خدعة كمومية تساهم بتطور المجاهر الضوئية

خدعة كمومية تساهم بتطور المجاهر الضوئية
TT

خدعة كمومية تساهم بتطور المجاهر الضوئية

خدعة كمومية تساهم بتطور المجاهر الضوئية

يمكن النظر إلى الأشياء الدقيقة عن كثب أكثر من أي وقت مضى من خلال إرسال الضوء المتشابك عبر مسارات مختلفة وإعادة تجميع موجاته، ما يؤدي إلى مضاعفة الدقة بشكل فعال دون التعقيد المعتاد المتمثل بزيادة طاقة الضوء بشكل كبير. حيث تم تعزيز دقة المجاهر الضوئية بشكل كبير بفضل الاستخدام الذكي لظاهرة شائعة في فيزياء الكم يطلق عليها «الفحص المجهري الكمي» (QMC)، طورها باحثون بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (Caltech) في الولايات المتحدة. مبينين أن التطوير الجديد مناسب بشكل خاص لفحص الأنسجة والجزيئات الحيوية لاكتشاف الأمراض أو دراسة انتشارها، وفق ما نشر موقع «ساينس إليرت» العلمي المتخصص، نقلا عن مجلة «Nature Communications» العلمية.

وكتب الباحثون في ورقتهم المنشورة «إن الجمع بين السرعة المحسّنة، ونسبة التباين المحسّنة إلى الضوضاء ومقاومة الضوء الشارد الأكثر قوة والدقة الفائقة والإضاءة المنخفضة الكثافة يمكّن QMC من التصوير الحيوي».

ومثلما يرتبط حذاءان تم شراؤهما من متجر ليناسبا القدم اليمنى واليسرى، يمكن أيضا ربط الجسيمات رياضيا بعدة طرق. وفقط في النظام الكمي، أشياء مثل الأحذية والإلكترونات لا تستقر حقا في أي من تلك الحالات حتى تتم ملاحظتها. إنها مجرد احتمالات وربما أفضل وصف لها أنها موجة.

وفي QMC، كانت الجسيمات المعنية عبارة عن فوتونات أو جسيمات ضوئية تُعرف باسم biphotons بمجرد تشابكها في زوج.

والتطوير الجديد تم من خلال نوع خاص من الكريستال مصنوع من بورات الباريوم البيتا (BBO). فعندما يتم تسليط ضوء الليزر عبر البلورة، يتم تحويل جزء صغير جدا من الفوتونات (حوالى واحد في المليون) إلى ثنائي الفوتونات. حيث تمكن الباحثون بعد ذلك من فصل البيفوتونات مرة أخرى، عبر شبكة من المرايا والعدسات والموشورات.

وفيما يتم إرسال فوتون واحد من خلال المادة قيد الدراسة، يتم تحليل الفوتون الآخر. وكونه متشابكا، فإن الارتباطات المقاسة في أي من الفوتونين ستقول أيضا شيئا عن رحلة شريكه. إنه أساس تقنية أخرى جديدة إلى حد ما تسمى «تصوير الأشباح».

ومع ذلك، فإن هذا العمل المزدوج المتشابك له خدعة أخرى في جعبته. إذ تمتلك البيفوتونات ضعف زخم الفوتونات، ما يعني أيضا أن أطوالها الموجية تنخفض إلى النصف. ويعني نصف الطول الموجي للضوء، وهي دقة أعلى لمجهر الضوء.

فعادة ما يحمل الضوء ذو الأطوال الموجية الأقصر طاقة أكبر، والتي يمكن أن تلحق الضرر بالخلايا قيد الدراسة عند نقطة معينة. ففكر الفريق في الفرق بين الموجات الراديوية الطويلة غير الضارة مقابل الأشعة فوق البنفسجية الأقوى والأقوى والتي يمكن أن تكسر الحمض النووي وتسبب حروق الشمس. وبينما تقلل عملية التشابك الطول الموجي إلى النصف، فإنها لا تزيد من طاقة الفوتونات الفردية.

وفي توضيح أكثر لهذا الأمر، يقول المهندس الطبي ليهونغ وانغ من معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا (Caltech) «ان الخلايا لا تحب ضوء الأشعة فوق البنفسجية. ولكن إذا تمكنا من استخدام ضوء 400 نانومتر لتصوير الخلية وتحقيق تأثير 200 نانومتر من الضوء، وهو الأشعة فوق البنفسجية، فسنحصل على دقة الأشعة فوق البنفسجية». وهناك مجال للتحسين في هذا النظام أيضا، بما في ذلك تسريع التصوير والقدرة على تشابك المزيد من الفوتونات معا، وزيادة الدقة بشكل أكبر. مع ذلك، فإن إضافة المزيد من الفوتونات يعني أن احتمال حدوث تشابك (واحد في المليون بالفعل) سينخفض أكثر.

ونظرا لأن من السهل تعطيل التشابك عن طريق التفاعلات مع البيئة، فإن زيادة عدد الفوتونات في نظام ما يزيد من احتمال تفاعل الفوتونات الفردية مع البيئة بدلا من تفاعل بعضها مع بعض.

وبينما تمت تجربة التصوير باستخدام البيفوتون من قبل، قام الباحثون وراء الإعداد الجديد بإجراء العديد من التحسينات خلال العملية، واختبروها عمليا؛ ما يجعلها واحدة من أكثر التقنيات الواعدة من نوعها.


مقالات ذات صلة

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

تكنولوجيا تيم كوك في صورة جماعية مع طالبات أكاديمية «أبل» في العاصمة السعودية الرياض (الشرق الأوسط)

رئيس «أبل» للمطورين الشباب في المنطقة: احتضنوا العملية... وابحثوا عن المتعة في الرحلة

نصح تيم كوك، الرئيس التنفيذي لشركة «أبل»، مطوري التطبيقات في المنطقة باحتضان العملية بدلاً من التركيز على النتائج.

مساعد الزياني (دبي)
تكنولوجيا خوارزمية «تيك توك» تُحدث ثورة في تجربة المستخدم مقدمة محتوى مخصصاً بدقة عالية بفضل الذكاء الاصطناعي (أ.ف.ب)

خوارزمية «تيك توك» سر نجاح التطبيق وتحدياته المستقبلية

بينما تواجه «تيك توك» (TikTok) معركة قانونية مع الحكومة الأميركية، يظل العنصر الأبرز الذي ساهم في نجاح التطبيق عالمياً هو خوارزميته العبقرية. هذه الخوارزمية…

عبد العزيز الرشيد (الرياض)
خاص تم تحسين هذه النماذج لمحاكاة سيناريوهات المناخ مثل توقع مسارات الأعاصير مما يسهم في تعزيز الاستعداد للكوارث (شاترستوك)

خاص «آي بي إم» و«ناسا» تسخّران نماذج الذكاء الاصطناعي لمواجهة التحديات المناخية

«الشرق الأوسط» تزور مختبرات أبحاث «IBM» في زيوريخ وتطلع على أحدث نماذج الذكاء الاصطناعي لفهم ديناميكيات المناخ والتنبؤ به.

نسيم رمضان (زيوريخ)
خاص يمثل تحول الترميز الطبي في السعودية خطوة حاسمة نحو تحسين كفاءة النظام الصحي ودقته (شاترستوك)

خاص ما دور «الترميز الطبي» في تحقيق «رؤية 2030» لنظام صحي مستدام؟

من معالجة اللغة الطبيعية إلى التطبيب عن بُعد، يشكل «الترميز الطبي» عامل تغيير مهماً نحو قطاع طبي متطور ومستدام في السعودية.

نسيم رمضان (لندن)
خاص من خلال الاستثمارات الاستراتيجية والشراكات وتطوير البنية التحتية ترسم السعودية مساراً نحو أن تصبح قائداً عالمياً في التكنولوجيا (شاترستوك)

خاص كيف يحقق «الاستقلال في الذكاء الاصطناعي» رؤية السعودية للمستقبل؟

يُعد «استقلال الذكاء الاصطناعي» ركيزة أساسية في استراتيجية المملكة مستفيدة من قوتها الاقتصادية والمبادرات المستقبلية لتوطين إنتاج رقائق الذكاء الاصطناعي.

نسيم رمضان (لندن)

«جيميناي 2.0»... «غوغل» بدأت إتاحة نموذجها الأحدث للذكاء الاصطناعي التوليدي

شعار «جيميناي» يظهر على شاشة هاتف جوال (رويترز)
شعار «جيميناي» يظهر على شاشة هاتف جوال (رويترز)
TT

«جيميناي 2.0»... «غوغل» بدأت إتاحة نموذجها الأحدث للذكاء الاصطناعي التوليدي

شعار «جيميناي» يظهر على شاشة هاتف جوال (رويترز)
شعار «جيميناي» يظهر على شاشة هاتف جوال (رويترز)

أعلنت شركة «غوغل» اليوم (الأربعاء) بدء العمل بنموذجها الأكثر تطوراً إلى اليوم في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي «جيميناي 2.0» Gemini 2.0 الذي تسعى من خلاله إلى منافسة شركات التكنولوجيا العملاقة الأخرى في قطاع يشهد نمواً سريعاً، وفقاً لـ«وكالة الصحافة الفرنسية».

وتوقّع رئيس مجموعة «ألفابت» التي تضم «غوغل» سوندار بيشاي أن تفتح هذه النسخة الحديثة من البرنامج «عصراً جديداً» في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي القادر على أن يسهّل مباشرة الحياة اليومية للمستخدمين.

وأوضحت «غوغل» أن الصيغة الجديدة من «جيميناي» غير متاحة راهناً إلا لقلّة، أبرزهم المطوّرون، على أن تُوفَّر على نطاق أوسع في مطلع سنة 2025. وتعتزم الشركة دمج الأداة بعد ذلك في مختلف منتجاتها، وفي مقدّمها محركها الشهير للبحث، وبأكثر من لغة.

وشرح سوندار بيشاي ضمن مقال مدَوَّنة أعلن فيه عن «جيميناي 2.0» أن هذه الأداة توفّر «القدرة على جعل المعلومات أكثر فائدة، مشيراً إلى أن في وِسعها فهم سياق ما وتوقّع ما سيلي استباقياً واتخاذ القرارات المناسبة للمستخدم».

وتتنافس «غوغل» و«أوبن إيه آي» (التي ابتكرت تشات جي بي تي) و«ميتا» و«أمازون» على التوصل بسرعة فائقة إلى نماذج جديدة للذكاء الاصطناعي التوليدي، رغم ضخامة ما تتطلبه من أكلاف، والتساؤلات في شأن منفعتها الفعلية للمجتمع في الوقت الراهن.

وبات ما تسعى إليه «غوغل» التوجه الجديد السائد في سيليكون فالي، ويتمثل في جعل برنامج الذكاء الاصطناعي بمثابة «خادم رقمي» للمستخدم وسكرتير مطّلع على كل ما يعنيه، ويمكن استخدامه في أي وقت، ويستطيع تنفيذ مهام عدة نيابة عن المستخدم.

ويؤكد المروجون لهذه الأدوات أن استخدامها يشكّل مرحلة كبرى جديدة في إتاحة الذكاء الاصطناعي للعامّة، بعدما حقق «تشات جي بي تي» تحوّلاً جذرياً في هذا المجال عام 2022.

وأشارت «غوغل» إلى أن ملايين المطوّرين يستخدمون أصلاً النسخ السابقة من «جيميناي».

وتُستخدَم في تدريب نموذج «جيميناي 2.0» وتشغيله شريحة تنتجها «غوغل» داخلياً، سُمّيت بـ«تريليوم». وتقوم نماذج الذكاء الاصطناعي التوليدي بشكل أساسي على معدات تصنعها شركة «نفيديا» الأميركية العملاقة المتخصصة في رقائق وحدات معالجة الرسومات (GPUs).