شركات في لندن تنتقل إلى دراجات الشحن الهوائية

المؤسس المشارك لشركة الخدمات اللوجيستية الخضراء «Zhero» جو شارب يركب دراجة شحن هوائية في العاصمة البريطانية لندن في 27 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
المؤسس المشارك لشركة الخدمات اللوجيستية الخضراء «Zhero» جو شارب يركب دراجة شحن هوائية في العاصمة البريطانية لندن في 27 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
TT

شركات في لندن تنتقل إلى دراجات الشحن الهوائية

المؤسس المشارك لشركة الخدمات اللوجيستية الخضراء «Zhero» جو شارب يركب دراجة شحن هوائية في العاصمة البريطانية لندن في 27 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)
المؤسس المشارك لشركة الخدمات اللوجيستية الخضراء «Zhero» جو شارب يركب دراجة شحن هوائية في العاصمة البريطانية لندن في 27 أكتوبر 2023 (أ.ف.ب)

أطلقت هيئة النقل في لندن خطة تهدف إلى التشجيع على استخدام دراجات الشحن الهوائية للحد من الانبعاثات الكربونية، بعدما شهدت عمليات التسليم المسببة للتلوث بواسطة شاحنات نقل البضائع زيادة كبيرة منذ جائحة «كوفيد - 19» بفعل نمو التجارة عبر الإنترنت.

مذاك، أصبح بن هيوم رايت أكثر انشغالا من أي وقت مضى. ويوضح لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «درجتُ على عادة حجز خمسة أو ستة مواعيد لمدة ساعة أو ساعة ونصف الساعة يوميا، لكن اليوم، آخذ ستة أو سبعة وحتى ثمانية؛ لأنني أعلم أنني لن أكون عالقاً في ازدحام السير».

وبعدما كانت شاحنته الصغيرة ضرورية له لمدة 11 عاما، باتت مخزنة في المرأب.

وحين يكون عليه العمل في ورشة تركيب كبرى، يطلب من مورد تسليم القطع الأكبر حجماً مباشرة إلى الزبون، ثم يحضر على دراجة مع الأدوات الضرورية فقط. وقال: «إنها أرخص، وليس هناك نفقات وقود وهي أفضل بكثير».

وأطلقت هيئة النقل في لندن، الهيئة العامة المسؤولة عن شبكة النقل في العاصمة البريطانية، أول «خطة عمل لدراجة الشحن» في وقت سابق من هذا العام.

وتهدف بذلك إلى تعزيز نموها ردا على تزايد عمليات التسليم الملوثة بواسطة الشاحنات المرتبطة بنمو التجارة عبر الإنترنت.

تشجيع استخدامها يسير في الاتجاه نفسه، مثل خطة رئيس البلدية صادق خان للوصول إلى مدينة خالية من الكربون بحلول 2030. تعد هيئة النقل في لندن أن دراجات الشحن يمكن أن تتجنب انبعاث ما يصل إلى 30 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنويا في لندن الكبرى بحلول ذلك الحين.

نمو هائل

كانت دراجات الشحن رائجة في شمال أوروبا حتى منتصف القرن العشرين، لكن توقف استخدامها حين أصبحت المركبات الآلية شائعة. وبدأت نهضتها في أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين في الدنمارك وهولندا، وهما بلدان يلقى فيهما ركوب الدراجات الهوائية رواجاً، ويضمان مسطحات كبيرة ومسارات جيدة للدراجات.

في كوبنهاغن، ارتفع عدد دراجات الشحن من 20 ألفاً عام 2020 إلى أكثر من 40 ألفاً عام 2022. وفي ألمانيا، أكبر سوق في أوروبا للدراجات الكهربائية، بيعت 165 ألف دراجة عام 2022.

النمو في بريطانيا «هائل» كما يقول بن جاكونيلي المدير العام لشركة «فولي تشارجد» (Fully Charged)، المتخصصة في الدراجات الكهربائية ودراجات الشحن. ويضيف «نعيش في عقد دراجات الشحن الكهربائية!».

ويقول الرجل المشارك في تأسيس الشركة عام 2014، حين كانت رؤية دراجات الشحن الكهربائية أمراً نادراً: «اليوم، يكاد يكون من النادر عدم رؤيتها». وأصبحت دراجة الشحن ضرورية أيضاً أمام المدارس، حيث يستخدمها كثير من الآباء لنقل أطفالهم.

بين مايو (أيار) 2022 ومايو 2023، زادت مبيعات الدراجات الكهربائية في بريطانيا بنسبة 30 في المائة بحسب الهيئة الوطنية «The Bicycle Association».

بين التفسيرات لهذه الزيادة، التوسع المثير للجدل لمنطقة الانبعاثات المنخفضة في لندن الكبرى التي تفرض ضرائب على سائقي السيارات الأكثر تلويثاً.

وقد التزمت شركة «Zhero» اللوجيستية التي تنقل الأعمال الفنية بين الاستوديوهات والمعارض وصانعي الإطارات، باستخدام الدراجات.

يقول جو شارب المؤسس المشارك للشركة، إنه «قرار مالي بحت»، موضحاً أن «نقل الأشياء على دراجات الشحن أرخص من نقلها في شاحنة صغيرة». يضيف «نجري أحيانا ما بين 30 و40 عملية تسليم يوميا على دراجة شحن».

لكن الشركة لم تتخلَّ عن شاحناتها - تحديدا الكهربائية منها- لأسباب تتعلق بالتأمين جزئيا. هذه الشركة مؤمنة بمبلغ 25 ألف جنيه إسترليني لنقل الأعمال الفنية على متن دراجات هوائية، لكن هذا التأمين يزيد بمعدل عشرة أضعاف في شاحنة كهربائية صغيرة.


مقالات ذات صلة

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

يوميات الشرق إميل كيندزورا أحد مؤسسي شركة «توموروو بايوستيتس» (على اليمين) داخل مركز تخزين الجثث في سويسرا (أ.ف.ب)

تجميد الجثث أملاً في إحيائها مستقبلاً لم يعد يقتصر على الخيال العلمي

قررت بيكا زيغلر البالغة 24 عاماً، تجميد جثتها في برّاد بعد وفاتها عن طريق مختبر في برلين، على أمل محدود بإعادة إحيائها مستقبلاً.

«الشرق الأوسط» (برلين)
تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا  الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

 الحكومة الأميركية تتحرك لإجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»

طلبت الحكومة الأميركية، الأربعاء، من القضاء إجبار «غوغل» على بيع متصفّحه «كروم»، في إجراء يهدف لمكافحة الممارسات الاحتكارية المتّهم بارتكابها عملاق التكنولوجيا.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك بهدف تكوين صورة بصرية ذات معنى لمشهد ما تقوم أعيننا بسلسلة من الحركات السريعة المنسقة (رويترز)

خلل بسيط في حركة العين قد يشير إلى إصابتك بألزهايمر

تبرز مؤخراً طريقة جديدة للكشف المبكر عن مرض ألزهايمر ترتبط بالاستماع إلى حركة عيون المرضى عبر ميكروفونات في آذانهم.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
TT

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)

هل وصلت نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى طريق مسدود؟ منذ إطلاق «تشات جي بي تي» قبل عامين، بعث التقدم الهائل في التكنولوجيا آمالاً في ظهور آلات ذات ذكاء قريب من الإنسان... لكن الشكوك في هذا المجال تتراكم.

وتعد الشركات الرائدة في القطاع بتحقيق مكاسب كبيرة وسريعة على صعيد الأداء، لدرجة أن «الذكاء الاصطناعي العام»، وفق تعبير رئيس «أوبن إيه آي» سام ألتمان، يُتوقع أن يظهر قريباً.

وتبني الشركات قناعتها هذه على مبادئ التوسع، إذ ترى أنه سيكون كافياً تغذية النماذج عبر زيادة كميات البيانات وقدرة الحوسبة الحاسوبية لكي تزداد قوتها، وقد نجحت هذه الاستراتيجية حتى الآن بشكل جيد لدرجة أن الكثيرين في القطاع يخشون أن يحصل الأمر بسرعة زائدة وتجد البشرية نفسها عاجزة عن مجاراة التطور.

وأنفقت مايكروسوفت (المستثمر الرئيسي في «أوبن إيه آي»)، و«غوغل»، و«أمازون»، و«ميتا» وغيرها من الشركات مليارات الدولارات وأطلقت أدوات تُنتج بسهولة نصوصاً وصوراً ومقاطع فيديو عالية الجودة، وباتت هذه التكنولوجيا الشغل الشاغل للملايين.

وتعمل «إكس إيه آي»، شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لإيلون ماسك، على جمع 6 مليارات دولار، بحسب «سي إن بي سي»، لشراء مائة ألف شريحة من تصنيع «نفيديا»، المكونات الإلكترونية المتطورة المستخدمة في تشغيل النماذج الكبيرة.

وأنجزت «أوبن إيه آي» عملية جمع أموال كبيرة بقيمة 6.6 مليار دولار في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، قُدّرت قيمتها بـ157 مليار دولار.

وقال الخبير في القطاع غاري ماركوس «تعتمد التقييمات المرتفعة إلى حد كبير على فكرة أن النماذج اللغوية ستصبح من خلال التوسع المستمر، ذكاء اصطناعياً عاماً». وأضاف «كما قلت دائماً، إنه مجرد خيال».

- حدود

وذكرت الصحافة الأميركية مؤخراً أن النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو وكأنها وصلت إلى حدودها القصوى، ولا سيما في «غوغل»، و«أنثروبيك» (كلود)، و«أوبن إيه آي».

وقال بن هورويتز، المؤسس المشارك لـ«a16z»، وهي شركة رأسمال استثماري مساهمة في «أوبن إيه آي» ومستثمرة في شركات منافسة بينها «ميسترال»: «إننا نزيد (قوة الحوسبة) بالمعدل نفسه، لكننا لا نحصل على تحسينات ذكية منها».

أما «أورايون»، أحدث إضافة لـ«أوبن إيه آي» والذي لم يتم الإعلان عنه بعد، فيتفوق على سابقيه لكن الزيادة في الجودة كانت أقل بكثير مقارنة بالقفزة بين «جي بي تي 3» و«جي بي تي 4»، آخر نموذجين رئيسيين للشركة، وفق مصادر أوردتها «ذي إنفورميشن».

ويعتقد خبراء كثر أجرت «وكالة الصحافة الفرنسية» مقابلات معهم أن قوانين الحجم وصلت إلى حدودها القصوى، وفي هذا الصدد، يؤكد سكوت ستيفنسون، رئيس «سبيلبوك»، وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي القانوني التوليدي، أن «بعض المختبرات ركزت كثيراً على إضافة المزيد من النصوص، معتقدة أن الآلة ستصبح أكثر ذكاءً».

وبفضل التدريب القائم على كميات كبيرة من البيانات المجمعة عبر الإنترنت، باتت النماذج قادرة على التنبؤ، بطريقة مقنعة للغاية، بتسلسل الكلمات أو ترتيبات وحدات البكسل. لكن الشركات بدأت تفتقر إلى المواد الجديدة اللازمة لتشغيلها.

والأمر لا يتعلق فقط بالمعارف: فمن أجل التقدم، سيكون من الضروري قبل كل شيء أن تتمكن الآلات بطريقة أو بأخرى من فهم معنى جملها أو صورها.

- «تحسينات جذرية»

لكنّ المديرين في القطاع ينفون أي تباطؤ في الذكاء الاصطناعي. ويقول داريو أمودي، رئيس شركة «أنثروبيك»، في البودكاست الخاص بعالم الكمبيوتر ليكس فريدمان «إذا نظرنا إلى وتيرة تعاظم القدرات، يمكننا أن نعتقد أننا سنصل (إلى الذكاء الاصطناعي العام) بحلول عام 2026 أو 2027».

وكتب سام ألتمان الخميس على منصة «إكس»: «ليس هناك طريق مسدود». ومع ذلك، أخّرت «أوبن إيه آي» إصدار النظام الذي سيخلف «جي بي تي - 4».

وفي سبتمبر (أيلول)، غيّرت الشركة الناشئة الرائدة في سيليكون فالي استراتيجيتها من خلال تقديم o1، وهو نموذج من المفترض أن يجيب على أسئلة أكثر تعقيداً، خصوصاً في مسائل الرياضيات، وذلك بفضل تدريب يعتمد بشكل أقل على تراكم البيانات مرتكزاً بدرجة أكبر على تعزيز القدرة على التفكير.

وبحسب سكوت ستيفنسون، فإن «o1 يمضي وقتاً أطول في التفكير بدلاً من التفاعل»، ما يؤدي إلى «تحسينات جذرية».

ويشبّه ستيفنسون تطوّر التكنولوجيا باكتشاف النار: فبدلاً من إضافة الوقود في شكل بيانات وقدرة حاسوبية، حان الوقت لتطوير ما يعادل الفانوس أو المحرك البخاري. وسيتمكن البشر من تفويض المهام عبر الإنترنت لهذه الأدوات في الذكاء الاصطناعي.