عبر التاريخ، كانت هناك لحظات غيّرت مسار تعامل الإنسان مع ما يحيط به إلى الأبد؛ فمن اختراع العجلة وصولاً إلى المطبعة والإنترنت، أعادت هذه الإنجازات تعريف حدود الإمكانات، ودفعت البشر إلى عوالم جديدة من الإنجاز. والآن، نشهد قفزة هائلة أخرى، إنها ثورة الذكاء الاصطناعي التي تمس كل جانب من جوانب حياتنا بدءًا من الطريقة التي نتواصل بها، وندير بها أعمالنا، إلى الطريقة التي نتلقى بها الرعاية الصحية، ونتفاعل بها مع بيئتنا.
«عام تخيّل الذكاء الاصطناعي في كل شيء»
هذا هو شعار معرض «جيتكس جلوبال 2023» الذي ينعقد في مدينة دبي الإماراتية انعكاساً للقوة التحويلية للذكاء الاصطناعي الذي لم يعد كلمة طنانة، بل قوة ملموسة تدفع عملاقة الشركات التقنية المشاركة في المعرض إلى استعراض قدراتها على تسخير الذكاء الاصطناعي في تقديم الحلول ومعالجة التحديات التي تواجهها.
في حديث خاص لـ«الشرق الأوسط» خلال معرض «جيتكس جلوبال 2023»، يشدد أحمد الدندشي رئيس شؤون الشركات التجارية في «مايكروسوفت الإمارات» على أهمية استفادة الحكومات والعملاء ومختلف الصناعات كتلك المختصة في الاتصالات والطيران والخدمات المصرفية والتجزئة من قدرات الذكاء الاصطناعي لتكون أكثر كفاءة وإنتاجية، ولدفع المزيد من تدفقات الأعمال والإيرادات.
لكن ما الذي يدفع مختلف الشركات إلى الاهتمام أكثر بالذكاء الاصطناعي؟
تشارك «مايكروسوفت» في نسخة هذا العام من المعرض إلى جانب 32 شريكاً من شركائها لترفع الستار عن أحدث حلول الذكاء الاصطناعي وخدماته المصممة بصورة خاصة؛ لإحداث نقلة نوعية في القطاعات الحيوية للمنطقة، وذلك انطلاقًا من الخدمات الحكومية، ومروراً بالرعاية الصحية، ووصولاً إلى قطاع التعليم والخدمات المالية، وتزويدها بمنصة حديثة تتيح لها فرصة تطوير كل ما تحتاج إليه من تقنيات مبتكرة لتلبي متطلباتها المتفردة. كما يشارك متحدثو «مايكروسوفت» في مجموعة متنوعة من ورش العمل والنقاشات التي ستدور حول الاستخدام المسؤول للتقنيات الجديدة.
لقد عمل الذكاء الاصطناعي على تكثيف المنافسة بين شركات التكنولوجيا الكبرى من خلال تعزيز الابتكار، وتحفيز الشركات الناشئة، وزيادة السباق على حصة السوق.
تواجه هذه الشركات ما يسمى «حروب المواهب» والتدقيق التنظيمي والمخاوف الأخلاقية، بينما تسعى جاهدة لتلبية توقعات العملاء الكبيرة. وبالإضافة إلى ذلك، تزيد المنافسة العالمية والمخاطر الأمنية من الضغط على شركات التكنولوجيا الكبرى للحفاظ على قدرتها التنافسية في المشهد الديناميكي للذكاء الاصطناعي.
يتوجب على الشركات إعطاء الأولوية للتشفير والتحكم في الوصول وواجهات برمجة التطبيقات الآمنة لحماية بياناتها في أثناء تنفيذ حلول الذكاء الاصطناعي. تساعد المراقبة والتدقيق المنتظمين، جنباً إلى جنب مع إدارة التصحيح، على اكتشاف التهديدات وتخفيفها. كما يعمل تدريب الموظفين وإخفاء هوية البيانات وخطط الاستجابة للحوادث على تعزيز الأمان؛ حيث يكمل الامتثال للوائح والتعاون مع الخبراء في مجال أمن الذكاء الاصطناعي استراتيجية شاملة لحماية البيانات.
وكانت شركة «مايكروسوفت» قد أعلنت خلال مؤتمر «ليب 2023 العالمي» الذي أقيم في مدينة الرياض في شهر فبراير (شباط) الماضي عزمها على الاستثمار في منطقة جديدة لمراكز البيانات السحابية في المملكة العربية السعودية، والذي يأتي ضمن إطار جهودها المتواصلة لتمكين مؤسسات القطاعين العام والخاص في جميع أنحاء العالم، من خلال خدمات سحابية ذكية وموثوق بها؛ ستُسهم في تحقيق طموحات تحولها الرقمي.
ومن المُقرر عند إطلاقها أن توفر منطقة مراكز البيانات السحابية الجديدة أداءً عالياً وموثوقاً به على مستوى المؤسسات، مع الحفاظ على خصوصية العملاء وموقع البيانات، فضلاً على معايير زمن الوصول عالي السرعة في المملكة العربية السعودية، وبشكل متوازٍ مع البنية التحتية السحابية العالمية لشركة «مايكروسوفت»، التي تُعد واحدة من أكبر البنى التحتية وأكثرها أماناً على مستوى العالم.