5 فوائد لـ«أول معاهدة دولية» لحماية أعالي البحار

أقرتها الأمم المتحدة بعد عقدين من المفاوضات

 إقرار معاهدة أعلى البحار بعد جولة من المحادثات الماراثونية (أ.ف.ب)
إقرار معاهدة أعلى البحار بعد جولة من المحادثات الماراثونية (أ.ف.ب)
TT

5 فوائد لـ«أول معاهدة دولية» لحماية أعالي البحار

 إقرار معاهدة أعلى البحار بعد جولة من المحادثات الماراثونية (أ.ف.ب)
إقرار معاهدة أعلى البحار بعد جولة من المحادثات الماراثونية (أ.ف.ب)

بعد نحو عقدين من المناقشات، بما في ذلك 4 سنوات من المفاوضات الرسمية، اعتمدت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة أخيراً، «أول معاهدة دولية» في العالم لحماية أعالي البحار.

واتفقت الدول الأعضاء على نص المعاهدة في مارس (آذار) الماضي، بعد جولة من المحادثات الماراثونية، ثم خضع النص منذ ذلك الحين للمراجعة والفحص من قبل محامي الأمم المتحدة والمترجمين للتأكد من مطابقته باللغات الرسمية الست للمنظمة، وتم اعتماده (الاثنين) ليشكل أول إطار قانوني لتوسيع نطاق الحماية البيئية لتشمل المياه الدولية.

وتشكل تلك المياه أكثر من 60 في المائة من محيطات العالم، وتقع خارج المناطق الاقتصادية الخالصة للبلدان، وبالتالي لا توجد عليها ولاية قضائية لأي دولة بمفردها، وبالتالي فإن توفير الحماية لهذه المياه، التي تسمى بـ«أعالي البحار» يتطلب تعاوناً دولياً.

غوتيريش: المعاهدة «إنجاز تاريخي»

وأشاد الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، بالمعاهدة. ووصفها بأنها «إنجاز تاريخي». وقال إن «المحيط هو شريان الحياة لكوكبنا، وتضخ تلك المعاهدة حياة جديدة، وتمنح المحيط فرصة للقتال من أجل الكوكب».

مقر الامم المتحدة « ارشيفية متداولة «

وأصبح العلماء يدركون بشكل متزايد أهمية المحيطات التي تنتج معظم الأكسجين الذي نتنفسه، وتحد من تغير المناخ عن طريق امتصاص ثاني أكسيد الكربون، وتستضيف مناطق غنية من التنوع البيولوجي، غالباً على المستوى المجهري، لذلك فإن هذه الاتفاقية التي تنتظر التصديق المحلي من الدول لتدخل حيز التنفيذ بحلول مؤتمر الأمم المتحدة المقبل حول المحيط في نيس بفرنسا في يونيو (حزيران) 2025، تحقق العديد من المزايا، كما يقول تقرير نشره (الاثنين) الموقع الرسمي للأمم المتحدة.

خفض الحرارة

أول هذه المزايا التي يشير إليها التقرير، أن المعاهدة قد تساعد على خفض درجات الحرارة وتحد من تغير المناخ، حيث إن «الاحتباس الحراري يدفع درجات حرارة المحيطات إلى آفاق جديدة، مما يؤدي إلى زيادة تواتر وشدة العواصف، وارتفاع منسوب مياه البحر، وتملح الأراضي الساحلية وخزانات المياه الجوفية، وتقدم المعاهدة إرشادات تساعد على معالجة هذه المشاكل الملحة».

ومن بين ما تتضمنه المعاهدة في هذا الصدد، هو «إقرار نهج متكامل لإدارة المحيطات، لمعالجة الآثار الضارة لتغير المناخ وتحمض المحيطات، والحفاظ على سلامة النظام البيئي، بما في ذلك خدمات تدوير الكربون، كما تعترف أحكام المعاهدة بالحقوق والمعارف التقليدية للشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية، وحرية البحث العلمي، والحاجة إلى التقاسم العادل والمنصف للمنافع».

وتشير الميزة الثانية التي يكشفها التقرير إلى أن المعاهدة توفر «حماية جديدة خارج الحدود»، ففي حين أن البلدان مسؤولة عن الحفظ والاستخدام المستدام للممرات المائية الخاضعة لولايتها الوطنية، أضافت المعاهدة حماية لمنطقة أعالي البحار من الاتجاهات المدمرة مثل التلوث وأنشطة الصيد غير المستدامة.

وتحتوي الاتفاقية على 75 مادة تهدف إلى حماية البيئة البحرية والعناية بها وضمان الاستخدام المسؤول لها، والحفاظ على سلامة النظم البيئية للمحيطات، والحفاظ على القيمة المتأصلة للتنوع البيولوجي البحري.

محيطات أنظف

أما الميزة الثالثة فهي أن الاتفاقية تسعى نحو الوصول إلى «محيطات أنظف»، حيث تتدفق المواد الكيميائية السامة وملايين الأطنان من النفايات البلاستيكية إلى النظم البيئية الساحلية، مما يؤدي إلى قتل أو إصابة الأسماك والسلاحف البحرية والطيور البحرية والثدييات البحرية، وتشق طريقها إلى السلسلة الغذائية ويستهلكها البشر في نهاية المطاف.

ودخل أكثر من 17 مليون طن متري من البلاستيك إلى محيط العالم في عام 2021، مما يشكل 85 في المائة من القمامة البحرية، ومن المتوقع أن تتضاعف التوقعات 3 مرات كل عام بحلول عام 2040، وفقاً لأحدث تقرير لأهداف التنمية المستدامة.

ووفقاً لتقديرات الأمم المتحدة بحلول عام 2050 «قد يكون هناك المزيد من البلاستيك في البحر أكثر من الأسماك ما لم يتم اتخاذ إجراء». وتهدف المعاهدة إلى «تعزيز القدرة على مواجهة هذه المشكلة، وبموجب أحكامها، يجب على الأطراف تقييم الآثار البيئية المحتملة لأي أنشطة مخطط لها خارج نطاق سلطة الدولة».

وتحقق المعاهدة ميزة رابعة تتعلق بـ«الإدارة المستدامة للأرصدة السمكية»، فوفقاً للتقرير، فإن «أكثر من ثلث المخزون السمكي العالمي يتعرض للاستغلال المفرط، وتتعامل النصوص مع تلك المشكلة بالتأكيد على أهمية بناء القدرات ونقل التكنولوجيا البحرية، بما في ذلك تطوير وتعزيز القدرات المؤسسية والأطر أو الآليات التنظيمية الوطنية، ويشمل ذلك زيادة التعاون بين المنظمات الإقليمية لإدارة مصايد الأسماك».

والميزة الخامسة التي يشير إليها التقرير، تتعلق باعتبار تلك المعاهدة أداة حيوية لتحقيق أهداف خطة التنمية المستدامة 2030. وقد عبر غوتيريش عن ذلك بقوله بعد إقرارها إن «الاتفاقية الجديدة ضرورية لمواجهة التهديدات التي تواجه المحيطات، ولنجاح الأهداف والغايات المتعلقة بالمحيطات بما في ذلك خطة 2030».

وتحقق بنود الاتفاقية بعض الغايات الخاصة بالهدف الرابع عشر من أهداف خطة التنمية المستدامة، والذي يتعلق بمنع التلوث البحري بجميع أنواعه، والحد منه بشكل كبير، وإنهاء الصيد الجائر من خلال خطط الإدارة القائمة على العلم لاستعادة المخزونات السمكية في أقصر وقت ممكن. وستتيح الاتفاقية الجديدة إنشاء أدوات إدارة قائمة على المنطقة، بما في ذلك المناطق البحرية المحمية، للحفاظ على الموائل والأنواع الحيوية وإدارتها على نحو مستدام في أعالي البحار ومنطقة قاع البحار الدولية، كما تأخذ المعاهدة في الاعتبار الظروف الخاصة التي تواجه الدول النامية الجزرية الصغيرة وغير الساحلية.

من جانبه، يبدي محمد عثمان، أستاذ علوم البحار بجامعة الإسكندرية (شمال القاهرة) حماساً لهذه المعاهدة والمزايا الخمسة التي يشير إليها التقرير، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إنه «بعد سنوات من الكلام والنقاش أصبح لدينا واقع حقيقي على الأرض». ويضيف أن العديد من المعارك البيئية تسلط الضوء على المناطق الساحلية، ومع هذه الاتفاقية سيصبح للمياه الدولية أدوات لحمايتها. وأوضح عثمان أن «الأداة الرئيسية في الاتفاقية هي القدرة على إنشاء مناطق بحرية محمية في المياه الدولية، وهذا من شأنه أن يحقق العديد من المزايا البيئية».

جانب من افتتاح مؤتمر في بنما حول حماية المحيطات في 2 مارس (أ.ف.ب)

تقاسم الفوائد

وكانت المناقشات بشأن الاتفاقية قد استطاعت تجاوز العديد من العراقيل، ومنها ما يتعلق بـ«الموارد الجينية البحرية» (MGR)، وتم الاتفاق على مبادئ لتقاسم فوائد تلك الموارد، التي يتم جمعها من خلال البحث العلمي في المياه الدولية، وتستخدم من قبل شركات الأدوية ومستحضرات التجميل.

وناضلت البلدان النامية التي لا تملك في كثير من الأحيان المال لتمويل مثل هذه البحوث، من أجل حقوق تقاسم المنافع، على أمل ألا تتخلف عن الركب، فيما يرى الكثيرون أنه سوق مستقبلي ضخم في تسويق الموارد الجينية البحرية، وخاصة من قبل شركات الأدوية ومستحضرات التجميل.

ومن المقرر أن تفتح المعاهدة للتصديق في 20 سبتمبر (أيلول) المقبل، عندما يكون العشرات من رؤساء الدول في نيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة. وتعتقد المنظمات غير الحكومية أن الحد الأدنى من 60 تصديقاً المطلوب لدخولها حيز التنفيذ سيكون من المتاح تحقيقه، نظراً لأن الائتلاف الذي دفع من أجل المعاهدة، يضم 50 دولة عضواً، بما في ذلك دول الاتحاد الأوروبي، وكذلك شيلي والمكسيك والهند واليابان».


مقالات ذات صلة

اكتشاف «الأكسجين المظلم» في قاع المحيط لأول مرة يذهل العلماء

يوميات الشرق أسراب الأسماك تسبح في المحيط الهادئ (أرشيفية - أ.ف.ب)

اكتشاف «الأكسجين المظلم» في قاع المحيط لأول مرة يذهل العلماء

اكتشف علماء بعض المعادن الموجودة في أعماق المحيطات السحيقة، والقادرة على إنتاج الأكسجين في ظلام دامس، دون أي مساعدة من الكائنات الحية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق جيفة الحوت النادر تُرفع بالقرب من مصب نهر في مقاطعة أوتاغو (هيئة الحفاظ على البيئة في نيوزيلندا)

ظهور جيفة حوت نادر على شاطئ بنيوزيلندا

كشف علماء أن الأمواج جرفت إلى شاطئ في نيوزيلندا جيفة حوت منقاري مجرفي الأسنان، وهو نوع نادر للغاية لم يُسبق رصده على قيد الحياة.

«الشرق الأوسط» (كرايستشيرتش)
الاقتصاد سفن شحن عملاقة تمر عبر قناة السويس في مصر (رويترز)

الذكاء الاصطناعي قد يخفّض انبعاثات الشحن البحري 47 مليون طن سنوياً

أظهرت دراسة حديثة أن استخدام الذكاء الاصطناعي في ملاحة السفن قد يؤدي إلى خفض انبعاثات الكربون لقطاع الشحن التجاري العالمي بنحو 47 مليون طن سنوياً.

«الشرق الأوسط» (لندن)
يوميات الشرق حجم الحيتان الرمادية يتقلّص (أ.ف.ب)

حجم حيتان المحيط الهادي تقلَّص 13%

شهدت الحيتان الرمادية في المحيط الهادي تقلّصاً في حجمها بنسبة 13 في المائة خلال عقدين من الزمن... إليكم التفاصيل.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
بيئة صورة نشرتها حديقة أسماك «سي سايد» الأميركية للسمكة النادرة في ولاية أوريغون (أ.ب)

المياه تجرف سمكة عملاقة ونادرة في ولاية أميركية (صور)

جرفت المياه سمكة كبيرة من فصيلة أسماك الشمس يُعتقد أنها نادرة على شاطئ ولاية أوريغون الأميركية

«الشرق الأوسط» (أوريغون)

إشادة أميركية بمحادثات «صريحة وبناءة» مع الصين

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى جانب لنظيره الصيني وانغ يي في لاوس (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى جانب لنظيره الصيني وانغ يي في لاوس (أ.ب)
TT

إشادة أميركية بمحادثات «صريحة وبناءة» مع الصين

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى جانب لنظيره الصيني وانغ يي في لاوس (أ.ب)
وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن إلى جانب لنظيره الصيني وانغ يي في لاوس (أ.ب)

أشادت الولايات المتحدة بالمحادثات «الصريحة والمثمرة» بين وزير خارجيتها أنتوني بلينكن ونظيره الصيني وانغ يي في لاوس، اليوم (السبت).

وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر، في بيان، إن بلينكن ووانغ يي «أجريا مناقشات صريحة ومثمرة حول قضايا ثنائية وإقليمية وعالمية رئيسية».

وأوضح مسؤول كبير في وزارة الخارجية الأميركية أن بلينكن أجرى حديثاً مطولاً مع نظيره الصيني بشأن تايوان، اليوم، عبّر خلاله عن قلق واشنطن إزاء أفعال بكين الاستفزازية في الآونة الأخيرة، وفقاً لوكالة «رويترز».

وذكر المسؤول أن من بين هذه الأفعال محاكاة لعملية حصار في أثناء تنصيب الرئيس التايواني الجديد لاي تشينغ تي، مضيفاً أن بلينكن ووانغ اتفقا على مواصلة إحراز تقدم في العلاقات العسكرية بين بلديهما.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن يصافح نظيره الصيني وانغ يي (أ.ب)

وقال المسؤول إن الوزيرين التقيا لمدة ساعة وعشرين دقيقة على هامش قمة رابطة دول جنوب شرقي آسيا (آسيان) في لاوس، حيث ناقش بلينكن أيضاً دعم الصين لقاعدة الصناعة الدفاعية الروسية، وحذر من أن واشنطن ستتخذ إجراءات ضد الشركات الصينية التي تساعد في الحرب في أوكرانيا. وأضاف أن وانغ لم يقدم أي التزام بشأن هذه المسألة.