سمحت كراكاس باستئناف عمليات ترحيل المهاجرين الفنزويليين من الولايات المتحدة إلى فنزويلا، رغم إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترمب في نهاية الأسبوع الماضي إغلاق المجال الجوي لهذه الدولة في أميركا الجنوبية، في خطوة عُدَّت نذير هجوم أميركي وشيك، مما دفع مشرعين أميركيين من الحزبين الجمهوري والديمقراطي إلى إعداد مشاريع قانون تُجبر الكونغرس على التصويت على أي تحرّك عسكري.
وأعلنت السلطات الفنزويلية أنها وافقت على طلب هبوط طائرة تابعة لهيئة إنفاذ قوانين الهجرة والجمارك الأميركية، في لحظة تعاون نادرة بين إدارة ترمب وحكومة الرئيس نيكولاس مادورو عقب أسابيع من التوترات المتصاعدة. ونشر وزير الخارجية الفنزويلي، إيفان جيل بينتو، على منصة «تلغرام» للتواصل الاجتماعي أن طائرة ترحيل تُقلّ 379 شخصاً، مُنحت الإذن بالهبوط في مطار «سيمون بوليفار» الدولي قُرب كراكاس، الأربعاء.
واستخدم ترمب خطاباً نارياً لوصف مادورو في الأسابيع الأخيرة، رافضاً استبعاد إرسال قوات أميركية إلى فنزويلا في ظلّ استمرار الغارات ضد من تؤكد السلطات الأميركية أنهم مهربو مخدرات في جنوب البحر الكاريبي وشرق المحيط الهادئ. وتدّعي إدارة ترمب أن مادورو ومساعديه هم قادة «كارتيل دي لوس سوليس»، أي «كارتيل الشمس»، لتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة. وخلال الشهر الماضي، صنّفت وزارة الخارجية الأميركية هذا الكارتيل منظمةً إرهابية أجنبية، مما يمهد الطريق لتبرير قانوني لشن ضربات ضد أهداف تابعة للحكومة الفنزويلية.
عمليات الترحيل
وأعلنت السلطات في كراكاس أن تصريحات ترمب بخصوص تعليق الرحلات الجوية فوق فنزويلا «غير قانوني»، وهو علّق أيضاً رحلات الترحيل التي تفاوض بشأنها البيت الأبيض مع حكومة مادورو هذا العام. ومنذ فبراير (شباط) الماضي، أعلنت وزارة الخارجية الفنزويلية أن نحو 14 ألف فنزويلي أُعيدوا من الولايات المتحدة على متن 75 رحلة جوية بموجب تلك الاتفاقية.

وعند إعلانه الاتفاق، قال ترمب إن إدارته ستعطي الأولوية لترحيل المجرمين وأعضاء العصابات، لكنها قد تشمل في نهاية المطاف مئات الآلاف غيرهم. وخلال الشهر الماضي، ألغت إدارة ترمب وضع الحماية المؤقتة الذي منحته إدارة بايدن لأكثر من 600 ألف فنزويلي يقيمون في الولايات المتحدة، مما يُعرّضهم لإجراءات ترحيل محتملة.
وفي العام الماضي، أعلن مادورو الذي يتولّى السلطة منذ عام 2013، فوزه في الانتخابات الرئاسية رغم الاتهامات بالتزوير الفاضح. وقالت إدارة الرئيس السابق جو بايدن إن هناك «أدلّة دامغة» على فوز زعيم المعارضة إدموندو غونزاليس، الذي قال أخيراً إنه وفريقه حضّوا المسؤولين الأميركيين على إبعاد المُرحّلين الفنزويليين إلى دولة ثالثة بدلاً من توقيع صفقة مع مادورو.
وبدأت الولايات المتحدة حشد القوات والأصول العسكرية في المنطقة في أغسطس (آب)، مما أثار مخاوف من وقوع هجوم. ومنذ 2 سبتمبر (أيلول) الماضي، قتلت القوات الأميركية أكثر من 80 شخصاً في غارات على قوارب في منطقة الكاريبي، مما أثار مخاوفَ بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي بشأن قانونيتها.
وفي محاولةٍ لتبرير الضربات قانونياً، أبلغت إدارة ترمب الكونغرس في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي أن الولايات المتحدة في «نزاع مسلح غير دولي» مع عصابات المخدرات. ووصفت مهربي المخدرات المزعومين بأنهم «مقاتلون أجانب».

ليست فنزويلا فقط
أعلن ترمب أن الولايات المتحدة ستبدأ قريباً شنّ ضربات برية، رغم أنه لم يحدد مكانها، مؤكداً أن الهجمات قد تحدث في دول أخرى غير فنزويلا. وأشار الرئيس الأميركي إلى أن كولومبيا قد تشهد ضربات عسكرية كذلك.
وقال ترمب للصحافيين في البيت الأبيض: «كما تعلمون، الأرض أسهل بكثير، أسهل بكثير. ونحن نعرف الطرق التي يسلكونها. نعرف كل شيء عنهم. نعرف أين يعيشون. نعرف أين يعيش الأشرار. وسنبدأ ذلك قريباً جداً أيضاً».
ولاحقاً، عندما طُلب من ترمب تقديم توضيحات، قال إنه كان يتحدث عن الدول التي تصنع وتبيع مخدرات الفنتانيل أو الكوكايين. وأضاف أنه سمع أن كولومبيا تُصنّع الكوكايين وتبيعه للولايات المتحدة. وقال: «أي شخص يفعل ذلك ويبيعه في بلدنا مُعرض للهجوم»، مضيفاً: «ليست فنزويلا فقط».

وقال الديمقراطيون: تيم كاين، وتشاك شومر، وآدم شيف، والجمهوري راند بول، في بيان مشترك، إن «أي عمل عسكري غير مصرح به ضد فنزويلا سيكون خطأً فادحاً ومكلفاً يُعرض حياة جنودنا للخطر من دون داعٍ». وأضافوا أنه «في حال وقوع ضربة، سنستدعي قراراً بشأن صلاحيات الحرب لفرض مناقشة وتصويت في الكونغرس من شأنه منع استخدام القوات الأميركية في الأعمال العدائية ضد فنزويلا أو داخلها».
وقدم ثلاثة مشرعين في مجلس النواب، هم الديمقراطيان جيم ماكغفرن وواكين كاسترو، والجمهوري توماس ماسي، قرارهم الخاص الذي من شأنه أيضاً منع إدارة ترمب من الانخراط في أعمال عدائية داخل فنزويلا أو ضدها من دون إذن من الكونغرس.
وسارع الرئيس الكولومبي غوستافو بيترو، إلى تحذير ترمب من أن أي هجوم على كولومبيا سيُعد «إعلان حرب». وكتب في منشور على منصات التواصل الاجتماعي: «لا تُفسدوا قرنين من العلاقات الدبلوماسية. إذا كانت هناك دولة ساعدت على منع آلاف الأطنان من الكوكايين من الوصول إلى المستهلكين الأميركيين، فهي كولومبيا».

