أبدى وزراء من الاتحاد الأوروبي قلقهم العميق من ارتفاع عدد الانقلابات العسكرية في القارة السمراء، في الوقت الذي يبحثون فيه فرض عقوبات تستهدف المجموعة التي نفذت انقلاباً على الحكومة المنتخبة في النيجر منذ شهر تقريباً.
وحدث انقلاب عسكري يوم (الأربعاء) في الغابون، الدولة الغنية بالنفط، وهو ثامن انقلاب يحدث في دولة من وسط أو غرب أفريقيا خلال آخر 3 سنوات.
الاتحاد الأوروبي، وفقاً لوكالة «أسوشيتد برس» لم يقدم تدريباً عسكرياً للقوات المسلحة في الغابون، لكنه مول تدريب قوات في مالي والنيجر. بينما قدمت القوات الفرنسية تدريبات لجيش الغابون.
ركزت التدريبات العسكرية، بشكل رئيسي، على منطقة الساحل الأفريقي لمواجهة التطرف وخاصة المجموعات المرتبطة بتنظيم القاعدة.
ويخشى العديد من الأوروبيين أن الاضطراب في أفريقيا سوف يدفع المزيد من الناس للهرب، والتكتل، الذي يتكون من 27 دولة، منقسم بالفعل حول كيفية التعامل مع وصول عدد كبير من اللاجئين.
العديد من الدول الأوروبية لديها مصالح قوية في أفريقيا، وعلى وجه الخصوص فرنسا التي ما زالت في حاجة إلى اليورانيوم من النيجر.
ويدفع التأثير المتزايد لروسيا في أفريقيا عن طريق مجموعة «فاغنر»، وكذلك القوة الاقتصادية الكبيرة للصين، الدول الأوروبية لإعادة التفكير في سياساتها.
وقال جوزيب بوريل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: «من الواضح أن الأمور لم تسر على ما يرام، خصوصاً مع انتشار الانقلابات العسكرية وحضور مجموعة فاغنر في أفريقيا الوسطى ومالي وبوركينافاسو».
من جانبه، قال مايكل مارتن وزير خارجية آيرلندا: «يجب أن نعيد تقييم سياستنا في التعامل مع أفريقيا في ضوء التطورات الجديدة».
وأضاف، في تصريحات للصحافيين في مدينة توليدو بإسبانيا حيث يجتمع وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي، أن «تدريب القوات المسلحة في أفريقيا وتقديم الدعم لها، مع احتمالية أن تنقلب على حكوماتها أصبح يمثل معضلة كبيرة».
وشددت حجة لحبيب، وزيرة خارجية بلجيكا، على أن جهود الاتحاد الأوروبي في أفريقيا تؤتي ثمارها ويجب أن تستمر، مضيفة أن «من المهم الحفاظ على المكاسب التي تحققت، لنتفادى انتقال عدوى الانقلابات كما حصل في الغابون».
سارع العديد من الوزراء الأوروبيين للقول إن أفريقيا يجب أن تواجه تحدياتها بنفسها. بينما في حالة النيجر كانوا قد قالوا إن من الضروري دعم مجموعة «إيكواس».
وأكد بوريل أن وزراء الاتحاد الأوروبي سينصتون بعناية لـ«إيكواس»، لأنه يعتقد أن «أول رد فعل يجب أن نظهره هو أننا نريد أن تأتي حلول تلك المشكلات من الكيانات الأفريقية».
وأوضح بوريل أن الاتحاد الأوروبي يعمل على تحضير مجموعة من العقوبات تشمل تجميد الأصول والمنع من السفر بحق المتورطين في الانقلاب، بالإضافة إلى العقوبات التي تعدها مجموعة «إيكواس».
المجموعة التي نفذت الانقلاب في النيجر تزيد من حالة الشعور بالظلم لدى العامة تجاه فرنسا (المستعمر السابق) وطلبت المساعدة من مجموعة «فاغنر» العسكرية الروسية الخاصة.
لدى فرنسا نحو 2500 جندي في النيجر وتشاد، مهمتهم الأولى هي التدريب، ولديها نحو 400 جندي في الغابون لتدريب القوات المحلية هناك، بالإضافة إلى عدة دول أخرى في المنطقة.
المجموعة الحاكمة في النيجر سمحت لقوات من مالي وبوركينافاسو المجاورتين بالدخول والمساهمة في الدفاع، ما يرفع من إمكانية حدوث مواجهة مسلحة ضد دول غرب أفريقيا الأخرى التي هددت باستخدام القوة لإعادة الرئيس محمد بازوم للحكم.
وحذر أنتونيو تجاني وزير خارجية إيطاليا من أن استخدام القوة سيكون بمثابة «كارثة»، وقال: «أي حرب في النيجر ستؤدي إلى هروب المزيد من الناس من البلاد، كما حدث في السودان. وعدم الاستقرار في أفريقيا سيكون خطراً من ناحية الهجرة غير الشرعية».
وتابع: «الروس لم يدبروا انقلاب النيجر، لكنهم يعملون على استغلال عدم الاستقرار لمصلحتهم لإنشاء استعمار جديد. الصينيون سيقومون بالمثل، لكن في الوقت الحالي الروس أكثر خطورة خاصة مجموعة فاغنر».