«آي بي إم» لـ«الشرق الأوسط»: قانون الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي لن يخنق الابتكار

سيتم تنفيذ القانون على مراحل ابتداءً من 2025

من المتوقع أن يتم تنفيذ قانون الذكاء الاصطناعي على مراحل ابتداءً من عام 2025 (شاترستوك)
من المتوقع أن يتم تنفيذ قانون الذكاء الاصطناعي على مراحل ابتداءً من عام 2025 (شاترستوك)
TT

«آي بي إم» لـ«الشرق الأوسط»: قانون الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي لن يخنق الابتكار

من المتوقع أن يتم تنفيذ قانون الذكاء الاصطناعي على مراحل ابتداءً من عام 2025 (شاترستوك)
من المتوقع أن يتم تنفيذ قانون الذكاء الاصطناعي على مراحل ابتداءً من عام 2025 (شاترستوك)

في جلسة إعلامية خاصة استضافتها شركة «آي بي إم» (IBM) وحضرتها «الشرق الأوسط»، ناقشت شخصيات رئيسية داخل الشركة الآثار بعيدة المدى لقانون الذكاء الاصطناعي المقبل للاتحاد الأوروبي وتأثيره على العمليات العالمية ومعايير حوكمة الذكاء الاصطناعي.

وقدمت كل من كريستينا مونتغمري، الرئيس التنفيذي للخصوصية والثقة في «IBM» وآنا باولا أسيس، رئيس مجلس الإدارة والمدير العام لأوروبا والشرق الأوسط وأفريقيا، رؤاهما حول كيفية استعداد الشركات للتغييرات التي ستجلبها التشريعات الجديدة. وأكدت المسؤولتان على حاجة الشركات إلى إنشاء هياكل حوكمة قوية للذكاء الاصطناعي الآن، للتوافق مع متطلبات القانون والتخفيف من مخاطر الغرامات الكبيرة.

كريستينا مونتغمري وآنا باولا أسيس من شركة «آي بي إم» تتحدثان لـ«الشرق الأوسط» (IBM)

ما قانون الاتحاد الأوروبي بشأن الذكاء الاصطناعي؟

يمثل قانون الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي إطاراً تشريعياً رائداً يهدف إلى تنظيم تطبيقات الذكاء الاصطناعي داخل الاتحاد الأوروبي. يصنف هذا القانون أنظمة الذكاء الاصطناعي وفقاً للمخاطر التي تشكلها، وبالتالي تحديد مستوى التدقيق التنظيمي المطلوب. ويركز التشريع في المقام الأول على ضمان التزام تطبيقات الذكاء الاصطناعي عالية المخاطر، مثل تلك التي تتضمن تحديد الهوية البيومترية وإدارة البنية التحتية الحيوية، بمعايير الامتثال الصارمة لحماية حقوق المستخدم وسلامته.

الطبيعة المزدوجة للذكاء الاصطناعي

سلّطت كريستينا مونتغمري، خلال اللقاء، على مشاركة «IBM» بشكل كامل في تشكيل لوائح الذكاء الاصطناعي في أوروبا، والمساهمة في المجلس الاستشاري الفني في وقت مبكر من عام 2021. وشددت على أن القانون يعد هائلاً ليس فقط بالنسبة لأوروبا ولكن بالنسبة للمعايير العالمية، لأنه يحدد كيفية إدارة تقنيات الذكاء الاصطناعي والتحكم فيها.

كما ناقشت مونتغمري الطبيعة المزدوجة للذكاء الاصطناعي بوصفه أداة ثورية تعكس مخاطر محتملة، مؤكدة على أهمية النشر المسؤول. من جهتها، أوضحت آنا باولا أسيس أن نهج «IBM» كان دائماً هو دمج الثقة والشفافية في تطوير ونشر تقنيات الذكاء الاصطناعي. وقالت إن هذا الموقف الاستباقي أصبح الآن أكثر أهمية من أي وقت مضى وإن قانون الاتحاد الأوروبي بشأن الذكاء الاصطناعي سيلزم قريباً الشركات بإظهار هذه الصفات بشكل صريح. وكانت إحدى السمات الأساسية للقانون هي النهج القائم على المخاطر، الذي تشيد به «IBM» لتوفير مبادئ توجيهية واضحة بشأن تصنيف تطبيقات الذكاء الاصطناعي وتصميم التدابير التنظيمية وفقاً لذلك. ويسمح هذا النهج بالابتكار مع ضمان خضوع التطبيقات ذات المخاطر العالية لاختبارات وفحوصات امتثال أكثر صرامة.

يصنف القانون الصادر عام 2021 هذه التكنولوجيا إلى فئات حسب المخاطر تتراوح بين غير مقبولة ومخاطر عالية ومتوسطة ومنخفضة (شاترستوك)

آثار القانون على الأعمال التجارية العالمية

وعلى الرغم من أن نطاق القانون ملزم قانوناً داخل الاتحاد الأوروبي فقط، فإن له آثاراً أوسع على الشركات التقنية العالمية التي تعمل في أكثر من بلد حول العالم كشركة «آي بي إم». ستحتاج هذه الشركات إلى التأكد من امتثال أنظمة الذكاء الاصطناعي الخاصة بها للقانون عند استخدامها في الاتحاد الأوروبي. ولا يعد هذا الامتثال مجرد ضرورة قانونية ولكنه أيضاً التزام بالمعايير الأخلاقية التي يتردد صداها بشكل متزايد لدى العملاء والشركاء في جميع أنحاء العالم. وفي رد على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عن المخاوف المتعلقة بخنق الابتكار عند تطبيق القانون، وضرورة الامتثال لمثل هذه اللوائح خارج أوروبا، وإمكانية قيام بلدان مختلفة بتبني ذكاء اصطناعي مماثل أو متباين الأنظمة، أكدت مونتغمري أن القانون تم تصميمه بمرونة لتعزيز الابتكار مع حماية الحقوق الأساسية والسلامة. ونوهت أيضاً بأن منصة حوكمة الذكاء الاصطناعي «واتسون أكس» الخاصة بـ«IBM» تعد مثالاً على كيفية قيام الشركات بإدارة المتطلبات التنظيمية مع دفع حدود ما يمكن أن يحققه الذكاء الاصطناعي.

وفي معرض حديثها عن تطبيق قانون الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي خارج أوروبا، أوضحت آنا أسيس لـ«الشرق الأوسط» أنه على الرغم من أن القانون خاص بالدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، فإن المبادئ الخاصة به يمكن أن تكون نموذجاً لمناطق أخرى. وأوضحت أن الشركات العاملة على المستوى الدولي، بما في ذلك «IBM» ستحتاج إلى التعامل مع هذه اللوائح ليس فقط في الاتحاد الأوروبي. ولكن من المحتمل أن تتبنى معايير مماثلة على مستوى العالم، حيث تتطلع المناطق الأخرى إلى الاتحاد الأوروبي بوصفه نموذجاً تنظيمياً.

يصنف القانون الصادر عام 2021 هذه التكنولوجيا إلى فئات حسب المخاطر تتراوح بين غير مقبولة ومخاطر عالية ومتوسطة ومنخفضة (شاترستوك)

المواءمة التنظيمية العالمية

أشارت «IBM» إلى أهمية التعاون الدولي لضمان انسجام لوائح الذكاء الاصطناعي عبر الحدود، الأمر الذي من شأنه تبسيط الامتثال للشركات متعددة الجنسيات ودعم النظم الإيكولوجية العالمية للابتكار. وأكدت آنا أسيس في ردّ على سؤال لـ«الشرق الأوسط» على أهمية الإعداد المبكر والحوكمة القوية للذكاء الاصطناعي لتلبية متطلبات قانون الاتحاد الأوروبي للذكاء الاصطناعي. وأضافت أنه يجب على الشركات حول العالم أن تنظر ليس فقط في الآثار القانونية ولكن أيضاً الاعتبارات الأخلاقية الأوسع لنشر الذكاء الاصطناعي.

إن قانون الاتحاد الأوروبي بشأن الذكاء الاصطناعي هو أكثر من مجرد إطار تنظيمي؛ إنه حافز لإعادة التفكير في كيفية دمج الذكاء الاصطناعي في النسيج الاجتماعي والعمليات التجارية حول العالم. من المرجح أن تقود الشركات التي تتعامل بشكل استباقي مع هذه اللوائح وتدمج الاعتبارات الأخلاقية في استراتيجيات الذكاء الاصطناعي الخاصة بها الطريق في المستقبل الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي. ومع استمرار تطور تلك التقنيات، ستتطور أيضاً الأطر التي تستخدم لحكمها وتنظيمها.


مقالات ذات صلة

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

تكنولوجيا  «ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

يستمر استخدام منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي من جانب عامة الناس في النمو بوتيرة متسارعة، على ما تظهر أحدث الأرقام لجهات فاعلة رئيسية في القطاع.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا يعد «GPT-4o mini» نموذج ذكاء اصطناعي صغيراً فعالاً من حيث تكلفة العملاء (شاترستوك)

200 مليون مستخدم نشط في «تشات جي بي تي» أسبوعياً

صرحت شركة «أوبن إيه آي (OpenAI)»،الناشئة للذكاء الاصطناعي، بأن روبوت الدردشة الخاص بها «تشات جي بي تي (ChatGPT)» لديه الآن أكثر من 200 مليون مستخدم نشط أسبوعيا.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد شخص يمشي أمام لافتة خارج مبنى مكتب «إنفيديا» في سانتا كلارا بكاليفورنيا (أ.ب)

انخفاض أسهم «إنفيديا» رغم تجاوز مبيعاتها القياسية الـ30 مليار دولار

فشلت «إنفيديا» في تلبية التوقعات العالية للمستثمرين الذين قادوا ارتفاعاً مذهلاً في أسهمها، حيث راهنوا بمليارات الدولارات على مستقبل الذكاء الاصطناعي التوليدي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا الوظيفة الأساسية لـ«دوِّن الملاحظات لي» هي تقديم ملخّص موجَز للنقاط الرئيسية في الاجتماع بدلاً من النسخ الحرفي (شاترستوك)

تفعيل ميزة تدوين الملاحظات عبر الذكاء الاصطناعي في «اجتماعات غوغل»

يمكن الوصول إليها من خلال أيقونة «Gemini AI» التي يمثّلها قلم رصاص لامع.

نسيم رمضان (لندن)
الاقتصاد منظر لشعار شركة «إنفيديا» في مقرها الرئيسي بتايبيه (رويترز)

الأنظار تتجه إلى «إنفيديا» و«وول ستريت» تترقب نتائجها المالية

قادت «إنفيديا» طفرة الذكاء الاصطناعي لتتحول إلى واحدة من كبرى الشركات في سوق الأسهم؛ إذ تستمر شركات التكنولوجيا العملاقة في الإنفاق بكثافة على رقائق الشركة.

«الشرق الأوسط» (لوس أنجليس )

بعد 13 عاماً من الانتظار... «سناب شات» تطلق تطبيقها على «آيباد»

من غير الواضح سبب انتظار «سناب شات» حتى الآن لإحضار تطبيقها إلى «آيباد» (شاترستوك)
من غير الواضح سبب انتظار «سناب شات» حتى الآن لإحضار تطبيقها إلى «آيباد» (شاترستوك)
TT

بعد 13 عاماً من الانتظار... «سناب شات» تطلق تطبيقها على «آيباد»

من غير الواضح سبب انتظار «سناب شات» حتى الآن لإحضار تطبيقها إلى «آيباد» (شاترستوك)
من غير الواضح سبب انتظار «سناب شات» حتى الآن لإحضار تطبيقها إلى «آيباد» (شاترستوك)

وأخيراً بعد أكثر من عقد منذ إصدارها الأوليّ على نظام التشغيل «iOS»، قدمت «سناب شات» (Snapchat) دعماً أصلياً لجهاز «آيباد» (iPad). ويمثل هذا التحديث إنجازاً مهماً لتطبيق الشبكات الاجتماعية الشهير، الذي كان لفترة طويلة عنصراً أساسياً على أجهزة «آيفون»، لكنه تأخر في توفير تجربة محسَّنة بالكامل لمستخدمي «آيباد».

تحديث طال انتظاره

منذ إطلاقه في عام 2011، نما «سناب شات» ليصبح من أكثر منصات الوسائط الاجتماعية شعبية، خصوصاً بين الجماهير الأصغر سناً. وعلى الرغم من استخدامه على نطاق واسع، لم يكن التطبيق متاحاً بشكل أصلي لجهاز «آيباد» حتى الآن. في السابق، كان على مستخدمي «آيباد» اللجوء إلى تشغيل إصدار «آيفون» من «سناب شات»، الذي لم يكن مصمماً للشاشة الأكبر. أدى هذا إلى تجربة غير مثالية، مع وجود حدود سوداء تحيط بواجهة «آيفون» الأصغر، وشاشة ذات دقة أقل لا تستفيد بشكل كامل من قدرات «آيباد».

ما أهمية التحديث؟

يعالج التحديث الأخير هذه المشكلة من خلال السماح لـ«سناب شات» بالعمل بشكل أصلي على «آيباد»، والاستفادة الكاملة من حجم شاشة الجهاز. يمكن للمستخدمين الآن الاستمتاع بلوحة أكبر لالتقاط اللقطات وعرض المحتوى؛ مما يجعل التطبيق أكثر سهولة في الوصول إليه وجذاباً بصرياً على «آيباد». على الرغم من هذا التحسن، يدعم التطبيق حالياً وضع الصورة فقط؛ مما يعني أنه لا يمكن للمستخدمين تدوير أجهزتهم لاستخدام «سناب شات» في الوضع الأفقي. في حين أن هذا القيد قد يكون إزعاجاً بسيطاً، فإن التحديث لا يزال خطوة كبيرة إلى الأمام في تحسين تجربة المستخدم على «آيباد».

يمكّن التطبيق الجديد على «آيباد» من اختبار الميزات الجديدة وتجارب الواقع المعزز والذكاء الاصطناعي على شاشة أكبر (شاترستوك)

خطوة تنافسية

يأتي قرار «سناب شات» بطرح دعم «آيباد» الأصلي أخيراً، في وقت أصبحت فيه المنافسة في مجال وسائل التواصل الاجتماعي أكثر شراسة من أي وقت مضى. لقد قامت منصات مثل «تيك توك» بالفعل بتحسين تطبيقاتها للشاشات الأكبر، بما في ذلك القدرة على استخدام التطبيق في الوضع الأفقي. من خلال إطلاق تطبيق «آيباد» الأصلي، يضع «سناب شات» نفسه في وضع أكثر تنافسية؛ مما قد يجذب المزيد من المستخدمين الذين يفضلون الأجهزة الأكبر حجماً لإنشاء المحتوى واستهلاكه.

كما يتماشى هذا التحديث مع استراتيجية «سناب شات» الأوسع نطاقاً لدمج الميزات المتقدمة في منصتها. في وقت سابق من هذا العام، قدمت «سناب شات» أدوات تعمل بالذكاء الاصطناعي، مثل مساعد «My AI»، الذي يسمح للمستخدمين بإنشاء تذكيرات وبدء العد التنازلي مباشرة داخل التطبيق. يمكن أن تعمل الشاشة الأكبر لجهاز «آيباد» على تعزيز قابلية استخدام هذه الميزات؛ مما يوفر للمستخدمين واجهة أكثر راحة واتساعاً للتفاعل مع الأدوات التي تعمل بالذكاء الاصطناعي وتجارب الواقع المعزز (AR).

ما المطلوب أيضاً من «سناب شات»؟

في حين أن تقديم دعم «آيباد» الأصلي هو تحديث مرحب به، لا تزال هناك مجالات يمكن أن تعمل «سناب شات» فيها على تحسين تجربة المستخدم بشكل أكبر. يشير القيد الحالي على وضع الصورة إلى أن التطبيق لم يتم تحسينه بالكامل للأجهزة اللوحية بعد. قد يؤدي توسيع الوظائف لتشمل وضعاً أفقياً، وربما تقديم ميزات خاصة بجهاز «آيباد» إلى تمييز «سناب شات» عن منافسيها بشكل أكبر، وتقديم المزيد من الأسباب للمستخدمين للتفاعل مع المنصة على الأجهزة الأكبر حجماً.

كما يؤكد إطلاق تطبيق «آيباد» على الفجوة المستمرة في السوق التي خلفتها منصات التواصل الاجتماعي الرئيسية الأخرى. من الجدير بالذكر أن «إنستغرام»، المنافس المباشر، لم يصدر بعد تطبيقاً أصلياً لجهاز «آيباد»؛ مما قد يمنح «سناب شات» ميزة تنافسية في جذب الفئة السكانية التي تستخدم الأجهزة اللوحية. ومع سعي المستخدمين بشكل متزايد إلى تجارب متعددة الاستخدامات ومُحسَّنة للأجهزة، فقد تدفع خطوة «سناب شات» الآخرين في الصناعة إلى اتباعها.