أميركا وحلفاؤها يدرسون مستقبل محاربة «تنظيم الدولة الإسلامية»

مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي يجوبون شوارع الرقة في سوريا في يونيو 2014 (رويترز - أرشيفية)
مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي يجوبون شوارع الرقة في سوريا في يونيو 2014 (رويترز - أرشيفية)
TT

أميركا وحلفاؤها يدرسون مستقبل محاربة «تنظيم الدولة الإسلامية»

مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي يجوبون شوارع الرقة في سوريا في يونيو 2014 (رويترز - أرشيفية)
مقاتلون من تنظيم «داعش» الإرهابي يجوبون شوارع الرقة في سوريا في يونيو 2014 (رويترز - أرشيفية)

بعد مرور 10 سنوات على الإطلاق الرسمي للعملية، التي تقودها الولايات المتحدة ضد «تنظيم الدولة الإسلامية»، اجتمعت واشنطن وحلفاؤها في حلف شمال الأطلسي في بروكسل، اليوم (الخميس)، لمناقشة مستقبل المهمة التي تواجه صعوبات متزايدة.

وبحسب «رويترز»، طردت النيجر الجيش الأميركي هذا الصيف من قاعدتها في غرب أفريقيا لمكافحة الإرهاب هناك. وأصبح من المحظور إلى حدّ كبير دخول أفغانستان منذ استيلاء «طالبان» على الحكم فيها عام 2021.

ويريد العراق أن تبدأ وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) في تقليص عدد أفرادها، وإنهاء عمليات التحالف، الذي تقوده الولايات المتحدة، هناك.

وفي الوقت نفسه، يحذر مسؤولون أميركيون من أن تهديد «تنظيم الدولة الإسلامية» للعالم يزداد في أفريقيا ومناطق أخرى، حتى مع تحول الاهتمام بشكل عام إلى حرب أوكرانيا واتساع رقعة الصراعات في الشرق الأوسط.

وحذّر وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، الذي ساعد في تدشين التحالف ضد التنظيم قبل عشرات سنوات، وهو جنرال، الحلفاء بمقر حلف شمال الأطلسي في بروكسل من أن التنظيم لا يزال يشكل تهديداً، ما يستدعي اهتماماً دولياً.

وقال أوستن: «نتعامل مع مجموعة من التحديات الرئيسية، التي تشمل التنمر من جانب جمهورية الصين الشعبية، والغزو الروسي المتهور لأوكرانيا».

وأضاف: «لكن بينما نقوم بذلك، يجب ألا نغفل التهديد الذي لا يزال يشكله (تنظيم الدولة الإسلامية)».

الهجمات في روسيا وإيران

قال «تنظيم الدولة الإسلامية»، وهو في ذروة قوته، إنه سيطر على مساحات شاسعة من الأراضي في العراق وسوريا. وأعلن زعيمه أبو بكر البغدادي الخلافة من منبر مسجد النوري التاريخي في العراق عام 2014، وتعهد بحكم البلاد.

ورغم هزيمته على الأرض قبل 5 سنوات في سوريا، وقبل 7 سنوات في العراق، نجح التنظيم في شنّ بعض الهجمات الكبيرة، بينما يحاول إعادة تنظيم صفوفه.

وكان من بين الهجمات هجوم على قاعة حفلات روسية في مارس (آذار)، ما أسفر عن مقتل 143 شخصاً على الأقل، وانفجاران في مدينة كرمان الإيرانية في يناير (كانون الثاني)، ما أدى إلى مقتل 100 شخص تقريباً. ويشتبه في أن شاباً نمساوياً يبلغ من العمر 19 عاماً هو العقل المدبر لهجوم انتحاري مخطط على حفل لتيلور سويفت في أغسطس (آب)، وقد بايع زعيم التنظيم.

وقال الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، مارك روته، خلال المحادثات: «إنه تهديد يتطور».

وأضاف: «تزداد هجمات الذئاب المنفردة. يزيد الإرهابيون من استخدام تقنيات جديدة، ويتحرك مركزهم جنوباً إلى منطقة الساحل، وهي المنطقة التي يمثل القتلى فيها نصف عدد ضحايا الإرهاب».

وفي أفريقيا، قتلت الجماعات الجهادية المرتبطة بتنظيمي «القاعدة» أو «الدولة الإسلامية» آلاف المدنيين، وشردت الملايين في بوركينا فاسو ومالي والنيجر.

ويقول خبراء إن الصراعات في منطقة الساحل تساهم في زيادة أعداد المهاجرين إلى أوروبا بشكل حاد، في وقت تصعد فيه الأحزاب اليمينية المتطرفة المناهضة للهجرة، مع تشدد بعض دول الاتحاد الأوروبي في الإجراءات على حدودها.

وقال مسؤول أميركي كبير في مجال الدفاع: «بذل (تنظيم الدولة الإسلامية) جهوداً حثيثة في محاولة لتنويع قيادته، وبعض قوته القتالية أيضاً في أفريقيا وآسيا الوسطى».

وذكر المسؤول، الذي تحدث شريطة عدم نشر اسمه، أن الاستراتيجية الأميركية تتمثل في ضمان عدم انتشار التهديد المتمركز في الساحل إلى غانا وساحل العاج وبنين وتوغو في الجنوب، ودول أخرى على ساحل غرب أفريقيا. لكن الأمر لن يكون سهلاً.

وتبحث الولايات المتحدة عن خطة بديلة في غرب أفريقيا بعد أن أمرها المجلس العسكري الحاكم في النيجر في أبريل (نيسان) بسحب ألف تقريباً من أفراد جيشها.

وبموجب اتفاق بين واشنطن وبغداد، سينتهي عمل المهمة العسكرية للتحالف في العراق بحلول سبتمبر (أيلول) 2025 مع تحول بغداد إلى شراكات أمنية ثنائية أكثر تقليدية.

وقال المسؤول الأميركي إن العمل على التفاصيل جارٍ، لكنّ «كل التوقعات تشير إلى أن الوجود (الأميركي) سيتقلص» خلال العام المقبل. ومن غير الواضح نوع الوجود الأميركي الذي سيبقى في العراق لدعم العمليات التي ستستمر في سوريا.


مقالات ذات صلة

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

المشرق العربي نازحون في مخيم حسن شام على بعد نحو 40 كيلومتراً غرب أربيل (أ.ف.ب)

في شمال العراق... تحديات كثيرة تواجه النازحين العائدين إلى ديارهم

تعلن السلطات العراقية بانتظام عن عمليات مغادرة جماعية لمئات النازحين من المخيمات بعدما خصصت مبالغ مالية لكلّ عائلة عائدة إلى قريتها.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
العالم العربي تنظيم «داعش» يتبنّى عملية استهداف حاجز لـ«قسد» في ريف دير الزور الشرقي (مواقع تواصل)

حملات التمشيط العسكري لم تمنع انتعاش «داعش» في سوريا

على رغم أن القوات الحكومية السورية تشن حملات تمشيط متكررة في البادية السورية لملاحقة خلايا تنظيم «داعش» فإن ذلك لم يمنع انتعاش التنظيم.

المشرق العربي قوة مشتركة من الجيش العراقي و«الحشد الشعبي» بحثاً عن عناصر من تنظيم «داعش» في محافظة نينوى (أ.ف.ب)

«داعش» يعلن مسؤوليته عن هجوم أدى لمقتل 3 جنود في العراق

قالت مصادر أمنية وطبية في العراق إن قنبلة زرعت على جانب طريق استهدفت مركبة للجيش العراقي أسفرت عن مقتل 3 جنود في شمال العراق.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي «قوات سوريا الديمقراطية» خلال عرض عسكري في ريف دير الزور (الشرق الأوسط)

أكراد سوريا يتحسبون لتمدد الحرب نحو «إدارتهم الذاتية»

ألقت نتائج الانتخابات الأميركية بظلالها على أكراد سوريا ومصير «إدارتهم الذاتية» بعدما جدد الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان، التهديد بشن عملية عسكرية.

كمال شيخو (القامشلي)
شؤون إقليمية عناصر من الجيش الوطني السوري الموالي لتركيا في شمال سوريا (إعلام تركي)

العملية العسكرية التركية في شمال سوريا تواجه رفضاً روسياً وغموضاً أميركياً

تصاعدت التصريحات التركية في الفترة الأخيرة حول إمكانية شن عملية عسكرية جديدة تستهدف مواقع «قوات سوريا الديمقراطية» (قسد) في شمال سوريا.

سعيد عبد الرازق (أنقرة)

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)
طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)
TT

«اليونيسيف» تحذر من أن مستقبل الأطفال «في خطر»

طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)
طفل فلسطيني أثناء فرز القمامة في مكب نفايات بقطاع غزة (أ.ب)

حذّرت منظمة «اليونيسيف» من التحول الديموغرافي، والتداعيات المتزايدة لظاهرة الاحترار، وتهديد التكنولوجيا المتصلة، وكلها «توجهات كبرى» ترسم مستقبلاً قاتماً للأطفال في عام 2050، داعية إلى التحرك الآن لضمان آفاق أفضل لشباب الغد.

وحذرت كاثرين راسل، المديرة العامة لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة، الثلاثاء، من أن «الأطفال يواجهون عدداً من الأزمات، بدءاً بالأزمات المناخية، إلى المخاطر عبر الإنترنت، ويتوقع أن تتفاقم في السنوات المقبلة».

وقالت في بيان بمناسبة نشر تقرير «اليونيسيف» الرئيس، الذي يتناول موضوعاً مختلفاً كل عام: «إن عقوداً من التقدم، خصوصاً للفتيات، معرضة للتهديد».

وهذا العام تنظر «اليونيسيف» إلى عام 2050، وتُحدد «3 توجهات رئيسة»، تهدد -إضافة إلى النزاعات التي لا يمكن التنبؤ بها- «بشكل خطير» الأطفال إذا لم تتخذ القرارات اللازمة في الوقت المناسب.

أولاً، التحدي الديموغرافي، فبحلول منتصف القرن، يفترض أن يكون عدد الأطفال (أقل من 18 عاماً) مماثلاً لعددهم اليوم، أي نحو 2.3 مليار نسمة، لكن مع زيادة عدد سكان العالم بشكل كبير بنحو 10 مليارات نسمة.

وعلى الرغم من انخفاض نسبة الأطفال في جميع المناطق، فإن أعدادهم ستزداد بشكل كبير في بعض المناطق الفقيرة، لا سيما في أفريقيا، جنوب الصحراء الكبرى.

وتشير «اليونيسيف» إلى إمكانية «تعزيز» الاقتصاد فقط إذا جرى اتخاذ التدابير اللازمة لضمان حصول هذا العدد الكبير من الشباب على تعليم جيد وخدمات صحية ووظائف.

في بعض الدول المتقدمة يُمثل الأطفال أقل من 10 في المائة من السكان، الأمر الذي يُثير تساؤلات حول «تأثيرهم» وحقوقهم في المجتمعات التي ستُركز على مشكلات تقدم سكانها في السن.

والتهديد الثاني هو تغير المناخ، وتداعياته المدمرة أكثر وأكثر.

يقول مامادو دوكوريه (24 عاماً) من مالي: «تخيلوا مستقبلاً يرغم فيه تغير المناخ والظروف القاسية المدارس على التحول إلى النشاط الليلي بسبب الأوضاع التي لا تحتمل خلال النهار». وتعكس تصريحاته أصداء الشباب التي ترددت في التقرير بعد أن استجوبتهم «اليونيسيف» في جميع أنحاء العالم.

قرارات «من أجل البقاء»

وتشير توقعات «اليونيسيف» إلى أنه إذا استمر المسار الحالي لانبعاث الغازات الدفيئة، فسيتعرض عدد أكبر من الأطفال لموجات الحر في عام 2050 بنحو 8 أضعاف مقارنة بعام 2000، و3.1 مرة أكثر للفيضانات المدمرة، أو حتى 1.7 مرة أكثر للحرائق.

وثالث «التوجهات الكبرى»، التكنولوجيا الحديثة، ولا سيما الذكاء الاصطناعي، وسيكون إتقانه بلا شك شرطاً أساسياً للمسار التعليمي، وجزءاً كبيراً من وظائف المستقبل.

لكن الفجوة الرقمية لا تزال آخذة في الاتساع؛ حيث أصبح اليوم 95 في المائة من السكان متصلين بالإنترنت في البلدان الغنية، مقابل 26 في المائة فقط في البلدان الفقيرة، خصوصاً في غياب القدرة على الوصول إلى الكهرباء أو شبكة إنترنت أو هاتف جوال أو جهاز كمبيوتر.

وتصر «اليونيسيف» على أن «الفشل في إزالة هذه العقبات أمام الأطفال في هذه البلدان، خصوصاً الذين يعيشون في كنف أسر فقيرة، سيؤدي إلى جيل محروم من التطور التكنولوجي».

لكن الاتصال بالإنترنت قد ينطوي أيضاً على مخاطر؛ حيث يشكل انتشار التكنولوجيا الجديدة دون رقابة تهديداً على الأطفال وبياناتهم الشخصية، ويُعرضهم بشكل خاص لمتحرشين جنسياً.

وصرحت نائبة مدير قسم الأبحاث في «اليونيسيف»، سيسيل أبتيل، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هناك مخاطر كثيرة تهدد أطفال المستقبل، لكن ما أردنا توضيحه هو أن الحلول بأيدي صناع القرار الحاليين».

وأضافت: «سيكون الاتجاه الصحيح هو الذي سيسمح للأطفال بالاستمرار والعيش بأفضل الطرق في عام 2050».

ويستكشف التقرير عدة سيناريوهات، تعتمد على الاستثمارات التي سيتم توظيفها من أجل تحقيق التنمية أو مكافحة ظاهرة الاحترار.

على سبيل المثال، إذا لم يتغير شيء، فيتوقع حدوث بعض التقدم للوصول إلى التعليم الابتدائي أو تقليص الهوة في التعليم بين الصبيان والبنات. لكن في السيناريو الأكثر تفاؤلاً، قد يستفيد جميع الأطفال من التعليم الابتدائي والثانوي بحلول عام 2050، على أن تختفي الهوة بين الجنسين في جميع المناطق.