«ناسا» تسعى لبناء منزل على القمر عبر الطباعة ثلاثية الأبعاد

لرواد الفضاء والمدنيين أيضاً!

من التحديات المتوقعة أن تتمكن المنازل من مقاومة الحرارة والإشعاعات والتهديدات التي تشكلها النيازك (Icon)
من التحديات المتوقعة أن تتمكن المنازل من مقاومة الحرارة والإشعاعات والتهديدات التي تشكلها النيازك (Icon)
TT

«ناسا» تسعى لبناء منزل على القمر عبر الطباعة ثلاثية الأبعاد

من التحديات المتوقعة أن تتمكن المنازل من مقاومة الحرارة والإشعاعات والتهديدات التي تشكلها النيازك (Icon)
من التحديات المتوقعة أن تتمكن المنازل من مقاومة الحرارة والإشعاعات والتهديدات التي تشكلها النيازك (Icon)

أول ما قد يخطر ببالك عندما تفكر بمنزل على سطح القمر أنه سيكون مخصصاً لرواد الفضاء. هذا صحيح، لكن وكالة الفضاء الأميركية «ناسا» تعمل على تغيير ذلك!

فقد منحت مؤخراً عقداً لشركة «ICON» الأميركية لتكنولوجيا البناء، والتي تشتهر ببراعتها المبتكرة في الطباعة ثلاثية الأبعاد. وتم تكليف «ICON» بمشروع طموح لبناء منزل على القمر بحلول عام 2040 مخصص لعامة الناس وليس لرواد الفضاء فقط!

تستخدم «Icon» الخرسانة القمرية التي تشتمل على الصخور وغبار القمر والشظايا المعدنية لطباعة المنزل (Icon)

الطباعة ثلاثية الأبعاد

يعدّ نظام الطباعة ثلاثية الأبعاد «Vulcan» من «ICON» تقنية ثورية تستخدم مزيجاً من الإسمنت والرمل والماء كخيوط تشبه الحبر الكثيف يتم إخراجها من الطابعة في أشرطة متماسكة لبناء المنازل طبقة تلو الأخرى.

ويمكن لمثل هذه الآلية إكمال الخصائص بشكل مذهل خلال 48 ساعة فقط على كوكب الأرض، إلا أن «ICON» تخطط لنقل الطابعة ثلاثية الأبعاد العملاقة إلى القمر. وباستخدام الخرسانة القمرية التي تشتمل على الصخور وغبار القمر والشظايا المعدنية، فإنها ستضع بدقة الأساس لهذا المنزل.

مخطط طموح

التعاون هو مفتاح النجاح لتحقيق هذا المشروع الطموح، حيث تتعاون «ناسا» مع المؤسسات الأكاديمية والمؤسسات الخاصة لتصميم المكونات الأساسية للمنزل القمري، بما في ذلك الأبواب والبلاط والمفروشات. ونظراً لطبيعة استكشاف الفضاء والتقدم التكنولوجي، فمن المرجح أن يتطور تصميم المنزل بشكل كبير خلال السنوات المقبلة. ومن المثير للاهتمام أن هذا ليس محور اهتمام «ناسا» الوحيد، بل هناك خطط لإنشاء قاعدة على المريخ لمغامري الفضاء مستقبلاً.

وفي حين أن بناء منزل على القمر مسألة تثير كثيراً من الفضول، فإن «ناسا» لم تصرح عن التكلفة المحتملة للبشر من غير رواد الفضاء الطامحين لقضاء عطلة على القمر.

«ناسا» كلفت شركة «ICON» ببناء منزل على القمر بحلول عام 2040 (Icon)

حل لأزمة الإسكان على الأرض؟

وبالعودة إلى الأرض، أظهرت تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد الخاصة بشركة «ICON» وعداً هائلاً. منذ عام 2018، تمت طباعة أكثر من 100 منزل في شمال مدينة أوستن الأميركية، حيث إن تقنية البناء السريعة هذه تقدم حلاً محتملاً لمعضلة الإسكان الملحة في أميركا. وفي معرض تعليقه على هذا المشروع، تمنى ريموند كلينتون، نائب مدير قسم العلوم والتكنولوجيا في مركز «مارشال» لرحلات الفضاء التابع لـ«ناسا»، عن آماله بأن يكون موجوداً في المستقبل لرؤيته. وأضاف أنه عندما يتم الحديث عن وجود البشر المستدام على القمر، «فهذا يعني حقاً مستوطنة قمرية مع أشخاص يعيشون ويعملون هناك بشكل مستمر».

«ناسا» لم تصرح عن التكلفة المحتملة للبشر من غير رواد الفضاء الطامحين لقضاء عطلة على القمر (Icon)

التحديات المقبلة

ورغم أن مفهوم بناء منزل على القمر مثير للاهتمام، فإنه لا يخلو من التحديات. يجب أن تعمل شركة «ICON» على تعزيز البنية التحتية لمقاومة المشكلات الحرارية والإشعاع والتهديدات التي تشكلها النيازك بشكل خاص. كما يتعين على وكالة «ناسا»، قبل نشر الطابعة ثلاثية الأبعاد، إنشاء مناطق هبوط للصواريخ على القمر. وذكر جيسون بالارد، المؤسس المشارك والرئيس التنفيذي لشركة( ICON) أنه من أجل تغيير نموذج استكشاف الفضاء حقاً، هناك حاجة إلى أنظمة قوية ومرنة تستغل الموارد المحلية للقمر.

خارطة الطريق

قبل أن يرى أول منزل مطبوع ثلاثي الأبعاد النور على سطح القمر، تهدف «ICON» إلى اختبار أداء طابعتها بدقة في مركز «مارشال» لرحلات الفضاء التابع لـ«ناسا».

كما عليها تقييم قدرتها على التكيف مع ظروف الفراغ والإشعاع في الفضاء. وفي الوقت نفسه، تستعد «ناسا» للقفزة الكبيرة التالية، حيث تهدف المرحلة الثانية من مهمة «أرتميس» في عام 2024 إلى إرسال رواد فضاء حول القمر، حيث تستهدف المرحلة اللاحقة « أرتميس 3» الهبوط على سطح القمر؛ إما في عام 2025 وإما في 2026.

وتضع هذه المهام الأساس لإنشاء مبنى صالح للسكن على القمر.

يعكس التعاون بين «ناسا» و«ICON» وجهاً جديداً لتقارب التكنولوجيا والطموح والخيال، ويجعلنا نقف على أعتاب فصل جديد من استكشاف الفضاء.


مقالات ذات صلة

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

يوميات الشرق رواد الفضاء ماثيو دومينيك ومايكل بارات وجانيت إيبس يعقدون مؤتمراً صحافياً في مركز جونسون الفضائي في هيوستن (أ.ب)

بعد 8 أشهر في الفضاء... رواد «ناسا» يرفضون الإفصاح عن شخصية من أصيب منهم بالمرض

رفض 3 رواد فضاء تابعين لـ«ناسا» انتهت مهمة طويلة قاموا بها في محطة الفضاء الدولية بالمستشفى، الشهر الماضي، كَشْفَ مَن منهم كان مريضاً.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق بين يدَي تاكاو دوي نموذج هندسي لـ«ليغنوسات» (رويترز)

أول قمر اصطناعي خشبي في العالم تُطلقه اليابان إلى الفضاء

انطلق أول قمر اصطناعي خشبي في العالم صنعه باحثون يابانيون إلى الفضاء، الثلاثاء، في اختبار مُبكر لاستخدام الأخشاب باستكشاف القمر والمريخ.

«الشرق الأوسط» (كيوتو اليابان)
لمسات الموضة استغرق العمل على هذه البدلة سنوات طويلة تفرغ لها 10 عاملين في دار «برادا» (أ.ف.ب)

الموضة تصل إلى القمر

ما أكدته رحلة «أرتميس 3» التابعة لـ«ناسا» المرتقبة في النصف الثاني من عام 2026 أن التكنولوجيا وحدها لم تعد كافية وأن الموضة وسيلة إغراء قوية.

جميلة حلفيشي (لندن)
يوميات الشرق بدلة فضاء صُممت بالتعاون مع «برادا» ستستخدمها «ناسا» بدءاً من عام 2026 (أ.ب)

في رحلتهم عام 2026... روّاد الفضاء العائدون إلى القمر يرتدون بزّات من «برادا»

يرتدي رواد فضاء رحلة «أرتيميس3» من «وكالة الفضاء الأميركية (ناسا)» إلى القمر، التي حُدِّدَ سبتمبر (أيلول) 2026 موعداً لها، بزّات فضائية من دار «برادا».

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
يوميات الشرق «شجرة القمر» على الأرض (أ.ب)

مدرسة أميركية تزرع «شجرة القمر» ببذور حلّقت في الفضاء

زُرِعت «شجرة القمر»، كما أُطلق عليها، ببذور طارت حول القمر، ثم وُضعت على عربة شحن برفقة تلاميذ يحملون مجارف للمساعدة في حفر موطنها الجديد.

«الشرق الأوسط» (كاليفورنيا)

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
TT

هل وصل الذكاء الاصطناعي إلى حدوده القصوى؟

لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)
لوغو تطبيق «شات جي بي تي» (رويترز)

هل وصلت نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي إلى طريق مسدود؟ منذ إطلاق «تشات جي بي تي» قبل عامين، بعث التقدم الهائل في التكنولوجيا آمالاً في ظهور آلات ذات ذكاء قريب من الإنسان... لكن الشكوك في هذا المجال تتراكم.

وتعد الشركات الرائدة في القطاع بتحقيق مكاسب كبيرة وسريعة على صعيد الأداء، لدرجة أن «الذكاء الاصطناعي العام»، وفق تعبير رئيس «أوبن إيه آي» سام ألتمان، يُتوقع أن يظهر قريباً.

وتبني الشركات قناعتها هذه على مبادئ التوسع، إذ ترى أنه سيكون كافياً تغذية النماذج عبر زيادة كميات البيانات وقدرة الحوسبة الحاسوبية لكي تزداد قوتها، وقد نجحت هذه الاستراتيجية حتى الآن بشكل جيد لدرجة أن الكثيرين في القطاع يخشون أن يحصل الأمر بسرعة زائدة وتجد البشرية نفسها عاجزة عن مجاراة التطور.

وأنفقت مايكروسوفت (المستثمر الرئيسي في «أوبن إيه آي»)، و«غوغل»، و«أمازون»، و«ميتا» وغيرها من الشركات مليارات الدولارات وأطلقت أدوات تُنتج بسهولة نصوصاً وصوراً ومقاطع فيديو عالية الجودة، وباتت هذه التكنولوجيا الشغل الشاغل للملايين.

وتعمل «إكس إيه آي»، شركة الذكاء الاصطناعي التابعة لإيلون ماسك، على جمع 6 مليارات دولار، بحسب «سي إن بي سي»، لشراء مائة ألف شريحة من تصنيع «نفيديا»، المكونات الإلكترونية المتطورة المستخدمة في تشغيل النماذج الكبيرة.

وأنجزت «أوبن إيه آي» عملية جمع أموال كبيرة بقيمة 6.6 مليار دولار في أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، قُدّرت قيمتها بـ157 مليار دولار.

وقال الخبير في القطاع غاري ماركوس «تعتمد التقييمات المرتفعة إلى حد كبير على فكرة أن النماذج اللغوية ستصبح من خلال التوسع المستمر، ذكاء اصطناعياً عاماً». وأضاف «كما قلت دائماً، إنه مجرد خيال».

- حدود

وذكرت الصحافة الأميركية مؤخراً أن النماذج الجديدة قيد التطوير تبدو وكأنها وصلت إلى حدودها القصوى، ولا سيما في «غوغل»، و«أنثروبيك» (كلود)، و«أوبن إيه آي».

وقال بن هورويتز، المؤسس المشارك لـ«a16z»، وهي شركة رأسمال استثماري مساهمة في «أوبن إيه آي» ومستثمرة في شركات منافسة بينها «ميسترال»: «إننا نزيد (قوة الحوسبة) بالمعدل نفسه، لكننا لا نحصل على تحسينات ذكية منها».

أما «أورايون»، أحدث إضافة لـ«أوبن إيه آي» والذي لم يتم الإعلان عنه بعد، فيتفوق على سابقيه لكن الزيادة في الجودة كانت أقل بكثير مقارنة بالقفزة بين «جي بي تي 3» و«جي بي تي 4»، آخر نموذجين رئيسيين للشركة، وفق مصادر أوردتها «ذي إنفورميشن».

ويعتقد خبراء كثر أجرت «وكالة الصحافة الفرنسية» مقابلات معهم أن قوانين الحجم وصلت إلى حدودها القصوى، وفي هذا الصدد، يؤكد سكوت ستيفنسون، رئيس «سبيلبوك»، وهي شركة متخصصة في الذكاء الاصطناعي القانوني التوليدي، أن «بعض المختبرات ركزت كثيراً على إضافة المزيد من النصوص، معتقدة أن الآلة ستصبح أكثر ذكاءً».

وبفضل التدريب القائم على كميات كبيرة من البيانات المجمعة عبر الإنترنت، باتت النماذج قادرة على التنبؤ، بطريقة مقنعة للغاية، بتسلسل الكلمات أو ترتيبات وحدات البكسل. لكن الشركات بدأت تفتقر إلى المواد الجديدة اللازمة لتشغيلها.

والأمر لا يتعلق فقط بالمعارف: فمن أجل التقدم، سيكون من الضروري قبل كل شيء أن تتمكن الآلات بطريقة أو بأخرى من فهم معنى جملها أو صورها.

- «تحسينات جذرية»

لكنّ المديرين في القطاع ينفون أي تباطؤ في الذكاء الاصطناعي. ويقول داريو أمودي، رئيس شركة «أنثروبيك»، في البودكاست الخاص بعالم الكمبيوتر ليكس فريدمان «إذا نظرنا إلى وتيرة تعاظم القدرات، يمكننا أن نعتقد أننا سنصل (إلى الذكاء الاصطناعي العام) بحلول عام 2026 أو 2027».

وكتب سام ألتمان الخميس على منصة «إكس»: «ليس هناك طريق مسدود». ومع ذلك، أخّرت «أوبن إيه آي» إصدار النظام الذي سيخلف «جي بي تي - 4».

وفي سبتمبر (أيلول)، غيّرت الشركة الناشئة الرائدة في سيليكون فالي استراتيجيتها من خلال تقديم o1، وهو نموذج من المفترض أن يجيب على أسئلة أكثر تعقيداً، خصوصاً في مسائل الرياضيات، وذلك بفضل تدريب يعتمد بشكل أقل على تراكم البيانات مرتكزاً بدرجة أكبر على تعزيز القدرة على التفكير.

وبحسب سكوت ستيفنسون، فإن «o1 يمضي وقتاً أطول في التفكير بدلاً من التفاعل»، ما يؤدي إلى «تحسينات جذرية».

ويشبّه ستيفنسون تطوّر التكنولوجيا باكتشاف النار: فبدلاً من إضافة الوقود في شكل بيانات وقدرة حاسوبية، حان الوقت لتطوير ما يعادل الفانوس أو المحرك البخاري. وسيتمكن البشر من تفويض المهام عبر الإنترنت لهذه الأدوات في الذكاء الاصطناعي.