كيم يهدّد واشنطن ﺑ«إبادة نووية»... حرب خاسرة تطيح بنظامه وتدمّر كوريا الشمالية

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يحضر الاجتماع العام الثامن للجنة المركزية الثامنة لحزب العمال الكوري في مقر الحزب في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 31 ديسمبر 2023 (رويترز)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يحضر الاجتماع العام الثامن للجنة المركزية الثامنة لحزب العمال الكوري في مقر الحزب في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 31 ديسمبر 2023 (رويترز)
TT

كيم يهدّد واشنطن ﺑ«إبادة نووية»... حرب خاسرة تطيح بنظامه وتدمّر كوريا الشمالية

الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يحضر الاجتماع العام الثامن للجنة المركزية الثامنة لحزب العمال الكوري في مقر الحزب في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 31 ديسمبر 2023 (رويترز)
الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون يحضر الاجتماع العام الثامن للجنة المركزية الثامنة لحزب العمال الكوري في مقر الحزب في بيونغ يانغ بكوريا الشمالية 31 ديسمبر 2023 (رويترز)

في حين هدد زعيم كوريا الشمالية كيم جونغ أون، الأحد، بـ«محو» كوريا الجنوبية والولايات المتحدة (بالأسلحة النووية) إذا بدأتا معه مواجهة مسلحة، يعرّض الزعيم الكوري بلاده، فيما لو اتخذ قرار الضغط على الزر النووي، لخطر دمار شامل سيجلب أهوالاً على شعبه ويسطّر نهاية نظامه، في حرب غير متكافئة مع قوة عسكرية نووية وتكنولوجية كبرى، لن تتوانى فيها هذه القوة (أميركا) عن اتخاذ أقصى درجات الردع لحماية نفسها وحلفائها، والرد على استهداف نووي يهدد وجودها ويهدد بتقويض الأمن العالمي.

صورة من عملية إطلاق صاروخ تجريبي من نوع كروز أجرتها وزارة الدفاع الأميركية في جزيرة سان نيكولاس كاليفورنيا بالولايات المتحدة 18 أغسطس 2019 (رويترز)

كيم يهدّد بإبادة نووية

أمر الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون كبار المسؤولين العسكريين في بلاده بـ«محو» كوريا الجنوبية والولايات المتحدة في حال بدأتا مواجهة مسلحة ضده، حسبما أفادت وكالة الأنباء الرسمية الكورية الشمالية، الاثنين.

وقال كيم خلال اجتماع مع كبار القادة الكوريين الشماليين في بيونغ يانغ، الأحد: «إذا اختار العدو المواجهة والاستفزاز العسكري إزاء (جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية)، فيجب على جيشنا أن يوجه له ضربة قاتلة لمحوه تماماً عبر حشد أقوى الوسائل».

يأتي هذا التهديد الذي أطلقه كيم مع تزايد النشاط النووي في كوريا الشمالية. وقد ذكرت وسائل إعلام رسمية في كوريا الشمالية، الأحد، أن كيم جونغ أون تعهد بتكثيف إنتاج الرؤوس الحربية النووية وبناء صاروخ باليستي عابر للقارات أكثر قوة، بينما وصف كوريا الجنوبية بأنها «العدو بلا شك» لبلاده.

خلال اختبار بحرية كوريا الشمالية صاروخ كروز في هذه الصورة غير المؤرخة التي نشرتها وكالة الأنباء المركزية الكورية الشمالية في 21 أغسطس 2023 (رويترز)

حرب نووية تطيح نظام بيونغ يانغ

رغم التهديدات التي أطلقها الزعيم الكوري الشمالي بخوض حرب إفناء نووية ضد أعدائه، فإن معطيات القدرات التي يمتلكها نظام كيم مقارنة بما تمتلكه واشنطن من قدرات نووية ضخمة، وقدرات عسكرية هي الأقوى في العالم، تشير إلى أن أي مواجهة نووية قد يُقدم زعيم بيونغ يانغ على إشعالها، ستأتي بوبال ودمار غير مسبوقين يلحقان ببلاده ويطيحان بنظامه، ولن ينجح فيها بكسر القوة الأميركية. فحتى لو تلقّت واشنطن خسائر كبيرة بحرب نووية ضد بيونغ يانغ - وهي خسائر كبيرة غير مؤكدة نظراً للقدرات والاستعدادات الدفاعية الأميركية الكبيرة للمواجهة المحتملة - فإنّ واشنطن ستزيد في المقابل من ضخامة ردها على هكذا هجوم، وستلحق دماراً مضاعفاً تتكبده بيونغ يانغ.

حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس كارل فينسون» التي تعمل بالطاقة النووية تصل إلى ميناء في بوسان بكوريا الجنوبية يوم 21 نوفمبر 2023 (رويترز)

تشير التقديرات إلى أن كوريا الشمالية تمتلك 30 رأساً حربياً نووياً، في تقديرات الأول من يناير (كانون الثاني) 2023، ولديها المواد الانشطارية اللازمة لصنع ما يقدر بنحو 50 إلى 70 سلاحاً نووياً، وفق موقع «جمعية مراقبة الأسلحة» الأميركية. وفي المقابل، تمتلك الولايات المتحدة أكثر من 5200 رأس نووي، حسب موقع «اتحاد العلماء الأميركيين»، في حين تتفوق الأسلحة النووية الأميركية بقدراتها على تلك التي لكوريا الشمالية، حيث تمتلك الولايات المتحدة عدداً كبيراً من الأسلحة النووية الاستراتيجية والتكتيكية عالية الفاعلية، في حين أن أسلحة كوريا الشمالية النووية لا تمتلك قدرات الأسلحة النووية الأميركية، رغم أنها تبقى أسلحة دمار شامل.

الغواصة الأميركية «يو إس إس ميسوري» التي تعمل بالطاقة النووية في قاعدة بحرية لكوريا الجنوبية في بوسان بكوريا الجنوبية الأحد 17 ديسمبر 2023 (أ.ب)

وفيما يخص الفارق بين الأسلحة النووية الاستراتيجية والأسلحة النووية التكتيكية، يقول الخبير العسكري رواد مسلّم لـ«الشرق الأوسط»: إنّ الرأس النووي التكتيكي الذي يُستخدم لضرب أهداف عسكرية في بقعة محددة، يتضمّن حمولة تفجيرية تتراوح بين 10 و100 كيلو طن (1 كيلو طن يساوي 1000 طن من مادة TNT)، ويمكن إطلاق هذا الرأس إمّا بواسطة صواريخ بحرية (من الغواصات أو السفن)، وإمّا بواسطة صواريخ جوية تطلقها المقاتلات، أو من خلال نظام إطلاق الصواريخ الأرضية. أمّا حمولة الرأس الاستراتيجي فتتراوح بين 500 و800 كيلو طن ومداه أطول من التكتيكي. وبالنسبة إلى الفاعلية، جدير بالذكر أنّ قنبلة ناكازاكي عام 1945 كانت بحمولة 21 كيلو طن، أي ذات رأس تكتيكي، وفق الخبير مسلّم.

صورة تم التقاطها في 23 ديسمبر 2023، تُظهر السفينة الحربية الجديدة التابعة للبحرية الكورية الجنوبية تشيونان في بيونغتايك (أ.ف.ب).

الضربة النووية الأولى

يرجّح خبراء أن تكون كوريا الشمالية أول من يستخدم الأسلحة النووية إذا اندلعت الحرب في شبه الجزيرة الكورية؛ لأنه من الناحية العسكرية، فإن جيشها التقليدي أقل قدرة بوضوح من القوات المقابلة (القوات الأميركية بشكل خاص)، ومن الناحية الاستراتيجية، فإن أي صراع خطير بين الكوريتين سوف يتحول بسرعة إلى صراع وجودي بالنسبة لكوريا الشمالية، وفق «نشرة علماء الذّرة»، المتخصصة بقضايا العلم والأمن العالمي. لذلك فإن بيونغ يانغ ترى أن لجوءها إلى السلاح النووي يحقق نوعاً من الردع بالنسبة لها بوجه التفوّق العسكري التقليدي الذي تميل كفّته بأريحية لصالح الأميركيين وحلفائهم الكوريين الجنوبيين.

مدافع هاوتزر ذاتية الحركة من طراز K9 تابعة لفيلق المناورة السابع بالجيش الكوري الجنوبي تطلق النار على ميدان للرماية في بوتشون 2 يناير 2024 (د.ب.أ)

تبين تصريحات الزعيم الكوري الشمالي أنه قد يتّجه في حال اندلاع حرب مع كوريا الجنوبية، لاتخاذه قرار سريع بإطلاق صواريخ نووية نحو الجنوب، وربما يحاول أن يوصل صواريخه النووية إلى البر الأميركي. لكن كيم يعي جيداً أن الأميركيين يأخذون احتياطاتهم بشكل خاص منذ صعود التهديد النووي لكوريا الشمالية؛ إذ يعلم الأميركيون أن ترك الترسانة الكورية الشمالية دون رقابة شديدة، يشكّل خطراً داهماً يحدق بالبر الأميركي، ويحوّل الصراع إلى حرب وجودية للولايات المتحدة. ومن المرجّح جداً أن تتصدى الدفاعات الأميركية للصواريخ التي قد تطلقها كوريا الشمالية نحو البر الأميركي فيما لو صعّدت بيونغ يانغ إلى حد إطلاقها رأساً نووياً أو أكثر باتجاه الولايات المتحدة، في تصعيد من المرجح جداً أن تكون عواقبه دماراً شاملاً على بيونغ يانغ، ونهاية لنظام كيم جونغ أون.

كوريون شماليون يزورون «مانسو هيل» لوضع ورود أمام تمثالي الزعيمين الكوريين الشماليين الراحلين كيم إيل سونغ وكيم جونغ إيل يوم 17 ديسمبر 2023 (أ.ف.ب)

الدفاع عن الحلفاء

يتساءل خبراء أميركيون أنه في حال قامت بيونغ يانغ باستهداف كوريا الجنوبية (أو اليابان) حليفة واشنطن بضربة نووية - دون أن تقوم كوريا الشمالية باستهداف الأراضي الأميركية - فهل تخاطر واشنطن برد نووي على كوريا الشمالية رداً على استهداف الأخيرة لحليفتها، وتخاطر بالتالي بأن تعرّض مدن الولايات المتحدة لخطر استهداف نووي؟

لذا، فإنّ الولايات المتحدة تعمل منذ مدة، لتأمين المظلّة النووية لحلفائها في شرق آسيا وتأمين البر الأميركي في الوقت نفسه من خطر هجوم نووي، على تعزيز الدفاعات العسكرية بوجه كوريا الشمالية، والتحسّب لأي تصعيد نووي في شرق آسيا بشكل خاص. وتحتاط واشنطن بالتالي لتكون قادرة على الرد بحزم ضد أي تصعيد خطير قد يهدد حلفاءها والأمن العالمي. فهجوم بصاروخ نووي تشنه كوريا الشمالية على كوريا الجنوبية، في حال لم يلق رداً أميركياً كبيراً رادعاً ضد بيونغ يانغ - أقلّه بحجم قوة الهجوم الكوري الشمالي - من شأنه أن يزعزع الأمن والنظام الدوليين، وسيفتح شهية التوسعات العسكرية لدول عديدة تنتظر فرصتها لتغيير معادلات جيوسياسية، ويزيد من سباق التسلّح النووي العالمي، ويزعزع صورة الولايات المتحدة كدولة ضامنة للاستقرار. لذا، فإنه من المستبعد جداً ألّا يكون الرد الأميركي على أي مغامرة عدوانية نووية من بيونغ يانغ أو من غيرها، رداً صارماً ومكلفاً نتيجة هكذا عدوان، يحافظ على مكانة واشنطن ويحمي معها الاستقرار والنظام العالميين من الانهيار الكبير.

جنود يحضرون حفل تفعيل منظمة مراقبة الفضاء United States Space Forces Korea التي تم إنشاؤها بهدف مراقبة الأنشطة النووية والصاروخية لكوريا الشمالية في 14 ديسمبر 2022 في بيونغتايك بكوريا الجنوبية (رويترز)

من هذا المنطلق، يرجَّح أن يأتي الرد الأميركي على أي استخدام نووي من الجانب الكوري الشمالي، حازماً بالأسلحة التقليدية أو بالسلاح النووي، بحيث يضرب الجيش الأميركي بعمليات استهداف موجهة وسريعة ومكثّفة، مراكز إطلاق الصواريخ والأسلحة والمفاعلات النووية الكورية الشمالية، مما يعيد الحرب بين الولايات المتحدة وكوريا الجنوبية من جهة، وكوريا الشمالية من جهة ثانية، إلى حرب تقليدية يتفوق فيها الجانب الأميركي بشكل كبير في طريقه لتحقيق انتصار بري داخل الأراضي الكورية الشمالية.

فالولايات المتحدة التي تمتلك تكنولوجيا عسكرية وترسانة نووية كبرى، تتفوق بميزان القوة بشكل كبير على قدرات كوريا الشمالية، ولن تسمح واشنطن بأن تتكبد خسائر جسيمة في استهداف نووي يطول مدناً أميركية، وهي بالتالي مستعدة لشل قدرات بيونغ يانغ، إن أقدمت الأخيرة على هجوم نووي أو بيولوجي، عبر شن الجيش الأميركي ضربات كبيرة ومركّزة.

قاذفات قنابل تابعة للقوات الجوية الأميركية وطائرات مقاتلة تابعة للقوات الجوية الكورية الجنوبية ، وطائرات مقاتلة تابعة للقوات الجوية اليابانية، خلال تمرين جوي مشترك الأربعاء 20 ديسمبر 2023 (أ.ب)

ما بين توسّع دائرة الصراع وانحسارها

من شأن تصعيد عسكري كبير، إذا اندلع في شبه الجزيرة الكورية، أن يوسع دائرة الصراع ليطول أيضاً الصين، حليفة بيونغ يانغ؛ إذ من المرجح أن تدخل الصين إلى جانب حليفتها لمنع سقوط نظام كيم لصالح كوريا الجنوبية حليفة واشنطن غريمة بكين. لكنه من المستبعد أن تستخدم الصين قدرات عسكرية غير تقليدية دعماً لكوريا الشمالية في مواجهة مع الولايات المتحدة؛ إذ إنه من المرجّح أن تعتمد بكين على تقديم الدعم العسكري التقليدي، بداية بالدعم بالأسلحة، ثم قد تُدخل الصين جيشها في الصراع فيما لو رأت أن كوريا الشمالية تتعرض لهزيمة كاسحة، في تدخّل يهدف لمنع سقوط حليفتها.

جنود جيش التحرير الشعبي الصيني يشاركون في عرض عسكري في قاعدة جزيرة ستونكاترز البحرية في هونغ كونغ (رويترز - أرشيفية)

أما من ناحية روسيا الغارقة في حرب استنزاف في أوكرانيا منذ أن غزتها موسكو في فبراير (شباط) 2022، فإنه من غير المرجّح أن تنخرط موسكو أو تساعد كوريا الشمالية عسكرياً، إلا أنها ستقدّم الدعم الدبلوماسي لنظام بيونغ يانغ، وربما الاستخباراتي.

وفيما إذا كانت الصين مستعدّة لتدخل في مواجهة نووية في حرب شاملة مع الولايات المتحدة دفاعاً عن كوريا الشمالية، فإن بكين تبدو غير مستعدّة أبداً لمثل هذا الخيار، تخوض فيه غمار حرب تكلفها دماراً شاملاً، كما أنه من غير المتوقع أبداً أن تصعّد واشنطن في إطلاق حرب نووية ضد الصين؛ تجنباً أيضاً لتكلفة هكذا مواجهة.

وبما أن للصين نفوذاً على كوريا الشمالية، لا سيما من الناحية الاقتصادية، فإن بكين على الأرجح، ستضغط لتمنع أي تصعيد عسكري كبير من جانب حليفتها بيونغ يانغ، لا سيما فيما يخص إقدام الأخيرة على إطلاق صواريخ نووية في حرب مع كوريا الجنوبية والولايات المتحدة. فليس من مصلحة الصين التصعيد العسكري بحرب في شبه الجزيرة الكورية، ولا أن تتوسع الحرب وتصبح حرباً صفرية بالنسبة للولايات المتحدة - القوة العسكرية والاقتصادية الأولى في العالم - حيث تكون الصين في هذه الحرب منخرطة إلى جانب كوريا الشمالية. هذا سيناريو تراه الصين خطيراً جداً، يهدد بقطع العلاقات الاقتصادية الحيوية والكبيرة بين الصين والغرب عامة، مما قد يؤدي إلى ضربة كبرى للاقتصاد الصيني، إضافة إلى تهديده بحرب دمار شامل بين القوتين العظميَين، كلتاهما لا تتمناها، وتحرصان على تجنبها.


مقالات ذات صلة

تقرير: سفير أميركا لدى الأمم المتحدة يبدأ غداً جولة تشمل إسرائيل والأردن

المشرق العربي السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز (أ.ف.ب)

تقرير: سفير أميركا لدى الأمم المتحدة يبدأ غداً جولة تشمل إسرائيل والأردن

أوردت وكالة «بلومبرغ» أن السفير الأميركي لدى الأمم المتحدة مايك والتز سيبدأ غدا السبت جولة في الشرق الأوسط تستمر أربعة أيام تشمل إسرائيل والأردن.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
تحليل إخباري المستشار الألماني ميرتس مع الرئيس الفرنسي ماكرون ورئيس الوزراء الكندي كارني (رويترز) play-circle

تحليل إخباري انقسام غربي وتخوّف أوروبي من «سلام أميركي متسرّع» في أوكرانيا

يتعاظم القلق الأوروبي من النهج الأميركي في إدارة مفاوضات السلام مع موسكو. فالتسارع عزَّز مخاوف من «اتفاق متعجِّل» قد يدفع أوكرانيا إلى تقديم تنازلات غير مضمونة.

إيلي يوسف (واشنطن)
الولايات المتحدة​ الرئيس الأميركي دونالد ترمب خلال حفل في «معهد الولايات المتحدة للسلام» في العاصمة الأميركية واشنطن في 4 ديسمبر 2025 (أ.ف.ب) play-circle

استراتيجية ترمب الجديدة تقوم على تعديل الحضور الأميركي في العالم

أعلنت إدارة الرئيس الأميركي ترمب في استراتيجية جديدة أن دور الولايات المتحدة على الصعيد الدولي سينتقل إلى التركيز أكثر على أميركا اللاتينية ومكافحة الهجرة.

هبة القدسي (واشنطن)
الولايات المتحدة​ صورة من جامعة هارفارد الأميركية... الأستاذ الجامعي الذي أُلقي القبض عليه يدرّس في هارفارد (رويترز - أرشيفية)

اعتقال أستاذ جامعي في أميركا استخدم بندقية خرطوش قرب كنيس يهودي

ألقت سلطات الهجرة الأميركية القبض على أستاذ زائر في كلية الحقوق بجامعة هارفارد هذا الأسبوع، بعد أن اعترف باستخدامه بندقية خرطوش خارج كنيس يهودي في ماساتشوستس.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
الولايات المتحدة​ دونالد ترمب (إ.ب.أ) play-circle

أميركا تخطط لزيادة عدد الدول على قائمة حظر السفر لأكثر من 30

قالت وزيرة الأمن الداخلي الأميركية كريستي نويم، الخميس، إن إدارة الرئيس دونالد ترمب تخطط لزيادة عدد الدول التي يشملها حظر سفر إلى أكثر من 30 دولة.


تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
TT

تبادل إطلاق النار بين سفينة وزوارق صغيرة قبالة اليمن

صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)
صورة من الأقمار الاصطناعية تظهر سفينة الشحن «روبيمار» المملوكة لبريطانيا والتي تعرضت لهجوم من قبل الحوثيين في اليمن قبل غرقها في البحر الأحمر... 1 مارس 2024 (رويترز)

ذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، اليوم (الجمعة)، أن سفينة على بعد 15 ميلاً بحرياً غربي اليمن أبلغت عن تبادل لإطلاق النار بعد رصدها نحو 15 قارباً صغيراً على مقربة منها.

وأضافت السفينة أنها لا تزال في حالة تأهب قصوى وأن القوارب غادرت الموقع.

وأفاد ربان السفينة بأن الطاقم بخير، وأنها تواصل رحلتها إلى ميناء التوقف التالي.

وتشن جماعة الحوثي في اليمن هجمات على سفن تجارية في البحر الأحمر تقول إنها مرتبطة بإسرائيل، وذلك منذ اندلاع الحرب في غزة بعد هجوم 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023 على جنوب إسرائيل. وقالت الجماعة إن هجماتها للتضامن مع الفلسطينيين.


بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
TT

بوتين: المقترح الأميركي بشأن أوكرانيا يتضمّن نقاطاً «لا يمكن الموافقة عليها»

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين خلال مشاركته بفعالية في موسكو بروسيا يوم 3 ديسمبر 2025 (رويترز)

قال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن بعض المقترحات في خطة أميركية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، غير مقبولة للكرملين، مشيراً في تصريحات نُشرت اليوم (الخميس) إلى أن الطريق لا يزال طويلاً أمام أي اتفاق، لكنه شدد على ضرورة «التعاون» مع واشنطن لإنجاح مساعيها بدلاً من «عرقلتها».

وقال بوتين في التصريحات: «هذه مهمّة معقّدة وصعبة أخذها الرئيس (الأميركي دونالد) ترمب على عاتقه».

وأضاف أن «تحقيق توافق بين أطراف متنافسة ليس بالمهمة بالسهلة، لكن الرئيس ترمب يحاول حقاً، باعتقادي، القيام بذلك»، متابعاً: «أعتقد أن علينا التعاون مع هذه المساعي بدلاً من عرقلتها».

وأطلق الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقوى دفعة دبلوماسية لوقف القتال منذ شنت روسيا الغزو الشامل على جارتها قبل نحو أربع سنوات. ولكن الجهود اصطدمت مجدداً بمطالب يصعب تنفيذها، خاصة بشأن ما إذا كان يجب على أوكرانيا التخلي عن الأراضي لروسيا، وكيف يمكن أن تبقى أوكرانيا في مأمن من أي عدوان مستقبلي من جانب موسكو.

وتأتي تصريحات الرئيس الروسي في الوقت الذي يلتقي فيه المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف، وصهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، جاريد كوشنر، بكبير المفاوضين الأوكرانيين رستم أوميروف، اليوم، في ميامي لإجراء مزيد من المحادثات، بحسب مسؤول أميركي بارز اشترط عدم الكشف عن هويته؛ لأنه غير مخوّل له التعليق علانية.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وشخصيات روسية سياسية واقتصادية يحضرون محادثات مع المبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر صهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب في قصر مجلس الشيوخ بالكرملين في موسكو بروسيا يوم 2 ديسمبر 2025 (أ.ب)

محادثات «ضرورية»

وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين إن محادثاته التي استمرت خمس ساعات، الثلاثاء، في الكرملين مع ويتكوف وكوشنر كانت «ضرورية» و«مفيدة»، ولكنها كانت أيضاً «عملاً صعباً» في ظل بعض المقترحات التي لم يقبلها الكرملين، وفق ما نقلته وكالة «أسوشييتد برس».

وتحدث بوتين لقناة «إنديا توداي تي في» قبل زيارته لنيودلهي، اليوم. وبينما لم تُبث المقابلة بأكملها بعد، اقتبست وكالتا الأنباء الروسيتان الرسميتان «تاس» و«ريا نوفوستي» بعض تصريحات بوتين.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول في المقابلة، إن محادثات الثلاثاء في الكرملين تحتّم على الجانبين «الاطلاع على كل نقطة» من مقترح السلام الأميركي «وهذا هو السبب في استغراق الأمر مدة طويلة للغاية».

وأضاف بوتين: «كان هذا حواراً ضرورياً وملموساً»، وكانت هناك بنود، موسكو مستعدة لمناقشتها، في حين «لا يمكننا الموافقة» على بنود أخرى.

ورفض بوتين الإسهاب بشأن ما الذي يمكن أن تقبله أو ترفضه روسيا، ولم يقدّم أي من المسؤولين الآخرين المشاركين تفاصيل عن المحادثات.

ونقلت وكالة «تاس» عن بوتين القول: «أعتقد أنه من المبكر للغاية؛ لأنها يمكن أن تعرقل ببساطة نظام العمل» لجهود السلام.


القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
TT

القمة الروسية - الهندية تعزز «الشراكة الاستراتيجية» وتتحدى ضغوط واشنطن

لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)
لافتة ترحيبية ببوتين في أحد شوارع نيودلهي يوم 4 ديسمبر (رويترز)

يبدأ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الخميس، زيارة رسمية إلى الهند تستغرق يومين. وتعد واحدة من الزيارات الخارجية النادرة له منذ اندلاع الحرب الأوكرانية في فبراير (شباط) 2022. ومثلما حظيت زيارته إلى الصين قبل ثلاثة أشهر، وقبلها إلى كوريا الشمالية العام الماضي، بأهمية كبرى في إطار رسم ملامح استراتيجية الكرملين في السياسة الخارجية، تُشكل الزيارة الحالية لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين، خصوصاً على خلفية الضغوط الأميركية المتزايدة على الهند لتقليص تعاونها مع موسكو.

وفي أول زيارة له إلى العاصمة الهندية منذ أربع سنوات، يرافق بوتين وزير الدفاع أندريه بيلووسوف، ووفد واسع النطاق من قطاعي الأعمال، والصناعة. ومن أبرز الوجوه المرافقة لبوتين رئيسا شركتي الطاقة «روسنفت» و«غازبروم» اللتين تخضعان لعقوبات غربية، إلى جانب مسؤولي المجمع الصناعي العسكري، ومؤسسة «روس أبورون أكسبورت» المسؤولة عن الصادرات العسكرية. بالإضافة إلى رؤساء القطاع المصرفي الروسي الذي يخضع بدوره لعقوبات غربية. وتعكس تشكيلة الوفد المرافق أولويات أجندة الطرفين، وطبيعة النقاشات التي تم التحضير لها في موسكو، ونيودلهي.

برنامج حافل

على مدار يومي القمة، سيبحث الطرفان التعاون في مجالات الدفاع، والطاقة النووية، والهيدروكربونات، والفضاء، والتكنولوجيا، والتجارة.

تُشكل زيارة بوتين لنيودلهي منعطفاً حاسماً جديداً في مسار تعزيز تحالفات موسكو مع الشركاء التقليديين (أ.ف.ب)

واستبق الناطق الرئاسي الروسي ديمتري بيسكوف الزيارة بإشارة إلى أن بوتين سوف يناقش مع رئيس الوزراء ناريندرا مودي «القضايا الدولية، والإقليمية»، مشدداً على اهتمام الكرملين بتطوير التعاون الثنائي، وفتح مجالات جديدة للتعاون، وأشار إلى موقف واشنطن السلبي تجاه الزيارة، وتلويحها بمضاعفة التعريفات الجمركية في حال استمرت نيودلهي في تعزيز تعاونها مع موسكو، وخصوصاً في مجال الطاقة، موضحاً أنه «لا ينبغي أن تخضع العلاقات التجارية بين موسكو ونيودلهي لتأثير دول ثالثة»، وأعرب عن قناعته بأن «مسألة التعريفات الجمركية الأميركية تظل قضية ثنائية بين الولايات المتحدة والهند». ووصف بيسكوف الإجراءات المفروضة على قطاع النفط الروسي بأنها غير قانونية، مؤكداً أن روسيا تبذل كافة الجهود الممكنة لضمان استمرار تجارة الطاقة، وتدفقها دون انقطاع رغم التحديات. وأشار إلى أن الزيارة ستشهد توقيع حزمة مهمة من الوثائق الثنائية، دون الإفصاح عن تفاصيل محددة.

تعزيز التعاون في مجال الطاقة

قبل زيارة بوتين، أجرى مسؤولون من الجانبين محادثات في مجالات واسعة من الدفاع، إلى الشحن، والزراعة، وفي أغسطس (آب) الماضي، اتفق الطرفان على بدء محادثات بشأن اتفاقية تجارة حرة بين الهند والاتحاد الاقتصادي الأوراسي، بقيادة روسيا.

وكرست هذه الخطوات مسار تعزيز العلاقة رغم بروز بعض المخاوف لدى مسؤولين في الهند أعربوا عن قلق من أن أي صفقات طاقة ودفاع جديدة مع روسيا قد تُثير رد فعل من الرئيس الأميركي دونالد ترمب، الذي ضاعف الرسوم الجمركية إلى 50 في المائة في أغسطس على السلع الهندية، عقاباً على مشتريات نيودلهي من النفط الخام الروسي.

بوتين يتحدّث خلال مؤتمر في موسكو يوم 3 ديسمبر (رويترز)

ويُشكّل ملف تعزيز التعاون في مجال الطاقة إحدى أولويات الكرملين، الذي أكد أن الهند سوف تواصل الحصول على معاملة تفضيلية.

زادت واردات النفط الروسية على مدار سنوات اتفاقية التجارة الحرة بنسبة 600 في المائة، مما جعل الهند المشتري الرئيس لصادرات النفط الروسية (38 في المائة). كما تشتري الهند الأسمدة، والزيوت النباتية، والفحم، والمعادن.

تُنقل هذه الشحنات عبر الممر البحري الشرقي الذي افتُتح مؤخراً بين فلاديفوستوك وميناء تشيناي الهندي، وهو طريق بطول 10300 كيلومتر يربط بين موانٍ استراتيجية في المحيطين الهادئ والهندي. كما يعمل ممر النقل بين الشمال والجنوب فإن هذا الممر يتيح الاستقلال عن اللوجستيات الغربية، والتسويات بالعملات الوطنية تجاوزاً للعقوبات الغربية بنسبة تصل إلى 90 في المائة. وأكد الطرفان مجدداً هدفهما المتمثل في زيادة حجم التبادل التجاري إلى 100 مليار دولار بحلول عام 2030 (من 67 مليار دولار حالياً). وتطلب الهند دعماً لصادراتها إلى روسيا، لا سيما في مجالات الأدوية، والهندسة، والمنتجات الزراعية، ولتوفير فرص عمل للعمال الهنود المهاجرين، ويأتي ذلك تقديراً لإنجازات الهند في الالتفاف على العقوبات الغربية، خصوصاً في مجال تجارة النفط.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي يحضران اجتماعاً على هامش قمة منظمة شنغهاي للتعاون في سمرقند - أوزبكستان يوم 16 سبتمبر 2022 (رويترز)

في المقابل، تسعى موسكو إلى الحصول على مساعدة الهند للحصول على قطع غيار، ومعدات تقنية لأصولها النفطية، حيث عرقلت العقوبات الوصول إلى الموردين الرئيسين.

ووفقاً لمصدر حكومي في الهند، فإن نيودلهي تسعى على الأرجح إلى استعادة حصة 20 في المائة لشركة التنقيب عن الغاز الحكومية في مشروع «سخالين-1» في أقصى شرق روسيا.

وتسعى موسكو أيضاً إلى تطوير تعاملها في القطاع المالي والمصرفي مع الهند، وصرح نائب وزير الخارجية الروسي، أندريه رودينكو، بأنه ستتم خلال الزيارة مناقشة إمكانية إطلاق نظام الدفع الروسي «مير» في الهند، والذي من شأنه أن يُسهم في زيادة السياحة الروسية. ووفقاً له، فقد طُرحت هذه المسألة سابقاً خلال اجتماع بوتين مع وزير الخارجية الهندي سوبرامانيام جايشانكار. وستُناقش الآن على أعلى مستوى في نيودلهي.

الصفقات العسكرية

ورغم الضغوط الأميركية، لا تخطط الهند لتجميد علاقاتها الدفاعية مع موسكو، لأنها تحتاج إلى دعم مستمر للعديد من الأنظمة الروسية التي تشغّلها.

وقال مسؤولان هنديان مطلعان على الأمر لـ«رويترز» إن طائرات «سوخوي-30» الروسية تشكل غالبية أسراب المقاتلات الهندية البالغ عددها 29 سرباً، وعرضت موسكو مقاتلتها الأكثر تطوراً «سوخوي-57» والتي من المرجح أن تكون جزءاً من المحادثات.

بوتين يلتقي المتطوعين المشاركين في جائزة #WeAreTogether الدولية في مركز التجارة العالمي في موسكو يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ولم تتخذ الهند قراراً بعد بشأن النسخة المحدثة من «سوخوي»، لكن الكرملين أعلن أن هذا الموضوع سيكون مطروحاً للنقاش. ومن المرجح أن تناقش نيودلهي شراء المزيد من وحدات نظام الدفاع الجوي «إس-400» وفق تصريحات لوزير الدفاع الهندي راجيش كومار سينغ، الأسبوع الماضي. وتمتلك الهند الآن ثلاث وحدات، مع انتظار تسليم وحدتين إضافيتين بموجب صفقة عام 2018.

لكن الحديث عن تعاون دفاعي لا يقتصر على بيع الأسلحة، والمعدات، إذ قطعت موسكو ونيودلهي شوطاً مهماً لتوطين صناعات دفاعية في الهند لتصبح أبرز شريك عسكري لروسيا. وأفاد ديمتري شوغاييف مدير الهيئة الروسية للتعاون العسكري التقني بأن القمة الحالية سوف تبحث مشاريع عسكرية تقنية جديدة، وتوسيع العقود القائمة بين البلدين.

وتشير مصادر إلى أنه يمكن توطين إنتاج ما يقرب من نصف نظام «إس-400» في إطار سياسة نقل التكنولوجيا التي توليها الهند أولوية قصوى. وفي حال تم الاتفاق على شراء طائرات «سوخوي-57» المقاتلة، فسينتقل طيارو القوات الجوية الهندية بسهولة إلى الطائرات الروسية من الجيل الجديد، مع تأكيد أن شركة «هندوستان» للملاحة الجوية المحدودة المملوكة للدولة قادرة على صيانة الترسانة الروسية.

وأفادت تقارير بأن اتفاقيات قيد التطوير -أو وُقِّعت بالفعل- لإنتاج مشترك لنظام الدفاع الجوي «بانتسير»، واحتمال شراء الهند لنظام رادار الإنذار المبكر «فورونيج»، الذي يتجاوز مداه 6000 كيلومتر.

وأكد شوغاييف أن العلاقات العسكرية التقنية بين روسيا والهند تشهد تطوراً ملحوظاً رغم التحديات الدولية الراهنة، مشيراً إلى أنه لم يغلق أي مشروع عسكري تقني خلال عام 2025.

بوتين خلال تقديمه جائزة #WeAreTogether الدولية في موسكو، يوم 3 ديسمبر (إ.ب.أ)

ووفقاً للمسؤول الروسي ينتظر أن ينصب الاهتمام بشكل أساسي على الطائرات، وأنظمة الدفاع الجوي، والتعاون في تقنيات الطائرات المسيرة، والمساعدة في بناء سفن جديدة في أحواض بناء السفن الهندية. وأضاف: «تبدو آفاق الصادرات العسكرية إلى الهند في عام 2026 إيجابية للغاية، وأعتقد أن حجمها في العام المقبل سيتجاوز مستوى عام 2025»، مؤكداً أنه تم حل المشكلات المتعلقة بالجوانب اللوجستية، وتوريد المكونات للمشاريع المشتركة، بما في ذلك صيانة المعدات الموردة سابقاً.

وأشار شوغاييف إلى أن روسيا تسعى إلى تعاون عسكري تقني واسع النطاق مع الهند في مجال التقنيات الجديدة، حيث تتزايد حصة المشاريع المشتركة، والتقنيات التكنولوجية المتقدمة عاماً بعد عام.

وتنفذ روسيا والهند حالياً عشرات المشاريع العسكرية التقنية واسعة النطاق، ومن أهمها إنتاج الهند المرخص لطائرات «سوخوي-30»، ومحركات الطائرات، ودبابات «تي-90 إس»، والتعاون في إطار مشروع «براهموس» المشترك للصواريخ، وتحديث المعدات العسكرية التي سبق توريدها، والعمل المشترك في مجال تكنولوجيا الدفاع.

جانب من لقاء بوتين ومودي على هامش أعمال مجموعة «بريكس» في كازان شهر أكتوبر 2024 (د.ب.أ)

وأشارت مصادر إلى أن الطرفين يُعدّان «بيانات مهمة» ستحدد التوجهات الرئيسة للمرحلة المقبلة من شراكتهما. ومن المتوقع أن تُمهّد الاتفاقيات الجديدة للتعاون العسكري الصناعي الطريق لمرحلة جديدة من التعاون الدفاعي بين البلدين، ما يتيح للهند الوصول إلى أحدث تقنيات التخفي، والدفاع الصاروخي. وتتوقع المصادر أن يُعزز هذا مكانة الهند في المنطقة الآسيوية.

من المتوقع توقيع عقود عسكرية لتوريد وإنتاج أنظمة دفاع جوي من الجيل الجديد، بما في ذلك نظام الدفاع الجوي إس-500. وقد لاقى نظام إس-400 الروسي استحساناً من الجيش الهندي خلال عملية سيندور، حيث أُشير إلى سرعة نشره في أقل من خمس دقائق لتكون ميزة كبيرة. ويُعتبر دمج نظام إس-400 في نظام الدفاع الجوي متعدد الطبقات الهندي على طول الحدود مع الصين وباكستان تعزيزاً أمنياً.

توازن بين الهند والصين

وتواجه موسكو -التي طورت علاقاتها مع الصين بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة، وغدت بكين حليفاً رئيساً لها- تحدياً جدياً في إقامة توازن دقيق في العلاقة مع البلدين الخصمين.

الرئيسان الصيني شي جينبينغ (يمين) والروسي فلاديمير بوتين وبينهما رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي في لقائهم بمدينة تيانجين الصينية في سبتمبر (أ.ب)

وأكد الكرملين أن موسكو تنطلق من أهمية المحافظة على علاقات مع «الشركاء التقليديين»، مشيراً إلى «تقدير خاص لاستعداد نيودلهي للمساهمة في البحث عن تسوية سلمية للنزاع في أوكرانيا».

وفي إشارة مهمة، قال الناطق الرئاسي الروسي: «نحن مستعدون لتطوير علاقاتنا مع الهند في جميع المجالات الممكنة، إلى الحد الذي تكون فيه الهند مستعدة لذلك»، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن روسيا «تواصل تطوير علاقاتها مع الهند، والصين».

وتابع: «نحن نحترم العلاقات الثنائية بين الهند والصين، وليس لدينا شك في أن أقدم دولتين، الدولتين الأكثر حكمة في هذا العالم، ستكونان حكيمتين بما يكفي لتسوية جميع المشكلات من أجل الحفاظ على الاستقرار العالمي».

تحدي الضغوط الأميركية

رأت تعليقات في وسائل إعلام حكومية روسية عشية الزيارة أن نيودلهي سارت خطوات لتحدي الضغوط الأميركية المفروضة عليها بسبب علاقاتها مع موسكو. ومن ذلك، ألغت الهند مناقشات اتفاقية التجارة الهندية-الأميركية، وقالت الصحافة الروسية إن تلك الاتفاقية «تراجعت أهميتها الاستراتيجية مقارنة بالنتائج المتوقعة بعد زيارة بوتين». وزادت أن «الهند ردت عملياً على الهجوم على سيادتها».

ترمب ومودي في مؤتمر صحافي مشترك في البيت الأبيض في فبراير الماضي (رويترز)

كانت الحكومة الأميركية حملت نيودلهي مسؤولية تعزيز الجيش الروسي في أوكرانيا، واصفةً تصرفات الهند لاستيراد النفط الروسي بأنها «مزعزعة للاستقرار». ووصف الرئيس دونالد ترمب الهند بأنها «مغسلة للكرملين»، وهدد بفرض رسوم جمركية بنسبة 500 في المائة على الواردات الهندية إذا واصلت نيودلهي هذا المسار.

بدوره عارض الاتحاد الأوروبي مشاركة الهند في مناورات عسكرية مشتركة مع روسيا، بحجة أن صداقة نيودلهي مع موسكو تُشكل عقبة أمام تعميق التعاون الاستراتيجي مع أوروبا.

ورأت التعليقات الروسية أن «الهجوم السافر على السيادة الهندية من قبل الغرب فقد أثره. لقد اتُخذ القرار: التعاون مع روسيا أهم للهند منه مع الغرب، كما يتضح من زيارة بوتين. وقد اكتسبت روسيا والهند خبرة واسعة في العمل معاً ضمن مجموعة (بريكس)، ومنظمة شنغهاي للتعاون».