حضّت السلطات في مقاطعة بريتيش كولومبيا الكندية عشرات الآلاف من السكان على الامتثال لأوامر الإخلاء بسبب حرائق غابات «سريعة التطوّر»، تهدّد منطقة أوكاناغان فالي، بما في ذلك مدينة كيلونا.
وقالت وزيرة إدارة الأحوال الطارئة، بوين ما، إنّ الأوضاع في المنطقة التي تعدّ مقصداً سياحياً «سريعة التطوّر». وأوضحت أنّ أوامر إخلاء صدرت لنحو 30 ألف شخص، وأن 36 ألفاً آخرين وضعوا في حال تأهب للاستعداد للإجلاء. وشدّدت في مؤتمر صحافي عقدته عصراً على وجوب «اتّباع أوامر الإخلاء عند صدورها». وأضافت أنها «مسألة حياة أو موت، ليس فقط للأشخاص الموجودين في تلك الممتلكات، بل أيضا للمستجيبين الأوائل الذين غالباً ما يعودون لحضّ الناس على المغادرة»، كما نقلت عنها وكالة الصحافة الفرنسية.
وخيّم دخان كثيف على مدينة كيلونا، البالغ عدد سكانها 150 ألف نسمة، والتي أصبحت أحدث مركز حضري تتهدّده حرائق الغابات في الصيف الكندي الملتهب. وليل السبت، كان لا يزال 385 حريق غابات نشطاً في بريتيش كولومبيا، وفق بيانات الحكومة.
وقال رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو إنّه تباحث مع رئيس حكومة بريتيش كولومبيا، ديفيد إيبي، في «حرائق الغابات سريعة التطوّر» التي تحدث «تدميراً لا يصدّق»، متعهّداً توفير موارد فيدرالية استجابة للكارثة.
مدينة أشباح
والحرائق المشتعلة في إقليم الأراضي الشمالية الغربية المجاور استدعت إخلاء العاصمة الإقليمية «يلونايف» البالغ عدد سكانها نحو 20 ألف نسمة، ما حوّلها إلى مدينة أشباح. وليل السبت، هطلت أمطار في يلونايف ما أثار ارتياحاً نسبياً، لكنّ وزير البيئة في الأراضي الشمالية الغربية شين تومسون نبّه إلى أنّ «قليلاً من المطر لا يعني أن العودة آمنة». وقال في مؤتمر صحافي: «على الرّغم من أنّ سطح (الأرض) لا يظهر أي حريق، لا يزال نشطاً وضخماً»، مشيراً إلى أنه من المتوقّع أن تعاود درجات الحرارة الارتفاع.
وأشاد المسؤول في يلونايف، كريس غرينكورن، بعمل طواقم الإغاثة التي ينشط عناصرها في تحصين دفاعات المدينة، مع إخلاء مناطق شاسعة بغية إيجاد مساحة عازلة ومد أنابيب لرشاشات وخراطيم المياه. وقال إن الجهود المبذولة توازي «موسمي بناء في يلونايف أنجزا خلال 6 أيام». وقال تومسون إن إخلاء يلونايف وأنحاء أخرى تسبب في نزوح نحو ثلثي سكان الأراضي القريبة من القطب الشمالي.
خسائر رهيبة
وزار ترودو، مساء الجمعة، إدمونتون الواقعة على مسافة نحو 1000 كيلومتر من يلونايف، والتقى هناك نازحين من الشمال نقلوا إلى مركز استقبال، ولا أحد يعلم متى يمكنهم العودة. وقال ترودو للصحافيين عقب الزيارة، إنّ الحرائق سببت «خسائر رهيبة». وفي بريتيش كولومبيا، أتت الحرائق على ممتلكات عدة في ويست كيلونا، لا سيّما منتجع بحيرة أوكاناغان الفاخر الذي استقبل في الماضي كبار السياسيين مثل رئيسة الوزراء البريطانية الراحلة مارغريت ثاتشر.
وقال قائد جهاز الإطفاء في ويست كيلونا، جيسون برولوند، في مؤتمر صحافي السبت: «بات من الجليّ أنّ هذا الحدث سيترك أثراً طويل الأمد في مجتمعنا». وأشار إلى أنّ يوم الجمعة كان «أحد أصعب أيام مكافحة الحرائق التي واجهها قسمنا».
وأصدرت المنطقة قراراً طارئاً أمرت فيه بوقف الزيارات غير الضرورية. ويمنع القرار الزوار من تسجيل دخول الفنادق وغيرها من منشآت الإقامة المؤقتة، ويشمل كيلونا وبلدات كاملوبس وأوليفر وبنتيكتون وفرينون المجاورة، كما أوسويوس القريبة من الحدود الأميركية.
وقالت السلطات: «إذا كنتم حالياً في منشآت إقامة مؤقتة في هذه المناطق، نطلب منكم أن تغادروا باكراً طوعاً لإتاحة أمكنة للذين يتم إجلاؤهم وللمستجيبين».
موسم الحرائق الأشد
ويؤازر عناصر إطفاء من أستراليا والمكسيك والبرازيل وكوستاريكا ومن شرق كندا أجهزة الإطفاء في بريتيش كولومبيا في مكافحة الحرائق. وفي الجانب الأميركي من الحدود، أُجبر آلاف الأشخاص على الهرب من حرائق الغابات في ولاية واشنطن، وقد أفادت تقارير وسائل إعلام محلّية بمصرع شخص واحد على الأقل.
وصدرت أوامر إخلاء لبلدة «ميديكال ليك» الواقعة قرب «سبوكاين» والمجاورة لقاعدة جوية أميركية، كما أغلق قسم من الطريق السريعة «آي - 90» الحيوية، وفق السلطات. وتشهد كندا هذه السنة موسم حرائق غابات هو الأشد على الإطلاق، تسبّب بإجلاء 168 ألف كندي عبر البلاد، وأتى على 14 مليون هكتار من الأراضي، ما يساوي ضعف الرقم القياسي السابق المسجل في 1989. ويقول علماء إن الاحترار العالمي الناجم عن أنشطة بشرية يفاقم الكوارث الطبيعية، ويزيد من تواترها وفتكها.