هل تمنع التشريعات «تشات جي بي تي» من «فبركة» الأخبار؟

الصين تضبط شخصاً استخدم التطبيق في نشر خبر زائف

روبوت الدردشة «تشات جي بي تي» يثير مخاوف بنشر أخبار زائفة (أ.ف.ب)
روبوت الدردشة «تشات جي بي تي» يثير مخاوف بنشر أخبار زائفة (أ.ف.ب)
TT

هل تمنع التشريعات «تشات جي بي تي» من «فبركة» الأخبار؟

روبوت الدردشة «تشات جي بي تي» يثير مخاوف بنشر أخبار زائفة (أ.ف.ب)
روبوت الدردشة «تشات جي بي تي» يثير مخاوف بنشر أخبار زائفة (أ.ف.ب)

في أبريل (نيسان) الماضي، تلقى صحافي في «الغارديان» رسالة بريد إلكتروني من باحث يطلب منه رابطاً لمقال كتبه قبل سنوات، بعدما اقترحه عليه روبوت الدردشة «تشات جي بي تي» أثناء إعداده بحثاً في مجال تخصصه، لكن الصحافي كريس موران، وهو رئيس قسم الابتكار التحريري في الصحيفة البريطانية، نفى صلته بهذا المقال.

وتثير هذه الحالة مخاوف بشأن إمكان تعرُّض قطاعات كبيرة من المستخدمين، ممن لا يدققون فيما يطرحه عليهم روبوت الدردشة القائم على الذكاء الاصطناعي، الذي ابتكرته شركة «أوبن إيه آي» الناشئة الأميركية، للتضليل والتعامل مع أخبار ونتائج «زائفة». وقبل أيام ضبطت الشرطة في الصين رجلاً استخدم التطبيق لضخّ «أخبار كاذبة» حول حادث قطار، وهي المرة الأولى التي يُحتجز فيها شخص بسبب «تشات جي بي تي»، وذلك بعد نحو 5 أشهر على انتشار روبوت الدردشة القادر على إنشاء نص مكتوب بأسلوب يشبه البشر.

وعلى الرغم من أن الصين تحظر التطبيق، فإن توقيف الشخص كان بموجب قانون «التكنولوجيا المزيفة العميقة»، الذي دخل حيّز التنفيذ في يناير (كانون الثاني) الماضي، ويهدف إلى «منع إساءة استخدام التكنولوجيا». وذكر بيان للشرطة في منطقة هونغ كونغ، حيث أُشيع وقوع حادث قطار فيها، أن «وحدة شرطة الأمن السيبراني المحلية تلقّت إشارة بالخبر، وبدأت بموجبه تحقيقاً في الأمر، لتقودها إلى استخدام شخص لـ(تشات جي بي تي) لكتابة الخبر، الذي تناقله 21 حساباً على موقع (بايدو) المكافئ الصيني لـ(غوغل)».

وتمارس الصين «رقابة صارمة» على استخدام الإنترنت، وربما ساعدها ذلك في الوصول للشخص الذي استخدم التطبيق لإنتاج «الخبر الزائف».

وقال أستاذ الهندسة الميكانيكية ومدير برنامج الدراسات العليا في الروبوتات والتحكم والنظم الذكية بالجامعة الأميركية بالقاهرة، مكي حبيب، إنه «يمكن لهذه التقنية أن تُغرق مواقع التواصل الاجتماعي بمعلومات مضللة، وسيصبح من الصعب بشكل متزايد فصْل منشورات البشر عن تلك التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي». وشدد مكي في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» على «ضرورة وجود قوانين خاصة بكل دولة، تحدد مسؤولية الشخص الذي استخدم التطبيق لإنتاج الخبر، وأيضاً مسؤولية الشركة صاحبة التطبيق، باعتبار أنها مسؤولة عن تنقية المصادر التي تم تدريب التطبيق عليها، بحيث تكون مصادر موثوقاً فيها». وأضاف أن «هذا الجدل يظهر أيضاً في شكل آخر من تطبيقات الذكاء الاصطناعي، فلا تزال هناك حاجة لحسم المسؤولية عن وقوع حوادث عند استخدام السيارات ذاتية القيادة، فهل ستكون المسؤولية حينها على الشركة منتجة السيارة أم صاحب السيارة؟».

من جهته، قال الباحث في مجال الذكاء الصناعي في «جامعة النيل» الأهلية بمصر، مصطفى العطار، إن «كل هذه المشكلات التي يثيرها (تشات جي بي تي) سيتم حلها عبر تطبيق (زيرو جي بي تي) الذي يتم تطويره حالياً، وستكون مهمته الكشف عن مدى مصداقية المواد التي يتم إنتاجها». وأضاف العطار، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «التطبيق يعتمد على ما يعرف بـ(الشبكات التوليدية المتناقضة)، وهي باختصار تعني أن الذكاء الاصطناعي ينافس نفسه، ويتكون من شبكة توليدية للبيانات وأخرى تمييزية، حيث تتولى الأولى إنشاء بيانات جديدة، بينما تقوم الأخرى بالتمييز بين البيانات الحقيقية والمفبركة». ويشرح العطار آلية العمل، قائلاً إنه «تم تدريب الشبكة التوليدية على إنشاء حزمة من البيانات المفبركة، وبعدها تضاف إلى عدد مماثل من البيانات الحقيقية، ثم تُعرض على الشبكة التمييزية للتدريب، بهدف تقوية قدراتها على التفريق بين البيانات الحقيقية والمفبركة، وتتكرر هذه الخطوات حتى تتحسن قدرة الشبكة التوليدية». وأشار إلى أنه «بعد سنوات يمكن لكل المواقع الإخبارية استخدام الخوارزميات التي تعمل بالشبكات التوليدية المتناقضة، بحيث يظهر في نهاية كل خبر تقييم لمدى دقته باستخدام تلك الشبكات، وقد نحتاج وقتها إلى تشريع يلزم المواقع الصحافية باستخدام هذه الخوارزميات». ونوَّه بأن «الأمر نفسه ينطبق على مواقع التواصل الاجتماعي التي لديها خوارزميات حالية للتفريق بين الأخبار الدقيقة والكاذبة، باستخدام معايير مثل معدل انتشار الخبر ومدى انتشاره الجغرافي، ومن خلال تطبيق هذه المعايير تكون هناك (بصمة للخبر الصحيح) تُميّزه عن الكاذب، ولكنها قد تحتاج مع التطور في تقنيات الذكاء الاصطناعي أن تطوّر هي الأخرى من خوارزميات كشف البيانات الكاذبة».

وحول مسؤولية الشركة المنتجة للتطبيق عن المصادر التي تم تدريب الخوارزميات عليها، لضمان أن تكون مصادر موثوقاً بها، يعتقد العطار أن «النماذج الأحدث من التطبيق ستتجاوز كل تلك الأخطاء، وهذه هي الفكرة من تحديث التطبيقات».


مقالات ذات صلة

دعوى على «الذكاء الاصطناعي» تكشف مخاطر جديدة

يوميات الشرق الألعاب الإلكترونية تشكل جزءاً كبيراً من حياة كثير من المراهقين (جامعة فلندرز)

دعوى على «الذكاء الاصطناعي» تكشف مخاطر جديدة

تقدمت والدة شاب يبلغ من العمر 17 عاماً بدعوى قضائية ضد تطبيق «Character.ai»، متهمة الشركة بتعريض ابنها لتأثيرات مدمرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الاقتصاد رجل يمشي أمام شعار «إنفيديا» في قمة الذكاء الاصطناعي للشركة بمومباي 24 أكتوبر 2024 (رويترز)

«إنفيديا» تخضع لتحقيق صيني بسبب مكافحة الاحتكار

أعلنت الصين، يوم الاثنين، بدء تحقيق ضد شركة «إنفيديا» بشأن انتهاكات مشتبه بها لقانون مكافحة الاحتكار في البلاد.

«الشرق الأوسط» (بكين)
تكنولوجيا صورة تعبّر عن الذكاء الاصطناعي (رويترز)

فائزان بجائزتَي نوبل يؤكدان أهمية تنظيم الذكاء الاصطناعي

شدد الحائزان جائزتَي نوبل الفيزياء جيفري هينتون والكيمياء ديميس هاسابيس اللذان فازا عن اكتشافاتهما المرتبطة بالذكاء الاصطناعي، على ضرورة تنظيم هذه التكنولوجيا…

«الشرق الأوسط» (ستوكهولم)
علوم ابتكر باحثون فأراً افتراضياً بدماغ من الذكاء الاصطناعي لدراسة كيفية تحكم الفئران الحقيقية في الحركة (رويترز)

فأر افتراضي بدماغ من ذكاء اصطناعي يحاكي حركة القوارض الحقيقية

ابتكر باحثون فأراً افتراضياً بدماغ من الذكاء الاصطناعي لدراسة كيفية تحكم الفئران الحقيقية في الحركة.

«الشرق الأوسط» (لندن)
علوم الذكاء الاصطناعي في جراحة الفم والوجه والفكين

الذكاء الاصطناعي في جراحة الفم والوجه والفكين

أداة ثورية لدعم اتخاذ القرار في التشخيص والعلاج.

د. عميد خالد عبد الحميد (لندن)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
TT

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)
تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج، وقال: «المتعة تكمن حقاً في الرحلة. في كثير من الأحيان، نركز فقط على الوجهات - سواء كان ذلك إطلاق التطبيق الأول أو تحقيق الاكتتاب العام الأولي - ونفتقد الإنجاز الذي يأتي من المسار نفسه».

وشجَّع كوك، خلال لقاء خاص بعدد من المطورين في العاصمة الإماراتية أبوظبي، المطورين الشباب على متابعة شغفهم مع معالجة التحديات في العالم الحقيقي. وقال: «وجد المطورون الذين التقيتهم تقاطعاً بين اهتماماتهم وإحداث تأثير ذي مغزى، سواء كان ذلك من خلال تقديم خصومات على الطعام، أو تحسين أداء الرياضات المائية، أو تحسين إمكانية الوصول».

وشدَّد الرئيس التنفيذي لـ«أبل» على ثقته في منظومة المطورين المزدهرة في الإمارات، ودور «أبل» في تعزيز الإبداع، في الوقت الذي أكد فيه دور البلاد بوصفها مركزاً للتكنولوجيا والإبداع؛ حيث يستعد المطورون لإحداث تأثير عالمي دائم.

قصص للمبدعين

وشدَّد تيم كوك على النمو والديناميكية الملحوظة لمجتمع المطورين في المنطقة، مشيراً إلى وجود قصص للمبدعين المحليين، وشغفهم بإحداث فرق في حياة الناس.

وقال كوك في حديث مع «الشرق الأوسط»، على هامش زيارته للعاصمة الإماراتية أبوظبي: «مجتمع المطورين هنا نابض بالحياة وينمو بشكل كبير. لقد ازدادت الفواتير بنسبة 750 في المائة على مدى السنوات الخمس الماضية، مما يدل على نمو غير عادي».

وأضاف: «المسار لا يصدق»، مشيراً إلى حماس والتزام المطورين المحليين. ووصف التفاعل مع المبدعين بأنه «لمحة مباشرة عن الابتكار الذي يقود التغيير المؤثر».

وحول زيارته للمطورين في العاصمة السعودية، الرياض، قال الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، في منشور على منصة «إكس» للتواصل الاجتماعي: «من الرائع قضاء بعض الوقت في أكاديمية المطورات الخاصة بنا في الرياض. نحن فخورون بدعم مجتمع المطورين النابض بالحياة هنا، وتوسيع برنامجنا الأساسي لخلق مزيد من الفرص في البرمجة والتصميم وتطوير التطبيقات».

منظومة «أبل» وتمكين المطورين

وعندما سُئل عن دعم «أبل» للمطورين، أكد تيم كوك على منظومة «أبل» الشاملة، وقال: «نحن ندعم المطورين بطرق مختلفة، بداية من علاقات المطورين، إلى أدوات مثل (Core ML). نسهِّل على رواد الأعمال التركيز على شغفهم دون أن تثقل كاهلهم التعقيدات التقنية».

وزاد: «يلعب النطاق العالمي لمتجر التطبيقات، الذي يمتد عبر 180 دولة، دوراً محورياً في تمكين المطورين من توسيع نطاق ابتكاراتهم».

وأشار الرئيس التنفيذي لشركة «أبل» إلى أن «رائد الأعمال في أي مكان في العالم يمكنه، بلمسة زر واحدة، الوصول إلى جمهور عالمي، حيث تمَّ تصميم مجموعة أدوات وأنظمة دعم (أبل)؛ لتمكين المطورين، ومساعدتهم على الانتقال من النجاح المحلي إلى العالمي».

ويواصل اقتصاد تطبيقات «أبل» إظهار نمو كبير وتأثير عالمي، حيث سهّل متجر التطبيقات 1.1 تريليون دولار من إجمالي الفواتير والمبيعات بحسب إحصاءات 2022، مع ذهاب أكثر من 90 في المائة من هذه الإيرادات مباشرة إلى المطورين، حيث يُعزى هذا النمو إلى فئات مثل السلع والخدمات المادية (910 مليارات دولار)، والإعلان داخل التطبيق (109 مليارات دولار)، والسلع والخدمات الرقمية (104 مليارات دولار).

وذكرت الإحصاءات أنه على مستوى العالم، يدعم اقتصاد تطبيقات «iOS» أكثر من 4.8 مليون وظيفة في جميع أنحاء الولايات المتحدة وأوروبا، مما يعكس دوره القوي في دفع التوظيف والابتكار، حيث تمتد منظومة «أب ستور» عبر 180 سوقاً، حيث يستفيد المطورون من الأدوات التي تبسِّط توزيع التطبيقات وتحقيق الدخل منها.

رئيس «أبل» مع حسن حطاب مطور للوحة مفاتيح خاصة لضعاف البصر

الالتزام بالنمو وخلق فرص العمل

وألقى الرئيس التنفيذي الضوء على مساهمات «أبل» في اقتصاد المنطقة وفي الإمارات، وتطرَّق إلى خلق الشركة نحو 38 ألف وظيفة في الإمارات، تشمل المطورين وأدوار سلسلة التوريد وموظفي التجزئة.

وقال: «نحن ملتزمون بمواصلة هذا النمو»، مشيراً إلى الإعلان الأخير عن متجر جديد، مما يجعل إجمالي حضور «أبل» في الإمارات 5 متاجر. وزاد: «يعكس هذا التوسع تفانينا في دعم مجتمع المطورين ومساعدتهم على الوصول إلى الجماهير في جميع أنحاء العالم».

يذكر أن كوك زار كلاً من السعودية والإمارات، والتقى عدداً من المطورين في البلدَين، بالإضافة إلى مسؤولين من البلدين.

مَن هو تيم كوك

تيم كوك هو الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، إحدى شركات التكنولوجيا الكبرى في العالم. وقد خلف ستيف جوبز في منصب الرئيس التنفيذي في أغسطس (آب) 2011، في الوقت الذي تعدّ فيه «أبل» أكبر شركة من حيث القيمة السوقية في العالم بقيمة نحو 3.73 تريليون دولار.

شغل في البداية منصب نائب الرئيس الأول للعمليات العالمية. لعب كوك دوراً حاسماً في تبسيط سلسلة توريد «أبل»، وخفض التكاليف، وتحسين الكفاءة، وغالباً ما يوصف أسلوبه القيادي بأنه «هادئ، ومنهجي، وموجه نحو التفاصيل».