الهيكل العظمي «للروبوتات المستقبلية» التي تعمل بالطاقة العضلية

تُلهم عضلات الإنسان مطوري حركات الروبوتات ما يدفعهم لاستكشاف تصميمها وطريقة عملها آملاً في تطبيقها على روبوتاتهم (شاترستوك)
تُلهم عضلات الإنسان مطوري حركات الروبوتات ما يدفعهم لاستكشاف تصميمها وطريقة عملها آملاً في تطبيقها على روبوتاتهم (شاترستوك)
TT

الهيكل العظمي «للروبوتات المستقبلية» التي تعمل بالطاقة العضلية

تُلهم عضلات الإنسان مطوري حركات الروبوتات ما يدفعهم لاستكشاف تصميمها وطريقة عملها آملاً في تطبيقها على روبوتاتهم (شاترستوك)
تُلهم عضلات الإنسان مطوري حركات الروبوتات ما يدفعهم لاستكشاف تصميمها وطريقة عملها آملاً في تطبيقها على روبوتاتهم (شاترستوك)

العضلات هي المحركات الطبيعية المثالية، تحول الطاقة إلى حركة بقوة ودقة لا مثيل لهما. على عكس المحركات الاصطناعية، يمكن للألياف العضلية أن تشفى من التلف، وتنمو بشكل أقوى مع ممارسة الرياضة. هذه الخصائص الفريدة تجعل العضلات الطبيعية خياراً جذاباً لتشغيل الروبوتات، ما يدفع المهندسين لاستكشاف تصميمات بشكل حيوي. ومع ذلك، لم يكن هناك نهج موحد لتسخير قوة العضلات بشكل فعّال في الأنظمة الروبوتية، حتى الآن.

طوّر مهندسو «MIT» جهازاً يشبه الزنبرك يُعرف باسم الثني مصمماً لتحسين أداء الأنسجة العضلية في الروبوتات (معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا)

ابتكار جديد في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا

قام مهندسو معهد «MIT» بتطوير جهاز يشبه الزنبرك، يُعرف باسم الثني، مصمم ليكون بمثابة وحدة هيكلية أساسية للروبوتات التي تعمل بالطاقة العضلية. يهدف هذا الانثناء المبتكر إلى تحسين أداء الأنسجة العضلية المرتبطة بها، وتعظيم قدراتها الحركية. تعمل الثنية مثل ضغط الساق المضبوط بدقة، ما يضمن قدرة العضلات على ممارسة نطاق حركتها الكامل بطريقة يمكن التحكم فيها، ويمكن التنبؤ بها. يمكن أن يمهد هذا التقدم الطريق أمام روبوتات هجينة حيوية أكثر كفاءة وتنوعاً.

التحدي المتمثل في تنشيط العضلات

عندما تُترك الأنسجة العضلية لتتقلص من تلقاء نفسها، خاصة في طبق زجاجي مخبري، فإنها تميل إلى التحرك بشكل متقطع وغير متوقع. هذه العشوائية في الحركة تجعل من الصعب تسخير إمكاناتها الكاملة للمهام الميكانيكية. تقليدياً، قام المهندسون بربط أربطة عضلية بين وظيفتين مرنتين لتوليد الحركة. ومع ذلك، غالباً ما تؤدي هذه الإعدادات إلى حركة محدودة وغير متناسقة بسبب التباين في كيفية تفاعل العضلات مع القوائم.

كان الفريق في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، بقيادة ريتو رامان، أستاذ التطوير الوظيفي في التصميم الهندسي، يهدف إلى تصميم هيكل عظمي يمكنه تسخير قوة تقلص العضلات بشكل أكثر كفاءة، ويمكن التنبؤ بها. وكان السؤال الرئيسي الذي سعوا للإجابة عليه يتعلق بكيفية تصميم هيكل عظمي يزيد من القوة التي تولدها الأنسجة العضلية.

غالباً ما تتحرك أنسجة العضلات بشكل غير منتظم عندما تنقبض من تلقاء نفسها ما يجعل من الصعب تسخير إمكاناتها الكاملة للمهام الميكانيكية (شاترستوك)

تصميم الانثناء في العضلات

لمواجهة هذا التحدي، أخذ الباحثون في الاعتبار الاتجاهات الطبيعية التي تتحرك فيها العضلات. وجدوا أن العضلة يجب أن تكون قادرة على السحب في اتجاه محدد. قادهم هذا إلى مفهوم الثني الذي يكون ناعماً ومرناً في اتجاه واحد، ولكنه جامد في جميع الاتجاهات الأخرى. رأى الباحثون أن الثنيات عبارة عن أجهزة تشبه الزنبرك مصنوعة من حزم متوازية يمكنها التمدد بدقة نانومترية. ومن خلال ضبط سُمك ونابض الزنبرك، يمكن ضبط صلابة الانثناء بدقة.

إنشاء المرونة المثالية

صَمم الفريق ثنية تبلغ صلابة الأنسجة العضلية فيها 1/100. يرتكز هذا الهيكل المصغر الذي يشبه آلة الأكورديون على أعمدة صغيرة في زواياه، التي يتم وضعها بالقرب من أعمدة إضافية مثبتة على القاعدة. يتم لفّ العصابات العضلية، التي تنمو من خلايا الفئران، حول هذه الأعمدة. عندما تنقبض العضلة، فإنها تسحب الأعمدة معاً بطريقة يمكن التحكم فيها، وذلك بفضل تصميم الانثناء.

لقد كانت النتائج مبهرة حيث سمحت الثنية للأشرطة العضلية بالتقلص في المقام الأول على طول الاتجاه المطلوب، ما أدى إلى تقريب الأعمدة بعضها من بعض 5 مرات، مقارنة بالتصميمات السابقة. يضمن هذا الانكماش المركّز تحويل قوة العضلات بكفاءة إلى حركة.

تضمن الثنية أن تتمكن العضلات من ممارسة نطاق حركتها الكامل بطريقة يمكن التحكم فيها ويمكن التنبؤ بها (شاترستوك)

قياس أداء العضلات

تتيح الثنية أيضاً قياساً دقيقاً لأداء العضلات وقدرتها على التحمل. ومن خلال تغيير وتيرة تقلصات العضلات، لاحظ الباحثون أن العضلات تتعب بسرعة أكبر عند الترددات الأعلى، ما يقلل من قوة السحب. وتعدّ هذه الرؤية حاسمة لفهم ديناميكيات العضلات، ويمكن أن تساعد في تطوير الروبوتات الحيوية الهجينة عالية التحمل.

التطبيقات المستقبلية

يعمل الباحثون الآن على الجمع بين الثنيات لإنشاء روبوتات معقدة ومفصلية مدعومة بعضلات طبيعية. أحد التطبيقات المثيرة للاهتمام هو مجال الروبوتات الجراحية، حيث يمكن للروبوتات التي تعمل بالطاقة العضلية إجراء عمليات جراحية طفيفة التوغل داخل الجسم. إن القدرة على التكيف والقوة والكفاءة للمشغلات البيولوجية تجعلها مناسبة بشكل خاص للتطبيقات الروبوتية صغيرة الحجم.

يفتح هذا الابتكار إمكانات جديدة لإنشاء روبوتات ليست قوية ودقيقة فحسب، بل قادرة أيضاً على الشفاء والتقوية بمرور الوقت.


مقالات ذات صلة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

علوم برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

برامج للتحكّم بأسراب الطائرات من دون طيار الضخمة

تقنيات «لمنع الحرب العالمية الثالثة»

باتريك تاكر (واشنطن)
تكنولوجيا «غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة لتعزيز الخصوصية ومشاركة البيانات الصحية (غوغل)

«غوغل» تطلق النسخة الأولية من آندرويد 16 للمطورين مع ميزات جديدة

أطلقت «غوغل» النسخة التجريبية الأولية من آندرويد 16 للمطورين، وهي خطوة تمهد الطريق للتحديثات الكبيرة المقبلة في هذا النظام.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
الاقتصاد مهندس يعمل في إحدى المنشآت التابعة لـ«معادن» (الشركة) play-circle 02:41

رئيس «معادن»: حفر 820 ألف متر من آبار الاستكشاف بالسعودية خلال عامين

تتعاون شركة التعدين العربية السعودية (معادن) مع رواد العالم وتستفيد من أحدث التقنيات لتقديم أكبر برنامج تنقيب في منطقة واحدة على مستوى العالم.

آيات نور (الرياض)
الاقتصاد عرض تقديمي في إحدى الفعاليات التقنية التي أقيمت بالعاصمة السعودية الرياض (واس)

رئيس «سكاي»: الذكاء الاصطناعي يعزز مستقبل الاقتصاد السعودي

تتصدر الشركة السعودية للذكاء الاصطناعي (سكاي) مسيرة بناء منظومة تقنية عالمية المستوى ما يمهد الطريق لتحقيق نمو اقتصادي مدفوع بالذكاء الاصطناعي

آيات نور (الرياض)
تكنولوجيا تمكنك «دورا» من تصميم مواقع ثلاثية الأبعاد مذهلة بسهولة تامة باستخدام الذكاء الاصطناعي دون الحاجة لأي معرفة برمجية (دورا)

صمم موقعك ثلاثي الأبعاد بخطوات بسيطة ودون «كود»

تتيح «دورا» للمستخدمين إنشاء مواقع مخصصة باستخدام الذكاء الاصطناعي عبر إدخال وصف نصي بسيط.

عبد العزيز الرشيد (الرياض)

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
TT

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة
يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

تنتهي اليوم فعاليات مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» (Microsoft Ignite) السنوي في مدينة شيكاغو الأميركية، بحضور تجاوز 14 ألف زائر، الذي استعرضت «مايكروسوفت» خلال أيامه الثلاثة أكثر من 80 خدمة ومنتجاً وميزة مرتبطة بالذكاء الاصطناعي.

الذكاء الاصطناعي بخدمة الموظفين

طوّرت الشركة خدمة «مايكروسوفت 365 كوبايلوت» (Microsoft 365 Copilot) الخاصة بالشركات، مقدمة «أفعال كوبايلوت» (Copilot Actions) التي تسمح بأتمتة المهام اليومية في مجال العمل بأوامر بسيطة، مثل الحصول على ملخص اجتماعات «تيمز» (Teams) في ذلك اليوم أو إعداد التقارير الأسبوعية أو تلخيص ما الذي يجب القيام به حسب الرسائل الواردة إلى بريد المستخدم والاجتماعات التي حدثت قبل عودته من إجازته السنوية، وغيرها.

 

 

«عملاء مايكروسوفت»

كشفت الشركة كذلك ميزة «عملاء مايكروسوفت» (Microsoft Agents) التي تسمح بالبحث في ملفات الشركة وتحليلها والإجابة على أسئلة الموظفين أو العملاء بكل خصوصية، وتلخيص النتائج بهدف تسريع اتخاذ قرارات العمل. وتعمل هذه الميزة في خدمة «شيربوينت» (SharePoint) لكل شركة.

 

 

 

المترجم الفوري

ويمكن لعميل ذكاء اصطناعي اسمه «المترجم الفوري» (Interpreter) ترجمة محادثات الاجتماعات المرئية في «تيمز» بهدف كسر الحواجز اللغوية والتركيز على جوهر الاجتماع، مع القدرة على محاكاة صوت المستخدم بلغة الطرف الثاني. ويمكن لعميل ذكي آخر اسمه «المُيَسِّر» (Facilitator) تلخيص اجتماعات «تيمز» وأتمتة إدارة المشاريع عبر جميع مراحلها. كما يستطيع بعض عملاء الذكاء الاصطناعي مساعدة الموظفين على حلّ مشاكلهم التقنية دون الحاجة للعودة إلى قسم الدعم الفني، والإجابة على أسئلتهم المتعلقة بسياسات الشركة والموارد البشرية والمشتريات، وغيرها.

الذكاء الاصطناعي رفيق المبرمجين

ولتسهيل تضمين تقنيات الذكاء الاصطناعي في برامج الشركات والأفراد، تقدم «مايكروسوفت» ما تسميه بـ«مسبك آجور للذكاء الاصطناعي» (Azure AI Foundry) الذي يوفر مجموعة برمجية للذكاء الاصطناعي وبوابة لتطوير عملاء الذكاء الاصطناعي.

وتوفر هذه المجموعة البرمجية أكثر من 25 قالباً مسبق الإعداد (Template) للذكاء الاصطناعي تسمح بتطوير تطبيقات مدعومة بهذه التقنية وتبسيط عملية البرمجة ونشرها عبر منصات «غيتهاب» (Github) و«فيجوال ستوديو» (Visual Studio) و«كوبايلوت ستوديو» (Copilot Studio). وتسمح البوابة للمبرمجين اكتشاف خدمات وأدوات ونماذج ذكاء اصطناعي تناسب احتياجاتهم واحتياجات الشركات التي يعملون لديها.

حماية المستخدمين

حذّرت «مايكروسوفت» أن عدد الهجمات الإلكترونية التي تستهدف سرقة كلمات السرّ قد ارتفع خلال آخر 3 أعوام من 579 إلى أكثر من 7000 هجمة في كل ثانية، مع مضاعفة العدد في آخر سنة، ما يضع سبل الحماية التقليدية في موضع لا يسمح لها اللحاق بتقدم القراصنة.

مبادرة المستقبل الآمن

هذا الأمر يتطلب إعادة تطوير عملية حماية المستخدمين، ما دفع الشركة إلى إطلاق «مبادرة المستقبل الآمن» (Secure Future Initiative) التي طلبت من 34000 مهندس العمل على أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية وتطوير مقاومة البرامج ونظم التشغيل وأجهزة المستخدمين لطوفان الهجمات الرقمية الذي تتسارع وتيرته في كل يوم.

وكشفت كذلك عن عملها على تطوير «مايكروسوفت سيكيوريتي إكسبوجر مانجمنت» (Microsoft Security Exposure Management) الذي يقوم بتحليل آلية تواصل الأجهزة المختلفة والبيانات والهوية الرقمية والشبكات، بعضها مع بعض، داخل بيئة العمل واكتشاف العلاقات بينها وعرض مسار الاختراقات الممكنة لأي قرصان إلكتروني، وذلك لاكتشاف نقطة الضعف في البيئة المعقدة التي يمكن للقراصنة الدخول منها، وتوقع هدفهم وتتبع المسار المفترض لهم عبر الأجهزة المختلفة للوصول إلى الهوية الرقمية أو البيانات الحساسة، ومن ثم حماية ذلك المسار بشكل استباقي على صعيد سدّ الثغرات في الأجهزة أو البرامج أو نظام التشغيل أو الشبكة، وغيرها من العوامل الأخرى. كما يستطيع هذا المشروع التأكد من سلامة الاحتياطات الأمنية للفريق التقني داخل الشركة.

وأطلقت الشركة نظام «مايكروسوفت سيكيوريتي كوبايلوت» (Microsoft Security Copilot) المدعوم بالذكاء الاصطناعي للقيام بالوظائف الأمنية باستخدام الذكاء الاصطناعي بكل سلاسة وسهولة، حيث أظهرت الدراسات انخفاض معدل مدة حلّ المشاكل الأمنية لدى استخدام هذا النظام بنحو 30 في المائة.

أجهزة الذكاء الاصطناعي

واستعرضت الشركة أول جهاز من فئته، مصنوع خصيصاً للاتصال بأمان مع خدمة «ويندوز 365» السحابية، اسمه «ويندوز 365 لينك» (Windows 365 Link).

الجهاز بسيط وآمن، وسيتم إطلاقه في أبريل (نيسان) 2025 المقبل، بسعر 349 دولاراً أميركياً، ويسمح للمستخدمين بالعمل بأمان مع نظام التشغيل «ويندوز» السحابي بكل سرعة وموثوقية.

ولا يقوم الجهاز بتخزين أي بيانات داخله، ولا يقوم بتثبيت أي برامج فيه، مع تقديم وحدة معالجة للذكاء الاصطناعي مدمجة فيه لتسريع التفاعل مع البيانات والحصول على النتائج بكل سلاسة.

 

تحليل علوم الأرض

وعلى الصعيد نفسه، تعاونت وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» مع «مايكروسوفت» لتطوير أداة مدعومة بالذكاء الاصطناعي اسمها «كوبايلوت الأرض» (Earth Copilot) تهدف إلى تبسيط عملية تحليل البيانات المرتبطة بعلوم الأرض التي تجمعها الأقمار الاصطناعية الخاصة بـ«ناسا». وسيتم نشر هذه البيانات المعقدة للجميع بهدف مشاركة المعلومات المهمة مع العلماء والباحثين والطلاب والمدرسين وصناع السياسات وعموم الناس.

وستستخدم الوكالة خدمة «آجور أوبين إيه آي» (Azure OpenAI Service) لتذليل العقبات التقنية وتمكين المجموعات المختلفة للمستخدمين من التفاعل مع البيانات العلمية لكوكب الأرض، ما يدل على الأبواب التي يفتحها الذكاء الاصطناعي لتسهيل وتبسيط عملية التعليم والبحث وتحليل مجموعات البيانات الضخمة في المجالات العلمية وسنّ السياسات، وفي مجالات الزراعة والتخطيط الحضري والاستجابة في حالات الكوارث، وغيرها.

ويمكن زيارة الموقع من هذا الرابط: www.earthdata.nasa.gov/dashboard