«مصنع الجواسيس»... كيف كشفت البرازيل أكبر عملية سرية روسية على أراضيها؟

عملاء روس أسسوا أعمالاً تجارية وكوّنوا صداقات وعاشوا علاقات غرامية بهويات مزيفة

بوتين نفسه أقرّ بإشرافه على جواسيس المخابرات السرية السوفياتية أثناء عمله في ألمانيا الشرقية (أرشيفية - رويترز)
بوتين نفسه أقرّ بإشرافه على جواسيس المخابرات السرية السوفياتية أثناء عمله في ألمانيا الشرقية (أرشيفية - رويترز)
TT

«مصنع الجواسيس»... كيف كشفت البرازيل أكبر عملية سرية روسية على أراضيها؟

بوتين نفسه أقرّ بإشرافه على جواسيس المخابرات السرية السوفياتية أثناء عمله في ألمانيا الشرقية (أرشيفية - رويترز)
بوتين نفسه أقرّ بإشرافه على جواسيس المخابرات السرية السوفياتية أثناء عمله في ألمانيا الشرقية (أرشيفية - رويترز)

خدع أرتيم شميريف الجميع. بدا أن ضابط المخابرات الروسي قد بنى هويةً مثاليةً للتغطية. كان يدير مشروعاً ناجحاً للطباعة ثلاثية الأبعاد، ويتشارك شقةً راقيةً في ريو دي جانيرو مع صديقته البرازيلية وقطة برتقالية وبيضاء. ولكن الأهم من ذلك، أنه كان يمتلك شهادة ميلاد وجواز سفر أصليين يُثبتان اسمه المستعار جيرهارد دانيال كامبوس فيتيتش، وهو مواطن برازيلي يبلغ من العمر 34 عاماً.

بعد 6 سنوات من الاختفاء، كان متلهفاً لبدء عمل تجسس حقيقي. كتب في رسالة نصية عام 2021 إلى زوجته الروسية، التي كانت أيضاً ضابطة مخابرات، مستخدماً لغة إنجليزية ركيكة: «لا أحد يريد أن يشعر بالفشل. لهذا السبب أواصل العمل».

وكشف تحقيق أجرته صحيفة «نيويورك تايمز» عن أن روسيا استخدمت البرازيل نقطةَ انطلاقٍ لنخبة ضباط مخابراتها، المعروفين باسم «المهاجرين غير الشرعيين». في عملية جريئة وواسعة النطاق، تخلص الجواسيس من ماضيهم الروسي. أسسوا أعمالاً تجارية، وكوّنوا صداقات، وعاشوا علاقات غرامية - أحداثٌ أصبحت، على مر السنين، حجر الأساس لهويات جديدة كلياً.

كُشفت عمليات تجسس روسية كبرى في الماضي، بما في ذلك في الولايات المتحدة عام 2010. لكن هذه العملية كانت مختلفة. لم يكن الهدف التجسس على البرازيل، بل أن يصبحوا برازيليين. بمجرد خلق خلفية شخصية موثوقة، كانوا ينطلقون إلى الولايات المتحدة أو أوروبا أو الشرق الأوسط ويبدأون العمل.

حوّل الروس البرازيل إلى خط تجميع لعملاء سريين مثل شميريف.

بدأ أحدهم مشروعاً للمجوهرات. وأخرى كانت عارضة أزياء شقراء ذات عينين زرقاوين. وثالث كان طالباً في جامعة أميركية. كان هناك باحث برازيلي حصل على عمل في النرويج، وزوجان ذهبا في النهاية إلى البرتغال.

كشف العملية

على مدى السنوات الثلاث الماضية، طارد عملاء مكافحة التجسس البرازيليون هؤلاء الجواسيس بهدوء ومنهجية. من خلال عمل شرطي دؤوب، اكتشف هؤلاء العملاء نمطاً مكّنهم من تحديد هوية الجواسيس، واحداً تلو آخر.

كشف العملاء البرازيليون عن 9 ضباط روس على الأقل يعملون بهويات برازيلية سرية، وفقاً لوثائق ومقابلات. ستة منهم لم يُكشف عن هويتهم علناً حتى الآن. وقال مسؤولون إن التحقيق شمل بالفعل 8 دول على الأقل، بمعلومات استخباراتية من الولايات المتحدة وإسرائيل وهولندا وأوروغواي وأجهزة أمنية غربية أخرى.

باستخدام مئات الوثائق الاستقصائية والمقابلات مع عشرات من مسؤولي الشرطة والاستخبارات عبر 3 قارات، جمعت صحيفة «نيويورك تايمز» تفاصيل عملية التجسس الروسية في البرازيل والجهود السرية للقضاء عليها.

لم يكن تفكيك «مصنع الجواسيس» التابع للكرملين مجرد عملية روتينية لمكافحة التجسس، بل كان جزءاً من التداعيات المدمرة لعقد من العدوان الروسي. ساعد جواسيس روس في إسقاط طائرة ركاب كانت في طريقها من أمستردام عام 2014. وتدخلوا في الانتخابات في الولايات المتحدة وفرنسا وأماكن أخرى. وسمموا من عدُّوهم أعداءً ودبروا انقلابات.

لكن قرار الرئيس فلاديمير بوتين بغزو أوكرانيا في فبراير (شباط) 2022 هو ما حفّز رد فعل عالمياً على الجواسيس الروس، حتى في مناطق من العالم تمتع فيها هؤلاء الضباط لفترة طويلة بقدر من الحصانة. ومن بين تلك الدول البرازيل، التي تربطها علاقات ودية تاريخية بروسيا.

وجهت التحقيقات البرازيلية ضربةً قاصمة لبرنامج موسكو في البرازيل. فقد قضت على كادر من الضباط ذوي التدريب العالي الذين يصعب استبدالهم. أُلقي القبض على اثنين منهم على الأقل. بينما فر آخرون على عجل إلى روسيا. وبعد كشف هوياتهم، من المرجح أنهم لن يعملوا في الخارج مرة أخرى.

في قلب هذه الهزيمة الساحقة، كان فريق من عملاء مكافحة التجسس من الشرطة الفيدرالية البرازيلية، وهي نفس الوحدة التي حققت مع الرئيس البرازيلي السابق، جايير بولسونارو، بتهمة التخطيط لانقلاب. من مقرهم الزجاجي الحديث في العاصمة برازيليا، أمضوا سنوات في فحص ملايين سجلات الهوية البرازيلية، بحثاً عن أنماط. عُرفت هذه العملية باسم «عملية الشرق».

أشباح في النظام

في أوائل أبريل (نيسان) 2022، وبعد أشهر قليلة من دخول القوات الروسية إلى أوكرانيا، أرسلت وكالة المخابرات المركزية الأميركية رسالة عاجلة واستثنائية إلى الشرطة الفيدرالية البرازيلية.

أفاد الأميركيون بأن ضابطاً سرياً في جهاز المخابرات العسكرية الروسية قد وصل مؤخراً إلى هولندا للتدريب مع المحكمة الجنائية الدولية، في الوقت الذي بدأت فيه المحكمة التحقيق في جرائم الحرب الروسية في أوكرانيا.

كان المتدرب المحتمل مسافراً بجواز سفر برازيلي باسم فيكتور مولر فيريرا. حصل على شهادة دراسات عليا من جامعة جونز هوبكنز بهذا الاسم. لكن اسمه الحقيقي، كما ذكرت وكالة المخابرات المركزية، هو سيرغي تشيركاسوف. منعه مسؤولو الحدود الهولنديون من الدخول، وسافر على متن طائرة عائداً إلى ساو باولو.

مع قلة الأدلة وساعات قليلة للتحرك، لم يكن لدى البرازيليين سلطة لاعتقال تشيركاسوف في المطار. لذلك؛ أبقته تحت مراقبة مشددة لأيام عدة متوترة، بينما بقي حراً في أحد فنادق ساو باولو.

أخيراً، حصل الضباط على مذكرة توقيف واعتقلوه - ليس بتهمة التجسس، بل بتهمة أبسط، وهي استخدام وثائق مزورة. أثناء الاستجواب، كان تشيركاسوف مغروراً، مُصرّاً على أنه برازيلي. وكان بحوزته الوثائق التي تُثبت ذلك. كان جواز سفره البرازيلي الأزرق أصلياً. كان يحمل بطاقة تسجيل ناخب برازيلية كما يقتضي القانون، وشهادة تُثبت أنه أكمل الخدمة العسكرية الإلزامية وكانت جميعها أصلية.

لسنوات، استخدمت روسيا البرازيل نقطةَ انطلاق لنخبة ضباط استخباراتها. قال محقق في الشرطة الفيدرالية، تحدث، كما فعل آخرون، شريطة عدم الكشف عن هويته لأن التحقيق لا يزال مفتوحاً: «لم تكن هناك صلة بينه وبين الدولة (روسيا)».

لم تبدأ قصة تشيركاسوف - والعملية الروسية برمتها في البرازيل - بالانكشاف إلا عندما عثرت الشرطة على شهادة ميلاده. في الماضي، دأب الجواسيس الروس على الحصول على وثائق هوية بانتحال هويات موتى، غالباً أطفال رضع. لكن هذا لم يحدث في هذه الحالة. فقد توصل العملاء إلى أن فيكتور مولر فيريرا لم يكن موجوداً أصلاً. ومع ذلك، كانت لديه شهادة ميلاد حقيقية.

وأشارت الوثيقة إلى أن فيكتور مولر فيريرا وُلد في ريو دي جانيرو عام 1989 لأم برازيلية، وهي شخصية حقيقية توفيت بعد 4 سنوات. ولكن عندما حددت الشرطة مكان عائلتها، علم العملاء أن المرأة لم تُرزق بطفل قط. ولم تعثر السلطات على أي شخص يطابق اسم الأب.

أثار هذا الاكتشاف تساؤلات محيّرة. كيف حصل جاسوس روسي على وثائق أصلية باسم مزيف؟ والأهم من ذلك، تساءلت الشرطة: إذا كان بإمكان جاسوس واحد فعل ذلك، فلماذا لا يستطيع الآخرون؟

بدأ العملاء الفيدراليون البحث عمّن سمّوهم «الأشباح» أشخاص يحملون شهادات ميلاد قانونية، قضوا حياتهم دون أي سجل يُثبت وجودهم الفعلي في البرازيل، وظهروا فجأة بالغين يجمعون وثائق الهوية بسرعة.

رجال بوتين المميزون

للعثور على «الأشباح»، بدأ العملاء البحث عن أنماط في ملايين سجلات الميلاد وجوازات السفر ورخص القيادة وأرقام الضمان الاجتماعي.

يمكن أتمتة بعض هذه العمليات، ولكن ليس من السهل ربط جميع قواعد البيانات البرازيلية والبحث فيها رقمياً. كان لا بد من إنجاز الكثير منها يدوياً. سمح هذا التحليل لعملية «الشرق» بكشف العملية الروسية برمتها. قال مسؤول برازيلي كبير: «بدأ كل شيء مع سيرغي».

يواجه جميع الجواسيس، بغض النظر عن البلد الذي يعملون لصالحه، التحدي نفسه: خلق هوية مزيفة تصمد أمام التدقيق.

لأجيال، استخدم العملاء السريون جوازات سفر مزوّرة وأسماء مسروقة وقصصاً وهمية مُعدّة بعناية. العصر الرقمي، الذي يمتلك فيه كل شخص تقريباً تاريخاً على الإنترنت، جعل الأمور أكثر تعقيداً.

تُعد هذه مشكلة حادة بشكل خاص بالنسبة لروسيا. ذلك لأنه بينما توظف جميع أجهزة التجسس عملاء سريين، يعتمد معظمها على شبكات من المخبرين المحليين للقيام بالعمل الشاق لجمع المعلومات الاستخبارية. روسيا فريدة من نوعها. منذ السنوات الأولى للاتحاد السوفياتي، التزم ضباط المخابرات السرية طوال حياتهم بالخدمة، يعيشون ويعملون بصفتهم أشخاصاً مختلفين تماماً.

وقد أقرَّ بوتين نفسه بإشرافه على جواسيس المخابرات السرية السوفياتية أثناء عمله في شبابه بألمانيا الشرقية ضابطاً في جهاز المخابرات السوفياتية (كي جي بي) في نهاية الحرب الباردة.

وقال في مقابلة تلفزيونية عام 2017: «هؤلاء أشخاص مميزون يتمتعون بجودة خاصة، وقناعات خاصة، وشخصية مميزة. ترك حياتك السابقة، وترك أحبائك وعائلاتك، وترك بلدك لسنوات طويلة لتكريس حياتك لخدمة الوطن، ليس أمراً يمكن للجميع فعله. فقط المختارون هم من يستطيعون ذلك، وأقول هذا دون أي مبالغة».

بدت البرازيل مكاناً مثالياً لجواسيس بوتين المختارين لبناء تاريخهم. يُعد جواز السفر البرازيلي من أكثر جوازات السفر فائدة في العالم، حيث يسمح بالسفر من دون تأشيرة إلى عدد من الدول يقارب عدد الدول التي يسمح بها جواز السفر الأميركي. ومن غير المرجح أن يبرز شخص ذو ملامح أوروبية ولهجة خفيفة في البرازيل متعددة الأعراق. وبينما تشترط الكثير من الدول التحقق من مستشفى أو طبيب قبل إصدار شهادات الميلاد، تسمح البرازيل باستثناء خاص للمولودين في المناطق الريفية. تصدر السلطات شهادة ميلاد لأي شخص يُصرّح، بحضور شاهدين، بأن أحد الوالدين على الأقل برازيلي. كما أن النظام لا مركزي وعرضة للفساد المحلي.

مع شهادة الميلاد، يكفي التقدم بطلب تسجيل الناخبين، واستخراج أوراق عسكرية، وأخيراً، الحصول على جواز سفر. بمجرد الحصول على هذه الوثائق، يمكن للجاسوس السفر إلى أي مكان في العالم تقريباً.

انفراجة في القضية

كان اسم جيرهارد دانيال كامبوس فيتيتش من أوائل الأسماء التي ظهرت عند بدء المحققين بحثهم. بدا أنه ينطبق عليه هذا النمط. أشارت شهادة ميلاده إلى أنه وُلد في ريو عام 1986، لكنه ظهر فجأةً عام 2015.

بحلول الوقت الذي بدأ فيه المحققون التحقيق، كان شميريف قد بنى هويةً وهميةً مقنعةً لدرجة أن صديقته وزملاءه لم يكونوا على دراية بها. كان يتحدث البرتغالية بطلاقة، بلكنةٍ أوضح أنها نتيجة طفولته في النمسا.

بدا أنه يُكرّس كل ما لديه لشركته للطباعة «ثري دي ريو»، التي أسسها من الصفر، وأولاها اهتماماً حقيقياً، وفقاً لزملائه السابقين. كان يقضي ساعاتٍ طويلةً في العمل في الطابق السادس عشر من مبنى شاهق في وسط ريو، على بُعد مبنى واحد من القنصلية الأميركية. وكان أحياناً يُرسل الموظفين إلى منازلهم ليتمكن من العمل بمفرده.

قال فيليبي مارتينيز، وهو زبون سابق للشركة صادق الروسي الذي عرفه باسم دانيال: «كان مدمناً على العمل ويفكر بطموح».

قال موظف سابق إن الشركة حققت نجاحاً كبيراً، وكسبت عملاء مثل قناة «غلوبو» التلفزيونية، والجيش البرازيلي.

لكن كانت هناك غرائب، كما قال أصدقاؤه وزملاؤه. لم يُبقِ جهاز الكمبيوتر الخاص به متصلاً بالإنترنت قط عندما لا يستخدمه. وبدا أن لديه مالاً يفوق قدرة شركته على توفيره.

قام برحلات مفاجئة إلى أوروبا وآسيا، وكان يمزح بشأن ممارسة «التجسس الصناعي» ضد المنافسين. كان أحياناً يتظاهر بأنه عميل لدى شركات طباعة أخرى، وفي إحدى المرات أرسل أحد موظفيه للتدرب في شركة منافسة وتقديم تقرير.

كما بدا مرعوباً من الكاميرات، وكان يكره التقاط صور له لدرجة أن أحد موظفيه السابقين تذكر مازحاً أنه ربما كان «مطلوباً من قبل الشرطة الفيدرالية».

يتذكر مارتينيز أن شميريف أصيب بالذعر عندما نشرت صحيفة محلية صورة له وهو يقف أمام عمدة ريو دي جانيرو في افتتاح مركز تكنولوجي. لكن أصدقاءه قالوا إن كل هذا لم يبدُ ذا أهمية إلا بعد فوات الأوان.

في سره، كان شميريف يشعر بالملل والإحباط من حياته السرية. كتب شميريف في رسالة نصية إلى زوجته: «لا إنجازات حقيقية في العمل. لم أكن في المكان الذي يجب أن أكون فيه منذ عامين».

زوجته، إيرينا شميريف، وهي جاسوسة روسية أخرى أرسلت رسالة نصية من النصف الآخر من العالم في اليونان، متعاطفة. ردت عليه: «إذا كنت تريد حياة أسرية طبيعية، فأنت اتخذت خياراً خاطئاً تماماً». لكنها أقرت بأن حياتهما لم تكن كما توقعا. هذه النصوص جزء من مجموعة وثائق مُخبأة تم تبادلها مع أجهزة استخبارات أجنبية، واطلعت عليها صحيفة «نيويورك تايمز». أُرسلت في أغسطس (آب) 2021، واستُعيدت لاحقاً من هاتف شميريف.

بعد 6 أشهر، غزت روسيا أوكرانيا. وفجأة، بدأت أجهزة الاستخبارات حول العالم تتعاون، وجعلت من تعطيل تجسس الكرملين أولوية لها. وتعرضت حياة الجواسيس الروس المنتشرين حول العالم لضربة موجعة.

تشيركاسوف، الذي أُلقي القبض عليه بعد أسابيع من الغزو. ثم ظهر ميخائيل ميكوشين، الذي كان قيد التحقيق البرازيلي، في النرويج وأُلقي القبض عليه. وأُلقي القبض على عميلين روسيين سريين في سلوفينيا، حيث كانا يعيشان بهويتين أرجنتينيتين سريتين.

بحلول أواخر عام 2022، كان المحققون البرازيليون يُضيّقون الخناق على شميريف.

وبحلول الوقت الذي بدأ فيه المحققون التحقيق، كان شميريف قد كوّن هوية سرية مقنعة لدرجة أن صديقته وزملاؤه لم يكن لديهم أدنى فكرة.

كشف العملاء الفيدراليون هوية جيرهارد دانيال كامبوس فيتيتش، واكتشفوا أن والدته قد توفيت ولم تُرزق بطفل بهذا الاسم. ولم يُعثر على والده.

بحلول أواخر ديسمبر (كانون الأول)، كان العملاء شبه متأكدين من كشفهم جاسوساً روسياً سرياً.

شعر شميريف بالخوف لكنه لم يُبدِ أي إشارة إلى ذلك. في ظهيرة أحد أيام ديسمبر، تناول العشاء مع زميل له في حي بوتافوغو الراقي في ريو. بدا مرتاحاً وقال إنه سيغادر في رحلة لمدة شهر إلى ماليزيا، وفقاً للموظف الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته.

غادر البلاد قبل أيام قليلة من كشف الشرطة الفيدرالية لهويته. أصيب العملاء بالذهول. كل هذا العمل، ولم يجدوه.

كان لدى شميريف تذكرة عودة مؤرخة في 2 فبراير 2023. لذا، حصل العملاء على أوامر اعتقال وأوامر تفتيش لعناوينه. لم يكن شميريف الجاسوس الروسي الوحيد الذي أفلت من بين أيدي البرازيليين.

في كل مرة كشف فيها العملاء عن اسم، بدا أنهم تأخروا كثيراً. زوجان في الثلاثينات من عمرهما، مانويل فرنسيسكو شتاينبروك بيريرا وأدريانا كارولينا كوستا سيلفا بيريرا، هاجرا إلى البرتغال عام 2018 واختفيا.

يبدو أن مجموعة منهم كانت في أوروغواي. امرأة تُدعى ماريا لويزا دومينغيز كاردوزو، تحمل شهادة ميلاد برازيلية، وحصلت لاحقاً على جواز سفر أوروغوياني. وكان هناك زوجان آخران: فيديريكو لويز غونزاليس رودريغيز وزوجته ماريا إيزابيل موريسكو غارسيا، وهي جاسوسة شقراء انتحلت شخصية عارضة أزياء.

بدا أن أفضل أمل للعملاء البرازيليين في القبض عليه، لفترة من الوقت، هو صائغ مجوهرات يُدعى إريك لوبيز. لكن الشرطة اكتشفت أنه في الواقع جاسوس روسي يُدعى ألكسندر أوتيكين.

وقد ظهر عمله في برنامج تلفزيوني برازيلي عُرض عام 2021 بعنوان «رواد أعمال ناجحون»، الذي أشار إليه بأنه «خبير في الأحجار الكريمة».

لكن المذيعة قالت في مقابلة مع الصحيفة إن لوبيز هو من دفع ثمن تلك الإطلالة التلفزيونية. وأضافت أن لوبيز كان غريب الأطوار ورفض الظهور أمام الكاميرا. ولم يكن لدى الموظف الذي ظهر على الهواء نيابة عنه سوى القليل من المعرفة عن العمل. وأضافت المذيعة: «فكرتُ: يا إلهي، هل يحدث شيء ما؟».

وعندما وصل العملاء الفيدراليون إلى المتاجر، لم يعثروا على أي أثر للوبيز أو للذهب أو الأحجار الكريمة التي أعلن عنها على «إنستغرام».

تشغل شركة تأمين متجره في برازيليا الآن. أما عنوانه في ساو باولو، المقابل لفرع للشرطة العسكرية البرازيلية، فهو مقر شركة عقارات.

ويعتقد المحققون أن عمله كان مجرد واجهة لتعزيز سمعته البرازيلية. وقال مسؤول أمني غربي مطلع على القضية إن أوتيكين أمضى بعض الوقت في الشرق الأوسط بعد مغادرة البرازيل. مكانه الدقيق غير معروف، مع أن مسؤولي الاستخبارات يقولون إنهم يعتقدون أنه وآخرين عادوا إلى روسيا.

ليس من الواضح ما إذا كان هناك حدثٌ ما دفع الضباط إلى العودة إلى ديارهم. ولكن مع كل هذا التركيز على روسيا بعد غزو أوكرانيا، قال خبراء الاستخبارات إن المسؤولين في موسكو ربما خلصوا إلى أن العالم أصبح خطيراً للغاية بالنسبة لهم.

أمضى العملاء البرازيليون الذين يديرون عملية «الشرق» ساعاتٍ لا تُحصى في كشف الأسماء، ولم يجدوا أي دليلٍ سوى تهمة تزوير الوثائق ضد تشيركاسوف.

لكنهم شاركوا ما توصلوا إليه مع وكالات الاستخبارات العالمية، التي قام ضباطها بمقارنة هذه المعلومات بسجلات عملاء الاستخبارات الروسية المعروفين. ووجدوا تطابقات، مما سمح للبرازيليين في بعض الحالات بربط اسم حقيقي بالهويات البرازيلية المزيفة.

على سبيل المثال، تبيّن أن الزوجين اللذين يعيشان في البرتغال تحت اسم بيريرا هما في الواقع فلاديمير ألكسندروفيتش دانيلوف ويكاترينا ليونيدوفنا دانيلوفا، وفقاً لمسؤولي استخبارات غربيين.

رسالة قوية

لطالما حافظت البرازيل على الحياد فيما يتعلق بالانقسامات الجيوسياسية. حتى بعد الغزو الروسي لأوكرانيا، حافظت البرازيل على علاقات ودية مع موسكو. لذا، اعتُبر استخدام الكرملين للأراضي البرازيلية في عملية تجسس واسعة النطاق خيانة.

أرادت السلطات توجيه رسالة قوية. وقال محقق برازيلي كبير: «فكّرنا ملياً: ما هو أسوأ من أن تُعتقل بصفتك جاسوساً؟ أن تُفضح هويتك كجاسوس».

ولتحقيق ذلك، ابتكر المحققون فكرة جريئة. يمكنهم استخدام الإنتربول، أكبر منظمة شرطية في العالم، لحرق جواسيس بوتين.

في خريف العام الماضي، أصدر البرازيليون سلسلة من نشرات الإنتربول الزرقاء - وهي تنبيهات تطلب معلومات عن شخص ما. وزّعت النشرات أسماء وصور وبصمات جواسيس روس، بمَن فيهم شميريف وتشيركاسوف، على جميع الدول الأعضاء البالغ عددها 196 دولة.

الإنتربول، كهيئة مستقلة، لا يتعامل مع القضايا المُسيّسة كالتجسس. للالتفاف على ذلك، قالت السلطات البرازيلية إن الروس يخضعون للتحقيق لاستخدامهم وثائق مزورة.

أصدرت أوروغواي تنبيهات مماثلة، اطلعت عليها الصحيفة، بشأن المشتبه بهم في كونهم جواسيس روساً وظهروا هناك بهويات برازيلية. وقال مسؤولو الاستخبارات إن أسماءهم الحقيقية هي رومان أوليغوفيتش كوفال، وإيرينا ألكسييفنا أنتونوفا، وأولغا إيغوريفنا تيوتريفا.

قال المحققون إن كوفال وأنتونوفا، الزوجين، غادرا البرازيل فجأة على متن رحلة متجهة إلى أوروغواي عام 2023. وكان آخر مكان معروف لتيوتريفا هو ناميبيا، وفقاً للمسؤول الكبير.

لا تتضمن إشعارات الإنتربول الأسماء الحقيقية، ولكنها تتضمن الصور ومعلومات تعريفية أخرى. ومع تسجيل هوياتهم في قواعد بيانات الشرطة، ورصد أجهزة التجسس لأسمائهم الحقيقية، فمن المرجح ألا يتمكن العملاء من العمل كجواسيس أجانب مرة أخرى.

من بين جميع الجواسيس، لم يبقَ في السجن سوى تشيركاسوف. أُدين بتزوير وثائق وحُكم عليه بالسجن 15 عاماً، لكن حُكمه خُفِّف إلى خمس سنوات.

وفي محاولة واضحة لإعادته إلى الوطن مبكراً، زعمت الحكومة الروسية أنه تاجر مخدرات مطلوب، وقدمت وثائق للمحكمة تطلب تسليمه.

لكن البرازيليين ردوا بسرعة. وقالوا: «إذا كان تشيركاسوف تاجر مخدرات، كما جادل الادعاء، فمن الضروري احتجازه في السجن لفترة أطول حتى تتمكن الشرطة من التحقيق». وربما كان قد أُطلق سراحه الآن لولا ذلك. لكنه لا يزال محتجزاً في سجن برازيليا.

بعد مغادرة البرازيل، تواصل شميريف بانتظام مع أصدقائه وصديقته البرازيلية لفترة من الوقت. ولكن في أوائل يناير (كانون الثاني) 2023، توقفت رسائله النصية.

نشرت صديقة شميريف منشوراً على مجموعة على «فيسبوك» تُدعى «برازيليون في كوالالمبور» تطلب المساعدة في العثور عليه.

عندما لم يستقل شميريف رحلة العودة إلى البرازيل، تدخلت الشرطة. ووجد المحققون أنه ترك وراءه عدة أجهزة إلكترونية تحتوي على تفاصيل شخصية بالغة الأهمية، بما في ذلك رسائل نصية مع زوجته الجاسوسة الروسية. كما ترك 12 ألف دولار نقداً في خزنته.

هذه مؤشرات على أنه كان يخطط للعودة. وكما هو الحال مع الآخرين، لا تزال تساؤلات حول ما دفعه للمغادرة وما منعه من ذلك غامضة. في ذلك الوقت تقريباً، غادرت زوجته الروسية فجأةً موقعها التجسسي في اليونان. وكشفت عنها السلطات اليونانية لاحقاً.


مقالات ذات صلة

الادعاء التركي يطالب بالسجن لمدد تصل لـ24 سنة لشبكة عملاء للموساد

شؤون إقليمية فريق من قوات مكافحة الإرهاب التركية خلال نقل عناصر شبكة «الموساد» إلى المحكمة (إعلام تركي)

الادعاء التركي يطالب بالسجن لمدد تصل لـ24 سنة لشبكة عملاء للموساد

طالب الادعاء العام في تركيا، بالحكم بالسجن لفترات بين 10 و24 سنة بحق 20 متهماً من الأتراك والعرب بتهمة التجسس على فلسطينيين وعناصر من «حماس» لصالح «الموساد».

سعيد عبد الرازق (أنقرة)
شؤون إقليمية لافتة تحمل شعار «كلنا جنود إيران» في شوارع العاصمة طهران (أ.ف.ب) play-circle

إيران: ضبط شاحنة تحمل مسيّرات انتحارية واعتقال عميل لـ«الموساد» غرب طهران

قال التلفزيون الرسمي الإيراني، الاثنين، إن السلطات ضبطت شاحنة صغيرة تحمل عدداً كبيراً من المسيرات الانتحارية، واعتقلت عميلاً لـ«الموساد» الإسرائيلي غرب طهران.

«الشرق الأوسط» (طهران)
شؤون إقليمية سيارات في إحدى ساحات طهران وتبدو صورة للقائد السابق لـ«الحرس الثوري» حسين سلامي الذي قُتل في اليوم الأول من الحرب (رويترز) play-circle

القبض على «جاسوس أوروبي» في إيران

أفادت وكالة تابعة لـلـ«الحرس الثوري» بأنه تم القبض على مواطن أوروبي في إيران قُدم على أنه «جاسوس»، وذلك في اليوم الثامن من الحرب بين إيران وإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (طهران)
أوروبا بلايز مترويلي رئيسة لجهاز الاستخبارات الخارجية «ام آي 6» (أ.ب)

تعيين امرأة للمرة الأولى على رأس جهاز الاستخبارات الخارجية البريطاني

أعلن رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الأحد أن حكومته عيّنت بلايز مترويلي رئيسة لجهاز الاستخبارات الخارجية «ام آي 6»، لتكون بذلك أول امرأة تتبوأ هذا المنصب.

«الشرق الأوسط» (لندن)
شؤون إقليمية زحام مروري في طهران اليوم (أ.ف.ب)

إيران: اعتقال شخصين يعملان لحساب إسرائيل في طهران

أفاد التلفزيون الإيراني، اليوم الأحد، باعتقال شخصين يعملان لحساب إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (لندن)

ترحيب عربي ودولي بوقف النار بين إسرائيل وإيران

جانب من الدمار جراء القصف الإيراني على جنوب إسرائيل (إ.ب.أ)
جانب من الدمار جراء القصف الإيراني على جنوب إسرائيل (إ.ب.أ)
TT

ترحيب عربي ودولي بوقف النار بين إسرائيل وإيران

جانب من الدمار جراء القصف الإيراني على جنوب إسرائيل (إ.ب.أ)
جانب من الدمار جراء القصف الإيراني على جنوب إسرائيل (إ.ب.أ)

توالت ردود الفعل المرحبة بإعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فجر اليوم، التوصل إلى اتفاق لوقف النار بين إسرائيل وإيران، بعد 12 يوماً من الضربات المتبادلة بين الطرفين.

ترحيب سعودي

وعبرت وزارة الخارجية السعودية، الثلاثاء، عن ترحيب المملكة بإعلان ترمب التوصل لصيغة اتفاق لوقف إطلاق النار، وثمنت الجهود المبذولة لخفض التصعيد. وقالت وكالة الأنباء السعودية إن «الخارجية» عبرت في بيان عن تطلُّع المملكة لأن «تشهد الفترة المقبلة التزاماً من جميع الأطراف بالتهدئة، والامتناع عن استخدام القوة، أو التلويح بها».

كما أبدت «الخارجية» السعودية تطلعها إلى أن يسهم اتفاق وقف إطلاق النار الذي أعلنه ترمب في «إعادة الأمن والاستقرار إلى المنطقة، وتجنيبها مخاطر استمرار التصعيد».

وجددت المملكة موقفها الثابت في «دعم انتهاج الحوار والوسائل الدبلوماسية سبيلاً لتسوية الخلافات والنزاعات الإقليمية انطلاقاً من مبدأ احترام سيادة الدول، وترسيخ الأمن والاستقرار والرخاء والازدهار في المنطقة والعالم».

مصر: تطور جوهري

ورحبت مصر، الثلاثاء، بوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، ووصفت ذلك بأنه «تطور جوهري»، و«نقطة تحول مهمة» نحو استعادة الهدوء بالمنطقة. ودعت وزارة الخارجية المصرية في بيان إيران وإسرائيل للالتزام الكامل بوقف إطلاق النار، وممارسة أقصى درجات ضبط النفس «خلال هذه المرحلة الدقيقة، واتخاذ الإجراءات التي تسهم في تحقيق التهدئة، وخفض التصعيد بما يحافظ على أمن واستقرار المنطقة، وسلامة شعوبها».

وأكدت مصر أن القضية الفلسطينية تظل لب الصراع في المنطقة، وأن تسويتها بشكل عادل وشامل تحقق التطلعات الشرعية للشعب الفلسطيني، وتعد البديل الوحيد لتحقيق الأمن والاستقرار المستدامين في المنطقة.

الأردن: حل الدولتين مفتاح الاستقرار والسلام في المنطقة

رحّب الأردن، الثلاثاء، باتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، وأكّد أهمية هذا الاتفاق في خفض التصعيد، وحماية المنطقة من تبعات مزيد من التدهور.

ونقل بيان لـ«الخارجية» الأردنية عن الناطق الرسمي باسم الوزارة سفيان القضاة قوله إن المملكة تؤكّد ضرورة «اعتماد الحوار والدبلوماسية سبيلاً للتعامل مع كل الأزمات وفق القانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة».

وشدّد القضاة على أن التوصل لحل عادل للقضية الفلسطينية عبر تنفيذ حل الدولتين «هو مفتاح الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة»، وعلى ضرورة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة ينهي العدوان الإسرائيلي، والكارثة الإنسانية.

دعم قطري

ورحبت قطر باتفاق وقف إطلاق النار، وأعربت في بيان لوزارة خارجيتها في أن يشكل هذا الاتفاق أساسا متينا لتغليب لغة الحوار والدبلوماسية لحل الخلافات والصراعات في المنطقة والعالم، والمضي قدما نحو تحقيق الاستقرار التام والسلام الشامل المستدام.

وأكدت في هذا الصدد أن الهجوم الإيراني على سيادتها ومجالها الجوي يمثل جزءا من التصعيد الخطير في المنطقة، وهو ما يتطلب عملا جماعيا صادقا لردع كافة التصرفات غير المسؤولة، مجددة، التأكيد على أن دولة قطر ستظل دائما قاطرة للسلام، ولا ترتبط في هذا السياق بحدث معين أو موقف براغماتي، كما ستظل حريصة على مبدأ حسن الجوار وداعمة لكافة المساعي الحميدة الهادفة إلى نزع فتيل الأزمات وجعل العالم أكثر أمنا وتعاونا وازدهارا، معربةً عن تقديرها الكامل لمساعي الرئيس ترمب في التوصل لهذا الاتفاق، أملةً في التزام الطرفين الصارم به.

الامارات: خطوة نحو خفض التصعيد

رحبت الإمارات بالإعلان عن التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، معربة عن أملها في أن يشكل هذا التطور خطوة نحو خفض التصعيد، وتهيئة بيئة داعمة للاستقرار الإقليمي. وثمنت وزارة الخارجية الإماراتية، في بيان اليوم، الجهود الدبلوماسية التي بذلها الرئيس ترمب، و«الدور البناء للشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير قطر في تيسير الوصول إلى هذا الاتفاق»، مؤكدة «أهمية استمرار التنسيق الفاعل لمنع المزيد من التصعيد، وتفادي تداعياته الإنسانية والأمنية في المنطقة». وأكدت الإمارات موقفها الثابت «الداعي إلى ضرورة ضبط النفس، وتغليب الحلول السياسية، والحوار، وتجنيب المنطقة المزيد من الصراعات التي تعرقل فرص التنمية، وتهدد أمن شعوبها». وجددت الإمارات التزامها بالعمل مع شركائها الإقليميين والدوليين من أجل إرساء دعائم السلام، وتعزيز الأمن والاستقرار والتنمية في المنطقة والعالم.

البحرين: تطور إيجابي

عدت البحرين إعلان الرئيس الأميركي التوصل إلى اتفاق وقف كامل وشامل لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل، تطوراً إيجابياً من شأنه وقف الحرب، بما يؤدي إلى السلام والاستقرار الإقليميين. وجددت وزارة الخارجية البحرينية موقف بلادها الثابت والداعي إلى تجنب التصعيد وتسوية جميع الخلافات والنزاعات عبر الحوار والسبل السلمية، والإسراع في استئناف المفاوضات الأميركية الإيرانية بشأن الملف النووي الإيراني، بما يعزز الأمن والاستقرار والسلم في المنطقة والعالم، معربة عن الأمل بأن تلتزم جميع الأطراف بمضمون هذا الاتفاق، وفقاً لوكالة الأنباء البحرينية.

تأكيد عماني - هولندي على أهمية تثبيت التهدئة

كما رحبت سلطنة عمان وهولندا بدخول اتفاق وقف اطلاق النار بين ايران وإسرائيل حيز التنفيذ، وذلك في اتصال هاتفي بين السلطان هيثم بن طارق سلطان عمان والعاهل الهولندي الملك ويليام الكسندر، مؤكدين أهمية تثبيت هذه التهدئة، وتكثيف الجهود الإقليمية والدولية لإنهاء الصراع، والتوجه للحوار والتفاوض السلمي؛ حمايةً للأرواح والمقدرات ومصالح الشعوب، وتعزيزًا للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم أجمع.

تركيا

ورحبت الخارجية التركية بالتقارير التي أفادت بالتوصّل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وقالت «نتابع من كثب التصريحات التي تفيد بانتهاك الاتفاق، وندعو الأطراف في هذه المرحلة الحرجة إلى التزام وقف إطلاق النار تماما».

وأضافت: «يجب اتخاذ خطوات حازمة نحو حل شامل ودائم، ونؤمن بأن الحفاظ على الحوار والدبلوماسية أمر بالغ الأهمية في هذه الفترة التي يحتاج فيها الشرق الأوسط إلى السلام والاستقرار أكثر من أي وقت مضى - تُظهِر هذه التطورات مجدداً ضرورة الإسراع في حلّ القضية الفلسطينية، التي تُعَدّ في جوهر عديد من أزمات المنطقة».

اليابان

رحبت اليابان، الثلاثاء، بإعلان ترمب، معربة عن «أملها القوي» في أن يتم تطبيقه بحزم.

وذكرت وكالة «كيودو» اليابانية للأنباء أن كبير أمناء مجلس الوزراء يوشيماسا هاياشي قال إن اليابان ستستمر في مراقبة الوضع في الشرق الأوسط باهتمام بالغ، كما «ستبذل كل الجهود الدبلوماسية الممكنة» لضمان السلام والاستقرار هناك. وأضاف أن السلام والاستقرار في الشرق الأوسط يمثلان أهمية كبيرة لليابان، وأوضح: «سنبذل كل الجهود الدبلوماسية الضرورية الممكنة بالتنسيق مع المجتمع الدولي».

ألمانيا

من جانبه، رحّب المستشار الألماني فريدريش ميرتس، الثلاثاء، بدعوة ترمب لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران، وناشد الطرفين الالتزام به.

وكتب ميرتس على منصة «إكس»: «إذا نجح وقف إطلاق النار هذا بعد الضربات العسكرية الأميركية الحاسمة على المنشآت النووية الإيرانية، فسيكون تطوراً إيجابياً للغاية». وأكد المستشار الألماني أنه سيناقش سبل استقرار الوضع مع الولايات المتحدة والدول الأوروبية على هامش قمة حلف شمال الأطلسي (ناتو)، الثلاثاء.

روسيا

قال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، الثلاثاء، إن موسكو ترحب بوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران «لكن من الصعب معرفة ما إذا كان سيستمر».

فرنسا

رحبت وزارة الخارجية الفرنسية، الثلاثاء، بإعلان وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران. وقالت الوزارة في بيان: «يجب أن يؤدي هذا الإعلان إلى وقف كامل للأعمال العدائية، وهو ما تدعو فرنسا كل الأطراف لاحترامه». وأضافت أنه «في مصلحة الجميع الحيلولة دون نشوب دورة جديدة من العنف التي سوف تكون عواقبها كارثية للمنطقة بأكملها». وأشار البيان إلى أن الحل الدبلوماسي فقط هو ما يمكن أن يؤدي إلى استجابة دائمة للتحديات الأمنية التي يشكلها البرنامج النووي الإيراني، لافتاً إلى أنه يجب ألا تمتلك إيران أبداً أسلحة نووية.

وقال ترمب فجر الثلاثاء إن إسرائيل وإيران وافقتا على وقف لإطلاق النار. وكتب على منصة «تروث سوشيال»: «تم الاتفاق بشكل تام بين إسرائيل وإيران على وقف إطلاق نار شامل وكامل... لمدة 12 ساعة، وعندها ستعدّ الحرب منتهية».

وأشار ترمب إلى أنه على ما يبدو سيكون لدى إسرائيل وإيران بعض الوقت لاستكمال أي مهام جارية، وبعدها سيبدأ وقف إطلاق النار على مراحل.

وتابع: «على أساس أن كل شيء سيمضي كما هو مفترض، وهو ما سيحدث، أود أن أهنئ البلدين، إسرائيل وإيران، على امتلاكهما القدرة والشجاعة والذكاء لإنهاء ما ينبغي أن تسمى حرب الـ(اثني عشر) يوماً».

وأضاف أنّ إيران ستلتزم وقف النار «بعد نحو 6 ساعات من الآن»، تليها إسرائيل بعد 12 ساعة من ذلك. وشدّد الرئيس الأميركي على أنّه خلال وقف إطلاق النار الذي سيلتزمه كلا الجانبين «سيبقى الجانب الآخر مسالماً ومحترماً».

وتابع: «هذه حربٌ كان من الممكن أن تستمر سنوات، وأن تُدمّر الشرق الأوسط بأكمله، لكنّها لم تفعل، ولن تفعل أبداً!». وختم الرئيس الجمهوري منشوره بالقول: «بارك الله إسرائيل، بارك الله إيران، بارك الله الشرق الأوسط، بارك الله الولايات المتحدة، وبارك الله العالم!».

وأكدت هيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية الرسمية، فجر الثلاثاء، التوصل إلى وقف لإطلاق النار مع إسرائيل.