قنوات «فيسبوك»... هل تنجح في دعم الأخبار وتعزيز التفاعل؟

ترند

شعار «فيسبوك» (د.ب.أ)
شعار «فيسبوك» (د.ب.أ)
TT
20

قنوات «فيسبوك»... هل تنجح في دعم الأخبار وتعزيز التفاعل؟

شعار «فيسبوك» (د.ب.أ)
شعار «فيسبوك» (د.ب.أ)

أطلقت «فيسبوك» خدمة «القنوات»، في خطوة وصفتها الشركة المالكة «ميتا» بأنها تستهدف دعم الناشرين من خلال توفير أداة لنشر المحتوى عبر المراسلة المباشرة، ما يوفر فرصة لاستقطاب الجمهور والتفاعل معه.

وتتيح «القنوات» إنشاء «خلاصة إخبارية» تضم الروابط والاستطلاعات والرسائل المختلفة لمتابعي القناة، وتصل لهم عبر تطبيق المحادثات «ماسنجر». غير أن خبراء حاورتهم «الشرق الأوسط» عدّوا الأداة الجديدة «محاولة محدودة» لدعم الأخبار بعد سنتين من التراجع عن هذا الدور، وأشاروا إلى أن جمهور هذه القنوات قد يكون صغيراً مقارنة بالنشر العام، غير أن الخدمة «تضيف ميزة تنافسية جديدة تتلخص في التفاعل».

«فيسبوك» تتيح للأشخاص المنضمين إلى القناة مشاهدة الرسائل في «خلاصة الأخبار الرئيسة» الخاصة بهم، كما تمكّنهم من التفاعل عبر الرموز التعبيرية والمشاركة في استطلاعات الرأي، لكن لا يمكنهم نشر المحتوى بأنفسهم. ووفق وصف «فيسبوك» لخدمة «القنوات»، التي سبق أن أطلقتها «ميتا» عبر «واتساب» في يونيو (حزيران) 2023، فإنها تعتبر «أداة مراسلة عامة من واحد إلى كثير»، ما يتيح للناشرين إرسال المحتوى مباشرة إلى المتابعين بطريقة أكثر تفاعلية. وقد أتيحت قنوات «فيسبوك» للصفحات التي تضم أكثر من 10000 متابع، وكذلك الحسابات الموثقة التي تضم العدد نفسه.

مدير إدارة الإعلام الرقمي الإخباري في مركز الاتحاد للأخبار، رامي الطراونة، اعتبر «قنوات فيسبوك» فرصة جديدة للناشرين لمشاركة المحتوى مع الجمهور مباشرة، لكنه قد «لا يشكل بالضرورة دعماً ملموساً للأخبار على المنصة». وأضاف: «من غير الواضح ما إذا كانت هذه القنوات ستؤثر على نموذج الأعمال الإعلامي بشكل ملموس؛ نظراً لأن آليات النشر وقياس التفاعل وطرق تحقيق الأرباح منها ما زالت غير واضحة». وأوضح: «يمكن النظر إلى هذه الميزة على أنها أداة جديدة للناشرين، لكنها ليست بديلاً كاملاً أو عصاً سحرية قد تغير معادلة نشر الأخبار على (فيسبوك)».

عن التأثيرات الإيجابية المتوقعة للخدمة الجديدة من «فيسبوك»، قال الطراونة: «هناك تأثير إيجابي متوقع، لكنه يعتمد على عدة عوامل، أبرزها طبيعة المحتوى ومدى استجابة وتفاعل المستخدمين معه، لا سيما أن القنوات تمنح الناشرين وسيلة تضمن وصول وتوجيه منشورات منتقاة بشكل مباشر إلى المتابعين، على عكس المنشورات التقليدية التي قد تتأثر بخوارزميات فيسبوك المتقلبة».

ورهن الطراونة معدل التأثير المتوقع على سلوك المستخدم، فقال: «قد يعيق ضعف تفاعل المستخدمين انتشار القنوات، كما حدث مع مزايا أخرى استنسختها فيسبوك... وهي مع غياب بيانات كافية عن أدائها، يبقى تأثيرها إيجابياً نظرياً إذا استُخدمت ضمن خطة محتوى واضحة إلا أنه غير مضمون لكل الناشرين».

من ناحية أخرى عدّد الطراونة المزايا، قائلاً: «يمكن للناشرين استغلال قنوات (فيسبوك) لنشر الأخبار العاجلة والقصص الحصرية، وتجربة أنماط جديدة من المحتوى، وتوجيه المتابعين إلى مواقعهم». واستشهد بتجربة قنوات «واتساب»، شارحاً: «توفر قنوات (واتساب) مساحة لنشر محتوى مباشر بعيداً عن زحام الإشعارات، من دون قيود الخوارزميات، ما يمنحها ميزة تنافسية، لكن فعاليتها تعتمد على اندماجها في استراتيجية الناشر واستجابة الجمهور لها».

اليوم، صحيفة «الديلي ميل» البريطانية هي أكبر ناشر يستخدم «قنوات فيسبوك» وفقاً لـ«بريس غازيت»؛ إذ تضم قناتها 30100 متابع، لكنها لم تنشر أي تحديث منذ 10 يناير (كانون الثاني) الماضي. وفي المقابل، انضمت صحيفة «الإندبندنت» إلى المنصة أخيراً بقناة أخبار عاجلة وصلت إلى 12100 عضو حتى الآن.

من جهة ثانية، اعتبر فادي رمزي، مستشار الإعلام الرقمي المصري والمحاضر في الجامعة الأميركية بالقاهرة، خطوة «قنوات فيسبوك» محاولة «مواربة» من «ميتا» لدعم الناشرين، غير أنها لا يمكنها إلى الآن تغيير الآثار السلبية التي وقعت على منصات الأخبار على مدار سنتين، وركّز على «أهمية الأرقام». وفي هذا السياق، أشار تقرير «معهد رويترز» لعام 2025 إلى أن «معدل الوصول للأخبار عبر (فيسبوك) تراجع بنحو 67 في المائة، وهذا رقم ضخم لا يمكن مقارنته بنتائج خدمة (القنوات) التي لم تشهد أثراً حتى الآن».

وأضاف رمزي: «قد يكون التفاعل المباشر مع الجمهور، الذي توفره قنوات (فيسبوك) مؤشراً إيجابياً، غير أن (واتساب) قد يكون الأفضل في هذا الصدد، لأنه بالأساس تطبيق مراسلة وسلوك الإرسال والنشر من خلاله أسرع من أي تطبيق آخر». وفي حين قلل رمزي من توقعاته لدور «قنوات فيسبوك» في رفع معدلات الوصول للأخبار، فإنه رأى «أن على الناشرين ترتيب أولوياتهم على (فيسبوك)، وهنا لن تأتي خدمة (القنوات) في المقدمة، بينما ثمة 3 سُبل أخرى حققت بالفعل نتائج لخدمة الأخبار». وحددها بقوله: «المقاطع المصورة القصيرة (الريلز)، والستوري، والبث المباشر، فلا تزال الخدمات الـ3 تحقق للأخبار انتشاراً ووصولاً جيداً يمكن الاستثمار فيها».


مقالات ذات صلة

زوكربيرغ: اشتريت «إنستغرام» لأنه كان «أفضل»

تكنولوجيا مارك زوكربيرغ الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا» (أ.ف.ب)

زوكربيرغ: اشتريت «إنستغرام» لأنه كان «أفضل»

أدلى مارك زوكربيرغ، الرئيس التنفيذي لشركة «ميتا»، باعتراف مهم في محاكمة تتعلق بدعوى لمكافحة الاحتكار بأميركا، قائلاً إنه اشترى «إنستغرام»؛ لأنه أفضل في الصور.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا «ميتا» تعتزم بدء استخدام المحتوى المتاح للعامة من المستخدمين الأوروبيين لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها (أ.ف.ب)

«ميتا» تعلن اعتزامها تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي بالمحتوى العام للمستخدمين الأوروبيين

أعلنت شركة التكنولوجيا الأميركية «ميتا» اعتزامها بدء استخدام المحتوى المتاح للعامة من المستخدمين الأوروبيين لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا من المقرر أن تبدأ محاكمة «ميتا» بشأن مزاعم القيام بعمليات احتكار غير قانونية لمنصات للتواصل الاجتماعي (رويترز)

محاكمة تاريخية لمكافحة الاحتكار ضد «ميتا» في واشنطن اليوم

من المقرر أن تبدأ محاكمة «ميتا»، الشركة الأم لـ«فيسبوك»، بواشنطن بشأن مزاعم قيام عملاق التكنولوجيا الأميركية بعمليات احتكار غير قانونية لمنصات للتواصل الاجتماعي

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا «ميتا»: لا بث مباشراً عبر «إنستغرام» لمن تقل أعمارهم عن 16 عاماً

«ميتا»: لا بث مباشراً عبر «إنستغرام» لمن تقل أعمارهم عن 16 عاماً

قالت شركة «ميتا» المالكة لتطبيق «إنستغرام»، الثلاثاء، إن المستخدمين الذين تقل أعمارهم عن 16 عاماً لن يتمكنوا من البث المباشر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
تكنولوجيا الملياردير الأميركي مارك زوكربيرغ (رويترز)

بـ23 مليون دولار... زوكربيرغ يشتري قصراً في واشنطن للتقرب من ترمب

أقدم الملياردير الأميركي مارك زوكربيرغ على شراء قصر ضخم في واشنطن، بقيمة 23 مليون دولار نقدًا، في إطار جهوده للتقرب من الرئيس دونالد ترمب.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

«الحرب التجارية» بين واشنطن وبكين تحت مجهر الإعلام الروسي

مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)
مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)
TT
20

«الحرب التجارية» بين واشنطن وبكين تحت مجهر الإعلام الروسي

مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)
مبنى «ريا نوفوستي» في العاصمة الروسية موسكو (آذرنيوز)

تراقب موسكو بشكل حثيث تصاعد حدة السجالات الأميركية مع بكين، الحليف الاستراتيجي الأهم. وبات مصطلح «الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين» الأكثر تداولاً على صفحات وسائل الإعلام الروسية، ومنصات التواصل الاجتماعي. بيد أن اللافت في تغطيات وسائل الإعلام المقربة من الكرملين، حرصها على إقامة «توازن دقيق» بين رغبات تعزيز مسار التقارب مع واشنطن وإظهار دعم خطوات الرئيس دونالد ترمب في ملفات عدة من جهة، والحاجة إلى تأكيد التزام موسكو بالتحالف مع الصين والدفاع عن مصالح الأخيرة من الجهة الأخرى.

بعيداً عن الخطاب الإعلامي «الآيديولوجي» المستمد من الحقبة السوفياتية، مثل أن تضع وكالةُ أنباء «نوفوستي» المهمةُ، عنواناً صارخاً مثل «الأسلحة السرّية لروسيا منعت ترمب من توجيه حربه التجارية على روسيا» ركّزت الآلة الإعلامية للكرملين على تفادي المبالغة في وضع مقاربات أو ترديد تساؤلات تكرّرت كثيراً لدى وسائل الإعلام في الغرب، من نوع «لماذا يذهب ترمب باتجاه فرض رسوم جمركية على بلدان كثيرة بينما لا يفرضها على روسيا، التي ما زالت على الرغم من جولات التفاوض المكوكية تُصنَّف خصماً أو عدواً للولايات المتحدة؟».

قراءة «فيدوموستي»

في هذا الإطار، وضعت صحيفة «فيدوموستي» المرموقة، التي تركز على ملفات الاقتصاد والسياسة، تصوّراً أكثر وضوحاً، يُظهر أن موسكو لا تخشى فرض عقوبات، أو وضع قيود تجارية جديدة؛ لأن القيود المفروضة حالياً وصلت بالفعل إلى ذروتها في عهد الإدارة السابقة، ولأن الاقتصاد الروسي تمكَّن عملياً من التعايش معها.

هنا يمكن التوقُّف عند حجم التبادل التجاري بين روسيا والولايات المتحدة، الذي لا يكاد يذكر بالمقارنة مع المصالح التجارية الأميركية مع الصين، مثلاً، أو أوروبا أو تكتلات وبلدان أخرى. بالتالي، فإن فرض رسوم جمركية إضافية على موسكو لن يكون مجدياً حتى للإدارة الأميركية نفسها. وبالأرقام، وفقاً لمعطيات مكتب الممثل التجاري الأميركي التي نقلتها «فيدوموستي»، كان حجم التجارة بين الولايات المتحدة وروسيا في عام 2024 نحو 3.5 مليار دولار فقط، مقابل أكثر من نصف تريليون دولار مع الصين. كذلك بلغت واردات الولايات المتحدة السنوية من السلع من روسيا في العام الماضي 3 مليارات دولار، وهو ما يقل بنسبة 34.2 في المائة (1.6 مليار دولار) عن عام 2023. بينما انخفضت قيمة الصادرات الأميركية إلى روسيا إلى 526 مليون دولار (-12.3 في المائة أو 73.5 مليون دولار، مقارنة بعام 2023).

أكثر من ذلك، أشارت الصحيفة إلى أن إدارة ترمب تبدي اهتماماً واسعاً بمشاريع مستقبلية واعدة مع روسيا، لذلك لا ترغب حالياً في تخريب مسار التطبيع وإضاعة فرصة ثمينة لتنفيذ خطط واعدة كبرى. ومن هذه الخطط ما أشار إليه وفقاً للصحيفة، كيريل دميترييف رئيس صندوق الاستثمار المباشر ومبعوث الرئيس فلاديمير بوتين الشخصي لقضايا التجارة مع البلدان الأجنبية، حول رغبة ترمب في استعادة الخسائر المالية للشركات الأميركية؛ بسبب الخروج من روسيا، اعتباراً من عام 2022، والتي تتجاوز 300 مليار دولار.

وأشار دميترييف إلى احتمال بدء عودة الشركات الأميركية إلى روسيا في النصف الثاني من 2025. وتحديد هذا التاريخ مهم للغاية، لأنه يعني وفقاً للصحيفة أن الشركات الأميركية ستكون قادرةً على شغل مكان الشركات الأوروبية التي غادرت السوق الروسية بسبب الحرب في أوكرانيا.

معلق «نوفوستي» التجاري

في المقابل، حرصت التغطيات الإعلامية الروسية على إظهار التأييد للصين وهي تواجه «منعطفاً ثانياً أكثر حدة» في «الحرب التجارية» وفقاً للمعلق الاقتصادي لوكالة «نوفوستي».

محلل «نوفوستي» رأى أن «السبب الرسمي لاندلاع الحرب التجارية الأولى كان اختلال التوازن لصالح الصين، الذي بلغ في عام 2018 أكثر من 250 مليار دولار. في المرة الماضية، أعلن ترمب رسمياً أنه شخصياً والولايات المتحدة ككل هما الفائزان دون شك».

وزاد أن التجارة المتبادلة، خصوصاً الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة، أخذت في الانخفاض بقوة خلال إدارة الرئيس جو بايدن. وتحديداً، وبناء على نتائج عام 2023، أقدمت واشنطن على تقييد التجارة المتبادلة بنسبة 13 في المائة، ما أدى من الناحية النقدية إلى انخفاض إجمالي حجم المعاملات المتبادلة إلى أقل من 500 مليار دولار. ووفقاً للمحلل فإنه سيكون على واشنطن أن تبدأ بإحصاء خسائرها بسبب القيود المفروضة على التعاملات مع الصين. ومثال لذلك، فإن الولايات المتحدة «ليس لديها مكان لبيع ما قيمته 25 مليار دولار سنوياً من فول الصويا والقمح والذرة. ولا توجد أسواق مماثلة في العالم من حيث العمق، ولن تدفع أي دولة أخرى 25 مليار دولار مقابل هذه السلع».

وبحسب مكتب الإحصاء الأميركي، أرسلت الولايات المتحدة بضائع بقيمة 143 مليار دولار إلى الصين العام الماضي، أبرزها في قطاعات الإلكترونيات والدوائر المتكاملة، وشحنات النفط والغاز، والفحم.

تحليل ياكوفينكو

وفي الإطار ذاته، وضع الدبلوماسي الروسي المخضرم ألكسندر ياكوفينكو، المتخصص في مجال العلاقة مع الدوائر الغربية، تصوّراً قاتماً لمستقبل العلاقات التجارية بين الصين والولايات المتحدة سيتسبب - حسب رأيه - بأضرار واسعة على واشنطن. وكتب ياكوفينكو في مقالة صحافية تحليلية «من الواضح للغاية أن أميركا ترمب قد اتخذت مساراً نحو إعادة التصنيع، ودون ذلك لن يكون من الممكن حل المشكلات التي تراكمت في المجتمع الأميركي».

ورأى، من ثم، أن مهمة إعادة بناء قطاع التصنيع في بلد ظل لمدة قرن ونصف القرن على الأقل من بين القوى الصناعية الرائدة مهمة غير عادية. وأن الولايات المتحدة تواجه تهديداً حقيقياً بالركود، وهو تهديد هيكلي ونظامي - وربما أكبر من التهديد الذي واجهته في سبعينات القرن العشرين، عندما خرجت من الأزمة على مسار السياسات الاقتصادية النيوليبرالية والعولمة، التي استنفدت مواردها بوضوح.

وبعد شرح تبعات سياسة ترمب على الصين وبلدان أخرى، قال الدبلوماسي في مقالته الصحافية إن «العالم ربما يكون أكثر تعقيداً مما تتصوره واشنطن.

والمرحلة التالية هي رد فعل الدول المتضرّرة (...) في الوقت الحالي، فإن ما هو مهم أن ترمب أعلن الحرب الاقتصادية على الصين، متخلياً فعلياً عن فكرة الاحتواء، وهو ما من شأنه أن يؤدي إلى خيار غير مقبول للتصعيد النووي».