«غابات المتوسط الزرقاء»... مساعٍ أوروبية لحماية نبتة البوسيدونيا

جوهرة في المياه أكثر فاعلية بمكافحة التغيير المناخي من أشجار الأمازون

غطاس يغوص على عمق 6 أمتار تحت البحر الأبيض المتوسط حول عشبة البوسيدونيا قبالة ساحل بورتيتشيو في جزيرة كورسيكا الفرنسية (أ.ف.ب)
غطاس يغوص على عمق 6 أمتار تحت البحر الأبيض المتوسط حول عشبة البوسيدونيا قبالة ساحل بورتيتشيو في جزيرة كورسيكا الفرنسية (أ.ف.ب)
TT

«غابات المتوسط الزرقاء»... مساعٍ أوروبية لحماية نبتة البوسيدونيا

غطاس يغوص على عمق 6 أمتار تحت البحر الأبيض المتوسط حول عشبة البوسيدونيا قبالة ساحل بورتيتشيو في جزيرة كورسيكا الفرنسية (أ.ف.ب)
غطاس يغوص على عمق 6 أمتار تحت البحر الأبيض المتوسط حول عشبة البوسيدونيا قبالة ساحل بورتيتشيو في جزيرة كورسيكا الفرنسية (أ.ف.ب)

تُعدّ نبتة البوسيدونيا التي تتمتع بفاعلية في مكافحة التغير المناخي أكثر من أشجار الأمازون، جوهرةً تنبغي حمايتها، على ما نبّهت شبكة عالمية من المدافعين عن البيئة في كورسيكا التي تشكل مياهها موئلاً لثلثي أعداد النبتة التي تعيش تحت الماء.

غطاس يغوص على عمق 6 أمتار تحت البحر الأبيض المتوسط حول عشبة البوسيدونيا قبالة ساحل بورتيتشيو في جزيرة كورسيكا الفرنسية (أ.ف.ب)

على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، «3 دول فقط، فرنسا وإسبانيا وكرواتيا، لديها قوانين تحظر رسو» القوارب على أعشاب بوسيدونيا البحرية، فيما قد تتسبب المراسي بتمزيق أجزاء كاملة من هذه «الغابات الزرقاء»، بحسب كاترين بيانت، رئيسة التخطيط المكاني البحري في الصندوق العالمي للطبيعة بفرعه الفرنسي.

مرساة قريبة من البوسيدونيا على عمق 6 أمتار تحت مستوى سطح البحر (أ.ف.ب)

وتشكل أحواض الأعشاب البحرية هذه موائل للأسماك، ومراكز للحماية من التآكل، لكنها أيضاً بالوعة للكربون، غاز الدفيئة الذي يشكل أحد الأسباب الرئيسية للاحترار المناخي. وهي تغطي «ما بين 2 و2.3 مليون هكتار في البحر الأبيض المتوسط»، و«ينبغي حمايتها تماماً»، بعدما «زال ما بين 10 و30 في المائة من البوسيدونيا في المنطقة منذ قرن».

وقال عضو البرلمان الأوروبي فرنسوا ألفونسي، القائم مع سلطات جزيرة كورسيكا على اجتماع عُقد أخيراً ضمّ عدداً من الجهات الفاعلة في «شبكة بوسيدونيا المتوسطية» في أجاكسيو، لوكالة «الصحافة الفرنسية»، إن «البوسيدونيا موجودة فقط في البحر الأبيض المتوسط، وهي اليوم الطريقة الأكثر فاعلية لالتقاط ثاني أكسيد الكربون في العالم».

غطاس يغوص على عمق 6 أمتار تحت البحر الأبيض المتوسط حول عشبة البوسيدونيا قبالة ساحل بورتيتشيو في جزيرة كورسيكا الفرنسية (أ.ف.ب)

وأضاف: «كمية ثاني أكسيد الكربون الملتقطة عن طريق هكتار من البوسيدونيا توازي 4 أضعاف ما يتم التقاطه عبر هكتار من غابات الأمازون، و15 في المائة من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في كورسيكا يتم التقاطها بواسطة الأعشاب البحرية المحيطة بالجزيرة»، بحسب هذا المسؤول المحلي.

الغابات الزرقاء أكثر فاعلية في مكافحة التغير المناخي من غابات الأمازون (أ.ف.ب)

وأنشئت «شبكة بوسيدونيا المتوسطية» في أثينا عام 2019، بمبادرة من فرنسا وإسبانيا، عقب ندوة أوروبية حول تأثير مراسي السفن، وتضم نحو 60 عضواً، بما في ذلك الاتحاد الأوروبي، و12 من 21 دولة حول البحر الأبيض المتوسط ومنظمات دولية رئيسية لحماية البيئة.

هذه الشبكة التي يتولى المكتب الفرنسي للتنوع البيولوجي تنسيق أنشطتها، لديها هدف محدد يتمثل في «توفير حماية تطال 100 في المائة من الأعشاب بحلول عام 2030»، وفق ما أوضح المسؤول في المكتب فريديريك فيلييه لوكالة الصحافة الفرنسية.

البوسيدونيا موجودة فقط في البحر الأبيض المتوسط وهي اليوم الطريقة الأكثر فاعلية لالتقاط ثاني أكسيد الكربون في العالم (أ.ف.ب)

جهود على ضفتي المتوسط

وأضاف فيلييه: «الهدف هو الحصول على معرفة كاملة بوجود الأعشاب البحرية في البحر المتوسط والضغوط التي تتعرض لها، ومن ثم اتخاذ تدابير لحمايتها»، مع وضع أولويات تتمثل في «استكمال رسم الخرائط»، و«نصب العوامات بسرعة (لتتمكن القوارب من أن ترسو من دون أن ترمي المراسي في المياه) في البلدان التي هي بأمسّ الحاجة إليها»، و«بأن تكون هناك أنظمة موحدة من بلد إلى آخر».

مرساة قريبة من البوسيدونيا على عمق 6 أمتار تحت مستوى سطح البحر (أ.ف.ب)

وأكدت كاترين بيانت أن «كورسيكا تؤوي 66 في المائة من البوسيدونيا على ساحل البحر الأبيض المتوسط، وهي صاحبة دور طليعي في دراسة (هذه النباتات)، مع أول رسم خرائط لمنطقة بأكملها، منذ تسعينات القرن العشرين».

كانت جزر البليار، التي تضمّ 50 في المائة من مواقع الأعشاب في إسبانيا برمّتها، أيضاً من المناطق الطليعية في هذا المجال.

وأوضح المدير المسؤول عن العلاقات الخارجية للحكومة المستقلة لجزر البليار أنتوني فيسينز إي فيسينز لوكالة «الصحافة الفرنسية»: «بشكل ملموس، أجرينا مسحاً شاملاً لجميع أحواض الأعشاب البحرية، مع التمييز بين تلك التي تتمتع بجودة بيئية عالية، والمحمية تماماً، وتلك ذات الجودة الأقل، حيث يكون نشاط الإرساء ممكناً من خلال الرسو عن طريق العوامة»، مفصلاً الإجراءات المتخذة منذ عام 2018 لحماية هذا «النظام البيئي الفريد في البحر الأبيض المتوسط».

وأشار إلى أن «الجانب الأكثر ابتكاراً هو إنشاء خدمة مراقبة ومساعدة لإعلام القوارب الترفيهية بأهمية البوسيدونيا»، موضحاً أن الخدمة تم تجهيزها بـ18 قارباً في عام 2022 نفذت 201832 عملية.

الجوهرة البحرية البوسيدونيا (أ.ف.ب)

لكنه حذّر من أنه «من غير المجدي حماية هذا النظام البيئي في جزر البليار (...) إذا لم نبذل جهوداً في سائر الأماكن، ليس فقط على مستوى البحر الأبيض المتوسط الأوروبي، ولكن أيضاً في مناطق المغرب العربي والمشرق»، مشيداً بـ«تشارك الممارسات الجيدة» داخل الشبكة.


مقالات ذات صلة

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

الاقتصاد الأمير سعود بن مشعل نائب أمير منطقة مكة المكرمة خلال تكريمه الفائزين في الجائزة العالمية في جدة (إمارة منطقة مكة المكرمة)

14 مشروعاً تحقق جوائز الابتكار العالمية للمياه في السعودية

حقق 14 مبتكراً في 6 مسارات علمية جوائز النسخة الثانية من «جائزة الابتكار العالمية في تحلية المياه».

«الشرق الأوسط» (جدة)
الاقتصاد الأمانة العامة لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ تصفق بحرارة في الجلسة الختامية لمؤتمر «كوب 29» (د.ب.أ)

«كوب 29»: مضاعفة التمويل المناخي إلى 300 مليار دولار

بعد أسبوعين من النقاشات الحامية، انتهى مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية (كوب 29)، باتفاق على مضاعفة التمويل المتاح لمساعدة الاقتصادات النامية.

«الشرق الأوسط» (باكو)
يوميات الشرق عرض جزيئات بلاستيكية دقيقة تم جمعها من البحر باستخدام مجهر بجامعة برشلونة (أرشيفية - رويترز)

أنشطة منزلية تزيد من تعرضك للجزيئات البلاستيكية الضارة... تعرف عليها

حذر علماء من أن الأنشطة المنزلية اليومية مثل طي الملابس والجلوس على الأريكة قد تنبعث منها سحب من البلاستيك الدقيق.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الاقتصاد رئيس «كوب 29» مختار باباييف يصفق خلال الجلسة العامة الختامية لقمة الأمم المتحدة للمناخ (أ.ب)

«كوب 29» يسدل ستاره بالاتفاق على تمويل مناخي بـ300 مليار دولار

اتفقت دول العالم، بعد أسبوعين من المفاوضات الشاقة، على هدف تمويل سنوي بقيمة 300 مليار دولار لمساعدة الدول الأكثر فقراً على مواجهة آثار تغير المناخ.

«الشرق الأوسط» (باكو)
الاقتصاد رجل يحمل حقيبة سفر بالقرب من مدخل مكان انعقاد مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ COP29 في باكو (رويترز)

أميركا وأوروبا ودول أخرى ترفع التمويل المناخي للدول النامية إلى 300 مليار دولار

وافق الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة ودول أخرى خلال قمة الأمم المتحدة المعنية بتغير المناخ (كوب29) على زيادة عرضها لهدف التمويل العالمي إلى 300 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (باكو)

أذربيجان تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «كوب 29»

أشخاص يمرون أمام مقرعقد مؤتمر «كوب 29» في باكو (أ.ب)
أشخاص يمرون أمام مقرعقد مؤتمر «كوب 29» في باكو (أ.ب)
TT

أذربيجان تستضيف مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ «كوب 29»

أشخاص يمرون أمام مقرعقد مؤتمر «كوب 29» في باكو (أ.ب)
أشخاص يمرون أمام مقرعقد مؤتمر «كوب 29» في باكو (أ.ب)

تستضيف أذربيجان «مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ» (كوب 29)، الذي ينطلق الاثنين ويستمر حتى 22 نوفمبر (تشرين الثاني) الجاري.

ويتوافد دبلوماسيون من أنحاء العالم على العاصمة باكو لحضور القمة المناخية التي تعقد سنويا، لمناقشة سبل تجنب التهديدات المتزايدة التي يفرضها التغير المناخي.

كانت باكو المكان الذي شهد تطوير أول حقول النفط في عام 1846 عندما قادت أذربيجان العالم في مجال إنتاج النفط عام 1899.

وقالت كيت ووترز، المديرة التنفيذية لمنظمة «كرود أكونتبليتي»، التي تراقب القضايا البيئية إن منطقة بحر قزوين مهددة بيئياً، وأضافت أن المراقبة البيئية في أذربيجان ضعيفة.

وقبل الغزو الروسي لأوكرانيا في 2022، كانت موسكو تورد نحو 40 في المائة من حاجات أوروبا من الغاز الطبيعي عبر أربعة خطوط أنابيب، وقد جرى تعطيل معظم هذه الإمدادات.

وصبت هذه التطورات في مصلحة أذربيجان ومنحتها فرصة دسمة. وقد أبرم الاتحاد الأوروبي صفقة معها في وقت لاحق من ذلك العام لمضاعفة وارداته من الغاز الأذري لتصل إلى عشرين مليار متر مكعب سنويا بحلول 2027. لكن هناك تساؤلات بشأن قدرة أذربيجان على الوفاء بذلك الطلب والخلافات بشأن مدة الصفقة.

وقال مسؤولون في أذربيجان أنه ليس من الإنصاف انتقاد باكو لإنتاجها مزيداً من الوقود الأحفوري في ظل وجود طلب عليه من أوروبا، فيما تسعى الحكومات الوطنية لإبقاء أسعار الوقود في متناول المواطنين.

وكانت الأمم المتحدة قد دعت قبل أيام إلى تكثيف عاجل لجهود التكيف المناخي في قمة باكو، بدءًا بالالتزام بتعزيز تمويل عمليات التكيف.

ويُفترض أن يختتم المؤتمر مع هدف جديد للمساعدات المالية للدول النامية، حتى تتمكن من الحدّ من انبعاثات غازات الدفيئة المسببة للاحترار المناخي العالمي والتكيف مع تغير المناخ.وسيحل الهدف الجديد مكان الهدف المتمثل بمائة مليار دولار الذي حُدد عام 2009 وتحقق بصعوبة عام 2022.