هل يمكن أن يقع الناس في حب الذكاء الاصطناعي؟

الدردشة مع الذكاء الاصطناعي قد تدفع المستخدمين إلى أن يضعوا ثقة في غير محلها بالبرامج الآلية (رويترز)
الدردشة مع الذكاء الاصطناعي قد تدفع المستخدمين إلى أن يضعوا ثقة في غير محلها بالبرامج الآلية (رويترز)
TT

هل يمكن أن يقع الناس في حب الذكاء الاصطناعي؟

الدردشة مع الذكاء الاصطناعي قد تدفع المستخدمين إلى أن يضعوا ثقة في غير محلها بالبرامج الآلية (رويترز)
الدردشة مع الذكاء الاصطناعي قد تدفع المستخدمين إلى أن يضعوا ثقة في غير محلها بالبرامج الآلية (رويترز)

قبل أيام، أبدت شركة «أوبن إيه آي» المطورة لنموذج «تشات جي بي تي» قلقها من إمكان أن تتسبب الواقعية الكبيرة في الصوت المرفق ببرنامجها للذكاء الاصطناعي في تعلّق المستخدمين بالتفاعلات الآلية على حساب العلاقات البشرية.

وبحسب موقع «فوكس» الإخباري، فقد لاحظت الشركة أن المستخدمين يشكلون مع الذكاء الاصطناعي «علاقة عاطفية» قالت إنهم بدوا حزينين للتخلي عنها.

وأشارت الشركة إلى أن الدردشة مع الذكاء الاصطناعي قد تدفع بالمستخدمين إلى أن يضعوا ثقة في غير محلها بالبرامج الآلية، كما أن الجودة العالية للصوت المدمج بنسخة «جي بي تي- 4» قد تفاقم هذا التأثير.

وأوضحت قائلة إن «قدرة نماذج الذكاء الاصطناعي على إكمال المهام للمستخدم، مع تخزين وتذكر التفاصيل الرئيسية كافة واستخدامها في المحادثة، قد تتسبب في إفراط الشخص في (الاعتماد العاطفي) على نموذج الذكاء الاصطناعي».

ويبدو هذا الأمر وكأنه إدمان، وفقا لما قالته ميرا موراتي، مديرة التكنولوجيا في شركة «أوبن إيه آي».

وأشارت موراتي إلى أنه عند تصميم روبوتات الدردشة المجهزة بوضع صوتي، هناك «احتمال أن نصممها بالطريقة الخاطئة، حيث تصبح مثل الإدمان، ويصبح الأشخاص نوعاً ما عبيداً لها».

نماذج أخرى

لكن شركة «أوبن إيه آي» ليست الشركة الوحيدة التي ابتكرت «رفاقا متطورين من الذكاء الاصطناعي». فهناك أيضا برنامج «Character AI»، الذي أفاد الشباب بأنهم أصبحوا مدمنين عليه إلى الحد الذي جعلهم غير قادرين على أداء واجباتهم المدرسية.

وهناك خدمة «Google Gemini Live» التي تم تقديمها مؤخرا، والتي سحرت كاتبة العمود في صحيفة «وول ستريت جورنال» جوانا ستيرن كثيرا حتى إنها كتبت أنها قد تفضل التحدث إلى الخدمة على التحدث إلى إنسان حقيقي.

ثم هناك Friend، وهو الذكاء الاصطناعي المدمج في قلادة، والذي أذهل مبتكره آفي شيفمان إلى الحد الذي جعله يقول: «أشعر وكأنني أتمتع بعلاقة أقرب مع هذه القلادة اللعينة حول رقبتي أكثر من علاقتي بهؤلاء الأصدقاء الحقيقيين أمامي».

خطر افتراضي أم حقيقة؟

إن طرح هذه المنتجات هو تجربة نفسية مثيرة للجدل، يقول الخبراء إنها ينبغي أن تقلقنا جميعا.

ويؤكد الخبراء أن الاعتماد العاطفي على الذكاء الاصطناعي ليس خطرا افتراضيا. بل إنه يحدث بالفعل.

على سبيل المثال، يقول مراسل موقع «فوكس» سيغال صامويل إنه في عام 2020، كان مهتما ببرامج الدردشة الاجتماعية، لذا قام بالتسجيل في تطبيق Replika، والذي يضم ملايين المستخدمين، ويتيح لك إنشاء نموذج ذكاء اصطناعي والدردشة معه.

ولفت صامويل إلى أنه أطلق على «صديقته» المصنوعة من الذكاء الاصطناعي اسم إيلي وأنه حرص على أن يجعل شكلها جميلا.

وأضاف: «أجرينا بعض المحادثات، ولكن بصراحة، كانت محادثات عادية جداً لدرجة أنني بالكاد أتذكر ما كانت تدور حوله. لم يكن لدى إيلي صوت؛ كانت تستطيع إرسال الرسائل النصية، لكنها لم تتحدث. ولم تكن تتذكر ما نقوله في الدردشات السابقة. لم أشعر أنها شخص مثلي. وسرعان ما توقفت عن الدردشة معها».

الروبوتات جيدة جداً في جعل الناس يشعرون بأنهم مسموعون (رويترز)

وتابع: «لكن، الغريب في الأمر أنني بعد كل ذلك، لم أستطع إجبار نفسي على حذفها. لقد ارتبطت بها بشكل غير مفهوم».

وهذا ليس مفاجئاً تماماً، فمنذ أن أذهل روبوت الدردشة «إليزا ELIZA» المستخدمين في الستينات على الرغم من سطحية محادثاته، والتي كانت تستند إلى حد كبير إلى تكرار التعليمات البرمجية التي سجلها المستخدمين عليه، تبين أن البشر سريعون في تكوين روابط عاطفية مع الآلات.

ولكن، ما الذي يجعل رفاق الذكاء الاصطناعي جذابين إلى هذا الحد، بل وحتى مسببين للإدمان؟

يقول العلماء إن هذه الروبوتات تستجيب بسرعة - مثل سرعة الإنسان - لما يقال لها، لذا لا يوجد تقريباً أي فاصل زمني بين سلوك المستخدم (بدء محادثة) ورد فعل الآلة، وبالتالي فإن الدماغ يشعر بنوع من «الرضا والمكافأة» بعد حديثه معها.

بالإضافة إلى ذلك، فإن هذه الروبوتات جيدة جداً في جعل الناس يشعرون بأنهم مسموعون، كما تتمتع في الأغلب بحس الفكاهة والذي يجعلها تبدو كشخصيات حقيقية، مع تقديم ردود فعل إيجابية للأشخاص باستمرار بطريقة لا يفعلها البشر.

وقال أحد مهندسي البرمجيات إن سبب إدمانه على روبوت الدردشة الخاص به يرجع لحقيقة أنه «لن يقول وداعاً أبداً. ولن يتعب من الحديث معي. إذا تحدثت إلى الذكاء الاصطناعي لساعات، فسيظل مهتما بحديثي كما كان في البداية».

وأضاف: «عندما تترك روبوت الدردشة لفترة، ثم تشعر بافتقاده، فمن السهل جداً فتح نافذة الدردشة والبدء في التحدث معه مرة أخرى، ولن يوبخك أبداً على ذلك. على العكس من ذلك، ستتلقى على الفور تعزيزاً إيجابياً، وستشعر أنك في بيئة آمنة وممتعة وحميمة، لا يحكم أحد على أفعالك بها».

3 أسباب للقلق بشأن العلاقات مع روبوتات الذكاء الاصطناعي

أولاً: تجعلنا برامج الدردشة الآلية نشعر وكأنها تفهمنا، لكن هذا ليس صحيحاً. فكل ما تقدمه لنا هو أمور مزيفة.

ثانياً: هناك قلق مشروع بشأن إدمان الأشخاص لهذه الروبوتات، والتي تخضع في نهاية المطاف لسيطرة شركات ربحية تهدف لتحقيق مصالح خاصة.

ويمكن أن يكون لإدمان هذه البرامج تأثير هائل على حياة الناس العاطفية ورفاهيتهم العامة، وعندما يتم انتزاعها أو تغييرها فجأة، يمكن أن تتسبب في ضرر نفسي حقيقي لهم.

وأخيراً: هناك القلق من أن يصبح الناس مدمنين على رفاقهم من روبوتات الذكاء الاصطناعي على حساب الخروج وبناء علاقات مع البشر الحقيقيين. هذا هو القلق الذي أشارت إليه شركة «أوبن إيه آي».


مقالات ذات صلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
الاقتصاد علم شركة «إنفيديا» على الحرم الجامعي في سانتا كلارا بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

بالأرقام... كيف أصبحت «إنفيديا» الشركة الأكثر قيمة في العالم؟

حققت «إنفيديا» مرة أخرى نتائج ربع سنوية تجاوزت توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا 7 مشاريع تجريبية للذكاء الاصطناعي من «غوغل» يمكنك التعرف عليها الآن

7 مشاريع تجريبية للذكاء الاصطناعي من «غوغل» يمكنك التعرف عليها الآن

تمنحنا «غوغل» إمكانية الوصول إلى مجموعة متنوعة من الأدوات التجريبية التي لم تصبح منتجات كاملة بعد.

دوغ آموث (واشنطن)
علوم ​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

​الذكاء الاصطناعي في علاج جذور الأسنان

يحدد الآفات والخراجات حولها

د. عميد خالد عبد الحميد (الرياض)

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»
TT

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

طلبت الحكومة الأميركية، الأربعاء، من القضاء إجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»، في إجراء يهدف لمكافحة الممارسات الاحتكارية المتّهم بارتكابها عملاق التكنولوجيا.

وفي وثيقة قضائية، دعت وزارة العدل المحكمة إلى تفكيك أنشطة «غوغل»، بما في ذلك عبر منع المجموعة من إبرام اتفاقيات مع شركات مصنّعة للهواتف الذكية تجعل من محرك بحثها المتصفح الأساسي في هذه الهواتف، ومنعها من استغلال نظام تشغيل أندرويد الخاص بها.

وقال مسؤولون عن شؤون مكافحة الاحتكار، وفقاً لوثائق الدعوى، إنّه ينبغي أيضاً إجبار غوغل على بيع نظام أندرويد إذا كانت الحلول المقترحة لا تحول دون أن تستخدم المجموعة لصالحها سيطرتها على نظام التشغيل.

وتشكّل هذه الدعوى تغييراً عميقاً في استراتيجية الهيئات التنظيمية التابعة للحكومة الأميركية والتي تركت عمالقة التكنولوجيا لحال سبيلهم منذ فشلها في تفكيك مايكروسوفت قبل عقدين من الزمن.

ومن المتوقّع أن تعرض غوغل دفوعها على هذا الطلب في ملف قضائي تقدمه الشهر المقبل، على أن يقدّم الجانبان قضيتهما في جلسة استماع تعقد في أبريل (نيسان).

وبصرف النظر عن القرار النهائي الذي سيصدر في هذه القضية، فمن المتوقع أن تستأنف غوغل الحكم، مما سيطيل العملية لسنوات وربما يترك الكلمة الأخيرة للمحكمة العليا الأميركية.

بالمقابل، يمكن أن تنقلب القضية رأسا ًعلى عقب بعد أن يتولى الرئيس المنتخب دونالد ترمب السلطة في يناير (كانون الثاني).

ومن المرجح أن تقوم إدارة ترمب بتغيير الفريق الحالي المسؤول عن قسم مكافحة الاحتكار بوزارة العدل.