لماذا ينتشر فيروس «كورونا» هذا الصيف؟

كبار السن وضعاف المناعة معرضون بشكل خاص للمتغيرات الفرعية الجديدة للفيروس (أرشيفية - رويترز)
كبار السن وضعاف المناعة معرضون بشكل خاص للمتغيرات الفرعية الجديدة للفيروس (أرشيفية - رويترز)
TT

لماذا ينتشر فيروس «كورونا» هذا الصيف؟

كبار السن وضعاف المناعة معرضون بشكل خاص للمتغيرات الفرعية الجديدة للفيروس (أرشيفية - رويترز)
كبار السن وضعاف المناعة معرضون بشكل خاص للمتغيرات الفرعية الجديدة للفيروس (أرشيفية - رويترز)

في شهر يوليو (تموز) من كل عام، على مدى السنوات الأربع الماضية، لاحظ علماء الأوبئة في المراكز الأميركية لمكافحة الأمراض والوقاية منها (CDC) ارتفاعاً مفاجئاً في حالات الإصابة بفيروس «كورونا» وحالات العلاج في المستشفيات، وهو اتجاه سنوي أطلق عليه اسم «طفرة الصيف».

ووفق تقرير نشرته شبكة «بي بي سي»، هذا الصيف في الولايات المتحدة، تفيد التقارير أن معدلات الإصابة بفيروس «كورونا» مرتفعة بشكل خاص في ولايات أريزونا وكاليفورنيا وهاواي ونيفادا. وفي هذه الولايات الغربية، بلغ عدد الاختبارات الإيجابية 15.6 في المائة في الأسبوع المنتهي في 6 يوليو، بزيادة 1 في المائة عن الأسبوع السابق.

وتظهر تحقيقات مركز السيطرة على الأمراض أن معدلات الفيروس في مياه الصرف الصحي آخذة في الارتفاع مرة أخرى. وقد ظهر اتجاه مماثل على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، حيث ارتفعت نسبة اختبارات «كورونا» الإيجابية، وفقاً لوكالة الأمن الصحي في المملكة المتحدة، من 4 في المائة في نهاية مارس (آذار) إلى 14 في المائة بحلول نهاية يونيو (حزيران). ويُعزى الارتفاع الأخير إلى المتغيرات الفرعية «FLiRT»، وهو أحدث تطور لسلالة «أوميكرون» التي ظهرت في نهاية عام 2021.

يقول لشان لو ليو، الذي يدير برنامج الفيروسات ومسببات الأمراض الناشئة في جامعة ولاية أوهايو، والذي درس المتغيرات الفرعية لـ«FLiRT»، إن فيروس «كورونا» الأخير تمكن من تحقيق التوازن بين الهروب من الجهاز المناعي والقدرة على الارتباط بالخلايا، وهو ما يؤدي إلى كثير من الحالات الجديدة.

وأضاف أن «كبار السن وضعاف المناعة معرضون بشكل خاص للمتغيرات الفرعية الجديدة بسبب استجاباتهم المناعية الضعيفة للتطعيم والعدوى الطبيعية». ويوضح أن الخبراء يوصون بأن تتلقى هذه المجموعات جرعات معززة بما في ذلك لقاح «XBB.1.5» أحادي التكافؤ. وقد تم تصميم هذا من أجل استهدف المتغير الفرعي «أوميكرون».

ونظراً للحاجة إلى حماية الفئات الأكثر ضعفاً في المجتمع، تظل دراسة هذه المتغيرات الناشئة باستمرار أمراً بالغ الأهمية لتحديث لقاحات «كورونا» في العالم.

واستناداً إلى العمل الذي قام به ليو وآخرون، تمكّنت الهيئات التنظيمية الأميركية ومنظمة الصحة العالمية من تقديم توصيات محددة بشأن أهداف اللقاح الجديدة بناءً على أحدث طفرات البروتين الشوكي، في الوقت المناسب لإطلاق أحدث لقاح ضد فيروس «كورونا» في الخريف.

لكن لماذا يعود الفيروس للظهور في الوقت نفسه من كل عام؟

يعتقد العلماء أن السبب في ذلك هو أن مناعة السكان أعلى مع كثير من الفيروسات الموسمية المعتادة، مثل الأنفلونزا والفيروسات الأنفية والفيروس المخلوي التنفسي. أحد الأسباب هو أنهم ببساطة كانوا موجودين لفترة أطول، ما يعني أنهم بحاجة إلى ظروف أكثر مثالية لإصابتنا، التي لا تأتي إلا خلال أشهر الخريف والشتاء، مع انخفاض درجات الحرارة، وعودة المدارس، وتجمع الناس في منازلهم. ولأن «كورونا» لا يزال فيروساً جديداً نسبياً، فإن مناعتنا المعقمة (قدرة الجسم على القضاء على العامل الممرض، قبل أن تتاح له فرصة البدء في التكاثر) أقل بكثير.

ويشعر العلماء أن هذا يتفاقم بسبب انخفاض معدلات التطعيم، ما يجعل مناعة السكان تعتمد على عدد الأشخاص المصابين خلال الموجة الأخيرة. ويشير الحسين شمسة، طبيب الطب الباطني بالمستشفيات الجامعية في ولاية أوهايو، إلى أن متغيرات «FLiRT» الحالية تشترك في طفرات شائعة في التهرب من المناعة، مع متغيرات «كورونا» التي أدت إلى الارتفاع الكبير السابق في العدوى خلال شتاء عام 2023، ما يسمح لها بالاستفادة الكاملة من انخفاض مستويات المناعة.

وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها، اعتباراً من 7 يوليو، فإن 22.7 في المائة فقط من الأشخاص الذين تزيد أعمارهم عن 18 عاماً في الولايات المتحدة حصلوا على لقاحات، مقارنة بـ48.2 في المائة للأنفلونزا. ونتيجة لذلك، يقول بول هانتر، مستشار علم الفيروسات وأستاذ بجامعة إيست أنجليا، إن أي شخص لم يصب بـ«كورونا» خلال فصل الشتاء، ستكون لديه مناعة قليلة جداً ضد متغيرات «FLiRT»، ما يؤدي إلى موجة الحالات الحالية.

هل سينتقل فيروس «كورونا» إلى نمط موسمي أكثر مع زيادة تعرض الإنسان للفيروس؟

يشعر البعض أن هذا الاتجاه بدأ في الظهور بالفعل، حيث أشار هانتر إلى أن الارتفاع في حالات الإصابة بالمرض وحالات دخول المستشفيات والوفيات في فصل الصيف كان أقل مما حدث خلال شهري ديسمبر (كانون الأول) ويناير (كانون الثاني). وفي الولايات المتحدة، توفي 327 شخصاً بسبب «كورونا» خلال أسبوع 15 يونيو، مقارنة بـ2578 خلال أسبوع 13 يناير.

ويقول آندي بيكوش، أستاذ علم الفيروسات: «ربما لن نصل أبداً إلى مستوى مناعة السكان ضد (SARS-CoV-2) الذي يدفع حالات الصيف إلى الصفر، أو قد يستغرق الأمر عاماً أو عامين آخرين حتى نصل إلى هناك». ومع ذلك، يتوقع ناش أن هذه العملية قد تستغرق عقوداً أو أطول من ذلك، لافتاً إلى أن البشر يتعايشون ويتعرضون للأنفلونزا وغيرها من الفيروسات الشائعة منذ مئات السنين.


مقالات ذات صلة

دراسة تحذر: خطر الإصابة بـ«كوفيد» طويل الأمد لا يزال كبيراً

صحتك صورة توضيحية لفيروس «كوفيد-19» (أرشيفية - رويترز)

دراسة تحذر: خطر الإصابة بـ«كوفيد» طويل الأمد لا يزال كبيراً

خلصت دراسة جديدة نُشرت الأربعاء في مجلة «نيو إنغلاند» الطبية إلى أن احتمالية الإصابة بـ«كوفيد» طويل الأمد قد انخفضت منذ بداية الوباء ولكنها لا تزال كبيرة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن )
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن يتحدث في فعالية في لاس فيغاس (رويترز)

بايدن يستغل إصابته بـ«كوفيد» لينتقد ماسك وترمب

استغل الرئيس الأميركي جو بايدن إصابته بفيروس «كورونا» للمز الملياردير إيلون ماسك والمرشح الجمهوري دونالد ترمب.

صحتك ومن المهم تحديد التبعات المحتملة للتطعيم ضد «كوفيد» في ظل التوصيات الطبية المنتشرة على نطاق واسع للحوامل بتلقي هذا اللقاح (رويترز)

الإصابة بـ«كوفيد» أو تطعيم الأمّ خلال الأشهر الأولى لا يزيدان خطر تشوه الجنين

دراسة تقول إن الأطفال لا يواجهون أي مخاطر محددة للإصابة بعيوب خلقية إذا كانت الوالدة مصابة بـ«كوفيد» أو جرى تطعيمها ضد المرض في بداية الحمل.

الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ف.ب)

بايدن يقول إنه «بحالة جيدة» بعد إعلان إصابته بـ«كوفيد-19»

أعلن البيت الأبيض أن الرئيس الأميركي يعاني «أعراضا خفيفة» بعد أن ثبتت إصابته بفيروس كورونا خلال رحلة له إلى لاس فيغاس في إطار حملته الانتخابية، الأربعاء.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أوروبا سيارة إسعاف تمر أمام لافتة توضح الإجراءات التي فرضتها الحكومة ضد تفشي مرض فيروس كورونا في لندن (أرشيفية - رويترز)

26 ألف إسترليني تعويضاً لسيدة سعل رئيسها في وجهها خلال الجائحة

طُلب من صاحب عمل في بريطانيا أن يدفع أكثر من 26 ألف جنيه إسترليني لعاملة سابقة بسبب السعال المتعمد في وجهها أثناء جائحة كوفيد.

«الشرق الأوسط» (لندن)

«ميرسك»: اتساع نطاق اضطرابات شحن الحاويات عبر البحر الأحمر

ناقلة حاويات أثناء مرورها في البحر الأحمر (أرشيفية - إ.ب.أ)
ناقلة حاويات أثناء مرورها في البحر الأحمر (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«ميرسك»: اتساع نطاق اضطرابات شحن الحاويات عبر البحر الأحمر

ناقلة حاويات أثناء مرورها في البحر الأحمر (أرشيفية - إ.ب.أ)
ناقلة حاويات أثناء مرورها في البحر الأحمر (أرشيفية - إ.ب.أ)

قالت مجموعة ميرسك الدنماركية للشحن، اليوم الأربعاء، إن نطاق الاضطرابات التي تشهدها حركة الشحن بالحاويات عبر البحر الأحمر اتسع بما يتخطى مسارات التجارة في أقصى شرق أوروبا، ليشمل كامل شبكتها في المحيط.

وذكرت «ميرسك»، في بيان: «التأثير المتتالي لهذه الاضطرابات يمتد إلى ما هو أبعد من الطرق الرئيسية المتضررة، مما يتسبب في ازدحام الطرق البديلة ومراكز الشحن العابر الأساسية للتجارة مع أقصى شرق آسيا وغرب آسيا الوسطى وأوروبا»، وفقاً لما ذكرته وكالة «رويترز» للأنباء.

وحوّلت «ميرسك» وشركات شحن أخرى مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح حول أفريقيا منذ ديسمبر (كانون الأول) الماضي؛ لتجنب الهجمات التي يشنها الحوثيون المتحالفون مع إيران في البحر الأحمر.

وتسببت مسارات الشحن الأطول مسافة ووقتاً في دفع أسعار الشحن للارتفاع.

وقالت «ميرسك» إن الصادرات الآسيوية تتأثر بالوضع أكثر من الواردات الآسيوية، مضيفة أن هذا يرجع، في المقام الأول، إلى كون دول بالقارة مراكز تصدير رئيسية عالمياً.

وأوضحت أن الطلب على الشحن البحري لا يزال قوياً عالمياً، مع استخدام الشحن الجوي، بما يشمل المزج بين الشحن البحري والجوي، حينما تستلزم الشحنات التي تتأثر بالوقت النقل بسرعة.