هل يجب أن نخاف من «Q*» نظام الذكاء الاصطناعي الغامض؟

مهندسو «أوبن إيه» طوّروا تقنيات قد تتخطى ذكاء الإنسان

هل يجب أن نخاف من «Q*» نظام الذكاء الاصطناعي الغامض؟
TT

هل يجب أن نخاف من «Q*» نظام الذكاء الاصطناعي الغامض؟

هل يجب أن نخاف من «Q*» نظام الذكاء الاصطناعي الغامض؟

يتكهّن البعض بأن نظام الذكاء الاصطناعي الجديد المنتشر حالياً قد يمثل خطوة كبيرة نحو نظام «الذكاء العام الاصطناعي» الأكثر تطوراً. وربما أدت المخاوف المتعلقة بالسلامة من هذا النظام المُطوَّر إلى إقالة رئيس الشركة، سام ألتمان قبل عيد الشكر.

«كيو*» جيل مقبل للذكاء الاصطناعي

إن وكلاء الذكاء الاصطناعي مثل «تشات جي بي تي» التي تستخدم نموذجاً لغوياً كبيراً «large language model» فقط، هي مجرد فصل مبكر في قصة مساعدي الذكاء الاصطناعي. ويتمتع «ChatGPT» وغيره من برامج الدردشة الآلية المماثلة بإحساس غريب بأنماط اللغة. ولكن هذه البرامج أيضاً «تهلوس» الحقائق. كما تفتقر إلى مهارات التفكير والتخطيط اللازمة لإكمال مسائل الرياضيات على مستوى المدرسة الثانوية على سبيل المثال، بالإضافة إلى العمل من خلال مهام متعددة الخطوات نيابة عن المستخدم.

لكن الجيل المقبل من وكلاء الذكاء الاصطناعي بدأ في التبلور. إذ ظهرت بعض الخطوط العريضة من التغيير الأخير في القيادة في شركة «أوبن إيه». وفي ذلك الوقت، لم يقدم مجلس الإدارة سوى سبب غامض لإقالة الرئيس التنفيذي سام ألتمان، مشيراً إلى الافتقار إلى الشفافية مع أعضاء مجلس الإدارة، ولكن (سرعان ما أُعيد ألتمان إلى منصبه بعد ثورة الموظفين).

اعتقد البعض، ومنهم أنا، بأنه لا بد من وجود مشكلة أخرى في الخلفية تسببت في مثل هذا الإجراء الدراماتيكي من قبل مجلس الإدارة، مثل التوصل إلى اختراق تقني وبحثي مخيف. وقد تبين أن هذا هو بالضبط ما كان الأمر عليه.

اختراق تقني مخيف

يقال إن «أوبن إيه» تعمل على نوع جديد من الوكيل الذكي، يُعرف داخلياً باسم «كيو* (Q*)»، الذي يمثل خطوة كبيرة نحو هدف «أوبن إيه» المتمثل في إنشاء أنظمة أفضل بشكل عام من البشر في القيام بمجموعة واسعة من المهام، ويعرف أيضاً باسم «الذكاء العام الاصطناعي (artificial general intelligence)» أو «AGI». وبحسب ما ورد كان مجلس الإدارة يخشى أن يمضي ألتمان قدماً في إنتاج «Q*» دون إتاحة الوقت الكافي لوضع حواجز أمان كافية حوله.

أخبرني دييغو أسوا، مطور ورجل أعمال للذكاء الاصطناعي في منطقة باي آريا: «شعوري الغريزي هو أن فريقاً صغيراً من مهندسي (أوبن إيه) - بقيادة فريق (أوبن إيه) الهندسي، بمَن في ذلك الرئيس غريغ بروكمان، وكبير العلماء إيليا سوتسكيفر - أجروا تجارب في اتجاه جديد تماماً باستخدام نماذج قادرة على التخطيط والتنفيذ في حل مسائل الرياضيات المعقدة، ووجدوا بعض النتائج المبكرة الجيدة».

وأضاف: «ربما أدى هذا إلى اندفاعة وتوجه لإصدار نسخة مبكرة من هذا النموذج للجمهور، مما تسبب في حدوث صراع... إلى درجة إثارة كل الأحداث التي شهدناها أخيراً».

نظم ذكية للتخطيط والتنفيذ

انتشرت التكهنات حول التركيب الفني لـ«Q*» على منصة «إكس» خلال الأيام القليلة الماضية. لكن أفضل نظرية رأيتها جاءت من أحد كبار علماء الذكاء الاصطناعي في «نفيديا (Nvidia)»، جيم فان، الذي توقع بأن من المحتمل أن يستخدم «كيو*» عدداً من نماذج الذكاء الاصطناعي التي تعمل معاً للتعلم والتخطيط وتنفيذ المهام.

وهذا الحدث يبدو مماثلاً لما وقع حين استخدم نظام «ألفاغو (AlphaGo)» من شركة «ديب مايند (DeepMind)»، وهو نظام الذكاء الاصطناعي الذي هزم لاعب «Go» بطل العالم في عام 2016، عديد من الشبكات العصبية التلافيفية، وتعلم من خلال لعب الملايين من ألعاب «Go»، ضد إصدار أقدم منه.

شبكات عصبية متعددة

ويقول فان إن «Q*» قد يعتمد على بنية مماثلة: استخدام شبكة عصبية لوضع الخطوات في مهمة معقدة، وشبكة إضافية لتسجيل الخطوات وتقديم التعليقات، وشبكة أخرى للبحث عن النتائج المحتملة لأي اختيار من قبل النظام. و«أوبن إيه» ليست الوحيدة التي تتبع هذا النهج الجماعي تجاه وكلاء الذكاء الاصطناعي، إذ تعمل «ديب مايند» نفسها على وكيل جديد للذكاء الاصطناعي يسمى «Gemini»، الذي عدّ الرئيس التنفيذي ديميس هاسيبيس أنه قد يستخدم نهجاً مشابهاً لذلك الذي يستخدمه «ألفاغو» ولكن مع دمج نموذج لغة كبير في هذا المزيج.

قد يؤدي هذا إلى إنشاء نظام يتفاعل مع السياق أو البيانات الظرفية، مثل «ألفاغو»، ويتحدث أيضاً ويتلقى التعليمات بلغة بسيطة مثل «تشات جي بي تي». وقد يمثل «Gemini» و«Q*» الطريق نحو الجيل التالي من برامج الدردشة الآلية.

* «فاست كومباني» - خدمة «تريبيون ميديا»


مقالات ذات صلة

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

تكنولوجيا شركات الذكاء الاصطناعي تتفق مع دور النشر بما يتيح لهذه الشركات استخدام الأعمال المنشورة لتدريب نماذجها القائمة على الذكاء الاصطناعي التوليدي (رويترز)

شركات الذكاء الاصطناعي التوليدي تلجأ إلى الكتب لتطوّر برامجها

مع ازدياد احتياجات الذكاء الاصطناعي التوليدي، بدأت أوساط قطاع النشر هي الأخرى في التفاوض مع المنصات التي توفر هذه التقنية سعياً إلى حماية حقوق المؤلفين.

«الشرق الأوسط» (باريس)
الاقتصاد بورصة نيويورك للأوراق المالية (وكالة حماية البيئة)

هيمنة الأسهم الأميركية تزداد قوة مع فوز ترمب

تواصل الأسهم الأميركية تعزيز تفوقها على منافسيها العالميين، ويعتقد العديد من المستثمرين أن هذه الهيمنة قد تزداد إذا تمكن دونالد ترمب من تنفيذ برنامجه.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
تكنولوجيا يستعرض مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» أبرز تقنيات الذكاء الاصطناعي المقبلة

مؤتمر «مايكروسوفت إغنايت 2024» يكشف عن أبرز نزعات الذكاء الاصطناعي المقبلة

إطلاق أكبر مشروع للأمن الرقمي بتاريخ البشرية لمواجهة أكثر من 7000 هجمة في الثانية.

خلدون غسان سعيد (جدة)
الاقتصاد علم شركة «إنفيديا» على الحرم الجامعي في سانتا كلارا بكاليفورنيا (إ.ب.أ)

بالأرقام... كيف أصبحت «إنفيديا» الشركة الأكثر قيمة في العالم؟

حققت «إنفيديا» مرة أخرى نتائج ربع سنوية تجاوزت توقعات «وول ستريت».

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
الاقتصاد شاشة تسجيل الوصول في مكتب «إنفيديا» في أوستن بتكساس (أ.ف.ب)

«إنفيديا» تتفوق على توقعات الأرباح مع ترقب المستثمرين للطلب على رقائق «بلاكويل» للذكاء الاصطناعي

أعلنت شركة «إنفيديا»، يوم الأربعاء، عن زيادة في أرباحها ومبيعاتها في الربع الثالث مع استمرار الطلب على رقائق الكمبيوتر المتخصصة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
TT

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)

هل وصلت نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى طريق مسدود؟ منذ إطلاق «تشات جي بي تي» قبل عامين، بعث التقدم الهائل في التكنولوجيا آمالاً في ظهور آلات ذات ذكاء قريب من الإنسان... لكن الشكوك في هذا المجال تتراكم.

وتعد الشركات الرائدة في القطاع بتحقيق مكاسب كبيرة وسريعة على صعيد الأداء، لدرجة أن «الذكاء الاصطناعي العام»، وفق تعبير رئيس «أوبن إيه آي» سام ألتمان، يُتوقع أن يظهر قريباً.

وتبني الشركات قناعتها هذه على مبادئ التوسع، إذ ترى أنه سيكون كافياً تغذية النماذج عبر زيادة كميات البيانات وقدرة الحوسبة الحاسوبية لكي تزداد قوتها، وقد نجحت هذه الاستراتيجية حتى الآن بشكل جيد لدرجة أن الكثيرين في القطاع يخشون أن يحصل الأمر بسرعة زائدة وتجد البشرية نفسها عاجزة عن مجاراة التطور.

وأنفقت مايكروسوفت (المستثمر الرئيسي في «أوبن إيه آي»)، و«غوغل»، و«أمازون»، و«ميتا» وغيرها من الشركات مليارات الدولارات وأطلقت أدوات تُنتج بسهولة نصوصاً وصوراً ومقاطع فيديو عالية الجودة، وباتت هذه التكنولوجيا الشغل الشاغل للملايين.

وتعمل «إكس إيه آي»، شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لإيلون ماسك، على جمع 6 مليارات دولار، بحسب «سي إن بي سي»، لشراء مائة ألف شريحة من تصنيع «نفيديا»، المكونات الإلكترونية المتطورة المستخدمة في تشغيل النماذج الكبيرة.

وأنجزت «أوبن إيه آي» عملية جمع أموال كبيرة بقيمة 6.6 مليار دولار في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، قُدّرت قيمتها بـ157 مليار دولار.

وقال الخبير في القطاع غاري ماركوس «تعتمد التقييمات المرتفعة إلى حد كبير على فكرة أن النماذج اللغوية ستصبح من خلال التوسع المستمر، ذكاء اصطناعياً عاماً». وأضاف «كما قلت دائماً، إنه مجرد خيال».

- حدود

وذكرت الصحافة الأميركية مؤخراً أن النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو وكأنها وصلت إلى حدودها القصوى، ولا سيما في «غوغل»، و«أنثروبيك» (كلود)، و«أوبن إيه آي».

وقال بن هورويتز، المؤسس المشارك لـ«a16z»، وهي شركة رأسمال استثماري مساهمة في «أوبن إيه آي» ومستثمرة في شركات منافسة بينها «ميسترال»: «إننا نزيد (قوة الحوسبة) بالمعدل نفسه، لكننا لا نحصل على تحسينات ذكية منها».

أما «أورايون»، أحدث إضافة لـ«أوبن إيه آي» والذي لم يتم الإعلان عنه بعد، فيتفوق على سابقيه لكن الزيادة في الجودة كانت أقل بكثير مقارنة بالقفزة بين «جي بي تي 3» و«جي بي تي 4»، آخر نموذجين رئيسيين للشركة، وفق مصادر أوردتها «ذي إنفورميشن».

ويعتقد خبراء كثر أجرت «وكالة الصحافة الفرنسية» مقابلات معهم أن قوانين الحجم وصلت إلى حدودها القصوى، وفي هذا الصدد، يؤكد سكوت ستيفنسون، رئيس «سبيلبوك»، وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي القانوني التوليدي، أن «بعض المختبرات ركزت كثيراً على إضافة المزيد من النصوص، معتقدة أن الآلة ستصبح أكثر ذكاءً».

وبفضل التدريب القائم على كميات كبيرة من البيانات المجمعة عبر الإنترنت، باتت النماذج قادرة على التنبؤ، بطريقة مقنعة للغاية، بتسلسل الكلمات أو ترتيبات وحدات البكسل. لكن الشركات بدأت تفتقر إلى المواد الجديدة اللازمة لتشغيلها.

والأمر لا يتعلق فقط بالمعارف: فمن أجل التقدم، سيكون من الضروري قبل كل شيء أن تتمكن الآلات بطريقة أو بأخرى من فهم معنى جملها أو صورها.

- «تحسينات جذرية»

لكنّ المديرين في القطاع ينفون أي تباطؤ في الذكاء الاصطناعي. ويقول داريو أمودي، رئيس شركة «أنثروبيك»، في البودكاست الخاص بعالم الكمبيوتر ليكس فريدمان «إذا نظرنا إلى وتيرة تعاظم القدرات، يمكننا أن نعتقد أننا سنصل (إلى الذكاء الاصطناعي العام) بحلول عام 2026 أو 2027».

وكتب سام ألتمان الخميس على منصة «إكس»: «ليس هناك طريق مسدود». ومع ذلك، أخّرت «أوبن إيه آي» إصدار النظام الذي سيخلف «جي بي تي - 4».

وفي سبتمبر (أيلول)، غيّرت الشركة الناشئة الرائدة في سيليكون فالي استراتيجيتها من خلال تقديم o1، وهو نموذج من المفترض أن يجيب على أسئلة أكثر تعقيداً، خصوصاً في مسائل الرياضيات، وذلك بفضل تدريب يعتمد بشكل أقل على تراكم البيانات مرتكزاً بدرجة أكبر على تعزيز القدرة على التفكير.

وبحسب سكوت ستيفنسون، فإن «o1 يمضي وقتاً أطول في التفكير بدلاً من التفاعل»، ما يؤدي إلى «تحسينات جذرية».

ويشبّه ستيفنسون تطوّر التكنولوجيا باكتشاف النار: فبدلاً من إضافة الوقود في شكل بيانات وقدرة حاسوبية، حان الوقت لتطوير ما يعادل الفانوس أو المحرك البخاري. وسيتمكن البشر من تفويض المهام عبر الإنترنت لهذه الأدوات في الذكاء الاصطناعي.