كيف اخترق قراصنة أمن «مايكروسوفت» وأنشأوا ملايين الحسابات الزائفة؟

شعار «مايكروسوفت» (أرشيفية - د.ب.أ)
شعار «مايكروسوفت» (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

كيف اخترق قراصنة أمن «مايكروسوفت» وأنشأوا ملايين الحسابات الزائفة؟

شعار «مايكروسوفت» (أرشيفية - د.ب.أ)
شعار «مايكروسوفت» (أرشيفية - د.ب.أ)

يُطرح راهناً تساؤل في شأن موثوقية أنظمة التحقق المستخدمة عبر الإنترنت للتأكد من أنّ مستخدم الشبكة هو إنسان، بعدما كشفت شركة «مايكروسوفت» أخيراً عن مجموعة من القراصنة، في تطوّر يبرز الثغرات في تقنية حروف التحقق المعروفة بـ«كابتشا» والمستخدمة بصورة كبيرة.

وبحسب وكالة الصحافة الفرنسية، فقد كشفت شركة «مايكروسوفت»، عن أن مجموعة قراصنة تسمي نفسها «ستورم-1152» Storm-1152 باعت 750 مليون حساب مزيف على خدمات «مايكروسوفت» للسماح لمجرمي الإنترنت بتنفيذ عملياتهم على الشبكة. وفيما يلي نظرة عامة على الطبيعة غير المسبوقة لهذه القضية.

بداية القرصنة

«ستورم-1152» مجموعة قراصنة معلوماتية يُعتقد أنها تنفذ عملياتها انطلاقاً من فيتنام. وقد استندت في خطواتها إلى التجاوز الآلي لكل ما يجنب الخضوع لشروط المصادقة المطلوبة عند إنشاء حسابات «مايكروسوفت».

هدف الشبكة المفضل هي الـ«كابتشا captcha»، وهي نوافذ مستخدمة على نطاق واسع على شبكة الإنترنت، تطلب من المستخدمين إعادة إنتاج سلسلة من الحروف أو الأرقام، أو النقر على أجزاء من صورة تظهر مثلاً حافلات أو سلالم، من أجل التأكد من أن المستخدم هو إنسان وليس روبوتاً.

لكن إجراء المصادقة هذا بدأ بالتقادم، وقد وجد قراصنة Storm-1152 طريقة للتحايل عليه، وأتمته؛ ما أتاح لهم إنشاء ملايين الحسابات المزيفة.

ولتحقيق ذلك؛ كان هناك بالتأكيد «القليل من التعلم الآلي» وراء ذلك، أي أنّ هؤلاء المتسللين علّموا أداة القرصنة الخاصة بهم كيفية النقر في المكان الصحيح عند عرض صور التحقق، على ما يوضح فرنسوا ديروتي، الخبير في شركة «سيكويا» للأمن السيبراني.

بعد ذلك، باع قراصنة Storm-1152 هذه الحسابات المزيفة على أحد المواقع للأشخاص الذين يريدون تنفيذ هجمات، مثل رسائل البريد الإلكتروني التصيدية أو برامج الفدية أو هجمات الخادم القائمة على حجب الخدمة لجعل الصفحة غير قابلة للوصول، وفق ديروتي.

هل كانت هذه المجموعة معروفة؟

كان اسم المجموعة معروفاً. وبينما تتصدر دول أخرى مثل الصين، وروسيا، وإيران وكوريا الشمالية عناوين الأخبار في كثير من الأحيان عندما يتعلق الأمر بقرصنة المعلوماتية، فإن فيتنام لديها مجموعات قراصنة تحقق تقدماً في كل عام، على شاكلة الهند أو تركيا، بحسب ديروتي.

وقد حجبت «مايكروسوفت» جزءاً من مواقعها على الأراضي الأميركية، وذلك بعد قرار محكمة فيدرالية أجازت إغلاق الخوادم التي استضافتها. لكن «من المؤكد أن لديهم مواقع أخرى منتشرة في أماكن أخرى سيتعين إغلاقها من خلال التعاون الدولي، وهو ما يحدث بانتظام»، كما يعتقد الخبير.

هل توجد دفاعات ضد تقنيات هؤلاء القراصنة؟

هناك تقنيات جديدة مثل المصادقة متعددة العوامل، مع الرموز التي يتم تلقيها عبر الرسائل النصية القصيرة على سبيل المثال، لكنها قد لا تستمر لفترة طويلة قبل أن يكتشف المتسللون عيوبها.

ومع وجود طرق أخرى مثل مفاتيح الأمان التي توفرها البنوك، يكون الأمان أعلى، لكن نشر هذه الوسائل الجديدة يُعدّ مكلفاً ويستغرق وقتاً طويلاً، في حين لا تزال «مايكروسوفت» تحتفظ بالإصدارات القديمة من برامجها المختلفة.


مقالات ذات صلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

أحدث نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة من مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024»

أدوات لأتمتة الأعمال اليومية دون الحاجة إلى أي معرفة برمجية مسبقة.

خلدون غسان سعيد (جدة)
المشرق العربي فلسطينيون يبحثون عن ناجين وضحايا بين الأنقاض بعد القصف الإسرائيلي في مدينة غزة - 26 أكتوبر (أ.ف.ب)

«مايكروسوفت» تفصل موظفَين نظما وقفة احتجاجية على مقتل الفلسطينيين في غزة

قالت «أسوشييتد برس» إن موظفين من شركة «مايكروسوفت» الأميركية أبلغاها بأن الشركة فصلتهما من خلال مكالمة هاتفية في وقت متأخر من يوم الخميس

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
العالم ناخبون ينتظرون للإدلاء بأصواتهم خلال التصويت المبكر في الانتخابات الأميركية بولاية نورث كارولينا (إ.ب.أ)

«مايكروسوفت»: قراصنة إيرانيون يستهدفون مواقع للانتخابات الأميركية

قالت شركة «مايكروسوفت» في مدونة، نشرت اليوم (الأربعاء)، إن مجموعة قرصنة إيرانية تعكف على تعقب مواقع إلكترونية ووسائل إعلام أميركية مرتبطة بالانتخابات الأميركية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تكنولوجيا شعار أدوات المساعدة الخاصة بـ«مايكروسوفت» التي تسمى «كوبايلوت» (رويترز)

أدوات ذكاء اصطناعي جديدة من «مايكروسوفت» لتنفيذ المهام نيابة عن البشر

أطلقت «مايكروسوفت» أدوات ذكاء اصطناعي جديدة تتيح لزبائنها إنشاء وسائل مساعدة خاصة بهم قادرة على التحادث مع البشر وتنفيذ المهام نيابة عنهم

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
TT

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)
شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين، وإبرام عقود مع الجهات المعنية بتوفير هذه الخدمات لتحقيق المداخيل من محتواها.

واقترحت دار النشر «هاربر كولينز» الأميركية الكبرى أخيراً على بعض مؤلفيها، عقداً مع إحدى شركات الذكاء الاصطناعي تبقى هويتها طي الكتمان، يتيح لهذه الشركة استخدام أعمالهم المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي رسالة اطلعت عليها «وكالة الصحافة الفرنسية»، عرضت شركة الذكاء الاصطناعي 2500 دولار لكل كتاب تختاره لتدريب نموذجها اللغوي «إل إل إم» لمدة 3 سنوات.

آراء متفاوتة

ولكي تكون برامج الذكاء الاصطناعي قادرة على إنتاج مختلف أنواع المحتوى بناء على طلب بسيط بلغة يومية، تنبغي تغذيتها بكمية مزدادة من البيانات.

وبعد التواصل مع دار النشر أكدت الأخيرة الموافقة على العملية. وأشارت إلى أنّ «(هاربر كولينز) أبرمت عقداً مع إحدى شركات التكنولوجيا المتخصصة بالذكاء الاصطناعي للسماح بالاستخدام المحدود لكتب معينة (...) بهدف تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي وتحسين أدائها».

وتوضّح دار النشر أيضاً أنّ العقد «ينظّم بشكل واضح ما تنتجه النماذج مع احترامها حقوق النشر».

ولاقى هذا العرض آراء متفاوتة في قطاع النشر، إذ رفضه كتّاب مثل الأميركي دانييل كيبلسميث الذي قال في منشور عبر منصة «بلوسكاي» للتواصل الاجتماعي: «من المحتمل أن أقبل بذلك مقابل مليار دولار، مبلغ يتيح لي التوقف عن العمل، لأن هذا هو الهدف النهائي من هذه التكنولوجيا».

هامش تفاوض محدود

ومع أنّ «هاربر كولينز» هي إحدى كبرى دور النشر التي أبرمت عقوداً من هذا النوع، فإنّها ليست الأولى. فدار «ويلي» الأميركية الناشرة للكتب العلمية أتاحت لشركة تكنولوجية كبيرة «محتوى كتب أكاديمية ومهنية منشورة لاستخدام محدد في نماذج التدريب، مقابل 23 مليون دولار»، كما قالت في مارس (آذار) عند عرض نتائجها المالية.

ويسلط هذا النوع من الاتفاقيات الضوء على المشاكل المرتبطة بتطوير الذكاء الاصطناعي التوليدي، الذي يتم تدريبه على كميات هائلة من البيانات تُجمع من الإنترنت، وهو ما قد يؤدي إلى انتهاكات لحقوق الطبع والنشر.

وترى جادا بيستيلي، رئيسة قسم الأخلاقيات لدى «هاغينغ فايس»، وهي منصة فرنسية - أميركية متخصصة بالذكاء الاصطناعي، أنّ هذا الإعلان يشكل خطوة إلى الأمام، لأنّ محتوى الكتب يدرّ أموالاً. لكنها تأسف لأنّ هامش التفاوض محدود للمؤلفين.

وتقول: «ما سنراه هو آلية لاتفاقيات ثنائية بين شركات التكنولوجيا ودور النشر أو أصحاب حقوق الطبع والنشر، في حين ينبغي أن تكون المفاوضات أوسع لتشمل أصحاب العلاقة».

ويقول المدير القانوني لاتحاد النشر الفرنسي (SNE) جوليان شوراكي: «نبدأ من مكان بعيد جداً»، مضيفاً: «إنّه تقدم، فبمجرّد وجود اتفاق يعني أن حواراً ما انعقد وثمة رغبة في تحقيق توازن فيما يخص استخدام البيانات مصدراً، التي تخضع للحقوق والتي ستولد مبالغ».

مواد جديدة

وفي ظل هذه المسائل، بدأ الناشرون الصحافيون أيضاً في تنظيم هذا الموضوع. ففي نهاية 2023، أطلقت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية اليومية ملاحقات ضد شركة «أوبن إيه آي» مبتكرة برنامج «تشات جي بي تي» وضد «مايكروسوفت» المستثمر الرئيسي فيها، بتهمة انتهاك حقوق النشر. وقد أبرمت وسائل إعلام أخرى اتفاقيات مع «أوبن إيه آي».

وربما لم يعد أمام شركات التكنولوجيا أي خيار لتحسين منتجاتها سوى باعتماد خيارات تُلزمها بدفع أموال، خصوصاً مع بدء نفاد المواد الجديدة لتشغيل النماذج.

وأشارت الصحافة الأميركية أخيراً إلى أنّ النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو كأنها وصلت إلى حدودها القصوى، لا سيما برامج «غوغل» و«أنثروبيك» و«أوبن إيه آي».

ويقول جوليان شوراكي: «يمكن على شبكة الإنترنت، جمع المحتوى القانوني وغير القانوني، وكميات كبيرة من المحتوى المقرصن، مما يشكل مشكلة قانونية. هذا من دون أن ننسى مسألة نوعية البيانات».