الكاميرات الذكية أمْ «سي سي تي في»... كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي معايير الأمان المنزلي؟

«الشرق الأوسط» تحاور نائب الرئيس لتطوير الأعمال لدى «رينغ»

كاميرا «بان تيلت» أول كاميرا داخلية من «أمازون» تدور بزاوية 360 درجة وتميل بزاوية 169 درجة (أمازون)
كاميرا «بان تيلت» أول كاميرا داخلية من «أمازون» تدور بزاوية 360 درجة وتميل بزاوية 169 درجة (أمازون)
TT

الكاميرات الذكية أمْ «سي سي تي في»... كيف يغيّر الذكاء الاصطناعي معايير الأمان المنزلي؟

كاميرا «بان تيلت» أول كاميرا داخلية من «أمازون» تدور بزاوية 360 درجة وتميل بزاوية 169 درجة (أمازون)
كاميرا «بان تيلت» أول كاميرا داخلية من «أمازون» تدور بزاوية 360 درجة وتميل بزاوية 169 درجة (أمازون)

تشهد حلول الأمان المنزلي تطوراً كبيراً نتيجة التحول الرقمي السريع. وقد كانت أنظمة المراقبة التلفزيونية التقليدية «سي سي تي في» (CCTV) يوماً ما الخيار الأساسي لتأمين المنازل، لكنها الآن تتراجع أمام حلول المنازل الذكية مثل تلك التي تقدمها «رينغ» (Ring)، الشركة الرائدة في توفير حلول الأمان الذكية والتي تُعد إحدى الشركات التابعة لـ«أمازون». في مقابلة خاصة لـ«الشرق الأوسط» خلال معرض «جيتكس غلوبال 2024» في دبي، شرح محمد ميراج هدى، نائب الرئيس لتطوير الأعمال في الأسواق الناشئة لدى Ring، لماذا لا تُعدّ الكاميرات الذكية مجرد موضة عابرة، بل ضرورة في المنازل الحديثة، خصوصاً في المملكة العربية السعودية.

محمد ميراج هدى نائب الرئيس لتطوير الأعمال في الأسواق الناشئة لدى «رينغ» متحدثاً لـ«الشرق الأوسط» (أمازون)

منع الحوادث وليس فقط تسجيلها

يوضح محمد هدى أن الفارق الأساسي بين الكاميرات الذكية وأنظمة «سي سي تي في» (CCTV) التقليدية يكمن في أن الأخيرة تسجل الأحداث فقط، بينما تساعد الكاميرات الذكية على منعها. فعلى الرغم من فاعلية أنظمة CCTV في المراقبة والتسجيل، فإنها لا تفعل الكثير لمنع الحوادث في الوقت الفعلي. على النقيض من ذلك، فإن الكاميرات الذكية مثل تلك التي تقدمها Ring تنبّه المستخدمين على الفور في حال حدوث نشاط مشبوه؛ ما يتيح ردود فعل استباقية.

غالباً ما تتطلب أنظمة CCTV التقليدية وجود المستخدم لمراقبة الفيديو المباشر؛ ما قد يكون مرهقاً. وفي كثير من الحالات، تتم مراجعة اللقطات بعد وقوع الحادث؛ ما يجعلها أداة تفاعلية وليست استباقية. ومع ذلك، فإن كاميرات Ring الذكية، المزودة بالذكاء الاصطناعي وتقنيات التعلم الآلي، تستطيع التمييز بين أنواع مختلفة من الحركة، سواء كان شخصاً، أو مركبةً متحركةً، أو حتى حيواناً ماراً؛ ما يضمن تنبيه المستخدمين بالأحداث ذات الصلة فقط.

التخزين السحابي مقابل التخزين المحلي

أحد أكبر التحديات التي تواجه أنظمة CCTV التقليدية هو اعتمادها على التخزين المحلي، والذي قد يمثل مشكلة، خصوصاً خلال فترات الغياب الطويلة.

خلافاً لذلك، يقول هدى إن التخزين السحابي الذي تقدمه «رينغ» يوفر للمستخدمين إمكانية الوصول إلى تسجيلاتهم في أي وقت ومن أي مكان. ومن خلال خطط الاشتراك التي سيطلق عليها تسمية «Ring Home» يمكن للمستخدمين تخزين الفيديوهات لمدة تصل إلى 180 يوماً والوصول إليها عن بُعد عبر التطبيق المحمول. ويؤكد هدى أن مع التخزين السحابي، لا يحتاج المستخدمون إلى القلق بشأن فقدان اللقطات بسبب قيود التخزين المحلي.

يُعدّ هذا الحل السحابي مفيداً بشكل خاص لسكان منطقة الخليج العربي، حيث أصبحت اللقطات عالية الدقة هي المعيار. ويضيف هدى: «قد لا يتحمل التخزين المحلي المتطلبات العالية للبيانات الناتجة من الفيديو عالي الدقة، ولكن مع التخزين السحابي من Ring، يمكن للمستخدمين تخزين عدد غير محدود من الفيديوهات دون أي قلق». تعزز هذه القدرة الأمان وتوفر راحة البال للمستخدمين الذين يسافرون كثيراً.

تقول «رينغ» إن كاميراتها الذكية ليست مجرد أدوات لتسجيل ما يحدث... إنها تهدف إلى منع الحوادث (رينغ)

التنبيهات الذكية والاستجابات الفورية

تتمثل الميزة الرئيسية لكاميرات Ring الذكية في قدرتها على تمكين الاستجابات الفورية. وبينما تخبرك أنظمة CCTV التقليدية بما حدث، تتيح لك الكاميرات الذكية التفاعل في الوقت الفعلي. على سبيل المثال، إذا كان هناك شخص يقترب من المدخل الرئيسي، يمكن للمستخدمين التواصل معه مباشرةً عبر تطبيق Ring. هذه الميزة ثنائية الاتجاه مفيدة بشكل خاص في حالات توصيل الطرود - يمكن للمستخدمين إعطاء توجيهات للسائقين بترك الطرود في مكان آمن حتى لو لم يكونوا في المنزل.

كما تقدم الكاميرات الذكية «تنبيهات معاينة الفيديو» التي تتضمن مقطع فيديو مدته ست ثوانٍ مع كل تنبيه. تتيح هذه الميزة للمستخدمين تحديد ما إذا كان التنبيه يتطلب اهتماماً فورياً. ويشرح هدى خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «إنها ليست مجرد رسالة نصية تقول إن هناك حركة - إنها معاينة فيديو تساعد المستخدمين على اتخاذ قرارات مستنيرة». تُعدّ هذه الميزة مفيدة بشكل خاص للآباء الذين يرغبون في التأكد من عودة أطفالهم إلى المنزل بأمان أو لأصحاب المنازل الذين يرغبون في إدارة عمليات التسليم عن بُعد.

المرونة وقابلية التوسع حسب الاحتياجات

ميزة أخرى كبيرة لكاميرات Ring الذكية هي مرونتها من ناحية الاستخدام. في حين أن أنظمة CCTV التقليدية غالباً ما تتطلب تركيباً معقداً وتكون ثابتة وغير مرنة، فإن أجهزة Ring مصممة لتكون قابلة للتوسع بسهولة. ويذكر هدى: «يمكنك البدء بجرس باب مزود بالفيديو وتوسيع نظامك مع نمو احتياجاتك».

على سبيل المثال، يمكن للمستخدمين إضافة كاميرات داخلية لمراقبة غرف الأطفال، أو تركيب كاميرات خارجية لتعزيز الأمان المحيطي - وكل ذلك يمكن دمجه بسلاسة في نظام Ring الحالي. وهذه المرونة جذابة بشكل خاص لسكان الخليج، حيث غالباً ما تنمو الأسر وتتغير احتياجاتها بمرور الوقت.

وتعدّ كاميرا «Ring Pan-Tilt Indoor Camera» التي عُرضت في «جيتكس»، هي مثال على هذه المرونة. توفر رؤية بزاوية 360 درجة؛ مما يسمح للمستخدمين بمراقبة الغرفة بالكامل؛ ما يجعلها خياراً ممتازاً لغرف المعيشة أو المساحات الكبيرة. ويعلق هدى قائلاً: «مثل هذه الكاميرات الذكية يمكن أن تتكيف مع احتياجات المستخدم، حيث لا توفر التغطية فقط، بل التحكم الكامل».

محمد ميراج هدى: لم تعد أنظمة «سي سي تي في» التقليدية كافية... الناس يريدون حلولاً تقدم أكثر من مجرد مراقبة سلبية (أمازون)

ماذا عن الخصوصية والأمان؟

تُعد مخاوف الخصوصية اعتباراً مهماً للكثير من المستهلكين، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بتخزين البيانات في السحابة. ويؤكد هدى على أن هذه القضايا في طليعة استراتيجية Ring قائلاً: «الخصوصية دائماً في مقدمة اهتماماتنا... تستخدم Ring ميزات مثل (التشفير من طرف إلى طرف) و(المصادقة الثنائية) لضمان حماية بيانات المستخدمين».

كما توفر ميزة «مركز التحكم» داخل تطبيق Ring للمستخدمين سيطرة كاملة على إعدادات الأجهزة؛ ما يتيح لهم تلقي التنبيهات عن أي محاولات وصول غير مصرح بها.

ميزات سهلة الاستخدام وتكامل سلس

تم تصميم الكاميرات الذكية لتكون بديهية وسهلة الاستخدام. فعلى سبيل المثال، توفر أجهزة Ring أوضاعاً قابلة للتخصيص مثل «الوضع المنزلي» و«الوضع البعيد»؛ ما يسمح للمستخدمين بضبط إعداداتهم بناءً على ما إذا كانوا في المنزل أو خارجه. يعني هذا أنه يمكن للمستخدمين إيقاف تشغيل الكاميرات الداخلية عندما يكونون في المنزل؛ للحفاظ على الخصوصية، وتفعيل جميع الكاميرات عند المغادرة. كما تتضمن كاميرات Ring أيضاً ميزة تسمح بتغطية العدسة فعلياً عندما لا تكون قيد الاستخدام؛ ما يوفر راحة إضافية للمستخدمين.

الحاجة إلى الأمان المنزلي الذكي

تُعد الكاميرات الذكية استجابة للاحتياجات الأمنية المتطورة في المنطقة، كما يبرز هدى قائلاً: «الخليج هو منطقة سريعة النمو مع معدل تبني مرتفع للحلول الرقمية. الناس هنا يتوقعون أن تكون التكنولوجيا سريعة، وموثوقة، وقابلة للتكيف مع احتياجاتهم».

تلتزم Ring بالابتكار، والتخزين السحابي، والتنبيهات الذكية، والتفاعل في الوقت الفعلي؛ مما يجعلها الخيار الرائد لأصحاب المنازل الذين يسعون إلى حلول أمنية أكثر ذكاءً وفاعلية.


مقالات ذات صلة

من التحول الرقمي إلى التفوق التقني... السعودية تُرسّخ بنية الذكاء الاصطناعي

تكنولوجيا تحتضن السعودية حالياً 33 مركز بيانات نشطاً وتعمل على تطوير 42 آخر ما يعكس طفرة غير مسبوقة في البنية التحتية الحوسبية (شاترستوك)

من التحول الرقمي إلى التفوق التقني... السعودية تُرسّخ بنية الذكاء الاصطناعي

تسير السعودية بخطى متسارعة نحو بناء بنية تحتية رقمية متقدمة للذكاء الاصطناعي عبر شراكات استراتيجية ومراكز بيانات ضخمة تدعم رؤيتها للتحول الوطني.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد شعار شركة «أرامكو السعودية» (رويترز)

«أرامكو السعودية» توقِّع 34 مذكرة تفاهم واتفاقية مع شركات أميركية

وقّعت «أرامكو السعودية» -من خلال مجموعة شركاتها- 34 مذكرة تفاهم واتفاقية مع شركات أميركية كبرى، في مجالات مختلفة، وذلك بقيمة محتملة تقارب 90 مليار دولار.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا 
يتميز «E-BAR» بقدرته على التقاط المستخدم في حال فقدان التوازن عبر وسائد هوائية مدمجة دون الحاجة إلى أحزمة (MIT)

روبوت ذكي يساعد كبار السن على التنقل ويمنعهم من السقوط

الروبوت الذكي الذي يُدعى «E-BAR» يدعم كبار السن، ويمنع سقوطهم، بهدف تعزيز استقلاليتهم في المنزل، وتحسين جودة حياتهم بأمان، وابتكار.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد القمة العالمية للذكاء الاصطناعي في الرياض (الشرق الأوسط)

إنشاء «منطقة ذكاء اصطناعي» بالسعودية بقيمة 5 مليارات دولار

أعلنت «أمازون ويب سيرفيسز»، التابعة لشركة Amazon.com, Inc. و«هيوماين» السعودية الجديدة عن خطط لاستثمار يتجاوز 5 مليارات دولار لتطوير «منطقة ذكاء اصطناعي».

«الشرق الأوسط» (الرياض)

من التحول الرقمي إلى التفوق التقني... السعودية تُرسّخ بنية الذكاء الاصطناعي

تحتضن السعودية حالياً 33 مركز بيانات نشطاً وتعمل على تطوير 42 آخر ما يعكس طفرة غير مسبوقة في البنية التحتية الحوسبية (شاترستوك)
تحتضن السعودية حالياً 33 مركز بيانات نشطاً وتعمل على تطوير 42 آخر ما يعكس طفرة غير مسبوقة في البنية التحتية الحوسبية (شاترستوك)
TT

من التحول الرقمي إلى التفوق التقني... السعودية تُرسّخ بنية الذكاء الاصطناعي

تحتضن السعودية حالياً 33 مركز بيانات نشطاً وتعمل على تطوير 42 آخر ما يعكس طفرة غير مسبوقة في البنية التحتية الحوسبية (شاترستوك)
تحتضن السعودية حالياً 33 مركز بيانات نشطاً وتعمل على تطوير 42 آخر ما يعكس طفرة غير مسبوقة في البنية التحتية الحوسبية (شاترستوك)

يمهد التحول الرقمي الذي تخوضه المملكة العربية السعودية الطريق كي تصبح مركزاً عالمياً للذكاء الاصطناعي والبنية التحتية الرقمية. ومن بين أبرز التطورات في هذا التحول، تأتي الشراكة بين شركة الذكاء الاصطناعي السعودية «هيوماين» وشركة الرقائق الأميركية العملاقة «إنفيديا» التي أعلن عنها خلال زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى المملكة هذا الأسبوع، وتشمل توريد 18.000 شريحة من رقائق «GB200 Grace Blackwell» المتقدمة من «إنفيديا» بهدف تشغيل مركز بيانات للذكاء الاصطناعي بقدرة 500 ميغاواط.

الأضخم عالمياً

يُتوقع أن يصبح مركز البيانات هذا، الذي صُمم ليكون من الأكبر من نوعه على مستوى العالم، حجر الزاوية في قدرات المملكة التدريبية والتنفيذية في مجال الذكاء الاصطناعي. كما يُعد محطة بارزة في التعاون التقني بين الشرق الأوسط والولايات المتحدة.

وقال جينسن هوانغ، الرئيس التنفيذي لـ«إنفيديا»، إن الذكاء الاصطناعي مثل الكهرباء والإنترنت، حيث بات بنية تحتية أساسية لكل دولة. وأضاف: «نحن فخورون بالشراكة مع السعودية لبناء العمود الفقري الرقمي لتحولها في مجال الذكاء الاصطناعي». وقد جاءت هذه الخطوة ضمن حزمة أوسع من الاستثمارات بين السعودية والولايات المتحدة، حيث التزمت المملكة بضخ أكثر من 600 مليار دولار في استثمارات تشمل الدفاع والفضاء والذكاء الاصطناعي.

تدمج «رؤية 2030» بين بناء القدرات التقنية والبشرية من خلال استثمارات ضخمة وشراكات دولية وبرامج تدريب وطنية (شاترستوك)

الطفرة في مراكز البيانات

تعتمد طموحات المملكة في مجال الذكاء الاصطناعي بشكل أساسي على عنصر جوهري وهو بنية الحوسبة التي تتمثل بمراكز البيانات.

تقول شركة الاستشارات «بلاكريدج ريسيرتش» (Blackridge Research) إنه بحلول مطلع عام 2025، أصبح في المملكة 33 مركز بيانات نشطاً، إضافة إلى 42 مركزاً قيد التطوير، ليبلغ الإجمالي 75 مشروعاً موزعاً على مدن رئيسية مثل الرياض وجدة والدمام، بالإضافة إلى مناطق مستقبلية مثل «نيوم». من بين المشاريع في هذا المجال، مركز بيانات «داتا فولت» (DataVolt) في «نيوم» باستثمار قدره 5 مليارات دولار، حيث من المتوقع أن يوفر 1.5 غيغاواط من القدرة الحوسبية المخصصة للذكاء الاصطناعي. ويتميّز المشروع بالاستدامة، حيث يشمل تبريداً سائلاً واستخدام الطاقة المتجددة والتوسّع المعياري.

في الوقت ذاته، أعلنت شركة «كوانتوم سويتش تماسوك» Quantum Switch Tamasuk (QST) عن خطة لبناء ستة مراكز بيانات فائقة السعة عبر المملكة، بقدرة إجمالية تبلغ 300 ميغاواط، موجهة إلى خدمات السحابة السيادية والتطبيقات المؤسسية.

شريحة إلكترونية من إنتاج «إنفيديا» في معرض بمدينة سان خوسيه بولاية كاليفورنيا الأميركية (رويترز)

بنية تحتية مخصصة للذكاء الاصطناعي

يتسابق عمالقة الحوسبة السحابية العالميون لترسيخ وجودهم داخل المملكة. فقد أعلنت شركة «تنسنت كلاود» عن أول منطقة سحابية لها في الشرق الأوسط من خلال السعودية، مع منطقتي «توفر». كما حصلت كل من «أوراكل» و«غوغل كلاود» و«مايكروسوفت أزور» على تراخيص للعمل داخل المملكة، في ظل الطلب المتزايد على البنية التحتية المهيأة للذكاء الاصطناعي.

وقد وضّحت الجهات التنظيمية السعودية، وعلى رأسها الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا)، أن توطين البيانات السيادية أمر غير قابل للتفاوض. إذ يجب تنفيذ المهام المتعلقة بالحكومة والدفاع على بنية تحتية محلية وآمنة، مما يرفع الطلب على السعة الحوسبية داخل المملكة. لكن الأمر لا يتعلق بالحجم فقط، بل بجودة البنية التحتية نفسها، حيث يتم إنشاء مراكز بيانات حديثة مخصصة لحوسبة الذكاء الاصطناعي عالية الكثافة باستخدام وحدات معالجة الرسوميات (GPU) الخاصة لتدريب النماذج الكبرى (LLMs)، والتوأمة الرقمية، وتطبيقات المدن الذكية.

المؤسس والرئيس التنفيذي لشركة «إنفيديا» جينسن هوانغ يتحدث في منتدى الاستثمار السعودي الأميركي (رويترز)

شراكات استراتيجية وبناء قدرات وطنية

إلى جانب البنية التحتية، تعقد المملكة شراكات استراتيجية متعددة لضمان أن يكون دفعها نحو الذكاء الاصطناعي مستداماً وذا سيادة. فمشروع مركز البيانات بين «هيوماين» و«إنفيديا» ليس سوى جزء من الصورة. إذ تعمل «سدايا» مع «إنفيديا» على نشر 5000 شريحة «بلاك ويل» (Blackwell) لإنشاء مصنع ذكاء اصطناعي سيادي، يهدف إلى تدريب آلاف المطورين المحليين، ودعم الخدمات الحكومية الذكية في قطاعات مثل الصحة والتنقل والطاقة.

في الوقت نفسه، تساهم شركات مثل «UiPath» و«AWS» و«IBM» في برامج تنمية المهارات، تشمل تدريب الموظفين الحكوميين على الأتمتة، ومعسكرات تدريب مطوري الذكاء الاصطناعي، وتمكين الشركات الناشئة مما يضمن توازناً بين البنية التحتية والقدرات البشرية المحلية القادرة على تشغيلها وتطويرها.

مخطط رقمي بتأثيرات عالمية

تندمج هذه المبادرات بسلاسة ضمن إطار «رؤية 2030»، وهي الاستراتيجية الوطنية التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط وبناء اقتصاد قائم على الابتكار. حتى الآن، تجاوزت الاستثمارات في مراكز البيانات والبنية الرقمية في المملكة 21 مليار دولار، مع توقّع أن يتجاوز الإنفاق على الذكاء الاصطناعي وحده 100 مليار دولار بحلول عام 2030، وفقاً لتقديرات وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات.

ولا يتمثل الهدف فقط في نشر الذكاء الاصطناعي، بل في امتلاكه وتطويره وتصديره. ومع بدء تشغيل البنية التحتية، تستعد السعودية لتكون عاصمة الحوسبة والسحابة في الشرق الأوسط، موفرة قدرات آمنة وسيادية ومخصصة للذكاء الاصطناعي لا تخدم فقط تحولها الوطني بل الأسواق الإقليمية والأفريقية كذلك.