كيف تضمن «أبل» حوسبة سحابية آمنة في تطبيقاتها للذكاء الاصطناعي؟

خبير في الأمن السيبراني يشرح لـ«الشرق الأوسط»

كيف تضمن «أبل» حوسبة سحابية آمنة في تطبيقاتها للذكاء الاصطناعي؟
TT

كيف تضمن «أبل» حوسبة سحابية آمنة في تطبيقاتها للذكاء الاصطناعي؟

كيف تضمن «أبل» حوسبة سحابية آمنة في تطبيقاتها للذكاء الاصطناعي؟

مع دخول شركة «أبل» سباق دمج الذكاء الاصطناعي في أجهزتها وخدماتها الاستهلاكية، تراهن شركة التكنولوجيا العملاقة على التركيز القوي على الخصوصية والأمان لتمييز عروضها في سوق شديدة التنافسية.

وبالفعل، كشفت «أبل» خلال مؤتمر المطورين العالمي الأخير بداية شهر يونيو (حزيران) الماضي، عن نظامها الطموح للذكاء الاصطناعي «Apple Intelligence» الذي يتضمن تقديم خدمة حوسبة سحابية خاصة وآمنة مصممة للتعامل مع مهام الذكاء الاصطناعي المعقدة.

نهج الأمن أولاً

تعدّ خدمة الحوسبة السحابية الخاصة الجديدة من «أبل» حجر الزاوية في استراتيجية الذكاء الاصطناعي للشركة، مع التشديد على أهمية الخصوصية والأمان في تطبيقات الذكاء الاصطناعي. تعمل هذه الخدمة على تعزيز إجراءات الأمان المستندة إلى الأجهزة مثل «سيكيور بووت» (Secure Boot) و«سيكيور إنكلايف بروسيسور» (Secure Enclave Processor ) لإنشاء بيئة آمنة لحسابات الذكاء الاصطناعي.

ماذا يعني كل منهما؟

تُعد «سيكيور بووت» ميزة في البرامج الثابتة على أجهزة «أبل» المزودة بشريحة «T2» أو أحدث، تعمل كحارس بوابة يتأكد من أن البرامج المصرّح بها فقط تبدأ تشغيل الجهاز. تتحقق من شرعية نظام التشغيل قبل السماح بتحميله؛ مما يمنع البرامج غير المصرح بها من السيطرة. هذا يحمي الأجهزة من البرمجيات الخبيثة والهجمات الضارة.

أما معالج «سيكيور إنكلايف بروسيسور» (Secure Enclave Processor ) الموجود في أجهزة «أبل» المزودة بشريحة «A11» أو أحدث، هو شريحة مخصصة للتعامل مع معلومات المستخدم الحساسة مثل كلمات المرور، وبصمات الأصابع، ومفاتيح التشفير. يعمل بشكل مستقل عن المعالج الرئيسي؛ مما يوفر طبقة إضافية من الحماية ضد الثغرات البرمجية المحتملة.

ماركو مسعد باحث في مركز الشرق الأوسط للسياسات بواشنطن وخبير في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي (الشرق الأوسط)

يشرح ماركو مسعد، الباحث في مركز الشرق الأوسط للسياسات بواشنطن والخبير في الأمن السيبراني والذكاء الاصطناعي، في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» من الولايات المتحدة بأن ذلك يوفر لـ«أبل» إمكانية الحفاظ على الخصوصية؛ لأنها تعالج بيانات عملائها بنفسها وليس عن طريق طرف ثالث.

وأشار مسعد إلى أن وجود تقنية السحابة الجديدة مع تقنيات الحماية الموجودة بالفعل ستعزز قدرة «أبل» على حماية الفضاء السحابي. ويعتبر أن ذلك يجعل خطر الهجمات محدود النطاق بسبب القدرة على عزل التطبيقات، حيث يكون لكل تطبيق القدرة للوصول إلى أقل حجم من البيانات ليضمن تشغيله فقط.

الأمان والخصوصية

تم إطلاق الحوسبة السحابية الخاصة بـ«أبل» (Private Cloud Compute /PCC) في يونيو (حزيران) 2024 جنباً إلى جنب مع نظام الذكاء الاصطناعي «Apple Intelligence»، وهو نظام قائم على السحابة مصمم خصيصاً لمعالجة بيانات المستخدم مع الاهتمام البالغ بالخصوصية.

وفي حين يعتمد «Apple Intelligence» على المعالجة على الجهاز للعديد من المهام، تتولى «الحوسبة السحابية الخاصة» الميزات المعقدة للذكاء الاصطناعي التي تتطلب المزيد من القدرة على المعالجة. الفرق الرئيسي هو أن «PCC» يضمن أن بيانات المستخدم لا تترك الجهاز في شكل يمكن استخدامه.

وتؤكد «أبل» أن البيانات التي يتم إرسالها إلى «PCC» مشفرة وتُستخدم فقط لتلبية طلب المستخدم. بمجرد اكتمال المهمة، يقوم «PCC» بحذفها بالكامل. كما تم تصميم «PCC» مع وضع الشفافية في الحسبان، فالنظام مبني للسماح للباحثين الأمنيين المستقلين بالتحقق من ممارسات معالجة البيانات الخاصة به. هذا يعزز الثقة في تدابير الخصوصية للنظام.

سيتطلب دمج «شات جي بي تي» في «سيري» أن يقرر المستخدمون ما إذا كانوا موافقين على إرسال طلبات معقدة إلى أداة الذكاء الاصطناعي (شاترستوك)

الشراكة مع «OpenAI» والتكامل مع «سيري»

أحد الجوانب الرئيسية لاستراتيجية الذكاء الاصطناعي لشركة «أبل» هو شراكتها مع «أوبن آي» (OpenAI) لدمج برنامج الدردشة «شات جي بي تي» (ChatGPT) في مساعدها الرقمي «سيري». وقد أثار هذا التعاون بعض المخاوف وطرح العديد من الاستفسارات بشأن الآثار الأمنية لأداة الذكاء الاصطناعي المستخدمة على نطاق واسع. كما يحذر خبراء التقنية من أن أقل المهاجمين السيبرانيين خبرة لديهم القدرة الآن على استخدام «OpenAI» لتقليد اللغة البشرية، وإنشاء رسائل بريد إلكتروني تصيدية أكثر تقدماً، وإنشاء مواقع مزيفة، وتنظيم حملات تضليل.

سيتطلب دمج «ChatGPT» في «سيري» أن يقرر المستخدمون ما إذا كانوا موافقين على إرسال طلبات معقدة إلى أداة الذكاء الاصطناعي. وينوه ماركو مسعد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى تأكيد «أبل» وجود إجراءات حماية الخصوصية، مثل إخفاء عناوين بروتوكول الإنترنت (IP) والتأكد من أن «OpenAI» لن يخزّن الطلبات. وأضاف مسعد أنه إذا ربط المستخدمون حساب «شات جي بي تي»، فسيتم تطبيق سياسات استخدام البيانات الخاصة بـ«OpenAI» والتي تتضمن استخدام بيانات المستخدم للتدريب على نماذج الذكاء الاصطناعي بشكل افتراضي. وحذر ماركو مسعد من أنه «مع افتقار وجود سياسة واضحة ورادعة للذكاء الاصطناعي باستثناء الاتحاد الأوروبي، تظل الخصوصية أمراً مشكوكاً فيه؛ لأنه ببساطة لدى شركات التكنولوجيا إمكانيات أكبر من الحكومات وهي التي تحتفظ بتك الأسرار»، على حد تعبيره.

التدابير الأمنية ومراقبة المستخدم

وللتخفيف من المخاطر الأمنية التي تشكلها أدوات الذكاء الاصطناعي مثل «شات جي بي تي»، يُعد التدريب القوي على الأمن السيبراني للموظفين والتدابير الاستباقية من قِبل أقسام تكنولوجيا المعلومات أمراً ضرورياً. كما تسمح «أبل» للمستخدمين بتعطيل تدريب نموذج الذكاء الاصطناعي في تطبيق «ChatGPT iOS» وعلى الويب. يمكن الوصول إلى هذه الميزة من خلال إعدادات التطبيق ضمن «عناصر التحكم في البيانات»، حيث يمكن للمستخدمين تبديل خيار «تحسين النموذج للجميع»؛ مما يضمن عدم استخدام المحادثات الجديدة لنماذج التدريب.

وضع معيار جديد

يرى الخبراء أنه يمكن لنهج «أبل» في دمج الذكاء الاصطناعي مع التركيز القوي على الخصوصية والأمان أن يضع معياراً جديداً لهذه الصناعة. ويهدف التزام الشركة بحماية البيانات، إلى جانب قدرات الذكاء الاصطناعي المبتكرة، إلى الحفاظ على ثقة المستخدم مع تحفيز اعتماد تقنيات الذكاء الاصطناعي على نطاق واسع.

ومع ذلك، فإن النجاح النهائي لاستراتيجية «أبل» سيعتمد على التنفيذ الفعال، والشفافية، وتثقيف المستخدم. لا يحمي هذا النهج بيانات المستخدم فحسب، بل يعزز أيضاً بيئة يمكن أن يزدهر فيها الذكاء الاصطناعي؛ مما يؤدي إلى التقدم المستقبلي في التكنولوجيا وتعزيز تجربة المستخدم الشاملة.


مقالات ذات صلة

فيديوهات «شورتس» من «يوتيوب» ستصل إلى 3 دقائق في 15 أكتوبر

تكنولوجيا تعكس هذه التحسينات التزام «يوتيوب» بالتطور مع مستخدميه وتقديم أدوات تلهم عملياتهم الإبداعية (أدوبي)

فيديوهات «شورتس» من «يوتيوب» ستصل إلى 3 دقائق في 15 أكتوبر

«يوتيوب» يوسّع نطاق «شورتس» بميزات جديدة مثيرة للمبدعين والمشاهدين.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تطرح «أوبن أيه آي» برنامج «كانفاس» كمساعد رقمي يفهم سياق مشروعك بالكامل (شاترستوك)

تعرف على «كانفاس»... الواجهة التعاونية الجديدة لـ«تشات جي بي تي»

يوفر «كانفاس» أدوات لصقل القواعد النحوية، وتعزيز الوضوح، وضمان الاتساق.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا على غرار الميزات المتوفرة عبر منصات مثل «زووم» يقدم «واتساب» خياري «اللمسات الأخيرة» و«الإضاءة المنخفضة» (واتساب)

ميزات جديدة من «واتساب» لتحسين جودة الاتصال عبر الفيديو

يكثف «واتساب»، الذي يُعد أكبر تطبيق مراسلة في العالم، مع أكثر من ملياري مستخدم عبر 180 دولة، جهوده لإثراء تجربة المستخدم في مجال مؤتمرات الفيديو.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا يتشارك المستخدمون محادثات عميقة وتأملية مع نسخة من أنفسهم تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي في سن الستين (MIT)

نظام ذكاء اصطناعي يجعلك تتكلم مع «ذاتك المستقبلية»!

يجري ذلك عبر محادثات عميقة وتأملية مع نفسك وأنت في عمر الستين.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا تقدم الميزة عشرة خيارات صوتية مختلفة حصرياً للمستخدمين الذين يدفعون اشتراكاً في الخدمة (شاترستوك)

​«جيمناي لايف» من «غوغل» متاح مجاناً لمستخدمي «آندرويد» بالإنجليزية

كانت الميزة حصرية لمشتركي «جيمناي أدفانسد» (Gemini Advanced) بتكلفة 20 دولاراً شهرياً

نسيم رمضان (لندن)

تعرف على «كانفاس»... الواجهة التعاونية الجديدة لـ«تشات جي بي تي»

تطرح «أوبن أيه آي» برنامج «كانفاس» كمساعد رقمي يفهم سياق مشروعك بالكامل (شاترستوك)
تطرح «أوبن أيه آي» برنامج «كانفاس» كمساعد رقمي يفهم سياق مشروعك بالكامل (شاترستوك)
TT

تعرف على «كانفاس»... الواجهة التعاونية الجديدة لـ«تشات جي بي تي»

تطرح «أوبن أيه آي» برنامج «كانفاس» كمساعد رقمي يفهم سياق مشروعك بالكامل (شاترستوك)
تطرح «أوبن أيه آي» برنامج «كانفاس» كمساعد رقمي يفهم سياق مشروعك بالكامل (شاترستوك)

تقدم «أوبن أيه آي» (OpenAI) واجهة «كانفاس» (Canvas) الجديدة المصممة لتحويل كيفية تفاعل المستخدمين مع «تشات جي بي تي» (ChatGPT) لكتابة وترميز المشاريع. تهدف هذه الأداة المبتكرة إلى إعادة تعريف مساحات العمل الرقمية التعاونية من خلال تمكين تطوير المشاريع جنباً إلى جنب باستخدام الذكاء الاصطناعي.

يستخدم ملايين الأفراد يومياً «تشات جي بي تي» في مختلف الصناعات للمساعدة في مهام الكتابة والترميز والبحث. تقليدياً، حدثت هذه التفاعلات داخل واجهة دردشة بسيطة مناسبة للاستفسارات المباشرة، ولكنها أقل ملاءمة للمشاريع المعقدة التي تتطلب مراجعات وتحديثات مستمرة. إدراكاً لهذا القيد، طورت «أوبن أيه آي كانفاس» (OpenAI Canvas) لتسهيل عملية عمل أكثر ديناميكية وتفاعلية.

يعمل «كانفاس» كنافذة منفصلة حيث يمكن للمستخدمين التفاعل مباشرة مع «تشات جي بي تي»، مما يسمح بسير عمل أكثر تنظيماً وكفاءة. تدعم هذه البيئة الجديدة التعاون المتعمق، وتقدم ميزات تشبه وجود مساعد رقمي يفهم سياق مشروعك بالكامل.

ميزات ووظائف «كانفاس»

من بين الميزات البارزة لبرنامج «كانفاس» قدرته على الحفاظ على السياق الكامل للمشروع، مما يجعل من الأسهل على «تشات جي بي تي» تقديم المساعدة ذات الصلة والدقيقة. يمكن للمستخدمين تسليط الضوء على أقسام معينة من النص أو الكود، وتوجيه «تشات جي بي تي» للتركيز على قدراته بالضبط حيث يلزم الأمر، تماماً مثل محرر النسخ البشري أو مراجع الكود.

علاوة على ذلك، تم تجهيز «كانفاس» بمجموعة متنوعة من الاختصارات التي تبسط المهام الشائعة. وتشمل هذه ضبط طول الكتابة، وتصحيح أخطاء الكود، وحتى استعادة الإصدارات السابقة من العمل، وهي ميزة أساسية لأي عملية تكرارية. بالنسبة للكتّاب، يوفر «كانفاس» أدوات لصقل القواعد النحوية، وتعزيز الوضوح، وضمان الاتساق، في حين يمكن للمطورين الاستفادة من الميزات التي تراجع الكود، أو تصلح الأخطاء، أو حتى تنقل الكود إلى لغات برمجة مختلفة.

يعمل «كانفاس» كنافذة منفصلة حيث يمكن للمستخدمين التفاعل مباشرة مع «تشات جي بي تي» (شاترستوك)

الوصول والتحكم

تتمثل إحدى المزايا الأساسية لـ«كانفاس» في التحكم الذي يوفره للمستخدمين. يمكن للمشاركين في المشروع تحرير عملهم مباشرة داخل الواجهة، وتطبيق التغييرات أثناء التنقل. كما يعزز «كانفاس» تجربة المستخدم من خلال الفتح التلقائي عندما يكتشف «تشات جي بي تي» أنه قد يكون مفيداً، على الرغم من أنه يمكن للمستخدمين أيضاً تنشيطه يدوياً عند الحاجة.

يُذكر أن «كانفاس» كان متاحاً في البداية في الإصدار التجريبي المبكر، وتم طرحه لمستخدمي «تشات جي بي تي بلس» (ChatGPT Plus) و«تييم» (Team) على مستوى العالم، مع خطط لتوسيع الوصول إلى مستخدمي «إنتربرايس» (Enterprise) و«إيدو» (Edu ) قريباً. كما أعلنت «أوبن أيه آي» أنه بمجرد خروج «كانفاس» من الإصدار التجريبي، سيصبح متاحاً لجميع مستخدمي «تشات جي بي تي فري» (ChatGPT Free)، مما يجعل الوصول إلى هذه الأداة المتقدمة ديمقراطياً.

الرؤية المستقبلية

تقول «أوبن أيه آي» إن تقديم «كانفاس» يُعد جزءاً من مبادرة أوسع لجعل أدوات الذكاء الاصطناعي أكثر فائدة وسهولة في الوصول إليها في البيئات المهنية والإبداعية. من خلال تدريب «كانفاس» للعمل كـ«شريك إبداعي»، تهدف «أوبن أيه آي» إلى تحسين كيفية مساعدة الذكاء الاصطناعي في مجموعة متنوعة من مهام إنشاء المحتوى. لا يعمل هذا النهج على تحسين الإنتاجية فحسب، بل إنه يثري أيضاً العملية الإبداعية، مما يسمح للمستخدمين بتجربة أفكار وحلول جديدة بحرية أكبر.

تمثل «أوبن أيه آي» قفزة كبيرة إلى الأمام في دمج الذكاء الاصطناعي في روتين العمل اليومي، مما يوفر للمستخدمين أداة بديهية وقوية لتعظيم إمكانات مشاريعهم. سواء كان الأمر يتعلق بصياغة المستندات أو برمجة البرامج أو تبادل الأفكار حول المفاهيم الإبداعية، فإن «Canvas» من المقرر أن يصبح أصلاً لا غنى عنه لأي شخص يتطلع إلى الاستفادة من الذكاء الاصطناعي في سير عمله.