الإنفاق الدفاعي العالمي بلغ 2443 مليار دولار عام 2023 وسط 55 نزاعاً

أميركا والصين تتربعان على المرتبتين الأوليين... روسيا ما زالت بعيدة عن المقدمة

قاذفة استراتيجية روسية خلال عرض جوي (أرشيفية - رويترز)
قاذفة استراتيجية روسية خلال عرض جوي (أرشيفية - رويترز)
TT

الإنفاق الدفاعي العالمي بلغ 2443 مليار دولار عام 2023 وسط 55 نزاعاً

قاذفة استراتيجية روسية خلال عرض جوي (أرشيفية - رويترز)
قاذفة استراتيجية روسية خلال عرض جوي (أرشيفية - رويترز)

العالم في حالة حرب. صحيح أن الأضواء مسلطة على الحرب الروسية ــ الأوكرانية التي انطلقت منذ أكثر من عامين، وعلى الحرب الإسرائيلية على غزة التي تلج قريباً شهرها السابع، ومؤخراً التصعيد الإيراني ــ الإسرائيلي، إلا أن العالم يشهد راهناً 55 نزاعاً بمستويات عنف متنوعة، وفق التقرير الصادر مؤخراً عن مفوضية حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة التي تؤكد أن العالم «واجه نادراً هذا العدد من الأزمات المتكاثرة»، معدداً من بينها حروب القرن الأفريقي، ومنطقة الساحل وخليج غينيا والسودان ونيجيريا، إضافة إلى الحروب المنسية مثل بورما والأحداث المتكررة في بحر الصين، وتصاعد التوترات في آسيا وعلى رأسها الحرب التي يمكن أن تندلع ما بين الصين وتايوان.

ولأن الحروب تحتاج إلى سلاح وإلى ميزانيات عسكرية، فإن الأرقام التي جاءت في التقرير الصادر، الأحد، عن معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام «سيبري»، تعكس حالة العالم اليوم؛ حيث يؤكد أن الميزانيات العسكرية، على مستوى العالم، لم تعرف أبداً، منذ عام 2009، هذا المستوى من الارتفاع؛ حيث وصلت نسبته إلى 6.8 بالمائة في عام 2023، قياساً على العام الذي سبقه. وبالأرقام، فإن المصاريف العسكرية في العام بلغت العام الماضي 2443 مليار دولار؛ حيث إن تكلفة كل إنسان، على وجه الكرة الأرضية، 306 دولارات.

وزير الدفاع الألماني بوريس بيستوريوس مع نظيره السنغافوري بمناسبة تسليم غواصة ألمانية للبحرية السنغافورية الاثنين (رويترز)

سباق التسلح الأميركي ــ الصيني

الثابتة الرئيسية التي يؤكدها التقرير هي أن الولايات المتحدة تستأثر بحصة الأسد في الميزانيات العسكرية الدولية؛ حيث إن مصاريفها بلغت 916 مليار دولار (بزيادة نسبتها 2.3 في المائة قياساً للعام الماضي)؛ ما يعني أن واشنطن تنفق 37.5 في المائة من مجمل المصاريف الدفاعية في العالم. ورغم ما يقال عن سباق التسلح بينها وبين الصين، فإن الأرقام تبين أن بكين، التي تحتل المركز الثاني في المصاريف الدفاعية على مستوى العالم، ما زالت بعيدة لسنوات ضوئية قبل أن تلحق حقيقة بالولايات المتحدة. ووفق أرقام المعهد السويدي، فإن الإنفاق الدفاعي الصيني زاد بنسبة 6 بالمائة ليصل إلى 296 مليار دولار؛ ما يعني عملياً أن واشنطن تنفق نحوي 3 أضعاف ونصف ما تنفقه بكين. ورغم ذلك، فإن ارتقاء الميزانيات الدفاعية الصينية من عام إلى عام يبين طموحات بكين الجيو ــ استراتيجية سواء في سعيها للحاق بواشنطن من جهة، أم للتمتع بوضع الهيمنة في منطقة آسيا ــ أوقيانيا؛ حيث إن ميزانيتها تساوي نصف ما تنفقه كل دول هذه المنطقة.

وفي أية حال، فإن واشنطن وبكين تنفقان معا 1212 مليار دولار للتسلح ما يساوي نصف الإنفاق الدولي. ونظراً لمخاوف تايبيه من الأخ الصيني الأكبر الذي ما فتئ يهدد بإعادة تايوان إلى «بيت الطاعة» سلماً أو عنوة، فإن الأخيرة زادت نفقاتها الدفاعية العام الماضي بنسبة 11 في المائة لتصل إلى 16.6 مليار دولار، لكن هذه الميزانية تقل عن 6 في المائة من الميزانية الصينية.

ملصق ضخم ضد إسرائيل في العاصمة الإيرانية طهران (إ.ب.أ)

لا يمكن فصل الميزانية الأميركية عن ميزانية حلف شمال الأطلسي (ناتو) الذي تتزعمه واشنطن. وليس سراً أن الجانب الأميركي ما فتئ يدفع أعضاء الحلف من الأوروبيين للوفاء بالتزاماتهم بتخصيص 2 في المائة على الأقل من ناتجهم الداخلي الخام للاحتياجات الدفاعية. وتبلغ الميزانية الإجمالية للأطلسي 1341 مليار دولار تبلغ ضمنها الحصة الأميركية 68 بالمائة. وتبين الأرقام أن الأطلسي وحده ينفق 55 بالمائة من إجمالي الإنفاق العالمي على التسلح. والواضح أن الحرب الروسية على أوكرانيا قد دفعت الجناح الأوروبي للحلف إلى رفع ميزانيته الدفاعية نظراً لما يعده تهديداً روسياً لأمن القارة، ولأن الحلف يبقى المظلة الوحيدة القادرة على حماية أعضائه الذين وصل عددهم إلى 32 مع انضمام فنلندا والسويد. وتشكل ألمانيا حالة على حدة. فبعد أن كانت ميزانيتها العسكرية، عمدت إلى دفعها بقوة إلى الأعلى مع تخصيص مبلغ 100 مليار يورو للدفاع، بحيث تحتل ميزانيتها المرتبة الثانية أوروبياً بعد بريطانيا. وبذلك تصبح ألمانيا في الموقع السابع عالمياً بعد بريطانيا والمملكة السعودية والهند وروسيا والصين والولايات المتحدة.

روسيا ما زالت بعيدة

حقيقة الأمر أن واشنطن وبكين تتقدمان بأشواط على متابعيهم في سباق التسلح. ذلك أن أقرب منافس لهما هو روسيا. لكن موسكو رغم الحرب في أوكرانيا، ما زالت بعيدة جداً عنهما. ووفق أرقام المعهد السويدي فقد عمدت موسكو، بسبب حرب أوكرانيا، إلى رفع ميزانيتها العسكرية بنسبة 24 بالمائة بحيث بلغت العام الماضي 109 مليارات دولار. لكنها ما زالت بعيدة جداً عن اللحاق ببكين أو واشنطن. بيد أن ميزانية موسكو تبقى متقدمة على الإنفاق الدفاعي الأوكراني الذي بلغ 64.8 مليار دولار ما يشكل زيادة سنوية نسبتها 51 بالمائة. وتخصص كييف 58 بالمائة من إنفاقها الحكومي للدفاع مقارنة بـ15 في المائة من الإنفاق الروسي. بيد أن ما يساعد أوكرانيا على تحمل تخصيص أكثر من نصف ميزانيتها للدفاع هي بلا شك المساعدات التي تتلقاها من الغرب ومن دول أخرى مثل اليابان أو كوريا الجنوبية. وآخر تجلياتها موافقة الكونغرس الأميركي على منحها 61 مليار دولار مساعدات عسكرية، وهو أكبر مبلغ خُصص لها منذ بدء الحرب.

مدفع أوكراني ذاتي الحركة يطلق قذيفة باتجاه مواقع روسية (أرشيفية - أ.ف.ب)

واحتلت أوكرانيا المرتبة الثامنة عالمياً. ونقل المعهد السويدي ألكسندر لورتس، خبير نزع السلاح في «منظمة السلام الأخضر»، أن «ألمانيا تقدم الآن مساهمة كبيرة في سباق التسلح العالمي».

أما في الشرق الأوسط، فإن التوترات التي يعيشها تدفع الإنفاق الدفاعي إلى الأعلى. ووفق المعهد السويدي، فإن الإنفاق ضرب رقماً قياسياً العام الماضي؛ حيث وصل إلى 200 مليار دولار مع نمو نسبته 9 في المائة. وتحتل إسرائيل المرتبة الثانية مع 27.5 مليار دولار وارتفاع نسبته 24 بالمائة. ولا يفصل المعهد السويدي ما إذا كانت هذه الميزانية تتضمن المساعدات العسكرية التي تتلقاها إسرائيل من الولايات المتحدة أو ما تضخه واشنطن في برامج الأبحاث العسكرية المشتركة بين البلدين. وجاء آخر تجلٍّ لهذا الدعم في تصويت الكونغرس على مساعدات تزيد على 20 مليار دولار.


مقالات ذات صلة

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

المشرق العربي ترمب مستقبلاً نتنياهو في «بالم بيتش» أمس (آموس بن - غيرشوم / جي بي أو / د.ب.أ)

ترمب يلتقي نتنياهو وينتقد تصريحات هاريس عن إسرائيل

نفى الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب وجود أي توتر في العلاقات بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، معرباً عن تأييده ومساندته لإسرائيل.

هبة القدسي (واشنطن) علي بردى (واشنطن)
المشرق العربي القوات الإسرائيلية تطلق قنابل إنارة فوق خان يونس في جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة: معارك خان يونس أجبرت 180 ألف شخص على النزوح

أفادت الأمم المتحدة بأن أكثر من 180 ألف فلسطيني اضطروا للنزوح خلال أربعة أيام من القتال العنيف حول مدينة خان يونس في جنوب قطاع غزة.

«الشرق الأوسط» (خان يونس)
الولايات المتحدة​ صورة آخر لقاء جمع الرئيس دونالد ترمب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في المكتب البيضاوي في 15 سبتمبر 2020 (أ.ب)

نتنياهو يلتقي ترمب بأمل الحصول على تأييد أكبر لإسرائيل

يراهن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في لقائه بالرئيس الأميركي السابق والمرشح الجمهوري، دونالد ترمب، على نيل تأييد أكبر لأمن إسرائيل.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي جو بايدن (أ.ب)

أميركا ترجئ ترحيل بعض اللبنانيين بسبب التوتر بين إسرائيل و«حزب الله»

أعلن الرئيس الأميركي جو بايدن، الجمعة، أن الولايات المتحدة أرجأت ترحيل بعض المواطنين اللبنانيين من البلاد.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
المشرق العربي الرئيس الأميركي جو بايدن يستقبل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في البيت الأبيض 25 يوليو (أ.ب)

البيت الأبيض يحذّر نتنياهو من خطورة تنازلاته للمتطرفين في حكومته

كشفت مصادر سياسية في تل أبيب عن أن اللقاءات الثلاثة التي أجراها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في واشنطن مع بايدن وهاريس وسوليفان، كانت صعبة للغاية.

نظير مجلي (تل أبيب)

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
TT

بلينكن يصل إلى لاوس لحضور اجتماعات «آسيان» ولقاء نظيره الصيني

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن خلال مشاركته في اجتماع وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (أ.ف.ب)

وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، فجر السبت، إلى لاوس حيث سيحضر اجتماعات رابطة دول «آسيان» ويجري محادثات مع نظيره الصيني، وذلك في مستهل جولة آسيوية تشمل دولاً عدة وتهدف إلى تعزيز علاقات واشنطن مع حلفائها الإقليميين في مواجهة بكين.

ومن المقرر أن يلتقي بلينكن وزير الخارجية الصيني وانغ يي على هامش محادثات وزراء خارجية رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) التي تعقد في فينتيان، عاصمة لاوس.

منافسة حادة

ويسعى بلينكن لتحقيق تطلّع بجعل منطقة المحيطين الهندي والهادئ «منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة»، وهو شعار يحمل في طيّاته انتقاداً للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والاستراتيجية في المنطقة.

وقالت وزارة الخارجية في بيان صدر قبل وقت قصير من وصول بلينكن إلى فينتيان، إنّ «محادثات الوزير ستواصل البناء والتوسع غير المسبوق للعلاقات بين الولايات المتحدة وآسيان»، وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وهذه هي الزيارة الـ18 التي يقوم بها بلينكن إلى آسيا منذ توليه منصبه قبل أكثر من ثلاث سنوات، ما يعكس المنافسة الحادة بين واشنطن وبكين في المنطقة.

ووصل بلينكن بعد يومين على اجتماع عقده وزيرا خارجية الصين وروسيا مع وزراء خارجية تكتل «آسيان» الذي يضم عشر دول، وقد عقدا أيضاً اجتماعاً ثنائياً على الهامش.

وناقش وانغ وسيرغي لافروف «هيكلية أمنية جديدة» في أوراسيا، وفق وزارة الخارجية الروسية.

وقالت الوزارة إن وانغ ولافروف اتفقا على «التصدي المشترك لأي محاولات من جانب قوى من خارج المنطقة للتدخل في شؤون جنوب شرق آسيا».

وتقيم الصين شراكة سياسية واقتصادية قوية مع روسيا. ويعتبر أعضاء حلف شمال الأطلسي بكين مسانداً رئيسياً لموسكو في حربها على أوكرانيا.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية ماو نينغ، الجمعة، إن وانغ وبلينكن «سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك».

ووفق وزارة الخارجية الأميركية سيناقش بلينكن «أهمية التقيّد بالقانون الدولي في بحر الصين الجنوبي» خلال محادثات «آسيان».

توترات متصاعدة

وتأتي المحادثات في خضم توترات متصاعدة بين الصين والفلبين في بحر الصين الجنوبي، حيث سجّلت مواجهات في الأشهر الأخيرة بين سفن فلبينية وصينية حول جزر مرجانية متنازع عليها.

وتتمسك بكين بالسيادة شبه الكاملة على الممر المائي الذي تعبره سنوياً بضائع بتريليونات الدولارات، على الرغم من حكم أصدرته محكمة دولية قضى بأن لا أساس قانونياً لموقفها هذا.

وفقد بحار فلبيني إبهامه في مواجهة وقعت في 17 يونيو (حزيران) حين أحبط أفراد من جهاز خفر السواحل الصيني محاولة للبحرية الفلبينية لإمداد قواتها في موقع ناء.

وانتقدت الصين في وقت سابق من العام الحالي تصريحات لبلينكن أبدى فيها استعداد واشنطن للدفاع عن الفلبين إذا تعرضت قواتها أو سفنها أو طائراتها لهجوم في بحر الصين الجنوبي.

وتصر بكين على أنه «لا يحق» للولايات المتحدة التدخل في بحر الصين الجنوبي.

والبلدان على طرفي نقيض في ملفات التجارة وحقوق الإنسان ووضع جزيرة تايوان المتمتعة بالحكم الذاتي.

وتشمل جولة بلينكن ستّ دول هي لاوس وفيتنام واليابان والفلبين وسنغافورة ومنغوليا.

ومن المقرر أن يصدر وزراء خارجية الدول المنضوية في «آسيان» بياناً مشتركاً في ختام الاجتماعات التي ستُعقد على مدى ثلاثة أيام.