أدوات الذكاء الاصطناعي تزيد خطر نشر محتوى الأطفال على الإنترنت

خطوات تقنية للحدّ من انتشار صور الصغار والأحداث

أدوات الذكاء الاصطناعي تزيد خطر نشر محتوى الأطفال على الإنترنت
TT

أدوات الذكاء الاصطناعي تزيد خطر نشر محتوى الأطفال على الإنترنت

أدوات الذكاء الاصطناعي تزيد خطر نشر محتوى الأطفال على الإنترنت

تشكل أدوات الذكاء الاصطناعي الجديدة سبباً إضافياً للمزيد من الحذر عند نشر صور القاصرين على الإنترنت.

من الطبيعي أن يرغب الأهل في مشاركة ضحكات أولادهم البريئة ولحظات السعادة والإنجازات التي تستحقّ الاحتفال مع العالم. وأيضاً، ومن جهة أخرى، يعي معظم النّاس أنّه يجب عدم نشر صور الأطفال والمراهقين والمراهقات بكثرة على الشبكة.

صور حقيقية وزائفة

لقد بتنا نُدرك مخاطر مشاركة صور وفيديوهات القاصرين عبر المواقع الإلكترونية وتطبيقات التواصل الاجتماعي، حيث يمكن استغلالها للتنمر أو الإساءة من قبل الغرباء. واليوم، نواجه خطراً ناشئاً هو أدوات الذكاء الاصطناعي الآخذة في التطوّر وبوتيرة سريعة جداً؛ إذ تُغذّى هذه الأدوات بصور حقيقية لصناعة مواد «التزييف العميق».

وتقول هيذر كيلي المختصة في واشنطن بملاحقة الأخبار التقنية إن هذه الأمور بدأت تحدث حقاً؛ فقد استخدم طلّاب من ثانوية في نيو جيرسي أدوات الذكاء الاصطناعي لفبركة صورٍ جنسية لزملائهم بالاعتماد على «صور حقيقية» العام الماضي. وفي حادثة أخرى، استخدم تلميذ في ثانوية من إساكوه، واشنطن، صوراً حقيقية لزملائه في الصف لفبركة صورٍ جنسية جرى تداولها. وفي إسبانيا، كشف آباء وأمّهات أكثر من 20 فتاة تتراوح أعمارهنّ بين 11 و17 عاماً، أنّ صور بناتهن خضعت لتعديلات باستخدام أدوات ذكاء اصطناعي لصناعة صور إباحية.

يقول وائل عبد المجيد، عالم بارز ومدير البحوث في معهد علوم المعلومات التّابع لجامعة جنوب كاليفورنيا، إنّ أدوات الذكاء الاصطناعي «لا تحتاج إلى أكثر من صورة واحدة. يمكنكم تدريب الذكاء الاصطناعي على انتقاء ملامح وجه أحدهم؛ ما يعني أنّ الذكاء الاصطناعي يستطيع انتقاء ملامح أي طفل، ويمكنكم استبدالها في مقطع فيديو».

صور الإنترنت باقية

كم من الصور والفيديوهات تستطيعون الحذف حقاً؟ لا يوجد زرّ حذف سحري لإزالة جميع الصور والفيديوهات لشخصٍ ما من على الإنترنت. والأمر سهل، إذا كنتم تعرفون سلفاً المواد التي تريدون إزالتها. أمّا إذا كنتم تتعاملون مع طفل يملك عدداً كبيراً من المعجبين، فستكون المهمّة شاقّة وشبه مستحيلة.

ويعلّق عبد المجيد على هذا الأمر قائلاً: «ما يُعرض على الإنترنت يبقى على الإنترنت، ولا يمكن أن يختفي».

وتشهد الصور والفيديوهات مشاركة وإعادة مشاركة، وتعمد الشركات إلى حفظ نسخٍ منها وأرشفتها، أو يمكن حفظها ومشاركتها في محادثات مشفّرة أو على الشبكة المظلمة، حتّى إنّ إزالة صورة لقاصر من نتائج «بحث غوغل» لا يسحبها من الإنترنت بالكامل، لأنّها ستبقى على الموقع الذي كان يستضيفها.

سواء كانت الإزالة تهدف لتنظيف الماضي، أو السيطرة على بالمستقبل، يُعدّ إبقاء البيانات خارج الإنترنت التزاماً كبيراً، وقد يكون غير منطقي لمعظم العائلات. وتقترح إيفورا هيتنر، مؤلّفة كتاب «الكبر في العلن - التقدّم في السنّ في عالم رقمي»، التفكير بالمستقبل ومنح الطفل حرية القرار إذا ما كان يريد مشاركة صوره وأين يريد مشاركتها على الشبكة.

حذف الصور من المواقع والمنصّات

كيف تجري عملية الحذف على «غوغل» و«تيك توك» و«فيسبوك»؟ يملك معظم شركات التقنية الكبرى نظاماً لطلب سحب الصور، وتقدّم الكاتبة هيذر كيلي حصيلة بأسس هذه الأنظمة لدى «غوغل» و«تيك توك» و«فيسبوك» و«إنستغرام»، ولكن، طبعاً، توجد استثناءات لأنّه لا يمكن حذف جميع الصور. مع تقدّم أولادكم في العمر، قد تواجهون أيضاً مشكلات في رغبتهم بمشاركة المزيد عن أنفسهم بدرجة غير مريحة بالنسبة لكم - تسمح معظم الخدمات للقاصرين بإنشاء حساباتهم الخاصّة ما داموا أتمّوا 13 عاماً.

• «بحث غوغل»، و«صور غوغل»، و«غوغل درايف»: يملك القاصر والوصي عليه أو أي شخص مخوّل التصرّف بالنيابة عنه، الحقّ في طلب إزالة أي محتوى، سواء أكان صورة أو مقطع فيديو أو نصاً، من نتائج «بحث غوغل» باستخدام استمارة متوفرة على موقع الشركة. ولكن توجد بعض العوائق لهذا الطلب، إذ إنّه يزيل المحتوى من «نتائج غوغل» فقط وليس من موقعه الأصلي.

علاوة على ذلك، قد ترفض شركة «غوغل» إزالة المحتوى، إذا كان موجوداً على صفحتكم الخاصة على التواصل الاجتماعي، وقد تردّ الطلب أيضاً إذا كانت الصور تخدم الصالح العام - أي إذا كان الطفل معروفاً، أو إذا كانت الصورة من حدثٍ مهمّ.

تتطلّب العملية بضعة أيّام، وإذا كانت الصورة موجودة على «صور غوغل» أو «غوغل درايف»، يمكنكم التبليغ عنها في المكان المحدّد على الموقع. وإذا كانت الصورة لا تزال تظهر في نتائج البحث رغم إزالتها، توجد أدوات يمكنكم الاستعانة بها.

• «يوتيوب»: يستطيع القاصر أو أي ممثل قانوني عنه أن يطلب حذف فيديو عن «يوتيوب» بملء استمارة على الموقع. وكانت المنصّة قد أضافت المواد المصنوعة بواسطة الذكاء الاصطناعي إلى سياساتها ليتمكّن المستخدمون من طلب إزالتها أيضاً.

• «فيسبوك» و«إنستغرام»: تتيح المنصّتان للأبوين فقط طلب إزالة محتوى القاصرين ما دون 13 عاماً. وإذا كان المستخدم بين 13 و17 عاماً، يجب أن يتقدّم بطلب الحذف بنفسه.

• «تيك توك»: إذا أردتم طلب إزالة فيديو لقاصر عن «تيك توك»، على الشخص الظاهر في المقطع أو الوصي القانون أن يملأ استمارة خصوصية متوفرة على الموقع. تبدأ العملية بالنقر على «التبليغ عن انتهاك خصوصية» في لائحة الخيارات. لا ينتهك نشر محتوى لقاصر من دون إذنهم معايير المنصّة، ولكن إذا حصل وتمّ التبليغ عنه، تقول الشركة إنّها مجبرة على إزالته.

تحديد الصور المطلوبة

كيف تجدون الصور التي تريدون إزالتها؟ ابدأوا بالبحث على «غوغل» باستخدام اسم القاصر، وفتشوا في حسابات التواصل الاجتماعي الخاصة بكم وبأفراد العائلة والمدارس والنوادي التي ارتادها. وإذا كنتم تبحثون عن نسخٍ لصورة محدّدة، فجرّبوا البحث العكسي عن الصورة. اذهبوا إلى images.google.com، وانقروا على رمز الكاميرا للبحث بالصورة.

تعتمد بعض شركات رصد الوجوه المثيرة للجدل كـ «كلير فيو إي آي». Clearview AI و«بيم آيز» PimEyes على صورة واحدة لأي شخص وترصد ما يطابقها على شبكة الإنترنت.

لسوء الحظّ، لم تُصمم خدمات هذه الشركات لمساعدة الأشخاص الذين يسعون لحماية خصوصيتهم. توفّر «بيم آيز» خدماتها لجميع الناس، ولكنّها صرّحت أخيراً أنّها لن تُدرج بعد اليوم صوراً لأشخاص مبلغ عنهم على أنّهم قاصرون في أنظمة الذكاء الاصطناعي خاصتها. بدورها، تقول «كلير فيو» إنّ قاعدة بياناتها مصممة للتعاون مع الكيانات كوكالات إنفاذ القانون، وليس مع الأفراد.

ماذا عن المستقبل؟ الأسهل يكون بوضع قواعد وقوانين لمشاركة المحتوى في المستقبل وليس بتنظيف الماضي. وعندما يتعلّق الأمر بالأطفال الصغار، تقع هذه المسؤولية على عاتق البالغين المحيطين بهم.

يجب الاكتفاء بمشاركة صور وفيديوهات أطفالكم بخصوصية، والطريقة الأكثر أماناً هي استخدام مجموعات محادثة مشفّرة كـ «آي مسجز» iMessage من «آبل» أو «سيغنال» Signal. وإذا كنتم تفضّلون النطاق الأوسع من التواصل الاجتماعي، يمكنكم نشر الصور العائلية بوجوه غير واضحة، أو استخدموا خيارات «تختفي» كقصص «إنستغرام». وطبعاً، يجب أن تصرّحوا بهذه التفضيلات لأفراد العائلة الكبيرة، بإعلام الجدّ أنّكم لا ترغبون بمشاركة صور الرضيع على «فيسبوك» مثلاً.



تحويل الأفكار إلى كلام... بارقة أمل لمرضى التصلب الجانبي الضموري

كيسي هاريل رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من التصلب الجانبي الضموري (UC Davis Health)
كيسي هاريل رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من التصلب الجانبي الضموري (UC Davis Health)
TT

تحويل الأفكار إلى كلام... بارقة أمل لمرضى التصلب الجانبي الضموري

كيسي هاريل رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من التصلب الجانبي الضموري (UC Davis Health)
كيسي هاريل رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من التصلب الجانبي الضموري (UC Davis Health)

في خطوة تعد من أبرز التطورات في مجال التكنولوجيا العصبية، طور فريق من العلماء والباحثين في جامعة كاليفورنيا، ديفيس (UC Davis Health) واجهة دماغ - حاسوب (Brain - Computer Interface - BCI) جديدة تهدف إلى مساعدة المرضى الذين يعانون من الشلل أو الأمراض العصبية، مثل التصلب الجانبي الضموري (ALS)، على استعادة قدرتهم على التواصل باستخدام أدمغتهم مباشرةً. تعتمد هذه التقنية على تحويل الإشارات العصبية في الدماغ إلى نصوص منطوقة، مما يمكّن المرضى من «التحدث» بأفكارهم بدقة تصل إلى 97.5 في المائة.

ما هو التصلب الجانبي الضموري (ALS)؟

التصلب الجانبي الضموري، المعروف أيضاً باسم مرض «لو جيريج»، هو مرض عصبي يؤدي إلى تدهور الخلايا العصبية التي تتحكم في الحركة في الجسم. هذا التدهور يؤدي تدريجياً إلى فقدان القدرة على الحركة، بما في ذلك الوقوف، والمشي، واستخدام اليدين، وحتى فقدان القدرة على التحكم في العضلات المستخدمة في الكلام، مما يؤدي إلى فقدان القدرة على النطق المفهوم.

التقنية الجديدة وكيفية عملها

التقنية الجديدة التي طورتها جامعة كاليفورنيا تعتمد على زرع مستشعرات في الدماغ، قادرة على تسجيل الإشارات العصبية عند محاولة المريض التحدث. ثم يتم تحويل هذه الإشارات إلى نص يظهر على شاشة الكومبيوتر، ويمكن قراءة النص بصوت عالٍ باستخدام صوت مصطنع يُشبه صوت المريض قبل فقدان قدرته على الكلام.

في إحدى الحالات التي تم توثيقها، تم زرع أربع مصفوفات من الأقطاب الدقيقة في منطقة من الدماغ، وهي مسؤولة عن تنسيق حركات الكلام. هذه الأقطاب سجلت نشاط الدماغ من 256 قطباً قشرياً، مما سمح للنظام بترجمة الإشارات العصبية إلى كلمات يمكن فهمها ونطقها بواسطة الكومبيوتر.

نتائج الدراسة والتجارب السريرية

أُجريت التجارب السريرية لهذه التقنية على مريض يدعى «كيسي هاريل»، رجل يبلغ من العمر 45 عاماً يعاني من «ALS «. في غضون دقائق من تفعيل النظام، تمكّن كيسي من التواصل بأفكاره باستخدام الكلمات. أشارت النتائج إلى أن النظام حقق دقة تصل إلى 99.6 في المائة في الجلسة الأولى باستخدام مفردات تحتوي على 50 كلمة فقط. وعندما تم توسيع حجم المفردات إلى 125 ألف كلمة، استمرت الدقة عند 97.5 في المائة بعد ساعة إضافية من التدريب.

تأثير التكنولوجيا على جودة الحياة

أشارت التقارير إلى أن كيسي استخدم النظام لأكثر من 248 ساعة من المحادثات ذاتية الإيقاع، سواء كان ذلك شخصياً أو عبر دردشات الفيديو. تتيح هذه التكنولوجيا الجديدة للمرضى الذين فقدوا قدرتهم على الكلام بسبب الشلل أو الأمراض العصبية التواصل مرة أخرى مع أحبائهم وأصدقائهم ومقدمي الرعاية، مما يساهم في تحسين جودة حياتهم، وتقليل العزلة الاجتماعية التي قد يسببها فقدان القدرة على التواصل.

يعدّ تطوير واجهة الدماغ - الحاسوب لتحويل الأفكار إلى كلام خطوةً نوعية نحو تحسين جودة حياة الأشخاص الذين يعانون من أمراض عصبية معقدة مثل التصلب الجانبي الضموري. تقدم هذه التقنية أملاً جديداً في مجال الطب العصبي، وتعد بإحداث تغيير حقيقي في حياة المرضى وأسرهم. مع المزيد من البحث والتطوير، يمكن أن نشهد في المستقبل القريب تطبيقات أوسع لهذه التكنولوجيا المبتكرة في علاج حالات مرضية أخرى.