بفضل «ستارلينك»... توفير الإنترنت لمجموعة أصلية في الأمازون البرازيلية

صاروخ «سبيس إكس فالكون 9» يحمل أقمار «ستارلينك» الاصطناعية يترك أثراً بعد إطلاقه من محطة «كيب كانافيرال» للقوة الفضائية كما شوهد من كوكوا - فلوريدا (أ.ب)
صاروخ «سبيس إكس فالكون 9» يحمل أقمار «ستارلينك» الاصطناعية يترك أثراً بعد إطلاقه من محطة «كيب كانافيرال» للقوة الفضائية كما شوهد من كوكوا - فلوريدا (أ.ب)
TT

بفضل «ستارلينك»... توفير الإنترنت لمجموعة أصلية في الأمازون البرازيلية

صاروخ «سبيس إكس فالكون 9» يحمل أقمار «ستارلينك» الاصطناعية يترك أثراً بعد إطلاقه من محطة «كيب كانافيرال» للقوة الفضائية كما شوهد من كوكوا - فلوريدا (أ.ب)
صاروخ «سبيس إكس فالكون 9» يحمل أقمار «ستارلينك» الاصطناعية يترك أثراً بعد إطلاقه من محطة «كيب كانافيرال» للقوة الفضائية كما شوهد من كوكوا - فلوريدا (أ.ب)

في منطقة بعيدة في الأمازون البرازيلية، يستخدم فرد من مجموعة سكان أصليين شبكة «تيك توك» للمرة الأولى... وتُسَمع فجأة ضحكات هذا الرجل الموشوم برسوم مُشابهة لجلد نمر جاغوار بعد مشاهدته مقطع فيديو مُعنوناً بـ«لو كنتُ غنياً».

وأخيراً، أحرزت مجموعة «ماتسيه» من السكان الأصليين، وهي من بين أكثر المجموعات عزلةً في منطقة الأمازون، تقدماً كبيراً نحو الحداثة مع وصول شبكة نظام «ستارلينك» للأقمار الاصطناعية التي توفّر خدمة الاتصال القمري بالإنترنت والتي طوّرتها شركة «سبايس إكس» التابعة للملياردير الأميركي إيلون ماسك، وفقاً لما ذكرته وكالة الصحافة الفرنسية.

وفي قرية نوفا إسبيرانسا الواقعة في وادي جافاري، ركِّب صحن لاقط يعمل بالطاقة الشمسية على سطح إحدى المدارس.

وستُتاح شبكة الإنترنت للسكان المائتين في هذه القرية التي تبعد أكثر من 500 كيلومتر وثلاثة أيام بالزورق عن أي منطقة حضرية، في امتياز يُمنَح للمنطقة الواقعة في شمال غرب البرازيل على الحدود مع البيرو وكولومبيا.

ومجموعة «ماتسيه» هي إحدى المجموعات السبع «التي يتواصل أفرادها مع الخارج» في جافاري، ثاني أرض تابعة للشعوب الأصلية في البرازيل مع مساحة تبلغ 8.5 مليون هكتار وحيث تعيش 19 مجموعة من السكان الأصليين في عزلة طوعية.

ويعود تاريخ أول اتصال طويل لمجموعة «ماتسيه» بالحداثة إلى سبعينات القرن الفائت. وأفراد هذه المجموعة معروفون بالوشوم وإكسسوارات الوجوه المصنوعة من العظام والعاج.

ورغم وجود بعض المؤشرات الدالة على تكيّفهم مع العالم الحديث، لا يزال أفراد «ماتسيه» يمضون وقتهم في الصيد أو الغناء أو الرسم على الأجسام.

ويقول بيني مايورونا، رئيس المنظمة العامة لمجموعة «ماتسيه» التي تتخذ مقراً لها في أتالايا دو نورتيه: إن الإنترنت سيتيح لأفراد المجموعة التواصل بسهولة أكبر مع سكان مختلف القرى، وتجنب تالياً إجراء رحلات طويلة عبر زوارق آلية. ويشير إلى أن «نوفا إسبيرانسا بعيدة جداً والوصول إليها صعب والتواصل مع سكانها كذلك».

وتتولى بلدية أتالايا دو نورتيه تمويل إنشاء الشبكة، في مبادرة قد تُحدث ثورة في حياة هؤلاء السكان وثقافتهم التي طالتها الحداثة أصلاً.

يرى سيزار مايورونا، وهو عضو البلدية الوحيد من سكان أتالايا دو نورتيه الأصليين، أنّ الهدف من إتاحة الإنترنت للمجموعة الأصلية هو تحسين المجال التعليمي. ويقول: «باتت لدينا أحلام مستقبلية تتمثل في أن نصبح قادرين على تدريب مهندسين مدنيين وجيولوجيين ومعماريين ومحامين وممرضين...».

ويُفترض أن تُتيح الإنترنت مقارنةً بالراديو الوحيد الموجود في القرية، رعاية أفضل لحالات الطوارئ الصحية التي غالباً ما تكون ناجمة عن لدغات أفاعٍ يتعرّض لها الأشخاص. ويقول: «أحياناً لا يعمل الراديو مع عدم وجود بطارية أو لوح شمسي»، على قول فابيو رودريغيز، وهو ممرض في سيساي التي تشكل الهيئة الصحية للسكان الأصليين.

وعلى ضفاف نهر جافاري، حيث ينتشر الصيادون غير الشرعيين وتجار المخدرات والقراصنة الذين يهاجمون السكان الأصليين باستمرار، قد تعزز شبكة الإنترنت الأمن.

واستفاد المجرمون بدورهم من الإنترنت، فبين فبراير (شباط) ومطلع يوليو (تموز)، صادرت وكالة البيئة البرازيلية (إيباما) 11 علبة معدات لستارلينك من عمال مناجم غير شرعيين في محمية يانومامي على مسافة نحو 1400 كيلومتر شمال شرق جافاري.

ولأسباب أخرى، لا يخفي أفراد مجموعة «ماتسيه» قلقهم من إتاحة الإنترنت في منطقتهم. وبمجرد تركيب الصحن اللاقط، يدعو المسنون في المجموعة إلى اجتماع طارئ يقرّرون خلاله قطع الإنترنت مساءً عن السكان باستثناء المعلمين والموظفين الصحيين والمسؤولين.

ويقول بيني مايورونا: إنّ «الإنترنت تجعل الشباب غير مهتمين بالنشاطات التقليدية، ويحجمون عن مساعدة أمهاتهم في قطف المحاصيل؛ إذ لا يذهبون إلى الحقول بسبب انشغالهم بالهواتف المحمولة التي يستخدمونها لمشاهدة مقاطع الفيديو، وهذا أمر مقلق جداً».

وفي أوّل ليلة أُتيحت فيها الإنترنت في القرية، استفاد السكان من اتصال جيّد بالشبكة لساعتين مع سماعهم رسائل صوتية ومشاهدتهم مقاطع فيديو عبر «تيك توك» و«يوتيوب».

ووعدت بلدية أتالايا دو نورتيه التي تتولى إدارة الاشتراكات في الشبكة، بتوفير الإنترنت لقرى السكان الأصليين الثانية والستين التي «تتواصل مع العالم الخارجي» بحلول نهاية العام، أي إفادة ستة آلاف شخص.

لكنّ بعض أفراد «ماتسيه» بدأت تراودهم أسئلة، بينها طريقة تفكير إيلون ماسك وماذا سيفعل بالبيانات التي ستُجمَع.

فإذا كان ثمة أمر واحد يفهمه السكان الأصليون عن المجتمع الغربي، فهو أن «الأشخاص البيض لا يوفرون أي شيء مجاناً مطلقاً...»، على قول أحد المسنين في القرية.


مقالات ذات صلة

قادة الاقتصاد الرقمي من 160 دولة يجتمعون في الرياض خلال ديسمبر

الاقتصاد تصوير جوي لمدينة الرياض (واس)

قادة الاقتصاد الرقمي من 160 دولة يجتمعون في الرياض خلال ديسمبر

تستعد العاصمة السعودية الرياض لاستضافة «المنتدى العالمي لحوكمة الإنترنت» في دورته الـ19، خلال ديسمبر (كانون الأول) المقبل.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
تكنولوجيا شعار تطبيق «تلغرام» (أ.ف.ب)

بعد القبض على رئيسه التنفيذي... ماذا نعرف عن «تلغرام»؟

أدى اعتقال الرئيس التنفيذي لشركة «تلغرام» بافيل دوروف في فرنسا، خلال عطلة نهاية الأسبوع، إلى تسليط الضوء على خدمة الرسائل الشهيرة ومؤسسها الغامض.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
يوميات الشرق شعار منصة «تيك توك» (أ.ب)

عبر «تيك توك»... مخادعان يساعدان مئات المهاجرين في الحصول على الجنسية الألمانية

حصل مئات المهاجرين على الإقامة أو الجنسية في ألمانيا، على الرغم من عدم تحدثهم لغة البلاد، بفضل مساعدة اثنين من المخادعين على منصة «تيك توك».

«الشرق الأوسط» (برلين)
المشرق العربي شركة «وفا تيليكوم» في دمشق هي المشغل الثالث للاتصالات في سوريا

الحكومة السورية تُنهك المواطنين برفع مستمر لأجور الخدمات

مهّدت الحكومة السورية قبل أيام عبر تسريبات صحافية إلى رفع جديد في أجور خدمات، ضمن مسلسل الزيادة في مقابل المتطلبات الأساسية رغم تراجع الليرة وعدم تعديل الرواتب.

«الشرق الأوسط» (دمشق)
العالم رجل يحمل جهاز كومبيوتر بينما يتم عرض شفرة سيبرانية عليه في هذه الصورة التوضيحية الملتقطة في 13 مايو 2017 (رويترز)

أميركا وألمانيا تتصديان لهجوم من برامج الفدية الضارة على الإنترنت

قالت السلطات في الولايات المتحدة وألمانيا، الثلاثاء، إنها تمكنت من إزالة مجموعة البرامج الضارة رادار/ديسبوسيسور التي تطالب بفدية عبر الإنترنت والنشطة عالميا.

«الشرق الأوسط» (برلين)

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

 «ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)
«ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)
TT

منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي... تنافس ونمو متسارع

 «ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)
«ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة المستخدمين بلغة بسيطة باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً (رويترز)

يستمر استخدام منصات الذكاء الاصطناعي التوليدي من جانب عامة الناس في النمو بوتيرة متسارعة، على ما تظهر أحدث الأرقام لجهات فاعلة رئيسية في القطاع، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال رئيس مجموعة «ميتا» مارك زاكربرغ، أمس (الجمعة)، إن أداة «ميتا إيه آي» القادرة على الإجابة على أسئلة يطرحها المستخدمون بلغة بسيطة أو على إنشاء الصور، باتت تضم 400 مليون مستخدم شهرياً.

وقد أُطلقت «ميتا إيه آي» في أبريل (نيسان)، ودُمجت في شبكات التواصل الاجتماعي «فيسبوك» و«إنستغرام» و«واتساب» و«ماسنجر»، ويمكن الوصول إليها أيضاً عبر موقع مخصص.

وتعتمد هذه البرمجية على نموذج لغة «لاما 3» (Llama 3) المطور من «ميتا»، والذي أنشئ من خلال تراكم كميات هائلة من البيانات للسماح للبرنامج باختيار أفضل الإجابات عن الاستعلامات المطروحة.

وكانت منافستها «أوبن إيه آي» أوضحت الخميس لوسائل إعلام أميركية أن عدد مستخدمي واجهتها «تشات جي بي تي» ChatGPT العاملة بالذكاء الاصطناعي التوليدي يتخطى 200 مليون شخص أسبوعياً، وهو ضعف عدد المستخدمين الأسبوعيين المعلن عنه في نوفمبر (تشرين الثاني).

وقد أُطلقت «تشات جي بي تي» في نوفمبر (تشرين الثاني) 2022، وكانت أول برمجية محادثة «chatbot» تُحدث ثورة في استخدام الذكاء الاصطناعي التوليدي.

وفي نهاية يوليو (تموز)، أفادت «مايكروسوفت» أن 77 ألف عميل من أوساط الأعمال يستخدمون مساعد الذكاء الاصطناعي التابع للمجموعة، المسمى «كوبايلوت» Copilot.

وفيما تضم «تشات جي بي تي» و«كوبايلوت» نسخاً مدفوعة، فإن واجهات الذكاء الاصطناعي التوليدية الثلاث الرئيسية متاحة بنسخ مجانية.

وقد اختارت «ميتا»، في الوقت الراهن، عدم تقديم واجهتها في المملكة المتحدة والاتحاد الأوروبي والبرازيل.

وفي منتصف يوليو، أعلنت المجموعة تأجيل إطلاق الإصدار الجديد من برنامج «لاما 3» الخاص بها في الاتحاد الأوروبي كإجراء احترازي، بدعوى افتقارها إلى الرؤية فيما يتعلق بتفسير السلطات الأوروبية لقانونها الجديد لحماية البيانات.

يتطلب تطوير نماذج اللغات الكبيرة (LLM) استخدام كمية هائلة من البيانات، يرتبط بعضها بمستخدمي الاتحاد الأوروبي، مما قد يتعارض مع أحكام النظام العام لحماية البيانات.

ومن بين واجهات الذكاء الاصطناعي التوليدية الأكثر استخداماً أيضاً، واجهة «جيميناي» Gemini من «غوغل».