واشنطن تتهم غوغل بدفع المليارات سنويا للحفاظ على هيمنتها

مقر غوغل في مدينة نيويورك (رويترز)
مقر غوغل في مدينة نيويورك (رويترز)
TT

واشنطن تتهم غوغل بدفع المليارات سنويا للحفاظ على هيمنتها

مقر غوغل في مدينة نيويورك (رويترز)
مقر غوغل في مدينة نيويورك (رويترز)

اتّهمت الحكومة الأميركية مجموعة التكنولوجيا العملاقة "غوغل" الثلاثاء بدفع 10 مليارات دولار سنوياً الى آبل وشركات أخرى للحفاظ على هيمنتها في مجال البحث على الإنترنت.

وأتى هذا الاتهام مع بدء الجلسات القضائية الماراتونية بين الولايات المتحدة وغوغل لتحديد ما إذا كانت الشركة أساءت استخدام موقعها المهيمن بسبب إجراءات احتكارية في خدمات البحث العامة التي توفرها عبر الإنترنت، في أكبر محاكمة من هذا النوع تشهدها البلاد منذ أكثر من عقدين. وقال ممثل المدّعي العام كينيث دينتزر "تتعلق هذه القضية بمستقبل الإنترنت، وبما إذا كانت غوغل ستواجه منافسة في مجال البحث".

وفي قلب هذه الدعوى التاريخية، وبعد مرور عشرين عاماً على رفع دعاوى قضائية مماثلة ضدّ شركة مايكروسوفت، يكمن السؤال التالي: هل تدين غوغل بنجاح محرّك بحثها لأدائها أم لممارساتها المانعة للمنافسة؟

ووفقاً للحكومة الأميركية، فقد بنت غوغل إمبراطوريتها من خلال عقود غير قانونية أبرمتها مع شركات مثل "سامسونغ" و"آبل" و"فايرفوكس" لتثبيت برمجياتها على هواتفهم الذكية وخدماتهم. وهذه الهيمنة على شبكة الإنترنت، وبالتالي على الإعلانات الرقمية، سمحت لـ"ألفابيت"، الشركة الأم لغوغل، بأن تصبح واحدة من أغنى الشركات في العالم.

وخلال عشرة أسابيع من جلسات الاستماع لنحو مئة شاهد في محكمة بواشنطن، ستحاول الشركة الواقع مقرّها في كاليفورنيا إقناع القاضي الفدرالي أميت ميهتا بأنّ اتهامات وزارة العدل لا أساس لها.

وأبلغ دينتزر القاضي أنّ غوغل تدفع سنوياً عشرة مليارات دولار لشركات مثل آبل لضمان أن يكون محركها للبحث هو الأساسي على الهواتف النقالة وبرامج تصفح الإنترنت، ما يقضي بالتالي على أيّ منافس قبل أن ينال فرصة النمو. وأشار إلى أنّ هيمنة غوغل تنامت على مدى العقد الماضي جراء نفاذها الاحتكاري الى بيانات المستخدمين، وهو ما لا يقدر منافسوها على مجاراتها فيه.

من جهته، ردّ محامي "غوغل" جون شميدلتين أمام المحكمة الثلاثاء بأنّ الشركة "قامت على مدى عقود بالابتكار وتحسين محرّكها للبحث"، معتبراً أنّ محامي الادّعاء "يتجنّبون حقيقة لا مفرّ منها". وكان كينيث ووكر المستشار العام لشركة "ألفابيت" أكّد في بيان أنّ "نجاحنا مستحقّ"، مضيفاً "الناس لا يستخدمون غوغل لأنه ليس لديهم خيار آخر بل لأنّهم يريدون ذلك. من السهل تغيير محرك البحث الافتراضي الخاص بك، فنحن لم نعد في عصر أجهزة المودم والأقراص المدمجة".

وهذه أهمّ دعوى منافسة مرفوعة ضد إحدى شركات التكنولوجيا الكبرى منذ هاجمت الحكومة الأميركية شركة مايكروسوفت بسبب هيمنة نظام التشغيل ويندوز. وبدأت الدعوى القضائية التي أقامتها واشنطن على مايكروسوفت عام 1998، وانتهت بتسوية عام 2001، بعدما ألغت محكمة الاستئناف قرارًا يقضي بتقسيم الشركة.

وقالت الوزارة في شكواها إنّ غوغل كانت في ذلك الوقت "أيقونة سيليكون فاليه باعتبارها شركة ناشئة مشاكسة تقدم طريقة مبتكرة للبحث في شبكة الإنترنت الناشئة. لقد انتهت غوغل هذه منذ فترة طويلة". كما انضمت عشرات الولايات الأميركية، وعلى رأسها كولورادو، إلى المعركة. ورغم أنّ القاضي رفض بعض حججهم قبل المحاكمة؛ بما في ذلك اتهام غوغل بإلغاء تصنيف المواقع بشكل غير قانوني مثل "يلب" و"إكسبيديا".

ويمثّل محرّك البحث 90 في المئة من هذه السوق في الولايات المتحدة وفي كل أنحاء العالم، خصوصاً بفضل عمليات البحث على الهواتف الذكية، ولا سيّما أجهزة "آيفون" من شركة "أبل" والهواتف التي تعمل بنظام "أندرويد" من شركة غوغل. وتمثّل الإيرادات من الإعلانات المستندة إلى نتائج البحث حوالى 60 في المئة من إيرادات المجموعة، متفوقة بفارق كبير عن فروعها الأخرى، من "يوتيوب" إلى "أندرويد".

ولم يتمكّن منافسوها، مثل "بينغ" من شركة "مايكروسوفت" و"داك داك غو"، من اكتساب مثل هذا المقدار الكبير من الاهتمام. وتواجه غوغل خطراً كبيراً إذا حكم القاضي الفدرالي في غضون أشهر لصالح حكومة الولايات المتحدة، إذ إنّ الشركة العملاقة في مجال محركات البحث ستكون مضطرة للانفصال عن نشاطات معيّنة لإجبارها على تغيير أساليبها. وفي أوروبا، غرّمت غوغل بأكثر من 8,2 مليارات يورو بسبب انتهاكات مختلفة لقانون المنافسة، رغم أنّ بعض هذه القرارات لا تزال قيد الاستئناف.

والأخطار كبيرة أيضا بالنسبة إلى حكومة الرئيس الأميركي جو بايدن. وعلى الرغم من أنّ الدعاوى القضائية أطلقتها عام 2020 إدارة الرئيس دونالد ترامب، فإنّ الرئيس الديموقراطي حرص على تحدي عمالقة التكنولوجيا، بدون تأثير كبير حتى الآن. وفي يوليو (تمّوز)، علّقت هيئة المنافسة الأميركية (FTC) إجراءاتها لمنع استحواذ شركة مايكروسوفت على شركة نشر ألعاب الفيديو Activision Blizzard، بعد سلسلة من الانتكاسات القانونية.

وقال جون لوباتكا، أستاذ القانون في كلية الحقوق في ولاية بنسلفانيا، إنّه مهما كان الحكم الذي سيصدره القضاء، فإنّ "الأمر لن ينتهي حتى يتم الاستئناف". وأضاف "لذلك يجب على أولئك الذين يريدون تنظيم التكنولوجيا ألا ييأسوا إذا خسرت الحكومة هذه الجولة. لكنّها ستكون هزيمة كبيرة".

وفي يناير (كانون الثاني)، قدّمت وزارة العدل الأميركية شكوى أخرى ضد غوغل بشأن أعمالها الإعلانية. ومن الممكن أن تجري المحاكمة العام المقبل.

 

 

 

 

 

 

 


مقالات ذات صلة

تكنولوجيا الوظيفة الأساسية لـ«دوِّن الملاحظات لي» هي تقديم ملخّص موجَز للنقاط الرئيسية في الاجتماع بدلاً من النسخ الحرفي (شاترستوك)

تفعيل ميزة تدوين الملاحظات عبر الذكاء الاصطناعي في «اجتماعات غوغل»

يمكن الوصول إليها من خلال أيقونة «Gemini AI» التي يمثّلها قلم رصاص لامع.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا بحد أدنى 12 كلمة يمكن لـ«جيمناي» تحويل ملاحظات المستخدمين إلى بريد إلكتروني مصقول وجاهز للإرسال (شاترستوك)

إذا كنت تعاني من كتابة بريد إلكتروني... «غوغل» تقدم لك الحل

«ساعدني في الكتابة» و«صقل مسودتي» لمساعدة المستخدمين في صقل رسائلهم دون عناء.

نسيم رمضان (لندن)
تكنولوجيا برنامج مكافآت الثغرات الأمنية لمتجر «غوغل بلاي» كان يهدف إلى مكافأة الباحثين عن اكتشاف الثغرات في تطبيقات «أندرويد» (غوغل)

«غوغل» تعلن إيقاف برنامج مكافآت الثغرات الأمنية لمتجرها

البرنامج سيتوقف اعتباراً من 31 أغسطس (آب) 2024 بعد استمراره لمدة 7 سنوات!

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
الاقتصاد نائبة الرئيس كامالا هاريس على اليسار والمرشح الرئاسي الجمهوري الرئيس السابق دونالد ترمب (أ.ب)

شركات أميركية معرضة لخسائر جمة مع قرب الانتخابات الرئاسية

بينما بات المناخ السياسي أكثر استقطابا من أي وقت مضى في أميركا، تجد الشركات الكبرى نفسها في مرمى نيران الانتقادات والاتهامات بدعم مرشح ما في الانتخابات الرئاسية

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

 «ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)
«ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)
TT

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

 «ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)
«ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)

يستمر استخدام منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي من جانب عامة الناس في النمو بوتيرة متسارعة، على ما تظهر أحدث الأرقام لجهات فاعلة رئيسية في القطاع، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال رئيس مجموعة «ميتا» مارك زاكربرغ، أمس (الجمعة)، إن أداة «ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة يطرحها المستخدمون بلغة بسيطة أو على إنشاء الصور، باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً.

وقد أُطلقت «ميتا إيه آي» في أبريل (نيسان)، ودُمجت في شبكات التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب» و«ماسنجر»، ويمكن الوصول إليها أيضاً عبر موقع مخصص.

وتعتمد هذه البرمجية على نموذج لغة «لاما 3» (Llama 3) المطور من «ميتا»، والذي أنشئ من خلال تراكم كميات هائلة من البيانات للسماح للبرنامج باختيار أفضل الإجابات عن الاستعلامات المطروحة.

وكانت منافستها «أوبن إيه آي» أوضحت الخميس لوسائل إعلام أميركية أن عدد مستخدمي واجهتها «تشات جي بي تي» ChatGPT العاملة بالذكاء الاصطناعي التوليدي يتخطى 200 مليون شخص أسبوعياً، وهو ضعف عدد المستخدمين الأسبوعيين المعلن عنه في نوفمبر (تشرين الثاني).

وقد أُطلقت «تشات جي بي تي» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وكانت أول برمجية محادثة «chatbot» تُحدث ثورة في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي نهاية يوليو (تموز)، أفادت «مايكروسوفت» أن 77 ألف عميل من أوساط الأعمال يستخدمون مساعد الذكاء الاصطناعي التابع للمجموعة، المسمى «كوبايلوت» Copilot.

وفيما تضم «تشات جي بي تي» و«كوبايلوت» نسخاً مدفوعة، فإن واجهات الذكاء الاصطناعي التوليدية الثلاث الرئيسية متاحة بنسخ مجانية.

وقد اختارت «ميتا»، في الوقت الراهن، عدم تقديم واجهتها في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والبرازيل.

وفي منتصف يوليو، أعلنت المجموعة تأجيل إطلاق الإصدار الجديد من برنامج «لاما 3» الخاص بها في الاتحاد الأوروبي كإجراء احترازي، بدعوى افتقارها إلى الرؤية فيما يتعلق بتفسير السلطات الأوروبية لقانونها الجديد لحماية البيانات.

يتطلب تطوير نماذج اللغات الكبيرة (LLM) استخدام كمية هائلة من البيانات، يرتبط بعضها بمستخدمي الاتحاد الأوروبي، مما قد يتعارض مع أحكام النظام العام لحماية البيانات.

ومن بين واجهات الذكاء الاصطناعي التوليدية الأكثر استخداماً أيضاً، واجهة «جيميناي» Gemini من «غوغل».