قال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لنظيره الأميركي دونالد ترمب، اليوم (الاثنين)، في إحاطة صحافية في البيت الأبيض قبل اجتماع ثنائي بين الرئيسين بعد ثلاث سنوات على بدء الغزو الروسي لأوكرانيا، إن أوروبا مستعدة «لتعزيز» دفاعها.
وصرّح الرئيس الفرنسي: «هدفنا المشترك هو بناء سلام متين ودائم» في أوكرانيا، مضيفاً أنه يأمل في مشاركة أميركية «قوية» لضمان ذلك. وأضاف أن أوكرانيا «يجب أن تشارك» في المحادثات لإنهاء الحرب.
وأشار ماكرون إلى أن بعض الدول الأوروبية ستكون مستعدة لإرسال قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا كضمانة أمنية بعد توقيع معاهدة للسلام، لكن دون إرسال هذه القوات إلى الخطوط الأمامية.
وأضاف أن اتفاق السلام قد يأتي في مرحلة ثانية، بعد ما وصفها «بالهدنة». من جهته، أعلن الرئيس الأميركي أن الحرب في أوكرانيا قد تنتهي خلال أسابيع.

وأكد ماكرون أن السلام لا يمكن أن يعني «استسلام» أوكرانيا، محذراً من عالم ينتصر فيه «قانون الأقوى». وقال في مؤتمر صحافي مشترك مع ترمب: «هذا السلام لا يمكن أن يعني استسلام أوكرانيا». ودعا إلى إبرام اتفاق «سريع» لكن قوي بشأن أوكرانيا.
واعتبر الرئيس الفرنسي أن نظيره الأميركي محق في تجديد الحوار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنه حذر من إبرام أي اتفاق بشأن أوكرانيا لا يتضمن ضمانات أمنية. وقال خلال المؤتمر الصحافي: «لدى الرئيس ترمب سبب وجيه لتجديد الحوار مع الرئيس بوتين».
وجاءت زيارة ماكرون إلى البيت الأبيض، الاثنين، لتتناول فرص إنهاء الحرب في أوكرانيا، وسط حالة من عدم اليقين العميق بشأن مستقبل العلاقات عبر «الأطلسي»، مع تحويل ترمب السياسة الخارجية الأميركية وتجاهل القيادة الأوروبية، بينما يتطلع ترمب إلى إنهاء حرب روسيا في أوكرانيا بسرعة، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وأصبح ماكرون أول زعيم أوروبي يزور ترمب منذ عودة الأخير إلى السلطة قبل نحو شهر. وزار ماكرون البيت الأبيض لحضور جلسة استمرت ساعة و45 دقيقة، شملت مشاركة الرئيسين في مؤتمر عبر الفيديو مع مجموعة السبع عن أوكرانيا.
وخلال مغادرته البيت الأبيض عائداً إلى مقر إقامته في بلير هاوس، قال ماكرون إن استقبال ترمب له كان «جيداً وودياً للغاية». وأضاف: «لقد عقدنا مؤتمراً عبر الفيديو في المكتب البيضاوي مع مجموعة السبع»، بحسب وكالة «رويترز» للأنباء.
ومن المقرر أن يعقد الرئيسان بعد ذلك محادثات ثنائية ثم يجريان مؤتمراً صحافياً مشتركاً في تمام الساعة الثانية ظهراً بالتوقيت الشرقي للولايات المتحدة.
ويزور رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر ترمب هذا الأسبوع أيضاً، وسط قلق في أوروبا حيال موقف ترمب المتشدد إزاء كييف ومبادراته تجاه موسكو لإنهاء الصراع المستمر منذ ثلاث سنوات.
ومن المتوقع أن يحاول ماكرون وستارمر إقناع ترمب بعدم التسرع في التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بأي ثمن كان، وإشراك أوروبا في الأمر، ومناقشة ضمانات عسكرية لأوكرانيا.
ويحاول ماكرون الاستفادة من العلاقة التي نشأت بينه وبين ترمب خلال أول ولاية رئاسية لكل منهما.
وقال إن الموافقة على اتفاق سيء من شأنها أن تمثل استسلاماً من جانب كييف، وأن تحمل إشارة ضعف في مواجهة أعداء الولايات المتحدة مثل الصين وإيران.

وقال ماكرون خلال جلسة أسئلة وأجوبة عبر وسائل التواصل الاجتماعي استمرت ساعة قبيل زيارته للبيت الأبيض الاثنين: «سأقول له... لا يمكنك أن تكون ضعيفاً في مواجهة الرئيس (بوتين). هذا ليس من شيمك... وليس في مصلحتك».
وبدأ الزعيمان يومهما بالمشاركة في اجتماع افتراضي مع زملائهما من زعماء «مجموعة الدول السبع» لمناقشة الحرب في أوكرانيا.
وكان ترمب طالب بأراضي غرينلاند وكندا وغزة وبقناة بنما، بالإضافة إلى المعادن النادرة الثمينة من أوكرانيا.
بعد أكثر من شهر بقليل من ولايته الثانية، يؤثر رئيس «أميركا أولاً» (ترمب) سلباً على ما عدّه الدبلوماسيون الأميركيون المخضرمون والمسؤولون الحكوميون السابقون حضور أميركا المهم على الساحة الدولية لدعم الاستقرار العالمي، وفق «أسوشييتد برس».
وقال إيان كيلي، السفير الأميركي السابق لدى جورجيا خلال إدارة الرئيس الأميركي الأسبق باراك أوباما وفترة ترمب الأولى، وهو الآن أستاذ في جامعة نورث وسترن الأميركية: «أشعر بالإحباط لأسباب كثيرة، لكن أحد الأسباب هو أنني كنت قد حصلت على بعض التشجيع في البداية بسبب الإشارات المتكررة (من ترمب) التي تتحدث عن (السلام من خلال القوة)». وتابع أن «هذا ليس السلام من خلال القوة؛ هذا هو السلام من خلال الاستسلام».

في الذكرى الثالثة لبداية حرب أوكرانيا
خلال الذكرى الثالثة لبداية الحرب في أوكرانيا، يستضيف ترمب ماكرون يوم الاثنين، ومن المقرر أن يعقد ترمب اجتماعاً يوم الخميس مع زعيم أوروبي رئيسي آخر، هو رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر.
وتأتي الزيارتان إلى البيت الأبيض بعد أن هز ترمب أوروبا بانتقادات متكررة للرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي لفشله في التفاوض على إنهاء الحرب ورفضه الدفع للتوقيع على صفقة تمنح الولايات المتحدة حق الوصول إلى المعادن الأرضية النادرة في أوكرانيا، التي يمكن استخدامها في الصناعات الجوية والطبية والتكنولوجية الأميركية.
وبشأن صفقة المعادن التي يريد ترمب عقدها مع أوكرانيا، أبدى الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، انزعاجه في البداية، قائلاً إنها تفتقر إلى الضمانات الأمنية لأوكرانيا. وقال يوم الأحد على منصة «إكس»: «إننا نحرز تقدماً كبيراً»، لكنه أشار إلى «أننا نريد صفقة اقتصادية جيدة تكون جزءاً من ضمان أمني حقيقي لأوكرانيا».
يقول مسؤولون في إدارة ترمب إنهم يتوقعون التوصل إلى اتفاق هذا الأسبوع من شأنه أن يربط الاقتصادَين الأميركي والأوكراني معاً بشكل أوثق، وهذا شيء لا تريده روسيا بالطبع.
يأتي ذلك بعد خلاف علني بين الرئيسين، فقد وصف ترمب زيلينسكي بأنه «ديكتاتور»، و«اتهم كييف زوراً ببدء الحرب. في الواقع؛ غزت روسيا جارتها الأصغر والأقل تجهيزاً في فبراير 2022»، وفق «أسوشييتد برس».
ماكرون يحذّر
وقال الرئيس الفرنسي ماكرون في وقت سابق، إنه ينوي إخبار ترمب بأنه من المصلحة المشتركة للأميركيين والأوروبيين عدم إظهار الضعف أمام بوتين خلال المفاوضات التي تقودها الولايات المتحدة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
كما قال إنه سيقدّم الحجة بأن الطريقة التي يتعامل بها ترمب مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يمكن أن تكون لها تداعيات هائلة على تعاملات الولايات المتحدة مع الصين؛ المنافس الاقتصادي والعسكري الأكبر أهمية للولايات المتحدة... «لا يمكنك أن تكون ضعيفاً في مواجهة الرئيس بوتين»؛ قال ماكرون، وكتب على وسائل التواصل الاجتماعي: «كيف يمكنك أن تكون ذا مصداقية في مواجهة الصين إذا كنت ضعيفاً في مواجهة بوتين؟».