسيقى العربية، وفق قولها. وطالبت السنباطي بتجديد المسارح والبرامج، وتسليط الضوء على المواهب والفرق الشعبية في ربوع مصر.

ما تقدمه «بوسي وأمينة» لا يصنف ضمن مدارس الغناء الشعبي

هدى السنباطي

وتوضح السنباطي أن نجاحها عبر ديو «ولعانة»، مع الفنان أحمد مكي، لم يستغل من قبل المنتجين والقنوات لإحياء هذا الفن مثل سابق عهده، كما كشفت أن الأزمة تتلخص في الإنتاج، والإعلام الذي لا يهتم بـ«الغلابة» ومساعدتهم للظهور وإقامة الحفلات مثل السابق بالجلبابين الشعبي والصعيدي، ودعم البراعم وعازفي الآلات الموسيقية، وإظهارهم بالبرامج، وتسليط الضوء على عادات وتقاليد المحليات.

وكان التلفزيون المصري حريصاً على إظهار الأغنية الشعبية بشكل كبير عبر برنامج «الفن الشعبي» الذي كان يتجول بكاميراته في دلتا مصر وصعيدها لتقديم المواهب الغنائية الشعبية الرجالية والنسائية، وتسليط الضوء عليها عبر حلقات تستضيف نجومها بأزيائهم وآلاتهم وتجمعاتهم اللافتة.


مقالات ذات صلة

نبيل شعيل: لا أحب استعراض عضلاتي في الغناء

الوتر السادس ضم ألبومه الجديد أغنية {أدري} من كلمات الفنان خالد عبد الرحمن (روتانا)

نبيل شعيل: لا أحب استعراض عضلاتي في الغناء

أطلق الفنان الكويتي نبيل شعيل ألبومه الجديد «يا طيبي» بالتعاون مع شركة «روتانا للصوتيات والمرئيات»، الذي يتضمن 10 أغنيات جديدة قدمها باللهجة الخليجية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الوتر السادس يعد رميح الأغنية الوطنية وجهة ضرورية للفنان (ميشال رميح)

ميشال رميح: أغنية «عم يوجعني بلدي» ترجمت فيها أحاسيسي الحقيقية

قبل أسابيع قليلة، شارك المغني ميشال رميح في المهرجان الفني اللبناني في ولاية أريزونا في أميركا. تردد رميح قبل الموافقة على هذه المشاركة.

فيفيان حداد (بيروت)
الوتر السادس تتطلع رجب لتكرار التعاون مع المطرب كاظم الساهر ({الشرق الأوسط})

غادة رجب: تكاليف الإنتاج الباهظة تمنعني عن تصوير أغنياتي

نفت المطربة المصرية غادة رجب غيابها عن الحفلات الغنائية خلال الآونة الأخيرة، وقالت إنها قدمت حفلاً في ليبيا أُطلق عليه «ليلة الياسمين» وجاء بمناسبة إعمار درنة

انتصار دردير (القاهرة)
يوميات الشرق تُباع العملة إلى هواة جمع المقتنيات (أ.ب)

نقود لتكريم أسطورة «البيتلز» بول مكارتني

يُكرَّم أسطورة فريق «البيتلز»، بول مكارتني، من خلال مجموعة عملات بريطانية خاصة سُكّت لهذه المناسبة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق أجيال متعاقبة تحافظ عليها (الشرق الأوسط)

السعودية ومصر تسجلان «السمسمية» في قائمة اليونيسكو للتراث غير المادي

نجحت مصر والسعودية في تسجيل عنصر «آلة السمسمية: العزف عليها وتصنيعها» في القائمة التمثيلية للتراث الثقافي غير المادي بمنظمة اليونيسكو.

نادية عبد الحليم (القاهرة )

نبيل شعيل: لا أحب استعراض عضلاتي في الغناء

ضم ألبومه الجديد أغنية {أدري} من كلمات الفنان خالد عبد الرحمن (روتانا)
ضم ألبومه الجديد أغنية {أدري} من كلمات الفنان خالد عبد الرحمن (روتانا)
TT

نبيل شعيل: لا أحب استعراض عضلاتي في الغناء

ضم ألبومه الجديد أغنية {أدري} من كلمات الفنان خالد عبد الرحمن (روتانا)
ضم ألبومه الجديد أغنية {أدري} من كلمات الفنان خالد عبد الرحمن (روتانا)

أطلق الفنان الكويتي نبيل شعيل ألبومه الجديد «يا طيبي» بالتعاون مع شركة «روتانا للصوتيات والمرئيات»، الذي يتضمن 10 أغنيات جديدة قدمها باللهجة الخليجية.

وتحدث شعيل في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» عن تفاصيل أغنيات ألبومه الجديد، ورأيه في «الديو» الغنائي الذي قدمه مع زميله المطرب الكويتي عبد العزيز الضويحي في حفله الأخير في «دبي»، ورأيه في النسخة الجديدة من موسم الرياض التي شارك فيها بإحيائه حفلاً غنائياً كبيراً ضمن بطولة العالم للألعاب الإلكترونية.

في البداية تحدث شعيل عن ألبومه الجديد «يا طيبي»، قائلاً: «ألبوم (يا طيبي) هو ثمرة جهد، وتعب دام أكثر من عام كامل، عقدت خلالها عشرات جلسات العمل مع الشعراء والملحنين والموزعين لكي نختار الأغنيات العشر التي طُرِحَت في الألبوم، وحرصت على انتقاء الكلمات بعناية من الشعراء أصدقائي أمثال الأمير سعود بن عبد الله، وقوس، وسعود البابطين، والفنان الكبير خالد عبد الرحمن، ومحمد الغرير، وشرفت بألحان الفنان الكبير رابح صقر، وسهم، وياسر بوعلي، وفايز السعيد، وغيرهم، فالألبوم يضم عمالقة الخليج والوطن العربي في الكلمات والتلحين والتوزيع، فكل أغنياته تلامس قلوب الناس».

وأشاد شعيل بكلمات الفنان خالد عبد الرحمن في أغنية «أدري»، قائلاً: «خالد عبد الرحمن فنان كبير، وتشرفت بالغناء من كلماته، وعلى المستوى الإنساني أحب أخلاقه أكثر من فنه؛ لأن الفنان أخلاق، وهو عنوان للأخلاق، ودائماً ما يعطيني طاقة إيجابية حينما نتقابل أو نتهاتف سوياً».

نبيل شعيل (روتانا)

وعن تصدر ألبومه تريند منصة «إكس» عقب إطلاقه بساعات قليلة، قال: «أشكر جمهوري العربي والخليجي على محبته لي، وعلى دعمه الدائم لأغنياتي، فجمهوري هو مصدر إلهامي، وسبب نجاحي الدائم، وأنا كل ما يشغل تفكيري هو تقديم عمل جيد، لا أتابع كثيراً مواقع التواصل الاجتماعي، ولكن النجاح دائماً ما يأتي لي خلال إحيائي للحفلات التي أرى فيها آلاف المحبين يأتون من جميع أرجاء الوطن العربي لكي يستمعوا لي».

كشف شعيل تفاصيل الديو الغنائي الذي جمعه بزميله الفنان الكويتي عبد العزيز الضويحي في حفله الأخير في دبي، قائلاً: «مسؤولو احتفال عيد الاتحاد لدولة الإمارات رقم 53، فضلوا أن يكون هناك ديو غنائي يجمعني بـ(أبو عمر)، واخترنا سوياً أغنية (أنا ما أنساك لو تنسى)، ولأنها أغنيتي وأعرف خباياها، طلبت من الضويحي أن يختار الطبقة التي يريد الغناء منها، لوجود فوارق في طبقات الصوت، فأنا أغني من طبقة (السوبرانو)، والضويحي يشدو من طبقة (التينور)، وأنا لست من هواة فرد عضلاتي أمام من يشدو معي، ولست من هواة فرد العضلات من الأصل في الغناء، لا بد من إراحة من يشدو معي لكي نقدم فناً جيداً وهادفاً، والحمد لله خرجت الأغنية بشكل جيد، واستطعنا أن نسعد الجمهور».

أغنيات ألبومي الجديد «يا طيبي» تلامس قلوب الناس

نبيل شعيل

يرفض نبيل شعيل، فكرة أن يقترن اسمه بأي لقب: «لست من محبي الألقاب، ولا أهواها، ولا أحبذ الألقاب التي تطلقها الصحافة عليّ، أنا اسمي نبيل شعيل، وسعيد بهذا الاسم».

وعن مشاركته الأخيرة في حفلات بطولة العالم للرياضات الإلكترونية التي استضافتها العاصمة السعودية ضمن موسم الرياض، قال: «السعودية بوابة انطلاق أي فنان عربي، وأنا سعيد وفخور بمشاركتي في كل الفعاليات التي تقام على أرضها، وأي فنان عربي يطمح، ويسعد بمشاركته في جولة المملكة للألعاب الرياضية الإلكترونية، وللعلم أنا لاعب محترف للغاية في ممارسة ألعاب البلاي ستيشن، وأجيد لعب كرة القدم فيها، ربما ليس لدي قدرة على ممارسة اللعبة على أرض الواقع، ولكني أحترفها في العالم الافتراضي».