خبير: أسس النظام العالمي النووي لا تزال «صلبة» رغم التشكيك

قال إن نظام الردع لا يزال فاعلاً رغم مناوشات كوريا الشمالية وإيران

عملية إطلاق صاروخ باليستي من جانب كوريا الشمالية («رويترز» نقلاً عن وكالة الأنباء المركزية الكورية)
عملية إطلاق صاروخ باليستي من جانب كوريا الشمالية («رويترز» نقلاً عن وكالة الأنباء المركزية الكورية)
TT

خبير: أسس النظام العالمي النووي لا تزال «صلبة» رغم التشكيك

عملية إطلاق صاروخ باليستي من جانب كوريا الشمالية («رويترز» نقلاً عن وكالة الأنباء المركزية الكورية)
عملية إطلاق صاروخ باليستي من جانب كوريا الشمالية («رويترز» نقلاً عن وكالة الأنباء المركزية الكورية)

لا يُخفى أن النظام النووي العالمي لا يحظى بالإجماع، لكن «أسسه ما زالت صلبة» والردع لا يزال فاعلاً، على الرغم من تجارب كوريا الشمالية وتحيّن إيران للفرص، وفق ما يقول برونو تيرتريس، نائب مدير مؤسسة البحوث الاستراتيجية (إف آر إس)، في مقابلة مع «وكالة الصحافة الفرنسية».

وقال الخبير الفرنسي في الشؤون النووية، الذي نشر للتو كتاباً عن سياسة الردع، «إذا كان النظام النووي قد تم التشكيك فيه أو الطعن به، إلا أن أسسه لا تزال صلبة وعناصره الأساسية لا تزال موجودة».

أما بالنسبة للمخاوف، فإن «كوريا الشمالية والصين والهند وباكستان لا تزال عازمة على أن تصبح قوى نووية واعية وألا تحث سوى على الاعتدال وعلى نزع السلاح»، بحسب تيرتريس.

نائب مدير مؤسسة البحوث الاستراتيجية برونو تيرتريس (لينكد إن)

وواصلت إيران، التي تشدّد على أنها لا تسعى لتطوير قنبلة نووية، تخصيب اليورانيوم إلى مستويات أعلى بكثير من الحد الأقصى البالغ 3.67 في المائة، الذي ينص عليه اتفاق 2015 مع القوى الكبرى.

وفي العام الماضي كرّست كوريا الشمالية وضعها بوصفها قوةً نوويةً في دستورها، وأجرت منذ ذلك الحين اختبارات إطلاق لعدد من الصواريخ الباليستية المتطورة العابرة للقارات، في انتهاك لقرارات الأمم المتحدة.

كما أعلنت بيونغ يانغ، (الجمعة)، أنها اختبرت «نظام أسلحة نووية تحت الماء» رداً على مناورات بحرية مشتركة أجرتها واشنطن وسيول وطوكيو، وسط مخاوف من تشدد موقف زعيمها كيم جونغ أون الذي يكرر تصريحاته النارية.

سياسة الردع

ويعد موقف كوريا الشمالية «عدائياً»، ويندرج ضمن «سياسة الردع»، وفق ما أشار تيرتريس.

وأورد: «لم أقرأ في تصريحات كوريا الشمالية الأخيرة ما يشكّل قطيعة مع ما تقوله منذ 20 عاماً. في نهاية التسعينات، كانت كوريا الشمالية بالفعل تهدد بتحويل سيول إلى بحر من النيران».

وأضاف «تواصل كوريا الشمالية بصبر وبحزم بناء قوة نووية تشغيلية كاملة» بينما تسعى إلى «جذب انتباه المجتمع الدولي عندما ينشغل بغيرها» كما حدث خلال السنوات الأخيرة مع أوكرانيا وإسرائيل.

كما يثير الوضع في روسيا القلق أيضاً، مع امتلاك أكبر عدد من الرؤوس النووية في العالم. ففي فبراير (شباط)، علّقت موسكو مشاركتها في معاهدة «نيو ستارت» لنزع السلاح النووي، الموقّعة بين روسيا والولايات المتحدة في 2010، وهي آخر اتفاق ثنائي يربط بين موسكو وواشنطن.

ورأى تيرتريس أنه «فيما يتعلق بضبط التسلح الثنائي، فإننا نصل إلى نهاية الحلقة»، مشيراً إلى أن ذلك «لا يعني بالضرورة أن روسيا والولايات المتحدة تستأنفان سباق التسلح» على المستوى الكمي.

وأضاف أنه إذا كانت القوتان منشغلتَين بتحديث ترسانتيهما، فإن الأسلحة النووية «الغريبة» التي يمتلكها فلاديمير بوتين، التي من المفترض أن تتغلب على أي درع مضادة للصواريخ، «لم تظهر بعد أنها قادرة على القيام باختراقات استراتيجية».

محرمات نووية

وأشار إلى أن معاهدة منع انتشار الأسلحة النووية التي دخلت حيز التنفيذ في 1970 ولم تنسحب منها سوى بيونغ يانغ في عام 2003، لا تزال سارية.

وفي الواقع، ظل الانتشار محدوداً؛ فعلى مدى نحو 80 عاماً، لم تحصل سوى 9 دول على السلاح النووي: الولايات المتحدة، وروسيا، والصين، وفرنسا، والمملكة المتحدة، والهند، وباكستان، وإسرائيل، وكوريا الشمالية.

وأضاف الخبير أنه «منذ نحو 20 عاماً، لم تظهر أي دولة، باستثناء إيران، رغبةً في أن تصبح قوة نووية».

ولا تزال المحرمات المتعلقة بالسلاح النووي شديدة. ورحب بالأمر قائلاً: «لم تُسجل تجربة نووية مؤكدة منذ 5 سنوات على الأقل». والردع النووي لا يزال يحقق نتائج.

وخير مثال ما حدث في أوكرانيا «عندما خيّم شبح الطاقة النووية على نزاع تملك فيه الأطراف العسكرية والسياسية المعنية هذا السلاح، وتطلّب الأمر قدراً من الحذر من كلا الجانبين».

وأثار إعلان موسكو في مارس (آذار) أنها ستنشر أسلحة نووية في بيلاروسيا، واختبار إطلاق صواريخ باليستية في أكتوبر (تشرين الأول) بهدف إعداد القوات الروسية لـ«ضربة نووية ضخمة» انتقامية، مخاوف في الغرب.

وأضاف أن «روسيا لو أرادت فعلاً ترهيبنا من خلال التلويح بالتهديد النووي، لما توانت عن القيام ببعض التحركات والتدريبات غير المألوفة. لكن الأمر لم يجرِ على هذا النحو».

وأشار إلى «مخاطر وقوع خلافات وحوادث يصعب السيطرة عليها»، لكن لا شيء يدفع إلى الاعتقاد بأنها «أقوى اليوم مما كانت عليه قبل 10 سنوات، قبل غزو موسكو لشبه جزيرة القرم»، معرباً عن قلقه بشأن «تشدد الأنظمة الاستبدادية» مما «يجعلها تشعر أكثر بجنون العظمة».

لكن «إذا كان هناك مجال واحد لا تزال روسيا تبدي فيه عقلانية، فهو الطاقة النووية»، كما أوضح تيرتريس «مما يدل على أن بوتين لم يفقد بعد الاتصال بالوقائع الاستراتيجية».


مقالات ذات صلة

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

العالم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال اجتماع في موسكو 21 نوفمبر 2024 (رويترز)

موسكو تلعب على التصعيد النووي في انتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض

تسعى روسيا إلى تصعيد التهديد النووي، في محاولة لتثبيط الدعم الغربي لأوكرانيا بانتظار عودة ترمب إلى البيت الأبيض، آملة التوصل إلى اتفاق سلام بشروطها.

«الشرق الأوسط» (موسكو)
تحليل إخباري «أتاكمز» صاروخ موجَّه بعيد المدى يبلغ مداه نحو 300 كيلومتر (رويترز)

تحليل إخباري تحليل: صواريخ أتاكمز التي تطلقها أوكرانيا على روسيا ستنفجر في وجه أميركا

دخلت الحرب الروسية الأوكرانية مرحلة بالغة الخطورة من بعد استخدام كييف للصواريخ بعيدة المدى التي حصلت عليها من أميركا وبريطانيا لضرب أهداف في العمق الروسي.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
شمال افريقيا أعمال تنفيذ محطة الضبعة النووية (هيئة المحطات النووية المصرية)

مصر وروسيا لتسريع العمل بمحطة «الضبعة» النووية

بحث مسؤولون من مصر وروسيا، الثلاثاء، في القاهرة، سبل تسريع إجراءات تنفيذ مشروع محطة «الضبعة» النووية، الذي تقيمه الحكومة المصرية بالتعاون مع روسيا.

أحمد إمبابي (القاهرة)
شؤون إقليمية صورة عامة لمفاعل بوشهر النووي في إيران، على بعد 1200 كيلومتر جنوب طهران، 21 أغسطس 2010 (رويترز)

عرض إيراني مشروط لعدم التوسع في إنتاج اليورانيوم المخصب

أعلنت الأمم المتحدة أن إيران زادت مخزونها من اليورانيوم المخصب إلى ما يقترب من مستويات تصلح للاستخدام في صنع الأسلحة.

«الشرق الأوسط» (فيينا)
العالم جانب من إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات من طراز «هواسونغ 18» في 18 ديسمبر 2023 (رويترز)

خبراء: تجربة كوريا الشمالية الباليستية تشير إلى احتمال القدرة على استهداف البر الأميركي

يدل إطلاق كوريا الشمالية صاروخاً باليستياً عابراً للقارات، اليوم (الخميس)، على تقدم محتمل في قدرتها على إطلاق هجمات نووية يمكن أن تصل إلى البر الأميركي.

«الشرق الأوسط» (سيول)

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
TT

كندا ترصد أول إصابة بسلالة فرعية من جدري القردة

صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)
صورة تحت المجهر الإلكتروني والتي قدمها المعهد الوطني للحساسية والأمراض المعدية في عام 2024 لجزيئات فيروس جدري القردة باللون البرتقالي الموجودة داخل الخلايا المصابة باللون الأخضر (أ.ب)

أكدت وكالة الصحة العامة الكندية أمس (الجمعة) رصد أول حالة إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة في كندا لدى شخص في مانيتوبا.

وقالت الوكالة إن هذه الحالة المتعلقة بالسفر مرتبطة بتفشي السلالة الفرعية 1 من المرض في وسط وشرق أفريقيا.

وأضافت الوكالة في بيان «سعى الشخص إلى الحصول على رعاية طبية لأعراض جدري القردة في كندا بعد وقت قصير من عودته ويخضع للعزل في الوقت الراهن».

وقالت منظمة الصحة العالمية أمس (الجمعة) إن تفشي جدري القردة لا يزال يمثل حالة طوارئ صحية عامة، وأعلنت منظمة الصحة العالمية حالة طوارئ صحية عامة عالمية بسبب جدري القردة للمرة الثانية خلال عامين في أغسطس (آب) بعد انتشار سلالة جديدة من الفيروس، هي السلالة الفرعية 1 بي، من جمهورية الكونغو الديمقراطية إلى الدول المجاورة.

وقالت وكالة الصحة العامة الكندية إنه رغم أن المخاطر التي تهدد السكان في كندا في هذا الوقت لا تزال منخفضة، فإنها تواصل مراقبة الوضع باستمرار. كما قالت إن فحصاً للصحة العامة، بما في ذلك تتبع المخالطين، مستمر.