باحثو «كاوست» يكشفون سر قدرة الشعاب المرجانية على الصمود

يتوقع الخبراء اختفاء نحو 90 % منها بحلول منتصف القرن

باحثو كاوست يفكّون شيفرة الطبيعة لكشف سر قدرة الشعاب المرجانية على الصمود (الشرق الأوسط)
باحثو كاوست يفكّون شيفرة الطبيعة لكشف سر قدرة الشعاب المرجانية على الصمود (الشرق الأوسط)
TT

باحثو «كاوست» يكشفون سر قدرة الشعاب المرجانية على الصمود

باحثو كاوست يفكّون شيفرة الطبيعة لكشف سر قدرة الشعاب المرجانية على الصمود (الشرق الأوسط)
باحثو كاوست يفكّون شيفرة الطبيعة لكشف سر قدرة الشعاب المرجانية على الصمود (الشرق الأوسط)

كشفت دراسة جديدة أجراها باحثون في جامعة الملك عبد الله للعلوم والتقنية (كاوست) أن بقاء الشعاب المرجانية على قيد الحياة في مواجهة ارتفاع درجات الحرارة يعتمد أيضاً على الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش داخلها. ويمهد هذا الاكتشاف الطريق لتطوير البروبيوتيك (المعززات الحيوية) التي يمكنها أن تحمي الشعاب المرجانية أو حتى إنعاشها، ويساعد في إعادة إحياء الشعاب المرجانية الساحلية، وبالتالي تعزيز مصائد الأسماك والسياحة والصناعات الأخرى التي تعتمد على هذه النظم البيئية المتنوعة.

وتعد الشعاب المرجانية من أكثر الكائنات البحرية تأثراً بتغير المناخ؛ إذ يؤدي ارتفاع درجات الحرارة إلى نفوقها بسرعة مقلقة، حيث يتوقع الخبراء أن يختفي نحو 90 في المائة من الشعاب المرجانية بحلول منتصف القرن. وعلى الرغم من أن الشعاب المرجانية تشكل فقط واحداً في المائة من قاع البحر، فإنها تُعد من أكثر العناصر قيمة، إذ يُقدر العلماء أن أكثر من 30 في المائة من الحياة البحرية يعتمد عليها، بالإضافة إلى أن أكثر من مليار شخص في العالم يعتمدون عليها اقتصادياً.

تعد الشعاب المرجانية من أكثر الكائنات البحرية تأثراً بتغيّر المناخ (الشرق الأوسط)

وتعتمد الشعاب المرجانية على علاقتها التكافلية مع الكائنات الحية الدقيقة التي تعيش داخلها. وتُغذي الشعاب المرجانية والكائنات الدقيقة بعضها بعضاً، مما يسمح لكليهما بالبقاء والتكاثر. ويؤدي ارتفاع درجات حرارة المحيطات إلى إضعاف هذه العلاقة التكافلية مما يؤدي إلى ابيضاض المرجان، وهي ظاهرة يتم فيها طرد الكائنات الدقيقة من الشعاب المرجانية مما يؤدي إلى فقدان المرجان ألوانه المتميزة. ويدلل ابيضاض المرجان على زيادة فرصة نفوق المرجان، إذ إن ارتفاع درجة الحرارة بدرجة مئوية واحدة فقط يكفي لتحفيز هذه الظاهرة. ولكن، مع جهود التدخل المناسب، يمكن عكس هذه الظاهرة.

وتقود هذه الدراسة البروفسورة راكيل بيكسوتو، وهي خبيرة رائدة في مجال استدامة الشعاب المرجانية، خاصة فيما يتعلق باستخدام بالبروبيوتيك التي تعمل على تجديد الكائنات المتعايشة مع المرجان. تعمل البروبيوتيك إلى حد كبير بمثل وظيفة الميكروبيوم البشري، وهي مجموعة الكائنات الحية الدقيقة المفيدة، بما في ذلك البكتيريا والفطريات والطحالب التي تعيش في أمعاء الإنسان. تتمحور أبحاث بيكسوتو على دراسة الميكروبيوم المرجاني لتطوير عملية تحضير البروبيوتيك المرجاني بشكل أفضل.

البروفيسورة راكيل بيكسوتو (الشرق الأوسط)

وقالت بيكسوتو: «بطريقة ما، تمكنا من فك شيفرة الطبيعة، وكشفنا عن الميكروبات التي تختارها الشعاب المرجانية بشكل طبيعي لمقاومة الإجهاد الحراري. فقد كانت الشعاب المرجانية التي يحتوي ميكروبيومها على مزيج خاص من الكائنات الدقيقة حقيقية النوى والبكتيريا أكثر مقاومة للحرارة».

وشدّدت بيكسوتو على أن بحث كاوست يستند إلى عقود من الأبحاث في مجال البروبيوتيك المرجاني، وقالت: «لقد نجحنا في اختيار البروبيوتيك الفعال لبعض الوقت، لكن هذه النتائج الجديدة ستمكننا من تعزيز العملية وتسريعها. فالطبيعة تستخدم البروبيوتيك بالفعل بوصفه حلّاً، ونحن نستفيد من هذه الأفكار لتعزيز وتسريع عمل الطبيعة في الاستجابة لتغيُّر المناخ».

في الدراسة الجديدة، وجدت بيكسوتو مع الباحثة إريكا سانتورو وزملاء أن نوعاً من المرجان يعرف بـ(Mussismilia hispida) - وهو من الأنواع المرجانية التي تعيش في موطنها الأصلي البرازيل وهو حيوي بالنسبة لكثير من الشعاب المرجانية في تلك المنطقة - يمكن تقسيمه إلى مرجان مقاوم للحرارة وآخر حساس للحرارة، وهو اختلاف وجد الباحثون أنه يمكن أن يُعزى إلى الميكروبيوم الموجود فيهما. في ميكروبيوم الشعاب المرجانية المقاومة للحرارة، كانت الكائنات الدقيقة حقيقية النوى أكثر وفرة، وكان لها تأثير قوي على عملية الأيض، بينما كانت البكتيريا أكثر وفرة في أبناء عمومتها الحساسة للحرارة، وكان لها تأثير أقوى.

ويعتقد العلماء أنه من خلال دراسة الكائنات الحية الدقيقة التي ترتبط بقدرة الشعاب المرجانية على تحمل ارتفاع درجات الحرارة، يمكن المساهمة في عملية تصميم البروبيوتيك المرجاني. تقول سانتورو: «لدينا الآن ترسانة من المعلومات حول كيفية اختيار الطبيعة للميكروبيوم لجعل الشعاب المرجانية أكثر مقاومة للإجهاد الحراري. ستعمل البيانات الجديدة على تحسين نظام الفحص لدينا بشكل كبير واختيار بروبيوتيك أكثر قوة».

ويسلط هذا البحث الضوء على الدور المهم للبروبيوتيك المرجاني في إعادة إحياء الشعاب المرجانية المتدهورة وتعزيز قدرتها على الصمود. وأضافت بيكسوتو: «البروبيوتيك أداة قوية ليس فقط لحماية الشعاب المرجانية، ولكن أيضاً لتسريع نموها وصمودها. فمن خلال فهم آليات الطبيعة الخاصة وتعزيزها، يمكننا زيادة قدرة الشعاب المرجانية على البقاء على قيد الحياة بشكل أفضل في مواجهة تغيُّر المناخ».


مقالات ذات صلة

العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

بيئة أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)

العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

اكتشف علماء حفريات إيطاليون الآلاف من آثار أقدام الديناصورات على صخرة شبه عمودية على ارتفاع أكثر من ألفي متر فوق مستوى سطح البحر في متنزه ستلفيو الوطني.

«الشرق الأوسط» (ميلانو)
الاقتصاد وزيرة التنمية المحلية القائمة بأعمال وزير البيئة المصرية خلال اجتماعها مع أحد المستثمرين (رئاسة مجلس الوزراء)

مصر تبحث فرص تعزيز الاستثمار البيئي داخل المحميات الطبيعية

عقدت وزيرة التنمية المحلية القائمة بأعمال وزير البيئة المصرية اجتماعاً مع أحد المستثمرين لبحث فرص تعزيز الاستثمار البيئي داخل المحميات الطبيعية.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
علوم يؤكد الباحثون أن الصدوع التي تقع على أعماق سحيقة في باطن الأرض يمكن أن تلتحم من جديد بعد انكسارها نتيجة الهزات الأرضية (بيكسباي)

الأرض «تضمد جروحها» بعد الزلازل القوية

توصل فريق من علماء الجيولوجيا في الولايات المتحدة إلى أن الصدوع الزلزالية العميقة في باطن الأرض يمكن أن تلتئم في غضون ساعات بعد حدوث الهزات الأرضية القوية.

«الشرق الأوسط» (سان فرنسيسكو)
صحتك الأشخاص الذين مارسوا ما لا يقل عن ساعتين ونصف من التمارين الرياضية أسبوعياً انخفض لديهم خطر الوفاة (رويترز)

المشكلة الشائعة التي تُقلّل من فوائد التمارين الرياضية

معروف أن ممارسة الرياضة بانتظام تُحسّن الصحة النفسية، وتُقلل من خطر الإصابة بأمراض القلب، وتُحسّن محيط الخصر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
آسيا أحياء غارقة بكاملها في مدينة نها ترانغ الساحلية بفيتنام جراء الفيضانات (أ.ف.ب)

ارتفاع حصيلة الوفيات من الفيضانات والانهيارات الأرضية في فيتنام إلى 43

أعلنت السلطات الفيتنامية، الجمعة، أن الأمطار الموسمية والانهيارات الأرضية الناجمة عنها أسفرت عن وفاة 43 شخصاً في فيتنام منذ مطلع الأسبوع الماضي.

«الشرق الأوسط» (هانوي)

دبة قطبية بكندا تتبنى شبلاً في واقعة نادرة

دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
TT

دبة قطبية بكندا تتبنى شبلاً في واقعة نادرة

دب قطبي (أرشيفية- رويترز)
دب قطبي (أرشيفية- رويترز)

رصد باحثون في كندا مؤخراً حالة نادرة جداً لدبة قطبية تبنَّت شبلاً لم تلده في شمال البلاد.

وقال الباحث في هيئة البيئة الكندية إيفان ريتشاردسون الذي يجري دراسات بشأن هذا المفترس الأكبر في القطب الشمالي منذ 25 عاماً، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «لم تُسجَّل سوى 13 حالة (من هذا النوع) خلال 45 عاماً».

وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، تمكن ريتشاردسون وفريقه من الإمساك بدبة مع شبلين لها، يبلغ سن أحدهما 10 أشهر، والآخر 11 شهراً، بالقرب من تشرشل التي تُلقَّب بـ«عاصمة الدببة القطبية في العالم»، والواقعة في شمال مانيتوبا بوسط كندا.

وأضاف: «عندما اقتربنا، لاحظنا أن أحد الشبلين يحمل علامة تعريف، بينما الآخر لا يحملها»؛ مشيراً إلى أن الأم نفسها شوهدت قبل بضعة أشهر مع شبل واحد فقط.

دب قطبي (أرشيفية - أ.ف.ب)

وفي هذه المنطقة الشمالية، يضع الباحثون علامات تعريف على الدببة القطبية ليتسنى لهم تتبعها ودراستها طوال حياتها.

وأكدت عمليات التتبع عبر أطواق مزودة بنظام تحديد المواقع العالمية (جي بي إس) والملاحظات التي أجرتها منظمة «بولار بيرز إنترناشيونال»، وهي مجموعة بحثية معنية بالدببة القطبية، أن الأنثى المعنية احتفظت بالشبلين معها لأسابيع.

وقال إيفان ريتشاردسون: «إنها قصة رائعة. هذه الدببة القطبية تتمتع بحسِّ أمومة مذهل؛ إذ إنها مهيَّئة بطبيعتها لرعاية صغارها».

وقد انخفض عدد الدببة القطبية في غرب خليج هدسون بنسبة 30 في المائة خلال بضعة عقود فقط، من نحو 1200 دب في ثمانينات القرن الماضي إلى 800 دب اليوم. ويعود ذلك جزئياً إلى تسارع ذوبان الجليد الذي يشكل عنصراً ضرورياً لبقائها.

مع ذلك، لا يوجد دليل يربط بين هذا التبني وتغير المناخ، وفق ريتشاردسون.

ويجري حالياً فحص جيني لتحديد الأم البيولوجية للشبل المتبنَّى. وقال العالِم إنَّ ثمة «احتمالاً كبيراً أن نكتشف هويتها».

على مدى 45 عاماً، رُصد أكثر من 4600 دب قطبي في هذه المنطقة من كندا، ما يجعلها، حسب ريتشاردسون: «أفضل مجموعة دببة قطبية دُرست في العالم».


العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
TT

العثور على آثار أقدام ديناصورات بجبال الألب في إيطاليا

أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)
أقدام الديناصورات التي اكتشفها علماء حفريات إيطاليون (أ.ب)

اكتشف علماء حفريات إيطاليون الآلاف من آثار أقدام الديناصورات على صخرة شبه عمودية على ارتفاع أكثر من ألفي متر فوق مستوى سطح البحر في متنزه ستلفيو الوطني، وهو اكتشاف يقولون إنه بين أغنى مواقع العصر الترياسي في العالم، وفقاً لـ«رويترز».

وتمتد المسارات، التي يصل عرض بعضها إلى 40 سنتيمتراً وتظهر عليها علامات مخالب، لمسافة خمسة كيلومترات تقريباً في منطقة فالي دي فرايلي الجليدية المرتفعة قرب بورميو، وهو أحد أماكن استضافة الأولمبياد الشتوي لعام 2026 في إقليم لومبارديا الشمالي.

وقال كريستيانو دال ساسو عالم الحفريات في متحف التاريخ الطبيعي بميلانو في مؤتمر صحافي، اليوم الثلاثاء، في مقر رئاسة إقليم لومبارديا: «هذا أحد أكبر مواقع آثار الأقدام في إيطاليا وأقدمها، ومن أروع المواقع التي رأيتها منذ 35 عاماً».

ويعتقد الخبراء أن هذه الآثار خلّفتها قطعان من الديناصورات آكلات الأعشاب طويلة العنق، على الأرجح من فصيلة بلاتيوسورس، منذ أكثر من 200 مليون سنة عندما كانت المنطقة بحيرة دافئة، وهي مثالية لتجول الديناصورات على الشواطئ تاركة آثاراً في الطين قرب المياه.

ومع تحرك الصفيحة الأفريقية تدريجياً نحو الشمال مؤدية إلى إغلاق المحيط تيثيس وتجفيفه، طويت الصخور الرسوبية التي شكلت قاع البحر، مما أدى إلى تكون جبال الألب.

وقال خبراء إن آثار أقدام الديناصورات المتحجرة تحولت من الوضع الأفقي إلى الوضع الرأسي على منحدر جبلي رصده مصور للحياة البرية في سبتمبر (أيلول) في أثناء مطاردته غزلاناً ونسوراً.


القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
TT

القطب الشمالي يسجّل أعلى معدل حرارة سنوي بتاريخ السجلات

قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)
قِطع جليد عائمة في المحيط المتجمد الشمالي (رويترز-أرشيفية)

سجّل العام المنصرم أكثر السنوات حرارة على الإطلاق في المنطقة القطبية الشمالية، وفق تقرير صادر عن وكالة أميركية مرجعية يرسم صورة قاتمة لمستقبل القطب الشمالي المعرَّض بشكل خاص لتبِعات تغيّر المناخ.

ووفق هذا التقرير السنوي، الذي نشرته الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA)، الثلاثاء، فقد تجاوزت درجات الحرارة في المنطقة القطبية الشمالية بين أكتوبر (تشرين الأول) 2024 وسبتمبر (أيلول) 2025، المعدل المسجل بين عاميْ 1991 و2020 بمقدار 1.60 درجة مئوية، وفق ما نقلته «وكالة الصحافة الفرنسية».