الاتحاد الأوروبي يعيد تقييم تدريباته العسكرية لقوات أفريقية بعد الانقلاب الجديد

جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في توليدو بإسبانيا (د.ب.أ)
جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في توليدو بإسبانيا (د.ب.أ)
TT

الاتحاد الأوروبي يعيد تقييم تدريباته العسكرية لقوات أفريقية بعد الانقلاب الجديد

جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في توليدو بإسبانيا (د.ب.أ)
جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي في توليدو بإسبانيا (د.ب.أ)

أبدى وزراء من الاتحاد الأوروبي قلقهم العميق من ارتفاع عدد الانقلابات العسكرية في القارة السمراء، في الوقت الذي يبحثون فيه فرض عقوبات تستهدف المجموعة التي نفذت انقلاباً على الحكومة المنتخبة في النيجر منذ شهر تقريباً.

وحدث انقلاب عسكري يوم (الأربعاء) في الغابون، الدولة الغنية بالنفط، وهو ثامن انقلاب يحدث في دولة من وسط أو غرب أفريقيا خلال آخر 3 سنوات.

الاتحاد الأوروبي، وفقاً لوكالة «أسوشيتد برس» لم يقدم تدريباً عسكرياً للقوات المسلحة في الغابون، لكنه مول تدريب قوات في مالي والنيجر. بينما قدمت القوات الفرنسية تدريبات لجيش الغابون.

ركزت التدريبات العسكرية، بشكل رئيسي، على منطقة الساحل الأفريقي لمواجهة التطرف وخاصة المجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة.

ويخشى العديد من الأوروبيين أن الاضطراب في أفريقيا سوف يدفع المزيد من الناس للهرب، والتكتل، الذي يتكون من 27 دولة، منقسم بالفعل حول كيفية التعامل مع وصول عدد كبير من اللاجئين.

العديد من الدول الأوروبية لديها مصالح قوية في أفريقيا، وعلى وجه الخصوص فرنسا التي ما زالت في حاجة إلى اليورانيوم من النيجر.

ويدفع التأثير المتزايد لروسيا في أفريقيا عن طريق مجموعة «فاغنر»، وكذلك القوة الاقتصادية الكبيرة للصين، الدول الأوروبية لإعادة التفكير في سياساتها.

وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: «من الواضح أن الأمور لم تسر على ما يرام، خصوصاً مع انتشار الانقلابات العسكرية وحضور مجموعة فاغنر في أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينافاسو».

من جانبه، قال مايكل مارتن وزير خارجية آيرلندا: «يجب أن نعيد تقييم سياستنا في التعامل مع أفريقيا في ضوء التطورات الجديدة».

وأضاف، في تصريحات للصحافيين في مدينة توليدو بإسبانيا حيث يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أن «تدريب القوات المسلحة في أفريقيا وتقديم الدعم لها، مع احتمالية أن تنقلب على حكوماتها أصبح يمثل معضلة كبيرة».

وشددت حجة لحبيب، وزيرة خارجية بلجيكا، على أن جهود الاتحاد الأوروبي في أفريقيا تؤتي ثمارها ويجب أن تستمر، مضيفة أن «من المهم الحفاظ على المكاسب التي تحققت، لنتفادى انتقال عدوى الانقلابات كما حصل في الغابون».

سارع العديد من الوزراء الأوروبيين للقول إن أفريقيا يجب أن تواجه تحدياتها بنفسها. بينما في حالة النيجر كانوا قد قالوا إن من الضروري دعم مجموعة «إيكواس».

وأكد بوريل أن وزراء الاتحاد الأوروبي سينصتون بعناية لـ«إيكواس»، لأنه يعتقد أن «أول رد فعل يجب أن نظهره هو أننا نريد أن تأتي حلول تلك المشكلات من الكيانات الأفريقية».

وأوضح بوريل أن الاتحاد الأوروبي يعمل على تحضير مجموعة من العقوبات تشمل تجميد الأصول والمنع من السفر بحق المتورطين في الانقلاب، بالإضافة إلى العقوبات التي تعدها مجموعة «إيكواس».

المجموعة التي نفذت الانقلاب في النيجر تزيد من حالة الشعور بالظلم لدى العامة تجاه فرنسا (المستعمر السابق) وطلبت المساعدة من مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة.

لدى فرنسا نحو 2500 جندي في النيجر وتشاد، مهمتهم الأولى هي التدريب، ولديها نحو 400 جندي في الغابون لتدريب القوات المحلية هناك، بالإضافة إلى عدة دول أخرى في المنطقة.

المجموعة الحاكمة في النيجر سمحت لقوات من مالي وبوركينافاسو المجاورتين بالدخول والمساهمة في الدفاع، ما يرفع من إمكانية حدوث مواجهة مسلحة ضد دول غرب أفريقيا الأخرى التي هددت باستخدام القوة لإعادة الرئيس محمد بازوم للحكم.

وحذر أنتونيو تجاني وزير خارجية إيطاليا من أن استخدام القوة سيكون بمثابة «كارثة»، وقال: «أي حرب في النيجر ستؤدي إلى هروب المزيد من الناس من البلاد، كما حدث في السودان. وعدم الاستقرار في أفريقيا سيكون خطراً من ناحية الهجرة غير الشرعية».

وتابع: «الروس لم يدبروا انقلاب النيجر، لكنهم يعملون على استغلال عدم الاستقرار لمصلحتهم لإنشاء استعمار جديد. الصينيون سيقومون بالمثل، لكن في الوقت الحالي الروس أكثر خطورة خاصة مجموعة فاغنر».


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

الولايات المتحدة​ قاعدة أغاديز (أرشيفية - أ.ب)

الجيش الأميركي أنهى سحب قواته من آخر قاعدة في النيجر

أعلن الجيش الأميركي، الاثنين، إنهاء سحب كل قواته من قاعدته الأخيرة في النيجر؛ تلبية لمطلب قادة الانقلاب العسكري في الدولة الأفريقية.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
أفريقيا متظاهرون يهتفون تأييداً للقوات النيجرية أثناء تجمعهم أمام السفارة الفرنسية في نيامي (أ.ف.ب)

مقتل 15 جندياً في النيجر قرب الحدود مع بوركينا فاسو

قتل 15 جنديا في النيجر على الأقل أمس (الاثنين) خلال معارك في منطقة تير (جنوب غرب) قرب بوركينا فاسو.

«الشرق الأوسط» (نيامي)
أفريقيا مجموعة أفراد يحملون شبكة صيد في طريقهم لبحيرة الثعبان لجمع الأسماك بمالي (أ.ف.ب)

الأمم المتحدة تدعو إلى «تحرك دولي فوري» لحل أزمة منطقة الساحل الأفريقي

دعت الأمم المتحدة، الجمعة، إلى تحرك دولي فوري لوضع حد للنزوح القسري للمدنيين في منطقة الساحل الأفريقي التي تشهد أزمة إنسانية تزداد سوءا.

«الشرق الأوسط» (جنيف)
أفريقيا جنود فرنسيون يتأهبون لركوب طائرة عسكرية بعد انسحابهم من النيجر في 22 ديسمبر 2023 (رويترز)

السماح للجيش الألماني بالاحتفاظ بقاعدة جوية في النيجر

أعلنت وزارة الدفاع الألمانية أن الجيش الألماني سيتمكن من الاحتفاظ بقاعدته للنقل الجوي في النيجر في إطار «اتفاق مؤقت» أبرم مع الدولة الواقعة في منطقة الساحل.

«الشرق الأوسط» (برلين)
الولايات المتحدة​ صورة عامة للعاصمة نيامي (أرشيفية - رويترز)

أميركا تستكمل سحب قواتها من النيجر بحلول 15 سبتمبر

قالت النيجر والولايات المتحدة في بيان مشترك إنهما توصلتا إلى اتفاق بشأن انسحاب القوات الأميركية من الدولة الواقعة في غرب أفريقيا.

«الشرق الأوسط» (نيامي )

بايدن يزور أفريقيا للترويج لمشروع ينافس نفوذ الصين

TT

بايدن يزور أفريقيا للترويج لمشروع ينافس نفوذ الصين

الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي الرئيس الأنغولي جواو لورنكو بالبيت الأبيض في 30 نوفمبر 2023 (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن يلتقي الرئيس الأنغولي جواو لورنكو بالبيت الأبيض في 30 نوفمبر 2023 (رويترز)

يفي جو بايدن قبل انتهاء ولايته بوعد قطعه بزيارة أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى خلال فترة رئاسته، عبر التوجه هذا الأسبوع إلى أنغولا في زيارة تهدف إلى تأكيد الطموحات الأميركية في هذه القارة بمواجهة الاستثمارات الصينية الزائدة. ويصل الرئيس الأميركي المنتهية ولايته إلى لواندا، الاثنين، في زيارة تستمر حتى الأربعاء، قبل أن يخلفه دونالد ترمب في البيت الأبيض في 20 يناير (كانون الثاني). وكان من المقرر أن يقوم الرئيس الديمقراطي، البالغ عمره 82 عاماً، بهذه الزيارة في أكتوبر (تشرين الأول)، لكنه اضطر إلى إلغائها بسبب إعصار ضرب ولاية فلوريدا.

زيارة غير مسبوقة

وستكون هذه أول زيارة لرئيس أميركي إلى البلد النفطي المطل على المحيط الأطلسي. وقال مسؤول أميركي كبير، في حديث مع صحافيين إن «هذه الخطوة ليست متأخرة ولا من دون مغزى»، مضيفاً: «أعتقد بأنه بعدما بقينا سنوات خارج اللعبة، أعادنا الرئيس بايدن إليها». وسيبحث بايدن في لواندا استثمارات أميركية مختلفة في المنطقة، بدءاً بمشروع ضخم للسكك الحديدية يُعرف بـ«ممر لوبيتو»، يربط ميناء لوبيتو الأنغولي بجمهورية الكونغو الديمقراطية، مع خط يتفرع عنه ويصل إلى زامبيا. والمشروع الممتد على مسافة 1300 كيلومتر، ويُنفذ بتمويل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، سيشكل رابطاً استراتيجياً بين الميناء ومناجم الكوبالت والنحاس المعدنين الأساسيين لصنع منتجات التكنولوجيا المتطورة، ولا سيما بطاريات الجوالات الذكية، ويصفه بايدن بـ«أكبر استثمار أميركي في السكك الحديدية في أفريقيا على الإطلاق». وسيلتقي بايدن رئيس أنغولا جواو لورنكو، ويلقي كلمة يتناول فيها الصحة العامة والزراعة والتعاون العسكري، والحفاظ على الإرث الثقافي. وقال هيتور كارفالو، الخبير الاقتصادي في جامعة «لوسيادا» في لواندا، إنه «رغم أن الرئيس بايدن شارف على الخروج من البيت الأبيض، فإنه سيمثل الولايات المتحدة بكل ما لديها من وزن جيو - سياسي وجيو - اقتصادي»، كما نقلت عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

وحضت منظمات حقوقية بايدن على طرح مسألة سجل أنغولا على صعيد حقوق الإنسان خلال زيارته. وقد أفادت منظمة العفو الدولية في تقرير أصدرته مؤخراً، بأن الشرطة الأنغولية «قتلت ما لا يقل عن 17 متظاهراً، بينهم قاصر في سياق حملة القمع» التي تمارسها ضد المعارضة. كما حضت «منظمة العفو» بايدن على أن يطلب من حكومة أنغولا «الإفراج فوراً عن خمسة معارضين معتقلين بصورة اعتباطية منذ أكثر من سنة». وقال المسؤول الأميركي بهذا الصدد إن بايدن «لم يتهرب يوماً من تناول التحديات المطروحة على الديمقراطية، ومن التزامه حيال الديمقراطية».

نفوذ الصين

يسعى بايدن لتأكيد الطموحات الأميركية في أفريقيا بوجه النفوذ الصيني المتنامي. وقال المسؤول للصحافيين إن الحكومات الأفريقية تبحث عن بديل للاستثمارات الصينية، في ظل ما تتضمنه من عواقب، ولا سيما «العيش في ظل ديون فادحة لأجيال». ويبلغ دين أنغولا تجاه الصين 17 مليار دولار، ما يشكل نحو 40 في المائة من إجمالي ديون البلد.

ويبدو أن لورنكو أيضاً يسعى لتنويع شراكات بلاده خارج الصين وروسيا. وفي هذا السياق، صوتت أنغولا في 2022 لصالح قرار في الأمم المتحدة يندد بالغزو الروسي لأوكرانيا. وعلقت سيزالتينا أبرو، عالمة الاجتماع في جامعة «أنغولا الكاثوليكية»، أن زيارة بايدن تُشكل بالتأكيد بالنسبة لرئيس أنغولا «تحقيقاً لحلمه بأن يكون هو من جاء بأول رئيس أميركي إلى أنغولا». لكن من غير المعروف إن كانت الاستثمارات الأميركية في أفريقيا ستستمر في عهد ترمب. وقالت أبرو لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «إن أبدى ترمب اهتماماً بأفريقيا وأنغولا مماثلاً لما أبداه في ولايته الأولى، فستشهد البرامج التي أطلقها بايدن انتكاسة». لكن أليكس فاينز، الباحث في معهد «تشاتام هاوس»، أكد أن على الرئيس المنتخب أن يتنبه إلى أن «أمام أنغولا ودول أخرى مثلها، شركاء كثر يمكنها الاختيار بينهم، في عالم يشهد منافسة زائدة من أجل الوصول إلى موارد أفريقيا الحيوية».